الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في طبيعة العلاقة بين المعارضة السورية و القوى الكوردية

آراس كمال مسلم

2013 / 9 / 15
الثورات والانتفاضات الجماهيرية



مع بداية الحراك السلمي السوري في درعا و ما قابلها من عنف شديد من قبل السلطة السورية -;-
بدأت تنتقل عدوى هذا الحراك الى المدن السورية بسياسة أقرب إلى الدومينو-;- اتخذت حكومة بشار الأسد و الدائرة الضيقة سياسة واحدة و حازمة تجاه هذا الحراك-;- وهي مقابلة هذا الحراك بأقسى درجات العنف و القمع على أمل أن يهدأ الشارع و تعود الأمور الى ماهي عليه قبل 15/3/2011 -;-بالمقابل على الطرف الآخر في القضية الكوردية كانت سياسة بشار الأسد مختلفة كليا و جذريا عن سياساتها في باقي سوريا.
فالبرغم من المظاهرات التي اندعلت في مدن قامشلو و سري كانييه و عامودا و الدرباسية و في عفرين و كوباني قبل مدن سورية ثانية مثل دير الزور و حماة -;- كانت الشعارات التي ترفع لاتختلف عن الشعارات التي ترفع في مختلف المظاهرات السورية -;-و كانت تستخدم نفس التسميات التي تستخدم في مظاهرات سوريا لكن بشار الأسد فضل مقاربة أخرى-;-
بدأت من القبول الفوري و الغير مشروط لمنح ما يعرفون ب (الكورد الأجانب) الجنسية السورية )علماً أن هذا الموضوع كان قيد الدراسة و البحث لمدة أكثر من أربعين عاما في عهدي الأسد الأب و الأبن و كانت هي نفسها الإجابات الفسلفية التي لاتغني و لا تسمن (
-;-بالإضافة إلى إعفاء المجنسين حديثا من الخدمة العسكرية انتقالا الى السماح بالنشاط السلمي للحراك الكوردي و الإكتفاء باعتقالات محدودة للناشطين الكورد .
السؤال هو لماذا ؟
بشار الأسد رغب في تحقيق غايتين اثنتين من هذه المقاربة مع الكورد:
الأولى لم يرد بشار الأسد ان يفتح جبهة مع القوى الأكثر تنظيما و قدرة على الإطاحة بنظامه في سوريا و التي تعرف بتماسكها -;-و التركيز على الحراك الموجود في درعا و حمص و اللاذقية.
الثانية هي رسالة للعالم ان بشار الأسد لا يمانع في وجود معارضة سلمية تتظاهر بشكل يومي او اسبوعي -;-و انه يحارب فقط المتشددين من السنة الذين ينتمون للقاعدة فكرا او تنظيما .
بينما نجد المعارضة السورية بذلت جهدا و حيدا يتيما -;-هو تسمية أحد ايام الجمع ب جمعة آزادي -;-و في نفس الوقت رفضت التقرب من القوى الكوردية و دراسة مطالبها التي قدمت في مؤتمرات المعارضة -;-و اعتبرت (بسذاجة) ان أي نجاح للثورة السورية و سقوط الأسد هو نجاح للكورد بشكل اتوامتيكي -;-دون الأخذ بعين الإعتبار لخصوصية علاقة الكورد تجاه السلطة السورية التي كانت خارج اطار الطائفية و انما اقرب للثنائية القومية -;-حيث ان المشكلة الكوردية الحديثة ابتدأت بالإحصاء الإستثنائي في محافظة الحسكة و نزع الجنسية عن 150 ألفا من الكورد السوريين -;-و البدء بمشروع الحزام العربي -;-و تغيير ديموغرافيية المنطقة -;-و هي اجراءات ابتدأت من حكومة الإنفصال و استمرت مع الحكومات المتعاقبة حتى تاريخه.
وبالرغم من شعور عدم االثقة الذي يحس به الكورد بشكل عام تجاه شركائهم بالوطن إلا ان هؤلاء الشركاء رفضوا اي تقارب معهم و تبديد الشكوك و اشاعة أجواء الثقة.
وعلى العكس استخدموا نفس الخطاب البعثي الخشبي -;-و ساقوا لهم نفس التهم التي كانت تساق في عهد الأسد مثل الإنفصال و عدم الوطنية و التبعية للخارج.
فهم رفضوا تغير اسم البلد من الجمهورية العربية السورية الى الجمهورية السورية بالرغم من أنه تم اعتماد علم الإستقلال رمزا للثورة وهو الإسم الذي استخدم حتى مجيء البعث -;-و تم رفض اعتماد أي صيغة مفصلة للإعتراف بالهوية القومية الكوردية في سوريا -;-و رفضوا الإعتراف بالإجراءات التميزية التي كانت تتم ضد الكورد تحديدا اضافة لإضهاد بيت الأسد لعامة السوريين .
المشكلة الأساسية أن المعارضة لم تفهم ان مشكلة الكورد ليست مع بشار الأسد انما مع منظومة فكرية متكاملة و بالنسبة للكورد لم يكن هناك فرق اذا كان ضابط الأمن من ريف اللاذقية أو من ريف دير الزور او من درعا او من حلب .
و في نفس الوقت التي كانت تعيب المعارضة السورية على القوى الكوردية التنسيق مع حكومة أقليم كوردستان العراق و تعتبره عملاً هدفه الإنفصال -;-كانت هذه المعارضة تتلقى تمويلا من قطر و السعودية من باب الأخوة العربية و العروبة و تمويلا تركيا من باب الوحدة الإسلامية و التي لا ترى فيه أي تناقض بين دعوتها لعدم التدخل الأجنبي في الشأن السوري و الترحاب المستمر في وجود مقاتليين أجانب من جنسيات مختلفة داخل الجيش الحر .
الإشكالية الحقيقية التي وقعت فيها المعارضة السورية هي انها ارادت من الكورد ان يكونو مقاتلين لديها و هي لا تعترف بوجودهم اساسا , تستخدمهم لتحقيق غايتها ثم التخلص منهم بعد ذلك .
أدرك الكورد هذه الإشكالية مبكرا و اختاروا طريقا يفضي إلى اسقاط نظام الأسد و ضمان الحقوق الكوردية و لم يسعوا للهرولة للإنضمام غلى تشكيلات المعارضة السورية التي كانت تتغير بشكل موسمي .
الطريف بالموضوع هو الطريقة التي كانت تطرح فيها الحل للقضية الكوردية هي انه بعد سقوط الأسد سوف يتم الإحتكام الى استفتاء لعامة الشعب السوري حول القضية الكوردية و بناءا عليه سيتم حل القضية الكوردية.
لكن السؤال هنا ماذا لو قررت الأغلبية السورية انه لا يوجد كورد في سوريا و انه لا يجوز التعليم بلغة غير اللغة العربية و المحافظة على الإجراءات التميزية ضد الكورد ؟
الرد بسيط من جانب المعارضة السورية انه لا يمكن ان يحدث ذلك لأن الشعب السوري حضاري و تعددي بطبيعته !
و هنا يحق لنا أن نسأل : مادامت النتيجة مضمونة! لماذا التاجيل و ترك الأمور لبعد سقوط الأسد ؟
الحقيقة أن واقع المعارضة السورية مثل واقع الشيخ الذي يضمن الجنة لمريديه في سبيل زيادة عددهم و ضمان و لائهم
نتيجة لكل من سياستي المعارضة و النظام ان بشار الأسد استطاع تحقيق غايتيه بتحييد القوى الكوردية عن الصدام المباشر معها و ايصال رسالة للعالم انه يحارب قوى تكفريية و ارهابية و ليس معارضة سلمية و قد ساعدته تصرفات المعارضة في ذلك
و كما يقول المثل السوري " الحكي ما عليه جمرك " يبقى كلام المعارضة عن الحرية و الديموقراطية و التعددية و السماواة ما لم تقترن بافعال ..و القضية الكوردية في سوريا هي امتحان للمعارضة السورية و تبيان مدى التزامها بالقيم التي تتدعي أنها تناضل من أجلها.

آراس كمال مسلم
مدير وحدة الدراسات الدولية
المركز الكوردي للدراسات و الأبحاث الإستراتيجية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلب بوليسي يهاجم فرد شرطة بدلاً من المتظاهرين المتضامنين مع


.. اشتباكات بين الشرطة الأميركية ومتظاهرين مؤيدين للفلسطينيين ب




.. رئيسة حزب الخضر الأسترالي تتهم حزب العمال بدعم إسرائيل في ال


.. حمدين صباحي للميادين: الحرب في غزة أثبتت أن المصدر الحقيقي ل




.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المتظاهرين من جامعة كاليفورني