الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصراع السوري في -تركيبه الكيميائي الجديد-!

جواد البشيتي

2013 / 9 / 17
مواضيع وابحاث سياسية



تيما أنْ استخذى بشار الأسد، وقَبِل نزع "أنيابه الكيميائية"، حتى شرع يحتفل بـ "النَّصر"؛ لكنَّه لم يُفسِّر لنا التناقض الآتي: هو يحتفل بـ "نَصْرٍ"، أحرزه إذْ اشترى تخلِّي الرئيس أوباما عن "الضَّربة" بثَمنٍ باهظ هو تخليه عن "ترسانته الكيميائية"؛ وإسرائيل تحتفل، في الوقت نفسه، وإنْ في صَمْت، بنصرٍ أحرزه لها كيري ولافروف إذْ التزما، وألزما، بشار التخلُّص من ترسانته الكيميائية؛ فـ "العدوَّان" يحتفلان، في الوقت نفسه، بالنَّصْر نفسه!
وثمَّة سؤال كَمْ أود أنْ يجرؤ بشار الأسد على إجابته؛ وهذا السؤال هو: أعْلَم الآن ذريعتكم للانضمام إلى معاهدة حظر السلاح الكيميائي؛ لكني أودُّ أنْ أعْرِف سبب رَفْضكم، مِنْ قَبْل، الانضمام إليها، وهل زال السبب حتى يَبْطُل العجب؟
رسمياً، ونظرياً، ما زال الرئيس أوباما معنياً ومهتمَّاً بحصوله على تأييد الكونغرس لضربة عسكرية (محدودة) يمكن أنْ يأمر بتوجيهها إلى بشار الأسد، بواسطة ائتلاف (عسكري) دولي، تقوده الولايات المتحدة، ومن دون انتظار قرار من مجلس الأمن الدولي يجيز الضربة؛ مع أنَّ توجيهه ضربة كهذه هو أمْر من صلاحياته، ولا يحتاج، من ثمَّ، إلى موافقة من الكونغرس؛ ويُفسِّر الرئيس أوباما، أو يطيب له أنْ يُفسِّر، "التنازل السوري ـ الروسي"، في شأن "الترسانة الكيميائية (والبيولوجية)" لبشار الأسد على أنَّه إحدى ثمار "التهديد الجدِّي بالضَّربة"؛ ولا بدَّ للولايات المتحدة، من ثمَّ، من أنْ تُبْقي هذا "السَّيْف" مسلطاً على رقبته حتى التخلُّص من "ترسانته الكيميائية"، بموجب الاتفاقية بين كيري ولافروف، وحتى لا تسوِّل له نفسه ارتكاب جريمة كيميائية جديدة.
الأمر مدار النِّقاش في الكونغرس تغيَّر، بعد تلك "الاتفاقية"؛ فما عاد "توجيه ضربة عسكرية محدودة لمعاقبة بشار على جريمته الكيميائية (في غوطتي دمشق الشرقية والغربية) وردعه عن ارتكاب جريمة أخرى (من النوع نفسه، والحجم نفسه) وتدمير القوى والوسائل (الصواريخ مثلاً) التي بواسطتها يُطْلِق الذخيرة الكيميائية"؛ الأمر مدار نقاش الكونغرس الآن إنَّما هو "الضربة إذا ما انتهكَ بشار، وخرق، الاتفاقية، ببنودها ومواعيدها، أو إذا ما ارتكب جريمة كيميائية جديدة"؛ ومِنْ هذا يَرْسُم أوباما لبشار الأسد "خطَّاً أحمر جديداً"، إذا ما تجاوزه، تَقَع "الضَّرْبة".
وهذا "الخط الأحمر الجديد" ليس بجزء من "الاتفاقية"، بنصِّها وروحها؛ فروسيا، وإذا ما ثبت لديها، وتأكَّد، بما لا يدع مجالاً للشَّك، وقوع "انتهاك"، أو ارتكاب بشار جريمة كيميائية، لن تعترض، عندئذٍ، على قرارٍ يُصْدِره مجلس الأمن الدولي بموجب "الفصل السابع".
الآن، ولو وافق الكونغرس على الضَّرْبة بمسوِّغها الذي أوضحه، وتكلَّم عنه، الرئيس أوباما، قبل "الاتفاقية"، ما عادت الولايات المتحدة تتمتَّع بـ "الشَّرْعية"، أو بما يشبهها؛ فـ "الاتفاقية" أَفْقَدَت الرئيس أوباما "شرعية" توجيه ضربة عسكرية (محدودة) إلى بشار ما دام الرئيس السوري يبدو ملتزماً تنفيذ "الاتفاقية"، وممتنعاً عن ارتكاب جريمة كيميائية جديدة؛ أمَّا كلام كيري عن "العقاب" فلا يعدو كونه "شكلاً لغوياً (كلامياً)" لتخلِّي إدارة أوباما عن "الضَّربة العقابية"؛ وإلاَّ ما معنى قول وزير خارجية الولايات المتحدة إنَّه ونظيره الروسي لافروف قد اتَّفَقا على معاقبة بشار الأسد بـ "الفصل السابع"، إذا ما أَخلَّ بالتزاماته وتعهداته، في اتفاقية تسليم ترسانته الكيميائية، أو إذا ما استخدم سلاحاً كيميائياً؟!
إذا كانت "الضَّرْبة"، في بُعْدِها العقابي، لمعاقبة بشار الأسد على جريمته الكيميائية في غوطتي دمشق الشرقية والغربية، فإنَّ الاتفاقية بين كيري ولافروف نزعت منها "الدَّافِع"، وإنْ ظلَّت إدارة الرئيس أوباما مستمسكة بخيار "التهديد بالضربة" لردع بشار عن ارتكاب جريمة كيميائية جديدة، ولإرغامه على الوفاء بالتزاماته وتعهداته في شأن تسليم ترسانته الكيميائية (للتخلُّص منها في خارج الأراضي السورية).
و"المعادلة" الآن، على ما أوضحها وبسطها لافروف، هي "التنفيذ في مقابل التخلي عن الضَّربة"؛ فوزير الخارجية الروسي قال إنَّ التلويح بالخيار العسكري (أيْ بالضَّربة) يعني موت "الاتفاقية"، أيْ التوقُّف عن تنفيذها، إذا ما بدأ.
بشار الآن، وعلى ما أَفْتَرِض وأتوقَّع، قرَّر ثلاثة أمور: عدم ارتكاب جريمة كيميائية جديدة، أيْ "غوطة جديدة"، وإبداء "المرونة القصوى" في شأن تسليم ترسانته الكيميائية؛ فـ "الرَّاية البيضاء" في هذا الأمر هي خياره، والمضي قُدُماً في حربه الوحشية على الشعب والمعارضة، والتي لم يُرْسَم لها أي خط أحمر غربي أو دولي.
وفي أثناء نزع ترسانته الكيميائية، يستمر (ويشتد ويعنف) القتال؛ وبَدَلاً من "الضَّرْبة المحدودة" يمكن أنْ يلجأ الغرب إلى "التسليح المحدود (لما يسمَّى "المعارضة المعتدلة")"؛ فلا "ضَرْبة (غربية)"، ولا "ترسانة كيميائية (لأنها ستكون قَيْد التسليم والنَّزع، وتتعذَّر كثيراً معاودة استخدامها)"، ولا تغيير في ميزان القوى العسكري بما يسمح بسحق أحد طرفيِّ الصراع للآخر حتى يَعْظُم شعور الطَّرفين بأهمية وضرورة "الحل السياسي"؛ لكن، هل هذا يعني أنَّ روسيا وبشار (وغيرهما) لن يسعيا (من الآن وصاعداً) إلى التأسيس لِمَا يشبه "الصِّلة السببية" بين "نزع الترسانة الكيميائية" و"الحل السياسي للنزاع"؟
إنَّ روسيا وبشار يفهما اتفاقية تسليم الترسانة الكيميائية (للتخلُّص منها نهائياً في خارج سورية) على أنَّها "الحجر الذي به سيصطادان عصفورين: اجتناب الضَّربة، ثمَّ حل الأزمة سياسياً بما يرضيهما في أمور جوهرية عدَّة"؛ فهُما يَعْلَمان أنَّ "الحلَّ السياسي الأسوأ لهما" هو الذي يأتي بَعْد (لا قَبْل) النَّزْع التَّام لأنياب الأسد؛ وهُما، مِنْ ثمَّ، يريدان لهذا "النَّزْع"، ولجهة المضي فيه قُدُماً، أنْ يكون سبباً لاجتناب "الضَّرْبة"، أوَّلاً، ولاجتناب "حَلٍّ سياسي" يَعْدِل "الهزيمة السياسية التَّامة لحكم الأسد"، مِنْ ثمَّ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يتمسك بترشحه.. و50 شخصيةً قيادية ديمقراطية تطالبه بالت


.. أشهر مضت على الحرب في غزة والفلسطينيون يترقبون نهايتها




.. نتنياهو يتهم وزير دفاعه يوآف غالانت مع المعارضة بمحاولة الإط


.. قصف كثيف وإطلاق قنابل مضيئة بمناطق شرقي غزة




.. القمر كوزموس 2553.. أطلقته روسيا قبيل إعلانها الحرب على أوكر