الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كَمْ من الولايات المتحدة يَقَع في خارج حدودها؟

جواد البشيتي

2013 / 9 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


جواد البشيتي
لم تَقُلْ الولايات المتحدة يوماً (على ما أَذْكُر) إنَّ "الترسانة الكيميائية (والبيولوجية)" لسورية (الأسد) تتهدَّد "أمنها القومي"؛ لكنَّها قالت ذلك الآن، حيث ارتكب بشار الأسد جريمة غاز السَّارين (الكبرى) في حقِّ أبناء شعبه (المدنيين) في غوطتي دمشق الشرقية والغربية؛ والولايات المتحدة هي القوَّة النووية (والعسكرية) العظمى في العالَم؛ و"الخيال"، على أهميته التي تَفوق أهمية "المنطق"، وإنْ ليس دائماً، لا يسمح لنا بافتراض أنْ تشن سورية هجوماً كيميائياً على الولايات المتحدة؛ فكيف لـ "ترسانتها الكيميائية"، من ثمَّ، أنْ تتهدَّد "أمنها القومي"؟!
لإجابة هذا السؤال ينبغي لنا، على ما يبدو، أنْ نتسلَّح بـ "الخيال"، لا بـ "المنطق"؛ فآينشتاين فاضَل بينهما، ففضَّل "الخيال" على "المنطق"، إذ قال: إذا كان "المنطق" يُوْصِلكَ من "الألِّف" إلى "الياء"، فإنَّ "الخيال" يُوْصِلكَ إلى "أي مكان"!
أين تَقَع الولايات المتحدة؟
إذا أردتَّ إجابة "خاطئة" عن هذا السؤال (الجغرافي) فما عليكَ إلاَّ أنْ تتسلَّح بـ "المنطق"؛ فتجيب قائلاً: إنَّها تَقَع غرب العالَم القديم، غرب المحيط الأطلسي، وشمال العالَم الجديد.
أمَّا إذا طَرَحْت "المنطق" جانباً، وتسلَّحْت بـ "الخيال"، فتجيب، عندئذٍ، قائلاً: إنَّها كمثل "مركز الكون"، في نظرية "الانفجار الكبير" Big Bang، تَقَع في كل مكان (وفي أيِّ مكان) على سطح الكرة الأرضية؛ إنَّها تَقَع (أيضاً) في أوروبا وآسيا وإفريقيا؛ في روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا، وفي إسرائيل والسعودية ومصر والأردن والضفة الغربية واليابان وكوريا الجنوبية..؛ في البحر المتوسط وبحر قزوين والخليج العربي والمحيط الهندي..
لا أعْرِف "النِّسْبَة"، على وجه الدِّقَّة؛ لكنَّني أَظُن أنَّ "نِصْف" الولايات المتحدة (أو أكثر قليلاً، أو أقل قليلاً) يَقَع (أو يًنْتَشِر) في كل مكان (تقريباً) في العالَم.
أُنْظروا إلى "وجودها العالمي (في كل القارات، والعابر للقارات)"، بكل أوجهه: جزء عظيم متعاظِم من مواطنيها يعيش ويقيم ويعمل ويُوجِّه ويقود ويَحْكُم ويتحكَّم.. في كل الدول تقريباً؛ وجزء عظيم ومتعاظم من قواها العسكرية والاقتصادية والمالية والاستثمارية والثقافية والفكرية والسياسية.. ينتشر في قارات العالَم جميعاً؛ وبعضه نراه كالبدو الرُّحل، ينتقلون من مكان إلى آخر، وفي يُسْرٍ وسهولة، طلباً لأشياء ليست كالماء والعشب؛ لكن بأهميتهما عند الأقوام القديمة الرُّحَّل.
الولايات المتحدة هي القوَّة الإمبريالية العظمى، ليس في العالَم فحسب؛ وإنَّما في التاريخ؛ فـ "إمبريالية" روما القديمة هي دونها بكثير، وبكثير جداً.
في الأردن، ينعصَّب أهل السَّلْط لمدينتهم، ويُزيِّن لهم تعصُّبهم أنْ يَنْظروا إلى مدينتهم على أنَّها أكبر من الأردن، حتى أنَّ بعضهم يقول (ولو على سبيل المزاح) إنَّ الأردن هي عاصمة السَّلْط.
وإنِّي لأقول (لكن ليس على سبيل المزاح، وليس تَعصُّباً للولايات المتحدة) إنَّ التاريخ لم يَعْرِف دولة أكبر من العالَم، في كل شيء إلاَّ جغرافياً وديمغرافياً، غير الولايات المتحدة؛ وإنَّه لأمرٌ كان "واقعياً" في القِدَم، فأصبح الآن "طوباوية خالصة"، أنْ يُدْعى إلى عودة الولايات المتحدة إلى العزلة والانعزال عن العالَم، فتُعيد كل مَنْ، وما، خَرَج منها إلى حيث كان قبل عشرات، ومئات، السنين؛ فإذا كان العالَم يتَّسِع للولايات المتحدة المتعاظِمة حجماً ونموَّاً، فإنَّ الولايات المتحدة لا تتَّسِع للعالَم، أو للقسم الأكبر منه، إذا ما قيس بالمقاييس النوعية.
قديماً، كانت الرأسمالية الأوروبية تُقيم صلات اقتصادية، تجارية (أيْ بيع وشراء) في المقام الأوَّل، مع آسيا وإفريقيا، ولم يكن لديها، من ثمَّ، من ضخامة الاستثمار هناك ما يشدِّد لديها الحاجة إلى أنْ تكون كمثل "حكومة عالمية"؛ أمَّا الآن فنرى قسماً عظيماً متعاظِماً من قوى الولايات المتحدة (من اقتصادها وأموالها ورؤوس أموالها الثابتة والمتغيِّرة، ومن مواطنيها، من ثمَّ) ينتشر في قارات العالَم جميعاً؛ وينبغي لها، من ثمَّ، أنْ تكون "شرطي العالَم"، وأنْ تنشر جنودها وأسلحتها في قواعد عسكرية أوروبية وأسيوية وإفريقية؛ فإنَّ لديها في خارج حدودها من الأشياء الثمينة ما يستحق أنْ تحامي عنه، وتدافع، بكل ما أُوتيت من قوَّة؛ وهل كانت "مصادفة" أنْ تكون الولايات المتحدة هي صانعة "حاملات الطائرات"، وكل سلاح يسمح لها بتذليل عقبتي الزمان والمكان، وبالتغلُّب على "حاجز الأطلسي"؟!
وها هي إدارة الرئيس أوباما تخاطب شعبها قائلةً: إنَّ لدينا في كوريا الجنوبية عشرات الآلاف من الجنود؛ فتخيَّلوا أنَّ كوريا الشمالية فعلت ما فعله بشار الأسد في ريف دمشق، مُرْسِلَةً إلى سماء كوريا الشمالية سُحُباً من غاز السَّارين، فتُمْطِر على قواعدنا العسكرية هناك.
قصارى ما أُريد قوله هو الآتي: اعْرَفوا أين تَقَع الولايات المتحدة حتى تَقِفوا على معنى قولها إنَّ ترسانة بشار الكيميائية تتهدَّد أمنها القومي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يتمسك بترشحه.. و50 شخصيةً قيادية ديمقراطية تطالبه بالت


.. أشهر مضت على الحرب في غزة والفلسطينيون يترقبون نهايتها




.. نتنياهو يتهم وزير دفاعه يوآف غالانت مع المعارضة بمحاولة الإط


.. قصف كثيف وإطلاق قنابل مضيئة بمناطق شرقي غزة




.. القمر كوزموس 2553.. أطلقته روسيا قبيل إعلانها الحرب على أوكر