الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتهاء عصر السياسة في عالم يعيش على مفترق طريق

رمضان سيد

2013 / 9 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


الايديولوجيات السياسية بجميع اشكالها من اقصى اليمين الى اقصى اليسار, هي عبارة عن تصورات مختلفة كانت تهدف الى تنظيم مجتمع الندرة القائم بشكل او بآخر على اساس كيفية اعادة توزيع الموارد بين افراد المجتمع الذي يسير على اقتصاد السوق و المال.
الامر الذي يغيب عن انصار الحلول السياسية هو أن البشرية تجاوزت اقتصاد الندرة منذ عقود طويلة و قد بلغنا بفضل تطور تكنولوجيا الانتاج و الروبوت و الأتمتة و الحواسيب مرحلة الوفرة.
ان سبب الازمة الحالية في اقتصاد السوق هي وفرة الانتاج. و حيث ان الانتاج لاجل الربح و الاسواق يتطلب الندرة. فان الطاقات الانتاجية الهائلة للالة الحديثة تسببت في ان يعيش اقتصاد السوق كسادا خانقا لا مخرج منه. حيث تتكدس البضائع و تمتلئ الاسواق بها و لا يمكن بيع المزيد خصوصا وان الناس لا يمتلكون المال اللازم لشراء البضائع لانهم اصبحوا يخسرون اعمالهم لصالح الالة و الروبوت.
ان انتهاء عصر الندرة هو اعلان بانتهاء جميع ايديولوجيات هذا العصر و بانتهاء عصر السياسة و الافكار السياسية التي كانت جيدة لتنظيم توزيع الموارد بين افراد المجتمع و التي كانت نادرة لا تكفي الجميع فيما مضى. لا يمكن للافكار السياسية و الحكومات و الايديولوجيات العتيقة معالجة مشاكل البشر في عصرنا. فالازمة ازمة اليات و طريقة عمل النظام الاجتماعي الراسمالي الذي لم يعد قادرا على الحياة مع تطور وسائل الانتاج في عصرنا.
لذلك فاننا لسنا بحاجة الى احزاب سياسية و افكار سياسية و ثورات تهدف الى اعادة تنظيم المجتمع سياسيا لصالح جميع الطبقات الاجتماعية او بعضها و اعادة توزيع الموارد بين افراد المجتمع. لان هذا ببساطة غير ممكن عندما تغلق المعامل ابوابها بسبب امتلاء الاسواق بالبضائع أو عدم قدرة الناس على الشراء.
نحن بحاجة الى تغيير النظام الاجتماعي الحالي الذي لم يعد قادرا على توفير حاجات البشر. و لاجل القيام بذلك فاننا بحاجة الى ثورة اجتماعية تطالب بتغيير طريقة الحياة على سطح كوكب الارض. ما نراه من ازمات و حروب و كوارث بشرية ليست احداث متفرقة و انما تداعيات انهيار المنظومة الاقتصادية العالمية و التي بدات تتآكل في الاطراف, حيث تقوم الدول الكبرى اقتصاديا بتصريف ازمتهم الى الدول الفقيرة و تحاول انقاذ نفسها على حسابهم و لكن هذه الانهيارات ستتواصل حتى ينهار النظام برمته, انها مسالة وقت لا اكثر. هذه الحقائق تستند الى الرياضيات و لا تستند الى الاراء الشخصية.
الخطر الان يكمن في ان هذه الانهيارات بمقدورها ان تؤدي الى حروب اهلية و اقليمية دموية قد تتطور الى حرب عالمية مدمرة لكل الحضارة البشرية التي نعرفها, هذا اذا لم يؤدي الانهيار الى تغيير اجتماعي جذري في طريقة حياتنا على الارض.
ما العمل اذن؟
الثورة الاجتماعية تتطلب وعيا اجتماعيا يفترض انتشاره بين الناس. المجتمعات البشرية المختلفة ستواصل محاولاتها لحل مشاكلها عبر السياسة و السياسيين و ستتعلم تدريجيا عبثية هذه المحاولات و مع استمرار تفاقم الازمة ستتوصل الجماهير الى ضرورة التغيير الاجتماعي و تتعلم ذلك من خلال تجاربها. نحن بحاجة لذلك الى انتشار منظمات اجتماعية تعمل على نشر الوعي بالتغيير الاجتماعي و تقوم باعداد الجماهير الى هذا التغيير. ينبغي ان تؤدي الثورات القادمة الى امتلاء الميادين بالمطالبين بالتغيير الاجتماعي و رفضهم مواصلة الحياة على الطريقة القديمة. ان هذه المنظمات هي بمثابة الجهاز المناعي في جسد المجتمع الذي يعني عدم ظهوره موت هذا الجسد المريض.
على البشرية ان تتعلم ان تطالب بتغيير طريقة الحياة السائدة لانها لم تعد طريقة للحياة بل هي في الحقيقة طريقة للموت الجماعي للجنس البشري. بمقدورنا اعادة تصميم عالمنا لبناء جنة على الارض و هذا يعتمد على سلوكنا نحن البشر في الاعوام القادمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من هم المتظاهرون في الجامعات الأمريكية دعما للفلسطينيين وما


.. شاهد ما حدث مع عارضة أزياء مشهورة بعد إيقافها من ضابط دورية




.. اجتماع تشاوري في الرياض لبحث جهود وقف الحرب في غزة| #الظهيرة


.. كيف سترد حماس على مقترح الهدنة الذي قدمته إسرائيل؟| #الظهيرة




.. إسرائيل منفتحة على مناقشة هدنة مستدامة في غزة.. هل توافق على