الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضحايا الترحيل التعسفي من الجزائر قضية ظلت مطمورة في سلة مهملات الحكومات

إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)

2013 / 9 / 13
حقوق الانسان


توجه وفد من "جمعية الدفاع عن المغاربة ضحايا الترحيل التعسفي من الجزائر"، ، إلى مدينة جنيف السويسرية ، لعرض ملف المطرودين على المجلس وعقد اتفاقيات شراكة مع جمعيات دولية تهتم بحقوق الإنسان. وبعد جنيف سيشد الوفد الرحال إلى الديار الاسبانية لتهيئ ملف الضحايا قصد تقديم دعوى لدى المحكمة الوطنية الاسبانية ضد مسؤولين جزائريين كبار من بينهم الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة، الذي كان إبان الأحداث وزيرا للخارجية، ووزير الداخلية الحالي دحا ولد قابلية، الذي كان يشغل منصب عامل على مدينة وهران، بالإضافة إلى مسؤولين آخرين. وهذه الدعوى سيضعها فرع الجمعية باسبانيا، حيث أن كل أعضاء المكتب المنتمين إليها بإسبانيا يحملون الجنسية الاسبانية وهو ما يشترطه القانون المنظم لهذه المحكمة. كما كلفت الجمعية أحد مسؤوليها بمهمة الإشراف على ملف الجمعية مع الاتحاد الأوربي، ويتضمن هذا التكليف إجراء اتصالات مع رئاسة الاتحاد الأوربي، حيث سبق للجمعية أن راسلت وزيرة خارجية الاتحاد كاترين أشطون، والتي أجابت عن رسالة الجمعية مبرزة آن الاتحاد الأوربي مهتم بوضعية حقوق الإنسان في الدول المغاربية، وبحل المشاكل العالقة بين المغرب والجزائر.
ويعتبر رئيس الجمعية أن الإقدام على هذه الخطوات تأتي في سياق تحركات الجمعية التي دامت 8 سنوات، وأنه حان الوقت على المجتمع الدولي لتحمل مسؤوليته في هذا الملف بما يخدم مصلحة الضحايا خاصة أن القانون المنظم للمحكمة الوطنية الإسبانية ينص على أنه لا يمكن الدفع بالتقادم في الجرائم التي ترتكب في حق الإنسانية وما تعرض له أزيد من 45 ألف عائلة يوم عيد الأضحى لسنة 1975 يعد من الجرائم ضد الإنسانية بكل المقاييس. ومن المعلوم أن في رصيد المحكمة الوطنية الاسبانية تجربة مهمة مشهود بها في النظر في ملفات مشابهة في مجموعة من دول العالم، خاصة الملف المتعلق بمجازر الديكتاتور بينوشي و ملف التبت (الصين).

وقد ظل الحكام بالجزائر يحاولون التستر على هذه الجريمة أو التقليل من خطورتها، فعلى سبيل المثال لا الحصر، في يوليوز 2013 أعلن الناطق الرسمي باسم وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية ،عمار بلاني ، أن ما تطالب به الجمعية ليس له أساس وعار من الصحة و أن مطالبة ما يزعمون أنهم ضحايا يريدون استرجاع حقوقهم و ممتلكاتهم، ما هو إلا مجرد ادعاءات وهمية و افتراضية و مزاعم كاذبة، يحاول من خلالها المغرب ضرب به أمن و استقرار الجزائر.
آنذاك كانت "جمعية المغاربة ضحايا الترحيل التعسفي من الجزائر" قد طالبت الرئيس الفرنسي ، هولاند، بـالضغط على السلطات الجزائرية من أجل الاعتراف بالتجاوزات التي ارتكبها ضد ما يقرب من 250 ألف مغربي تم ترحيلهم في فترات متلاحقة في سنوات السبعينيات من القرن الماضي بطرق غير إنسانية ومنافية لجميع الأعراف الدولية. وجاء ذلك في رسالة بعثتها الجمعية إلى فرانسوا هولاند غداة زيارته إلى الجزائر لتدارس لمسألة التدخل العسكري في مالي.

وتعود أكبر حملات الترحيل التي شنتها السلطات الجزائرية إلى أيام عيد الأضحى من سنة 1975، حيث تم تجميع الضحايا في شاحنات وفي ظروف غير إنسانية، وتم إرغامهم على ترك ممتلكاتهم وأموالهم، وأقاربهم من أصول جزائرية. وتم تشتيت عدد من الأسر، وتفريق الأبناء عن الآباء والأزواج عن الزوجات. وجاء هذا الترحيل كرد فعل من السلطات الجزائرية على تنظيم المغرب المسيرة الخضراء، والتي شارك فيها ما يقرب من 350 ألف مغربي. ورد نظام الهواري بومدين بـ"مسيرة سوداء" كان الغرض منها إثارة "محن" ومشاكل اجتماعية على حين غرة للملك الراحل الحسن الثاني، إذ بين ليلة وضحاها وجد الضحايا أنفسهم في مخيمات في حدود المغرب بمدينة وجدة. وعمد الملك الراحل الحسن الثاني إلى إعطاء تعليماته من أجل توظيف جزء كبير من المطرودين في السلالم الدنيا في أسلاك الوظيفة، وتم تمكين عدد منهم من منازل تابعة للدولة. علما أن تجاوزات السلطات الجزائرية شملت أيضا فرنسيين وإيطاليين وبرتغاليين ويهودا، كلهم ينتمون إلى المنطقة الأورومتوسطية.

وغضون شهر فبراير 2012 صادق البرلمان البلجيكي، على مشروع قرار يطالب الأمم المتحدة بتكوين لجنة دولية للتحقيق في جرائم ضد الإنسانية ارتكبتها الحكومة الجزائرية، على خلفية إقدام الرئيس الجزائري الهواري بومدين على طرد ألاف العائلات المغربية يوم عيد الأضحى عام 1975. وكان هذا القرار ثمرة لمجهود قامت به لجنة تتكون من النائبة البرلمانية البلجيكية من أصل مغربي فتيحة السعيدي والنواب حسن بوستة وفيليبي ماهو وماري إرينا وفابيين وينكيل، تضمن إدانة لإقدام الدولة الجزائرية على ترحيل 350.000 ألف مغربي، وطالبوا بنشر تقارير منظمة العفو الدولية ولجنة الصليب الأحمر الدولي المنجزة في هذا الشأن. كما تضمن القرار الدعوة إلى إدانة خرق الجزائر لبنود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وللمادة 22 والفقرة الأولى من الاتفاقية الدولية لحماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، وكذا اتفاقية حقوق الطفل والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري. وطالب القرار الجزائر بفتح تحقيق في أسباب الترحيل القسري للمغاربة وتحديد المسؤوليات، وتقديم اعتذار رسمي للضحايا وتعويضهم، وفتح الحدود في وجه العائلات المشتتة.
وفي الوقت الذي دعا مشروع القرار الحكومتين المغربية والجزائرية إلى التهدئة وتطبيع العلاقات بينهما، طالب واضعوه الحكومة المغربية بتقديم الدعم المادي والمعنوي إلى جمعيات ضحايا الترحيل التعسفي من الجزائر قصد الحفاظ على الذاكرة الجماعية للمأساة ، وتأسيس جمعية على غرار هيئة الإنصاف والمصالحة لجمع شهادات الضحايا عن تلك الفترة وتوثيق الانتهاكات و الأدلة.
وغضون شهر دجنبر 2012 أبدى الحاج قاسم، رئيس المرصد الدولي لحقوق الإنسان بالجزائر تضامنه مع الضحايا وتبنيه لقضيتهم العادلة، وتمّ ذلك خلال زيارته لمدينة الناضور التقى خلالها مع المكتب الوطني لجمعية الدفاع عن المغاربة ضحايا الترحيل التعسفي من الجزائر. وصرح إنه راسل وزارة الخارجية الجزائرية عقب تصريحات الناطق الرسمي التي قال فيها إن المغاربة لم يتركوا ممتلكات في الجزائر، ونبه الخارجية الجزائرية إلى خطأ جسيم في معلوماتها . وأن المغاربة كانوا يملكون عقارات وممتلكات ما تزال مسجلة باسمهم في المحافظة العقارية الجزائرية ،وتساءل مستغربا، كيف تعمل الجزائر على تسوية مشكل أراضي "الاقدام السوداء" – المعمرين الفرنسيين- وتستثني المغاربة الذين ضحوا بحياتهم وأموالهم من اجل استقلال الجزائر.كما طلب من المغرب إنشاء هيئة وطنية تكون مهمتها معالجة مشاكل الضحايا المغاربة على غرار هيئة الإنصاف والمصالحة . وأبدي المرصد الدولي استعداده الدفاع عن قضية المرحلين أمام المحاكم الجزائرية خاصة فيما يتعلق بالعقارات المسجلة في المحافظة العقارية.وكانت تلك أول مرة تلتقي فيه جمعية الضحايا مع جمعية حقوقية تأسست في باريس وفق القانون الفرنسي وتشتغل في مجال حقوق الإنسان في الجزائر .

وفي شهر مايو 2013 شهدت قاعة المؤتمرات بالبرلمان البلجيكي ندوة دولية من تنظيم فريق من البرلمانيين البلجيكيين والأوروبيين استدعيت لها فعاليات دولية حقوقية وجمعوية من مختلف القارات وبحضور وفد من جمعية الدفاع عن المغاربة ضحايا الترحيل التعسفي من الجزائر. كما شهدت العاصمة البلجيكية تأسيس الفدرالية الدولية لضحايا الجزائر ، وهي مفتوحة في وجه جميع الجمعيات التي تمثل الذين تعرضوا لانتهاكات على يد النظام في الجزائر.
إن ضحايا النظام الجزائري كسروا جدار الصمت و عزموا على نيل حقوقهم وان يلقى الجناة العقاب المستحق، لان ما تعرض له الضحايا كان باسم الدولة الجزائرية ونفذه جيشها وشرطتها ودركها ومخابرتها.
للإشارة، بعد إقدام السلطات الجزائرية على طرد المغاربة المقيمين في الجزائر واقتيادهم إلى الحدود في ظروف مأساوية، قرر حدو الشيكر –وزير الداخلية آنذاك- ترحيل الجزائريين المقيمين في المغرب كرد فعل ضد قرار الجيران، حينها اقترح عليه أحد المقربين إليه مكاتبة الديوان الملكي في الموضوع. وكان الجزائريون المقيمون في المغرب يشتغلون في قطاع التعليم والصحة ومنهم مهندسون ورجال أعمال. إلا أن الملك الراحل الحسن الثاني قرّر أن يبرهن للجزائريين أن المغرب قادر على تحمل أبنائه أينما كانوا ومهما كان عددهم دون القيام بأي رد فعل مماثل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليبيا.. المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تصدر تقريرها حول أوضاع


.. طلاب جامعة السوربون يتظاهرون دعما لفلسطين في يوم النكبة




.. برنامج الأغذية العالمي: توسيع العملية العسكرية في رفح سيكون


.. الأونروا: الرصيف البحري المؤقت لا يمكن أن يكون بديلا للمعابر




.. كل يوم - خالد أبو بكر: الغذاء ينفد والوقود يتضاءل -المجاعة س