الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خدمة الديون بين الاندماج و الخصوصية - الجزء الرابع

أشواق عباس

2005 / 5 / 21
الادارة و الاقتصاد


الأسباب الخارجية و مسؤولية الدائنين في تفاقم الأزمة :
أمام التغيرات الهامة التي شهدها الاقتصاد الرأسمالي في الآونة الأخيرة التي انعكس تأثيرها على الوضع العربي المدين فزاده حرجا و لعل من ابرز الأسباب الخارجية للمديونية هي :
1- دور الاستثمار الأجنبي المباشر في العالم الثالث في إنتاج أزمة الديون الخارجية :
حيث لم تسهم الاستثمارات الأجنبية في رفع مستوى المدخرات و الفائض الاقتصادي القومي بما يمكن هذه البلدان من التعامل الفعال مع الديون لديون الخارجية المترتبة عليها .
2- اثر أزمة البلدان الصناعية الكبرى ذاتها على ديون العالم الثالث : حيث تؤثر الأزمات الاقتصادية المتوطنة أو الخاصة بالدول الصناعية على بلدان العالم الثالث في المجالات الهامة و تحديدا في مجال الديون فالتضخم و الركود الذي يعاني منهما العالم الأول انعكس على البلدان النامية على هيئة ارتفاع مستمر في تكلفة الاستيراد فيها و عدم نمو حصيلة الصادرات و بالتالي عجز الحساب الجاري و قد أدى ذلك بدول العالم الثالث إلى محاولة الحصول على موارد مالية إضافية من الخارج لتمويل الحاجة الماسة للاستيراد .
3- تدهور شروط التبادل التجاري :
فالفارق الكبير في نوعية التبادل التجاري من حيث المنتجات التي تصدرها الدول المدينة و المنحصرة في المواد الخام و بين تلك المنتجات الصناعية التي تصدرها البلدان المتقدمة و الدائنة الأمر الذي وضع الأزمة على المحك فتدهور أسعار تلك السلع التي تصدرها البلدان المدينة أمام ارتفاع أسعار تلك التي تصدرها البلدان الدائنة يشكل عامل هام في إصابة موازين مدفوعات تلك الدول المدينة بالعجز الأمر الذي يدفعها من جديد للاستدانة و الاقتراض و يزيد من ضعفها و من تفاقم أزمة المديونية لديها و بالتالي عجزها عم خدمة ديونها و فوائد ديونها و يترسخ هذا العجز من خلال الحساب الجاري و الذي يتجسد بعجز هيكلي ناشئ عن الاختلال الهيكلي بين حجم و نوعية الطلب الكلي من جهة و نوعية و حجم الإنتاج القومي من جهة ثانية .
فخلال عام 1998 و صل العجز في الحساب الجاري نسبة 5.5 % ، فو يعتبر هذا التضخم من ابرز العوامل التي ساهمت في استمرار حالة العجز تلك بل زيادتها أيضا ، فحالة التضخم التي اجتاحت العالم خلال السبعينات و الثمانينات و التي لا تزال حتى يومنا هذا و رغم انه قد تحقق بعض الأرباح الرأسمالية نتيجة تخفيض القيمة الحالية لديون البلدان المدينة لكنها ما لبثت أن تلاشت عند الإشارة السلبية للخسائر .
4 – التغيرات في أسعار النفط العالمية :
لعل ابرز ما يتبادر للذهن عندما يقال أن للتغيرات في أسعار النفط تأثيرا في تفاقم أزمة المديونية و لاسيما و إن الدول العربية المدينة تأتي في طليعة الدول المصدرة للنفط ، لكن ما يقمع جماح هذا السؤال هو أن تلك الدول تصدر ما لديها من نفط بشكله الخام و بأسعاره الضحلة لتعيد استيراده بأسعار باهظة ناهيك عن عدم وجود أي تنسيق بين تلك الدول فكل منها تنتج إستراتيجيتها النفطية وفق مصلحها بالدرجة الأولى ووفق منا تراه الدول الدائنة لها بالدرجة الثانية و أحيانا قد تتبادل درجة الأهمية فتتبادل المواقع .
فعندما تقوم دولة عربية بوقف صادراتها النفطية احتجاجا على ما تقوم به إسرائيل على سبيل المثال تعلن في اليوم نفسه دولة عربية أخرى عن زيادة صادراتها النفطية لسد العجز الذي ينجم عن توقف الأولى .
وبالإضافة إلى ما سبق لعبت التغيرات الكبرى في الأسعار العالمية للبترول دورا هاما و مؤثرا لا يجوز إهماله عند دراستنا لتطور أزمة المديونية سواء كان ذلك بالارتفاع أو الانخفاض و هي ما تزال حتى يومنا هذا مستمرة و سنعطي اهتمامنا هنا لتأثيراتها من جهة و مدى مسؤوليتها في الأزمة من خلال :
- ما حدث في السبعينات من ارتفاع أسعار البترول .
- ما حدث في الثمانينات من انخفاض أسعار البترول .
 أثر ارتفاع أسعار البترول :
رغم ما أحدثته الصدمة البترولية الأولى في عامي 1973-1974 والأزمة النفطية الثانية عامي 1979-1980 إثر الخطوة الجريئة التي اتخذتها دول الأوبك بشان رفع الأسعار العالمية للنفط من تصحيح علاقات التبادل اللامتكافىء التي عانت منه الدول المصدرة للنفط في السوق العالمية و لفترة طويلة مما أدى إلى زيادة حجم الدخول القومية لتلك الدول و بشكل واضح و لاسيما عند دراسة حجم الأسعار و الإنتاج و الاستثمار لعناصر القوة الكامنة في هذه المادة الهامة و الحيوية ، الأمر الذي أدى إلى زيادة العوائد النفطية لهذه الدول ، هذه العوائد ارتفعت في الدول العربية من 8.5 مليار دولار عام 1975 لتصل ذروتها عام 1980 حيث بلغت 211.8 مليار ، و هذا التطور لم يكن مقتصرا على الدول العربية في الأوبك فقط بل أيضا على الدول غير عربية فيها ، لكن الضرر كان في أن ارتفاع أسعار هذه المادة الحيوية قد أدى إلى ارتفاع كلفة استيرادها للبلدان المتخلفة غير النفطية و بالتالي تجلى في ارتفاع أسعار هذه المادة عند استيرادها ، و لاسيما للدول السابقة الذكر و ارتفاع أسعار السلع المصنعة التي تنتجها الدول المتقدمة فوجدت هذه الدول نفسها مضطرة لتحمل أعباء ارتفاع الأسعار النفط العالمية على زيادة مديونية الدول المتخلفة حاولت تعويض تلك الدول جزئيا و لاسيما من خلال المعونات أو القروض الميسرة التي قدمتها لها إلا أن تلك المساهمات و رغم أهميتها لم تشكل سوى نسبة ضئيلة جدا أمام ما تحملته هذه الدول نتيجة وارداتها البترولية .
 اثر انخفاض سعر النفط :
أما هنا فنحن أمام الحالة المعاكسة تمما . حيث اثر انخفاض أسعار النفط خلال الثمانينات و بشكل خاص في الدول المنتجة لها و التي انخفض النمو فيها بمعدل يزيد عن 3 % من عام 1980 و حتى 1987 . مقابل ما شهدته من نمو في السبعينات بلغ 80 % أما هذا الانخفاض فناجم عن سياسات النمو و التجارة في الدول الصناعية مما كان في بداية الثمانينات و بعد الإفراط الكبير في الاقتراض العربي فكانت النتيجة استنزاف السيولة لدى الدائنين و عدم القدرة على الدفع لدى المدينين .
5 – السياسات الفاشلة في قطاع التجارة و النقد الأجنبي :
لعل قطاع التجارة الخارجية و سياسات الصرف الأجنبي هي ابرز القطاعات التي كانت الاستدانة فيها تتسم بالإفراط و التسيب و لعل ابرز معالم هذا الإفراط و التسيب تلك :
- إلغاء الرقابة على الصرف و السماح للأشخاص الطبيعيين من مؤسسات القطاع الخاص بالاحتفاظ بالنقد الأجنبي و التصرف به بعد أن كان محظورا و ممنوعا في غالبية هذه الدول .
- صدور قوانين شجعت الاستثمارات الأجنبية الخاصة الأمر الذي سهل عملية نهب الموارد و الفائض الاقتصاديين و بالتالي الضغط بل التحكم في موازين مدفوعات الدول المدينة .
- الإهمال شبه الكامل في قطاع الصادرات الأمر الذي انعكس في تدهور نسبة تغطية حصيلة الصادرات للواردات و ضعف النقد الأجنبي .
3 – ارتفاع أسعار الفائدة :
و هي من ابرز العوامل في تفاقم أزمة المديونية ، فقد لعبت دورا حاسما من خلال الارتفاع الشديد الذي طرأ على أسعار الفائدة التي اقترضت بها مجموعة الدول المدينة ، فقد ترتب على هذا الارتفاع زيادة المبالغ التي يجب على الدول المدينة تخصيصها لدفع أعباء الديون و تخديمها و قد ترافق ذلك تعرض موارد النقد الأجنبي لتلك الدول للتدهور و التقلب . و الباحث في مسار تطور أسعار الفائدة الحقيقية يستطيع تحديد المعالم الأساسية لتطور سعر الفائدة على القروض التي اقترضتها تلك الدول المدينة :
- فخلال الفترة بين 1961-1970 كان سعر الفائدة الحقيقي لمجموعة البلدان المدينة و منها العربية يصل الى 4.1 % بحد وسطي ، طبعا هذا السعر لم يشكل أي ضغط على مدفوعات خدمة ديونها .
- و في الفترة 1971-1980 شهدت تسارع محموم في نمو المديونية وصل متوسط سعر الفائدة الحقيقي فيها إلى 8% إلا أن متوسط سعر الفائدة الاسمي اقل من متوسط معدل التضخم في الولايات المتحدة مثلا الأمر الذي شجع على الإفراط في الاستدانة .
- بين 1981-1982 قلبت الصورة رأسا على عقب ، فانخفاض معدلات التضخم في الولايات المتحدة أدى إلى ارتفاع مستوى سعر الفائدة الحقيقي من 7؟% إلى 10% عام 1982
أما خلال 1982-1986 بلغ متوسط الفائدة الحقيقية 6% و في الفترة من 1987 -1992 بلغ سعر الفائدة سعر الفائدة لمجمل ديون العالم النامي 6.2 % .
و هذا يعني أن ارتفاع سعر الفائدة الحقيقة يؤدي إلى ارتفاع أو زيادة المبالغ التي يجب على الدول المدينة تخصيصها لدفع أعباء قروضها مما يعني تراكم المتأخرات على هذه البلدان مقابل ما تعرضت له موارد القطع الأجنبي من تدهور و تقلب . .
يتبع ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلومبرغ: تركيا تعلق التبادل التجاري مع إسرائيل


.. أبو راقية حقق الذهبية.. وحش مصر اللي حدد مصير المنتخب ?? قده




.. مين هو البطل الذهبي عبد الرحمن اللي شرفنا كلنا بالميدالية ال


.. العالم الليلة | -فض الاعتصامات- رفض للعنف واستمتاع بالتفريق.




.. محمد رفعت: الاقتصاد المعرفي بيطلعنا من دايرة العمل التقليدي