الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بقيت أسابيع على كتابته/ مثقفو الدستور العراقي ، من المواكبة إلى افتراض صنع الحدث

محمد خضير سلطان

2005 / 5 / 22
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بالرغم من هدير الدم البريء الشاخب وضراوة الوقائع السود المحيقة بالعملية السياسية في بلادنا الا انها مع ذلك ترتقي باثقالها واهوالها الكبيرة وجميع مظاهرها التوافقية والمستقبلية نحو الاعلى وصار من اليقين القطع بحزم كل القوى الوطنية على عدم التراجع افرادا ومؤسسات عن المسار المتصاعد لبناء الدولة والمجتمع والاعتقاد بافضلية مواجهة اخطار الحرية على الوقوع تحت طائل افخاخ الاستبداد واستحالة التنازل عن سلطة الحق والعدالة ازاء هول الارهاب ووسط اضطرام الوقائع وتولي الحكومة الجديدة اعباءها الصعبة اعقبها على راس اولوياتها التحضير لصياغة مسوداته بمشاركة واسعة لجميع مكونات المجتمع العراقي وسرعان ما انبثقت في الشأن الثقافي عدة لجان ثقافية في اتحاد ادباء العراق ولجنة وطنية دعا اليها الاستاذ مفيد الجزائري ووزير الثقافة السابق ودعوات منظمات ثقافية ومدنية اخرى في سعي الى الاسهام الفعال باشاعة البعد الثقافي في تأصيل مضامين الدستور .
قد يكون الامر مبسطاً عند البعض للنظر الى البعد الثقافي في النص الدستوري على انه الخبرة القانونية القادرة على اقامة الاسس الدستورية المتينة التي تكفل حسب الخبرة القانونية في اطار صياغة محكمة وعلى ضوء هذه النظرة غير الصحيحة اختارت لجنة اتحاد ادباء العراق عدداً من المحامين الاكفاء والقضاة قبل ان تعطي الاولوية لاختيار المثقفين. وهذه الطريقة تعبر عن رؤية قانونية اكثر ما تولي اهتمامها الى صلب الرؤية الثقافية والفلسفية في عملية صياغة الدستور ان القدرات القانونية على اهميتها متيسرة لدى خبراء القانون ومن الممكن الاستعانة بقدرات اجنبية في هذا المجال وهي ليست وظيفة المثقف الاجتماعية قدر ما هي مهمة الاجهزة والمنظمات القانونية والقضائية وهذه الاجهزة ليس بوسعها ان تفعل شيئاً بالنهاية سوى صياغة مطالب الارادة السياسية في صيغة قانونية جاهزة او مبتكرة ولكن المثقف من خلال عدته الرؤيوية يسعى الى تحليل وتوجيه الارادة السياسية واخراجها من دائرة الاني والمرحلي الى الفضاء التاريخي والاجتماعي ومن ثم يعمل الفعل الثقافي على صنع القرار او النقد معاً مع الفعل السياسي ويتجهان نحو الصيغة القانونية .
ليس من المغالاة القول بان المثقفين في سياق الكتلة الاجتماعية هم احد مكونات المجتمع العراقي المنتمية الى فضاء المجتمع المدني الحديث في العراق ومن حقهم ان يسهموا في كتابة الدستور مثل باقي المكونات الاخرى بالرغم من ان هؤلاء المثقفين لا يمثلون هوية اجتماعية الا بالقدر المتحرك الذي يضم الهويات الفرعية الى مضمار الحقائق الجغرافية والعرقية والتاريخية وبالقدر ذاته الذي يجعلهم قادرين بقناعة راسخة على التخلص من تسييس صفاتهم المذهبية والعرقية والايديولوجية والمناطقية واعتبارها خصائص ثقافية منتجة لدلالات وطنية اكبر واسمى .
انهم ببساطة يتخيلون وطناً وهم مستعدون لاحيائه على الارض.
هناك اكثر من فجوة اتضحت في نظامنا الاجتماعي عند اطلاق علاقته العامة مع مبدأ الديمقراطية ويستطيع النسق الثقافي الحر ان يتبين الانماء الديمقراطي الانتقالي لمجتمعنا عبر العملية السياسية الشاقة ويجد السبل الواعية نحو ترسيخ بناء الديمقراطية على النحو الذي يقرب المسافة بين الحدثين الاجتماعي والسياسي وتلك مهمة لا تسطيع القوى الاجتماعية قراءتها بسهولة لانها من صنع التاريخ مثلما لا يستطيع المشهد السياسي توضيحها لانه منغمر في سياقاته وبرامجه الانية المباشرة فتكون بذلك مهمة المثقفين بالدرجة الاساس الانتقال من مواكبة الحدث الى التأثير في توجيهه وصنعه انطلاقاً من :
دع هويتك الفرعية وادخل قبة البرلمان ..
ومجموع الهويات الفرعية لا يساوي كتلةالجمعية الوطنية ..
واذا كانت الواقعية السياسية تجعل مثل هذا الامر خيالياً مغرقاً بالتمويه فان مضمار التوافق يجب ان لا يكون بدءا لسباق الفئوية والمحاصصة ويقتضى دراسة كل ما من شأنه تطويق الازمة قبل نشوبها الزاما بالعراق الحاكم وليس من يحكم العراق.
القراءة الثقافية سوف ترى ان صندوق الاقتراع يغدو مختبرا تحويليا للنمو الديمقراطي يمزج اللحظة المعاصرة باكثر من لحظة قديمة ووسيطة وحديثة تدخل في قعره وتكشف عن الطبيعة السياسية للمجمتع العراقي مثلما توضح الطبيعة الاجتماعية للسياسة العراقية وعلى ذلك فان النسق الثقافي الحر يستدعي فحص نمو المشاركة الجماعية في صنع القرار وقياس درجة التوائم والاتزان مع مبدأ المعاصرة ورمزية المجتمع المدني حيث ان مصير العراق السياسي وحقوق الانسان وكتابة الدستور عملياً لا تقرره محصلة التوافقات الطائفية والعشائرية والحزبية قدر ما يتطلب متابعة وتحقق مجد في خطى العملية السياسية وارضيتها الاجتماعية ولابد ان تكون الارضية الاجتماعية اكثر تماسكا لتحمل ثقل العملية السياسية مثلما تكون العملية السياسية اكثر هونا على هشاشة الارضية الاجتماعية وطبقاً لذلك سوف يتم الكشف عن عدم التماسك العضوي بينهما في الوقت الذي تتم فيه عملية مراقبة مسار النمو والتكامل لهما في ان واحد.
ان الانتلجنسيا العراقية مطالبة بتوضيح الصورة وتسريع الخطى نحو فهم الهوية الخصوصية بين تلازم الحدثين الاجتماعي والسياسي .
اكثر من مناسبة ومفارقة تاريخية وزمنية تجعلنا ننشئ مشروعنا الثقافي الى جانب المشروع السياسي والاجتماعي ونستعيد من خلال هذا المشروع الموشورات المتعددة التي تنتمي الى التاريخ القديم والوسيط والمعاصر المضمرة في سلوك الكتلة الاجتماعية ثم تلتقي عبر بؤرة صندوق الاقتراع والعملية السياسية الجارية في بلادنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كأس الاتحاد الإفريقي - -أزمة القمصان-.. -الفاف- يتقدم بشكوى


.. نيكاراغوا تحاكم ألمانيا على خلفية تزويد إسرائيل بأسلحة استخد




.. سيارة -تيسلا- الكهربائية تحصل على ضوء أخضر في الصين


.. بمشاركة دولية.. انطلاق مهرجان ياسمين الحمامات في تونس • فران




.. زيلينسكي يدعو الغرب إلى تسريع إمدادات أوكرانيا بالأسلحة لصد