الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا جنيف2 أو إقبار النظام العالمي الأحادي القطبية

محمد بوجنال

2013 / 9 / 17
الارهاب, الحرب والسلام


من المسلمات المعروفة أن للحدث، أي حدث، على الأقل مستويين: مستوى سطحي يأخذ زيفا دلالة العقلي؛ ومستوى عميق يحمل علميا دلالة الحدث. لذا، نتساءل عن معنى الاقتتال في سوريا واللغط الدائر حولها: هل ما تتفضل بطرحه العديد من التحليلات بصددها هو حقيقة الحدث أم فقط سطحها؟ إذا قبلنا بالطرح الأول يواجهنا السؤال: وما معنى تدخل الدول الكبرى؟ هل للدفاع فعلا عن الشعب السوري أم لأغراض أخرى يجب الغوص عنها لاكتشافها وهي ما يفضح أهداف الدول الكبرى ويعري مخططاتها المتمثلة في الاختفاء وراء الأزمة السورية لتسوية حسابات مهمة فيما بينها نلخصها في الصراع بين الدول الكبرى تلك للتخلص من النظام العالمي الأحادي القطبية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والتحضير لنظام رأسمالي جديد حيث تتم عملية إعادة توزيع النفوذ على المستوى العالمي؟ هذا هو معنى جنيف1 وجنيف2 ؛ نظام عالمي جديد تحكمه كالعادة المبادئ والقواعد الفلسفية للنظام الرأسمالي حيث حركية وتباين مستويات القوة الاقتصادية والسياسية والعسكرية والمعرفية؛ بمعنى آخر، فجدلية مكونات القوة هذه هي ما يحدد : الهيمنة لمن والسيطرة لمن والتبعية لمن؟ أو بلغة أكثر وضوحا هي ما يحدد شكل النظام العالمي: ثنائي القطبية؟ أم أحادي القطبية؟ أم متعدد القطبية؟ أم محوري القطبية؟ وهو وضع تهيمن عليه القوه الاقتصادية/السياسية بهيمنة الأولى وسيطرة الثانية . فوفق هذه القاعدة القوة تحصل اقتصاديا بالاستحواذ على الموارد الطبيعية وسياسيا بمأسسة الاستحواذ ذاك والتنظيم الفعال لعملية الإنتاج. لذلك، فنظرا لطبيعة النظام الرأسمالي المتمثلة في تحقيق الارتفاع المتزايد للأرباح، فهي تكون ملزمة، كيفما كان شكل النظام: ثنائي أو أحادي أو متعدد أو محوري القطبية، إلى استعمار غيرها من الشعوب ذات القوة الأدنى معتمدة تارة القوة العسكرية وأخرى السياسية وفي غالب الأحيان الاثنين معا، كما جرى الحال في العراق وليبيا واليوم في سوريا وغدا في... هذا دون نسيان أن مكونات النظام العالمي كيفما كان شكله، هي بدورها تتصارع فيما بينها، لكن على مستويات غير عسكرية، لضمان مصالحها وتقدمها. وهكذا فقد تمكنت الولايات المتحدة الأمريكية، بعد سقوط الاتحاد السوفياتي والأنظمة الاشتراكية بأروبا الشرقية، من فرض نظام القطبية الأحادية التي هيمنت خلالها الرأسمالية بشكل شبه كامل . لذلك، نظرا لفرادتها بامتلاك القوة عالميا وتوفرها على مؤسسة عسكرية أكثر تقدما من غيرها، تخلت عن مسؤولياتها بصدد الحصص التمويلية تجاه هيئة الأمم المتحدة؛ بل حرمت الدول الأربعة الدائمي العضوية من ممارسة حقهم في توظيف الفيتو. غن قوة قائدة القطبية الأحادية تلك، مكنتها من استعمار العراق عام 2003 متحدية وقتها هيئة الأمم المتحدة؛بل وتجاوزت خلال الفترة تلك، باقي القوى الدولية: فهمشت ألمانيا وعاقبت فرنسا واستهترت بروسيا والصين؛ في حين تقوت علاقاتها مع بريطانيا بفعل خبرتها بمنطقة الشرق الأوسط – امبراطوريتها السابقة - .
لكن منذ 2008 خاصة، بل وقبلها، بدأت القطبية الأحادية (الولايات المتحدة الأمريكية) تتراجع بفعل العديد من العوامل: منه اعتماد سياستها التدخلات العسكرية في الشؤون الداخلية للعديد من الدول، وتورطها في أفغانستان والعراق، وعدم خبرتها بمنطقة الشرق الأوسط، وتطور الترسانة العسكرية للروس وما حققته من انتصارات سواء في الشيشان او جورجيا أو غيرها، وصعود قوى اقتصادية جديدة كالصين وروسيا والهند والبرازيل ، ناهيك عن الأزمة المالية التي أثرت على إيقاع سرعة النمو وارتفاع نسبة التضخم وبالتالي الأزمة الاقتصادية على مستوى السوق الداخلي. كل هذه تطورات ومؤشرات عملت على عرقلة تنامي قوة نظام القطبية الأحادية دون أن يكون غيره قد تبلور بعد في المرحلة الراهنة، التي يحتل بؤرتها الصراع الدائر في سوريا؛ صراع له خطورته على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية، كما أنه صراع ذو أهمية قصوى في بلورة النظام العالمي الرأسمالي المنتظر الذي يوجد حيز التحضير باسم البحث في مؤتمر في مؤتمر جنيف2 عن حلول لأزمة سوريا. وتر بعض الدراسات أن هناك أن هناك اتفاقا حصل منذ نهاية 2010 مؤداه أن توزيع النفوذ الدولي سيكون بناء على المحور وليس القطب، محور تم تحديد مكوناته في : الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا؛ وللإشارة فقد تمت ملاحظة تحرك هذه الدول الأربعة أثناء الحراك العربي أو قل تدخلها العسكري والمخابراتي أحيانا ، والدبلوماسي أحيانا أخرى في قضاياه الداخلية. وهكذا، فدلالة عمق مجال الصراع الدائر في سوريا يتحدد في كونه العامل الأهم لولادة هذا النظام الذي هو حاليا حيز التشكل؛ بمعنى أن مؤتمر جنيف1 وجنيف2 ليسا، في حقيقتهما، مؤتمرين لحل الأزمة السورية بقدر ما أنهما مجالين للصراع من أجل التوافق على إعادة توزيع النفوذ على المستوى الدولي وإقبار النظام العالمي ذي القطبية الأحادية (أمريكا)؛ وهو صراع واضح جدا خاصة بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والمتمثل في المفاوضات المتعددة بينهما منذ ما يقرب من أربع سنوات، وخاصة المبادرة الروسية الأخيرة بطرح وضع الترسانة الكيماوية السورية تحت الرقابة الدولية وهو طرح بعثر أوراق الدول الأروبية الثلاث بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية الذين اعتبروه مبررا لتجنيب سوريا الضربة العسكرية؛ لكنه قبول مرفوق بشروط أبقت احتمال الضربة العسكرية واردا. وعموما نعتبر مفاوضات جنيف2 – كما جنيف1 -، ظاهرها البحث في أزمة سوريا وكذا ترتيبات نظام المرحلة الانتقالية، وعمقها الصراع من أجل الوصول إلى اتفاق جديد لتوزيع النفوذ عالميا أو قل إقبار النظام العالمي الأحادي القطبية الذي تتزعمه الولايات المتحدة الأمريكية والعمل على بلورة نظام عالمي رأسمالي جديد، يمكن أن يسمى، حسب ما هو متوفر من معلومات، بالنظام العالمي المحوري.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سوليفان في السعودية اليوم وفي إسرائيل غدا.. هل اقتربت الصفقة


.. مستشار الأمن القومي الأميركي يزور السعودية




.. حلمي النمنم: جماعة حسن البنا انتهت إلى الأبد| #حديث_العرب


.. بدء تسيير سفن مساعدات من قبرص إلى غزة بعد انطلاق الجسر الأمي




.. السعودية وإسرائيل.. نتنياهو يعرقل مسار التطبيع بسبب رفضه حل