الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تسألني الأماكن ..عنك

أماني فؤاد

2013 / 9 / 17
الادب والفن


في العمق
تسألني الأماكن..

تسألني الأماكن عنك..،تشتاق إليك..
الأماكن التي أحتوتنا معا واحتضناها.. قد اختزنت الذكري، قدرا من الفيض، طاقة الحب التي منحتَني إياها لشهور.
تفتقد دفئك المقاعد والطاولات، عينيك العاشقة، رنين كلماتك..صوتك وأنت تقرأ لي بلكنتك الحائرة، ذات التجاويف العميقة، خندقي الذي كنت أهرع إليه، أتكور فيه وأسكن قطة من الحلم الآمن.
تسألني الطرقات عن خطوك الواثق، قدميك التي تعلو فوق الأرض بمقدار سنتيمترات.. تحلق بزهو إبداعاتك، بزخم نظرات حب أرسلها إليك، أخصك بها من دون العالم ،..وترسلها إليّ..، تحوطني بها.. سياجا من حمايتك حتي علي البعد، لحظات مفعمة بوله رائق، تحسستها بأناملي كثيرا لأتيقن منها ومنك، علوا يرنو إليّ العالم الذي جمعنا بشغف جميل.
حتي الأماكن البعيدة هناك، تلك التي علي الجانب الآخر من الكرة الأرضية، والتي لم تتذوق روعة حضورك.. تستدعيك، تتلمس رائحتك، مياه البحر، والموج الضارب في الصخر، أحواض زهر بيضاء و أرجوانية، صوت فيروز تغني:"تذكَّر شو مشينا.. مشينا وحكينا.. تارينا أرجعنا متل ما بقينا..عم تلغي ماضينا.. بعده عايش فينا.. عم تنسي وكأنا لا رحنا ولا جينا..أحلي شي فيك.. اللي معلقني فيك إن كذبك بيتصدق.. هيك خليك.." ، تنسال العذوبة ألحان هجر دامي، أوراق ورود منتزعة وملقية..من عيني تترقرق دمعات حيية، تتساقط كما الأيام الباهتة المرتعشة، التقط الذكري من بين أنفاسك المترددة بوجداني، أنفاسك التي أستجديها ألا ترحل، تلك المحملة برائحة تبغك ومذاق قهوتك ، بانحنائات ملامحك، أسحبها من الهواء.. وبرفق أتنفسك..ألتصق بك.. وأحيا في زاوية تعلمها.. بين شفتيك وضياء وجهك، وبقايا ندبة قديمة تغازل دوما قمرك.
أماكن لم تطأها قدميك، تبحث عنك بعيني.. وتسألني عنك..، اصمت..، فأنا لا أعرف كيف أفسر غيابك، لماذا اقتربتَ..،وأَقمتَ..؟ ولمَّ غادرتني..؟ تتعجب الموجودات تباعد بيني وبينها، باستحياء أهمس لها:" رفقا فمنذ ان غادرني.. أغادر نفسي".
ألتقط قلبي الملقي علي الطريق.. وأعود ألتفت إليها لمَّ لاتكتفين بي.. ؟ لمَّ لا أكتفي بذاتي..؟ ، كفاني ألما..ضميني فقط واهدئي..، تسخر تسألني: في حالة عشق صوفية كالتي تجتاحك تضيع الحدود، فلا تملكين حركة مدارج الفيض.. يتمدد ويتسع فيكِ الحبيب، يسكن اعمق حناياكي، فوق شطآنك يبحر ويجيئ..،وتسبحين في محيطاته، تستهدين جزره، تحت أشجاره تستظلين، تصبحين أنت هو،وهو أنت، انمحت ذاتك خالصة ، فهو مقيم أبدي.
تقفز صرخاتي صامتة، تزلزلني..، تُراني كنت واهمة؟ أخدعت إلي هذا الحد؟ أبدا لم أشعر أني أحيا معك وهماً، كنت لدي صدقا وثقة، كنت الفرحة والصلوات، كنت المرجع والنزوات، لم أستشعر فيك كذبا، أتراني توهمت آخر غيرك؟
لا..لا.. لم يكن بمقدور عينيك ولا أناملك خلق حالة هراء أو إدعاء، انت عشقت..، كيف تحولت لآلة بتر ؟ كيف ذبحت الوجد في قمة نشوته؟ كيف تواري الشوق..وخنقت البوح؟ أسئلة حيري تضرب سطح القمر الشاهد علي الحلم، حلم رسمنا مشاهده معا، كنت أنا أبدأ الكلمات.. وتكمل أنت الجمل الوثابة..المحلقة.
لم تزل مشاعري لا تحدها السماوات، لم يزل عشقي لك يهبط مع المطر من السماء، يتدفق مع نهر الإله، يصمد أمام أدغالك ووحوشك، ورعونة كل هذه الشلالات، يقطع كل هذه القارة السمراء، ليتهادي بين ثناياك.
بيديك أنت حبيبي تمحو الحاضر وكل الذي كان!؟
الأن أقتات اللحظة الهاربة، أستدعيها من الماضي، أعيشها لألاف المرات، عيني لا تري سواك،..رغم خجلي كنت أنظر إلي عينيك طويلا ، أذهب إلي عمقهما في رحلة مستغرقة حائرة، كأنني كنت أخزن الزاد، فمنذ أن أبحر قاربي في هذا الأزرق الداكن لم أعد أستطيع العودة،..علي أسنة الأشرعة قلبي معلق يتوجه نحوك دائما، لا يريد سواك.
لا يستهويني سوي عقلك ، رقرقة الضوء في كلماتك، عوالم تخلقها من عدم، تنهض وتحيا تحمل بصمة روحك.
تسألك الأماكن لي.. كوخا صغيرا بمواجهة بحرك.. في بناية روحك الحائرة، أريد أن أقيم.. لا أفارق السماء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قطعه رائعه
فيصل البيطار ( 2013 / 9 / 16 - 23:58 )
شدني العنوان ولم يخيبني فالقطعه جميله جدا خصوصا وأنني لم أكن أعتقد أن الفرقه يمكن لها أن تفيض بكل هذه العاطفه .
القطعه رائعه لولا إنقطاع السرد بإستعارة فيروز .
شكرا لك .

اخر الافلام

.. -أنا مع تعدد الزوجات... والقصة مش قصة شرع-... هذا ما قاله ال


.. محمود رشاد: سكربت «ا?م الدنيا 2» كان مكتوب باللغة القبطية وا




.. جائزة العين الذهبية بمهرجان -كان- تذهب لأول مرة لفيلم مصري ?


.. بالطبل والزغاريد??.. الاستوديو اتملى بهجة وفرحة لأبطال فيلم




.. الفنان #علي_جاسم ضيف حلقة الليلة من #المجهول مع الاعلامي #رو