الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


30 يونيو والحتمية التاريخية

محمد محمود السيد

2013 / 9 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


يمكن القول أن الموجة الثورية في 30 يونيو قد أدخلت مصر في المرحلة الثالثة من الحقبة الثورية التي أعقبت ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011. ويبدو أن مبدأ الحتمية التاريخية أصبح هو الأكثر قدرة على تفسير تطور المشهد السياسي على الساحة المصرية.
فقد استخدم كارل ماركس مبدأ الحتمية التاريخية في تفسير تطور المجتمعات البشرية، التي رأى أنه ينقسم إلى ستة مراحل، هي: (الشيوعية البدائية – العبودية – الإقطاع – الرأسمالية – الاشتراكية – الشيوعية)، وقد تمثلت تلك الحتمية التاريخية في صراع طبقي يندلع في نهاية كل مرحلة بين الطبقة العاملة المقهورة والطبقة الرجعية ذات النفوذ والثروة، وهو الصراع الذي يُحسم في كل مرة للطبقة صاحبة النفوذ والثروة ويُنتج مرحلة جديدة، إلى أن تستطيع الطبقة العاملة حسم الصراع لصالحها في مرحلة الرأسمالية لتنتقل بالمجتمع إلى مرحلة الاشتراكية الذي يستقر فيها الحكم لها، ممهدة بذلك للمرحلة الشيوعية.
وبذلك فإن المجتمع الإنساني في رأي ماركس كان يدور في حلقة مفرغة من الظلم والاستبداد والاستعباد مع اختلاف المسميات، إلى أن جاء انتصار الطبقة العاملة الثورية. وبالمثل فإن المشهد في مصر حالياً يدور في حلقة مفرغة.
فبعد أن استطاع الشعب المصري إسقاط مبارك في ثورة 25 يناير 2011، جاء حكم المجلس العسكري ليحرم الثورة العديد من مكتسباتها الشرعية ويعيد الدفة مرة أخرى لصالح قوى المجتمع الرجعية، عن طريق خارطة طريق غير واضحة المعالم، عن طريق صم الأذان عن دعوات القوى الثورية والمثقفين بضرورة أن يكون "الدستور أولاً"، عن طريق التحالف مع قوى الإسلام السياسي وعدم تغليب المصلحة الوطنية، عن طريق التراخي في تقديم رموز النظام السابق لمحاكمات عادلة، عن طريق اضطهاد القوى الثورية سواء أكان ذلك بالقتل أو الاعتقال أو كشوف العذرية، عن طريق حرمان صناع الثورة "الشباب" من المشاركة في العملية السياسية.
وقد جاء كفاح القوى الثورية ونضالها ضد حكم المجلس العسكري في "محمد محمود" و"مجلس الوزراء" وغيرها، ليضع حد لسياساته ويعلن أن ثمن استمراره في الحكم سيكون باهظاً، وهو الأمر الذي دفع المجلس العسكري – بلا شك – للتعجيل بتسليم السلطة ضامناً بذلك الخروج الآمن، وذلك بعد أن أشار في أكثر من مرة إلى أن الفترة الانتقالية ربما تمتد إلى عام 2014.
ومع تولي محمد مرسي مقاليد الحكم دخلت الحقبة الثورية مرحلتها الثانية، والتي لم تكن بأحسن حالاً من سابقتها.
حيث بدا المشهد السياسي - في صورة عبثية - وكأنه يتجه إلى إعادة نظام مبارك مرة أخرى مع اختلاف الأشخاص والمسميات، فقد بدت مؤسسة الرئاسة ضعيفة ومهتزة في العديد من المواقف لصالح مكتب الإرشاد، الذي بدأ يحتل مشهد الصدارة على كافة الأصعدة. ومن ثم بدأت جهود أخونة أجهزة الدولة بمستوياتها العليا لتأتي بوزارة ضعيفة غير قادرة على التعامل مع الملف الاقتصادي والأمني.
وهكذا استمر اضطهاد القوى الثورية، واستمرت حملة الاعتقالات والتشويه لكافة القوى المعارضة، استمرت الأزمات الاقتصادية بلا أي بادرة لحلها، استمر اضطهاد العمال في المصانع، استمر انحياز الدولة للمستثمر على حساب العمال.
وهو الأمر الذي أدى في نهاية المطاف إلى مواجهة حتمية بين القوى الثورية وقوي النظام الحاكم ومؤيديه في موجة الثلاثين من يونيو 2013، أفرزت المرحلة الثالثة من تلك الحقبة التي استطاع من خلالها المجلس العسكري العودة إلى سدة الحكم مرة أخرى ولكن هذه المرة خلف ستار رئاسة رئيس المحكمة الدستورية العليا للبلاد، وكذلك استطاع الفلول بأجهزتهم الإعلامية العودة وبقوة للمشهد مرة أخرى.
وها هي القوى الرجعية تسيطر على زمام لأمور مرة أخرى، وها هو ذاك المشهد يتكرر مرة ثالثة.
وزارة ضعيفة خالية من الكفاءات وخليط من رجال نظام مبارك وأعضاء حكومة قنديل، حركة محافظين ترسخ سيطرة العسكر على زمام الحكم، علامات استفهام حول عملية إعداد الدستور، إخلاء سبيل مبارك، تصدر رجال نظام مبارك للمشهد الإعلامي، عمليات قتل وسحل وقمع للمتظاهرين العزل، حملة اعتقالات للقوى الثورية المعارضة، عودة القبضة الأمنية وإحياء الدولة البوليسية، فض اعتصامات عمال المصانع بالقوة الغاشمة، تعتيم حول حقيقة العمليات العسكرية في سيناء.
وبذلك تكون الثورة قد تم تجريدها من كافة مكتسباتها، التي ضحى لأجلها العديد من الشباب الأطهار بحياواتهم.
ومن هنا، فقد أصبح صراع القوى الثورية مع العسكر والفلول والإخوان صراع حتمي، من أجل استعادة الثورة ووقف حركة الصيرورة التاريخية التي تعيد بالقوى الرجعية في كل مرة إلى صدارة المشهد. أصبح الصراع حتمي من استقرار الحكم لصالح القوى الثورية.
وهنا يجب على القوى الثورية أن تنتبه أن المعركة هذه المرة ضد ثلاث أطراف لكل منهم مصالحه وأهدافه التي تتعارض بالضرورة مع أهداف الثورة، وهو ما يجعل من التحام القوى الثورية مع بعضها البعض في وجه هذه القوى الرجعية ضرورة ملحة.
ويجب على القوى الثورية أن تنتبه أن حسم ذلك الصراع لصالحها يكمن في طبقة العمال والفلاحين والفقراء، الذين سوف يمثلون الكتلة الحرجة في ذلك الصراع.
حيث أن لحظة الانحياز الواعي من جانب العمال والفلاحين والفقراء لصالح القوى الثورية، هي لحظة إعلان انتصار الثورة.
لذا يجب أن تتكاتف القوى الثورية من أجل الإعداد لتلك اللحظة التاريخية التي سوف تصل فيها طبقة العمال والفلاحين والفقراء إلى درجة كافية من الوعي، وتترسخ لديها قناعة بضرورة الانحياز للقوى الثورية.
وليس هناك سبيل لذلك سوى تمكين تلك الطبقة اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، عن طريق السعي إلى سد احتياجاتهم الأولية وتحسين أوضاعهم المعيشية، ونشر الوعي السياسي فيما بينهم وتزويدهم بأساسيات ثقافة الديموقراطية، ومحاربة تهميش المجتمع لهم.
قد لا يتمكن جيلنا من أن يشهد تلك اللحظة، ولكنه يحمل على عاتقه مسئولية الإعداد لها بكل ما أُوتي من قوة.

عاش كفاح الشعب المصري
عيش... حرية... عدالة اجتماعية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغدة تقلد المشاهير ?? وتكشف عن أجمل صفة بالشب الأردني ????


.. نجمات هوليوود يتألقن في كان • فرانس 24 / FRANCE 24




.. القوات الروسية تسيطر على بلدات في خاركيف وزابوريجيا وتصد هجو


.. صدمة في الجزائر.. العثور على شخص اختفى قبل 30 عاما | #منصات




.. على مدار 78 عاما.. تواريخ القمم العربية وأبرز القرارت الناتج