الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عقود تراخيص النفط ... وعقود الكهرباء املاءات خارجية واجبة التنفيذ عراقيا الحلقة 33

مهران موشيخ
كاتب و باحث

(Muhran Muhran Dr.)

2013 / 9 / 16
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


عقود تراخيص النفط ... وعقود الكهرباء

املاءات خارجية واجبة التنفيذ عراقيا

الحلقة 3-3


كهرباء "مايد اين إراك"ولكن..... للتصدير

ان قلق اوربا بخصوص المصادر التي تضمن تزودها المستمر بالغاز وببعد ستراتيجي ناجم عن ادراكها لحجم الازمة المنتظرة عالميا في الطاقة الكهربائية بعد عقدين من الزمن من الان، لان مصيرالطاقة الكهربائية عالميا اصبح مرتبطا بشكل مباشر بالغاز اكثر من اي وقت مضى للاسباب الاتية

اولا
بعد الحرب العالمية الثانية اتجه مسار توليد الطاقة الكهربائية في الدول الغربية المتقدمة صناعيا نحو المفاعلات النووية، لامتلاك المفاعلات افضليات تقنية واقتصادية انذاك، حيث اختزلت هذه الدول بفضل اعتمادها على المفاعلات النووية قرابة 25% من حجم الغاز الذي كان يستخدم في محطات توليد الطاقة الكهربائية. ولهذا السبب دابت الدول الصناعية الكبرى على امتداد 50-60 سنة الاخيرة في الاعتماد اكثر واكثر على المفاعلات النووية في انتاج الطاقة الكهربائية، وكثفت من جهودها في تطوير هذا البرنامج. الا ان الكارثة النووية التي حلت بالمفاعل النووي السوفيتي تشيرنوبل في عام 1983 قلبت الموازين راسا على عقب، واصيب انصار استخدام المفاعلات النووية لانتاج الطاقة باحباط كبير. وكان وقع اثر كارثة تسيرنوبل في اوربا كبيرا لدرجة ان شعوبها اجبرت حكوماتها على اتخاذ قرار يمنع بموجبه بناء اي مفاعل نووي مستقبلا على اراضيها حفاظا على امن المواطنين والبيئة على حد سواء. وجرى تطبيق هذا القرار في اوربا بحزم وثبات على امتداد 27 سنة، ولم يجري التفكير اطلاقا على بناء مفاعلات نووية جديدة لانتاج الطاقة الكهربائية

ثانيا
في عام 2008 ـ 2009، عام انفجار الازمة المالية العالمية، تصاعد التوتر السياسي والخلافات المالية بين روسيا واوكرانيا لدرجة كبيرة لم يسبق لها مثيل، حيث اقدمت اوكرانيا على اثرها الى غلق انبوب الغاز الروسي المار من اراضيها الى اوربا. على اثر هذا المازق السياسي الذي لم يدم سوى بضعة ايام، اتخذ الاتحاد الاوربي عام 2009 قرار يلغي بموجبه قراره السابق بالعدول عن بناء محطات نووية، واعطت الضوء الاخضر بالمباشرة في بناء مفاعلات نووية جديدة لتوليد الطاقة الكهربائية ولكــــــــــن... خارج اوربا، الى جانب محطات غازية لتوليد الطاقة الكهربائية في هذه البلدان العربية (بضمنها العراق) وتصدير الكهرباء من هناك الى اوربا
من هي هذه الدول؟، انها المغرب والجزائر وليبيا ومصر والسعودية وبحرين والاردن والعراق، باختصار هي الدول العربية التي تملك ثروة نفطية بل وغازية ايضا. وقد بدات المشاورات مع هذه الدول منذ عام 2010 وجرى التوقيع بالاحرف الاولى مع بعضها من قبل فرنسا وروسيا وانكلترا. عراقيا، ما انفك اكثر من وزير عراقي يصرح مرارا مطالبا تفعيل نشاط المفاعل النووي العراقي ويبشر بالتعاون بهذا الخصوص مع فرنسا تحديدا!، الا انهم لم يفصحوا لماذا العراق الغني بالنفط والغاز والمساهم بقسط كبير في تغطية متطلبات اوربا للطاقة بحاجة الى مفاعل نووي. هنا بالذات يكمن لغز السيد شهرستاني في تصدير العراق للكهرباء... لكن الكهرباء الذي سيصدر من العراق هو انتاج شركات اوربية، والغاز المستعمل لتشغيل محطات توليد هذا الكهرباء المعد للتصدير هو ملك الشركات الامريكية اصحاب عقود جولات التراخيص، وشأن العراق في عملية انتاج وتصدير الكهرباء الى اوربا والاردن و"اسرائيل؟"، سيقتصر على دور... البقرة الحلوب

ثالثا
في عام 2011 حدث ما لم يكن في الحسبان اطلاقا، لا من قبل السياسيين صانعي القرار الستراتيجي ولا من قبل علماء الطاقة وخبراء التكنولوجيا. ففي يابان، الدولة الرائدة في العالم علوما وعلماء وصناعة وتكنولوجيا، حدثت كارثة طبيعية ادت الى تحطم احدى مفاعلات محطة فوكوشيما النووية وسببت خسائر بشرية واقتصادية هائلة واضرارا اجتماعية يصعب معالجتها على المدى القريب. لقد عانت يابان وعلى مدى ايام واسابيع صراعا مريرا مع الحياة، وكادت ان تتحول الى جزيرة بلا حياة
هذه الماساة دفعت شعوب اوربا الى بذل المزيد من الضغط على حكامها واجبرتهم خلال بضعة اشهرعلى اتخاذ قرار تاريخي يتضمن الغاء جميع المحطات النووية العاملة حاليا لتوليد الطاقة الكهربائية في اوربا، وايقاف جميع المشاريع الهادفة الى تطويرها، والمباشرة بغلق جميع المفاعلات العاملة فورا. نشير هنا للتوضيح الى ان تكنولوجيا المفاعلات النووية وضرورات الامن الصناعي النووي يحتاج 7 سنوات تقريبا للانتهاء تدريجيا من عملية غلق اي مفاعل نووي

ان علاقة قرار ايقاف العمل بالمفاعلات في اوربا مع موضوع بحثنا تكمن في استنتاج مفاده ان حاجة اوربا للغاز عموما ومنها العراقي والعربي اصبحت مصيرية بالنسبة الى اوربا اكثر من السابق، وذات بعد زمني يمتد الى منتصف القرن الحالي على اقل تقدير. والتركيز على العراق بشكل خاص سببه ضخامة حجم احتياط الغاز العراقي، ناهيك عن موقع العراق الجغرافي، باعتباره منطقة ترانزيت للغاز الذي سيضخ في المستقبل من ايران عبر العراق الى سوريا والاردن ومنها الى اوربا واسرائيل. نتحدث هنا عن غاز هو عراقي جغرافيا اما كثروة طبيعية فهي ملك صرف استملكته الشركات الاجنبية وفق عقود جولات التراخيص


الخلاصة

اولا... نعم جميع الوعود الني قدمت للجماهير كاذبة الا ان نصوص بعضها صادقة، اذ ان العراق سينتج فعلا خلال السنتين - الثلاثة القادمة طاقة كهربائية ما يزيد عن حاجته ولكن مع ذلك ستبقى، نعم ستبقى، معاناة المواطن من شحة الكهرباء كما هي اليوم،لماذا؟، لان الميغاواطات التي ستنتج لاحقا في العراق هي من حصة دول الاتحاد الاوربي، والفائض منها ستبيعها الشركات الاجنبية، صاحبة الكهرباء المنتج في العراق، الى المستهلك العراقي ولكن بسعر الكهرباء المصدر للخارج!. القلة من المسئولين واللذين بيدهم زمام ملف الطاقة المعدة للتصدير يزاولون نشاطهم خلف الكواليس، بعيدا عن الاضواء وخارج محيط ما يعرف بمجلس الوزراء. انهم يحملون جنسيات اجنبية وولائهم المطلق هو لبلدان جنسياتهم المكتسبة، وهم مكلفين من قبلهم بالعمل في المفاصل الحساسة للحكومة االعراقية كوزراء وكمستشارين!. لذلك يمتلك هؤلاء الوزراء حصانة مطلقة من " العم سام " سواء كان وزيرا للدفاع او وزيرا للــــ .... انها خصائص الحكومة التوافقية

ثانيا... شركات النفط العالمية التي فازت بجولات التراخيص، قامت باستنساخ سيناريو انتاج وتصدير الكهرباء
ولكن هذه المرة طبعتها بعنوان انتاج وتصدير الغاز. هذه الشركات العالمية، الخارجة من رحم الشركة الام ـ الامريكية، هي نفسها التي تقوم باستكشاف النفط والغاز واستخراجها وتسويقها. الغاز، وصمام انابيب شحن الغاز موجودان بيد هذه الشركات، وهم بانتظار الضوء الاخضر لبدء تصدير الغازالعراقي الى اوربا عبر نابوكو وخط الغاز العربي . اما المواطن العراقي فسيستمر في معاناته من شحة النفط والغاز ومشتقاتها، حيث سيستمر اعتماد العراق جزئيا على الغاز المستورد من ايران وفق الاتفاقية التي جرى التوقيع عليها قبل ايام قلائل في بغداد. نشير في هذا السياق الى مرسوم اصدرته حكومة اقليم كوردستان قبل ايام تسمح بموجبه خمسة عشر شركة كردية محلية للقطاع الخاص استيراد المشتقات النفطية من تركيا

ثالثا ... ان زبدة الخلافات السياسية بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم مرتبطة مع موضوعة النفط والغاز، فحالة الطاقة في اقليم كوردستان هي مرآة لحالة نظيرتها في المركز، وصعوبة توحيد او تقارب مواقف الطرفين حول النفط والغاز وحتى الكهرباء مرده المحاصصة.... من فتات موائد عمالقة شركات الطاقة

رابعا... ان كارثة المفاعل النووي فوكوشيما اجبرت الاتحاد الاوربي على تغيير مشروعها الستراتيجي المتعلق باستيراد الغاز والكهرباء ( مشروعي نابوكو وخط الغاز العربي)، وفي شهر حزيران - يونيو الماضي اعلنت نمسا رسميا عن فشل مشروع نابوكو وخط نابوكو لنقل الغاز الى اوربا . هذه المستجدات عقدت الخارطة السياسية والتقنية لاستيراد الاتحاد الاوربي للغاز، وزعزعت الموقف الستراتيجي الموحد من موضوعة اسنيراد الغاز والطاقة الكهربائية, لان لجنة الاتحاد الاوربي منشغلة حاليا باعداد ضوابط جديدة للصتاعة النووية، تمهيدا للعودة مجددا الى المفاعلات النووية كمصدرلانتاج الطاقة الكهربائية والبدء بانشائها فورا وفي القارة الاوربية تحديدا. بعض الاعضاء، منهم النمسا والمانيا، يرفضون رفضا قاطعا مقترح العودة الى المفاعلات النووية كمصدر لتوليد الطاقة الكهربائية على حساب الغاز المستورد من الشرق.

المأسآة.......هذه المستجدات والمتغيرات داخل ساحة الاتحاد الاوربي ستؤثر سلبا على العراق، لانها ستربك الموازنة الاقتصادية الستراتيجية للحكومة الاتحادية، وفي نفس الوقت ستعقد العلاقة بين المركز والاقليم بسبب الخلافات التي ستنتج حول حصة ودور كل طرف في تلبية الاحتياجات الجديدة للاتحاد الاوربي. الامور الخلافية بين الاقليم والمركز حول قانون النفط والغاز لن تجد طريقها الى جل جذري لانها مرهونة بطبيعة قرار الاتحاد الاوربي حول مستقبل المفاعلات النووية المولدة للكهرباء في اوربا.
اليقين في الامر سيستمر الشعب العراقي في معاناته من شحة الكهرباء وعليه الانتظار مطولا ولفترة ابعد من عام 2015 ليتنفس الصعداء من ازمة الكهرباء ولكن، بسعر اوربي يحقق وعود شهرستاني بتصدير الكهرباء...










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فصل جديد من التوتر بين تركيا وإسرائيل.. والعنوان حرب غزة | #


.. تونس.. مساع لمنع وباء زراعي من إتلاف أشجار التين الشوكي | #م




.. رويترز: لمسات أخيرة على اتفاق أمني سعودي أمريكي| #الظهيرة


.. أوضاع كارثية في رفح.. وخوف من اجتياح إسرائيلي مرتقب




.. واشنطن والرياض.. اتفاقية أمنية قد تُستثنى منها إسرائيل |#غرف