الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لبنانُ الحضارة المقلوبة

طيب تيزيني

2013 / 9 / 17
مواضيع وابحاث سياسية



يعاني لبنان الآن من واقع حال، قد ينذر بانفجار آخر وفي مدينة منه أو بأخرى. كما يعيش حالة من التحفز والاضطراب، مُرافقين باغتيال شخصية سياسية ما أو أخرى. فهو -والحال كذلك- مؤسَّس على قنابل موقوتة، ربما منذ تأسيسه إلى اليوم القاسي الراهن، مروراً بيوم استقلاله عن فرنسا. ولبنان، إلى ذلك، مهم من موقع كونه قائماً على تعددية موزائيكية طريفة في الحقول الطبيعية والمدنية والمذهبية والإثنية والطائفية، وكذلك وبدرجة ضئيلة الثقافية واللغوية. وقد ألحق بلبنان كثير من الأذى الذي تحدّر من المحيط القريب والآخر البعيد. فهذا التنوع في الأنماط الدينية والأخرى المذكورة، أنتج حالة مفتوحة من الصراعات، هي بقدر ما كانت إيجابية، فقد أسهمت كذلك في فتح الآثار والأبواب باتجاه حضارات وثقافات وإثنيات كثيرة وغنية بعناصر النمو والازدهار.

وقد سار لبنان على ذلك النحو رغم المخاضات والتأثيرات والصراعات التي واجهها وظل محافظاً على وجوده المستقل، نسبياً في جلِّ الأحوال. وإلى هذا، ثمة عنصر آخر مارس دوراً ملحوظاً في لبنان، تمثل في تأثير الأقليات فيه وفي علاقاته مع الخارج الأجنبي خصوصاً. ها هنا يمكن الإقرار بأن تأثير الأقليات غالباً ما كان يظهر عبر أقلية أو أخرى، وذلك وفق التأثيرات التي كانت تنجم عن تأثير أحد مؤثرات الخارج فيه.

وقد كان الخارج، ولا يزال يلعب على الطائفة، أية طائفة تتوافق مع الهويات الدينية المطابقة لها خارجياً، ولن نكون مبالغين، إذا رأينا أن الخارج الديني - المسيحي الفرنسي على سبيل المثال أو الشيعي الإيراني، قد أوجد محوراً منطلقاً من تلك الهويات، بحيث كان يظهر تحت مصطلح «الطابور الخامس»، فهذا الأخير كان يعوَّل عليه في ظروف التصادم أو التوافق بين الطائفة الدينية مثلاً في الخارج، وبين الطائفة الدينية المطابقة في الداخل. وهكذا كان الأمر على صعيد الطوائف الدينية في لبنان وما يطابقها في الخارج، باسم الحماية من هيمنة الطائفة الكبرى واستدعاء الآخر ليكون عنصراً مهماً أو ربما حاسماً في العلاقة بين الفريقين.

على ذلك النحو جرى اختزال الصراع بين لبنان والاستعمار الفرنسي إلى أمر يخص أتباع هؤلاء وأولئك، باسم التبعية لطائفة معينة مشتركة بصفة كونها موجودة في داخل لبنان وفي خارجه. وإذا كانت العلاقة بين مسيحييِّ فرنسا ولبنان قد شطبت علاقة الهيمنة الاستعمارية، فقد شطبت كذلك العلاقات الأخرى بين الفريقين المذكورين في الحقل الداخلي اللبناني. ها هنا ينظر إلى الطبقات الدنيا على أنها تمثل امتداداً بنيوياً للطبقة الدنيا في تاريخ لبنان أي إنها تمثل الوجه الآخر من لبنان المتمثل في ذلك المركّب من اللبنانيين البعيدين عن الثقافة والحضارة المنطلقة من الغرب (الفرنسي) مثلاً.

وعلى ذلك الخط، يرى آخرون لبنانيون أنهم لا ينتمون إلى التاريخ العربي ولا إلى اللبناني، وإنما مرجعية أو مرجعيات أخرى، كالفارسية. ها هنا يضع الباحث يده على موقف آخر ينسلخ عن التاريخ العربي والأوروبي، ليجد هذه الهوية ممثلة في التاريخ والبنية الفارسية ثقافة وحضارة وآفاقاً مستقبلية. ولهذا وانطلاقاً منه، يرى الأمور ممثلو الطائفية الشيعية الفارسية. لقد أعلن نصر الله أنه وفي حربه ضد السوريين، «إنما يسعى إلى تنَْقية المقدسات الشيعية في القُصير تحديداً، ممّن حملوا ويحملون الهوية «المقدسة المعنية».

الصراع في سوريا يحمل -يداً بيد- كذلك أهدافاً تتصل كذلك بقضايا الهوية الوطنية والقومية والتاريخية، فإذ تكون هذه الأهداف حاسمة في مجرى الصراع ضد الاستبداد الجماعي الرباعي، فإن تحقيق الهوية السورية والقومية العربية لن تكون خارج أهداف هذا الصراع، فقد برزت إلى السطح محاولات لتقسيم سوريا وللانسلاخ من العروبة المنفتحة والحداثة الفاعلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بئس التقييم - نداء إلى طاقم التحرير
حسن نظام ( 2013 / 9 / 17 - 15:27 )
يا للمأساة!!.. مقال موجزٌ وجميل يدافع عن أجمل الشعوب والبلدان العربية ( لبنان) - رمز البياض والتقدم المكمون والتنوع المستساغ !.. إلا أن شعبويي الموقع كدأبهم - وللأسف- قيّموا المقال وصاحبه الألمعي السوري الكبير (طيب تيزيني) بـ 40% ، ليس لان أفكار المقال ليست بجيدة ، بل بسبب أن المثقف الكبير - تيزيني- له موقف سياسي واضح من جلاد الشام ونظامه اللصوصي، الأمر الذي لايحوز (صاحبنا الكاتب) على إعجاب هؤلاء - الأوغاد- ، كونهم من أشد مدافعي النظام/ العصابة السورية

أتعجب ..إذا كان هذا المقال من اختيار طاقم الموقع/ المشرف المسؤول.. لماذا لا يُغلق باب التقييم حتى لايُظلم الكاتب بهذه السوقية ، على يد أقزام من الأفاقين


2 - انت تكذب ياتيزيني وتمرغ وطنية اللبنانيين بالاوساخ
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2013 / 9 / 18 - 03:20 )
حقيقة مايقوله المثل الشعبي
هو الحياء نقطة وتروح
كيف يمكنك وانت المتعلم حتى لو كنت قد بعت -مهاراتك-لشيطان الطائفية الاوهج-كيف يمكنك ان تختزل لبنان وشعبه الى مسيحيين فرنسيين وشيعة فرس والبقية رعاع
عيب يارجل استخي
وياءتي هذا القرد المحموم خسئ فوضى ليشتم حتى هيئة تحرير موقعنا ح م وكل من قراء المقالة السوداء هذه
اننا حقا نعيش فترة سقوط اخلاقي بسبب الهجمة الوهابية السوداء


3 - جواب على صاحب التعليق 2
حسن نظام ( 2013 / 9 / 18 - 06:54 )
صاحب التعليق 2 لايستحق الجواب لأنه لايقدر ما يقوله (قد يكون مسطولا)!. لنترك لغة الشتيمة ،التي يحسنها ولا ننزل لمستواه ! كان ممكن إبلاغ طاقم التحرير المحترم عن عباراته وكلماته الخسيئة،التي لا تندب لها الجبين فحسب، بل هي خارج معايير النشر (أكيد طاقم التحرير لم يتسنَ له التدقيق فنزل التعليق تلقائيا!).. حينئذ من المؤكد أنه سيجري حذف هذا التعليق بسبب لغته السوقية وقلة أدب المعلق وعدم فهمه لمحتوى المقال أصلا. ولفقر ادراكه ونفسه المريضة! نفضل أن يظل التعليق ولا يختفي، حتى يرى القراء الاعزاء أي نوع من البشر هذا الدعي؛المدعو الكحلاوي!! وإلا ما دخل موضوع المقال في كل مايدعيه؛ من لبنان ولبنانيين والثورة السورية! حقا أنه طائفي متطرف أعمى البصر والبصيرة، لايرى تدخل جحافل ولاية الفقيه (كما الأمر في العراق أيضا) وتدخل حزب النفاق والارهاب الإلاهي - اللبناني الايراني-. فكل ما يراه ويتهيأ له هي الهجمة الوهابية السوداء! نعم الوهابية لاتشرف أحدا. وتدخلها محدود، مقارنة بالقوى السوداء الأخرى ولكن هل هي أكثر سوادا من أحبائه الحرس الثوري الايراني وسكينه المسموم اللبناني- حزب الله؟! حقا أن ِلله في خلقه شؤون

اخر الافلام

.. اجتماع مصري إسرائيلي أميركي مرتقب بشأن إعادة فتح معبر رفح| #


.. المتحدث باسم الخارجية الأميركية لسكاي نيوز عربية: الكرة الآن




.. رئيس مجلس النواب الأميركي يعلن أن نتنياهو سيلقي كلمة أمام ال


.. أربعة عشر متنافسا للوصرل إلى كرسي الرئاسة الإيرانية| #غرفة_ا




.. روسيا تواصل تقدمها على جبهة خاركيف وقد فقدت أوكرانيا أكثر من