الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وثيقة السلم الإجتماعي السلطوية وليست الشعبية ... سانت ليغو أحد أسلحتها

عبد علي عوض

2013 / 9 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


مرَّ عقد من السنين، كان ولايزال حصاده المزيد مِن ثمار العلقم المُر، وآكِلُها شعبٌ صارَ لحمه أرخص وأبخسُ ثمناً من لحم الحيوانات البائِت للإستهلاك البشري!. لا أعني بكلامي هذا، الحنين إلى نظام طغاة البعث البائد الذي أصبح بدوره متفضلاً على النظام الجديد بما أبقاه للقادة الجُدد من خبرة على صعيد الممارسة والتطبيق، لكن واقع العراق المأساوي هو الذي يشهد بذلك.
إنَّ عِلمْ التنبؤ العام: الإجتماعي – السياسي – الإقتصادي – الثقافي، ما عاد يقتصر نشاطه وتطبيقات نظرياته على النُخَب العلمية المتخصصة به، إنّما تعدّاه حتى وصَلَ إلى أبسط شرائح المجتمع، فحينما نسأل عامل المَسطر وراعي الجبل وفلاح الريف عمّا يجري في البلد، ستكون أجوبتهم متقاربة ومتشابهة، لكونها نابعة من خلال حسّهم الفطري ومبنية على مشاهداتهم ومعاناتهم اليومية وعلى ما يسمعونه من تصريحات زائفة وريائية منافِقة للمسؤولين، وتتّسِم آراؤهم تلك بالعفوية الصادقة وتُعبِّر في ذات الوقت عن الرأي الجمعي المُطلَق للعراقيين، بإستثناء القلّة القليلة من المنتفعين من السلطة، المنتشرين كخلايا السرطان المتجذّرة في الجسد العراقي يستحيل إقتلاعهم والتخلص منهم.
لقد أكّدت الأحداث الجارية وعلى كافة الصُعد، أنّ ما تمَّ التأسيس له ما بعد 2003 هو ليس وضع أساسيات عملية البناء الديمقراطي كما روَّجَ له الإحتلال الأمريكي زيفاً. فعلى صعيد السياسة الخارجية، نرى حالة الإنبطاح للدول الأخرى والتذلل لها لكسَب مرضاتها بحجة – أنّ السياسة الخارجية للعراق الجديد قائمة على عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، لكن تلك الدول متدخلة ومتوغلة في الشأن العراقي لحد النخاع.. فما الذي يجعل أصحاب القرار العراقي هكذا منبطحين لتلك الأنظمة ألتي لا تريد للعراق والعراقيين سوى الخراب والدمار!!.. إنه ثمن البقاء في السلطة. فزيارة رئيس البرلمان العراقي إلى تركيا كانت بدافعَين، أولهما العامل الطائفي لحضرة الرئيس، وثانيهما مصالحه وشركاته التجارية في تركيا، تلك الزيارة أعطَت لرئيس حكومة تركيا أوردغان الإخواني جرعة الأمل للبقاء كلاعب رئيسي على المسرح السياسي الداخلي التركي والإقليمي، بعد ما تلّقى صفعات موجعة بسبب ما آلَ إليه مصير الإخوان المسلمين في مصر وتراجع الولايات المتحدة عن الضربة العسكرية ضد النظام السوري وبفضل المبادرة الروسية، وكذلك زيارته إلى إيران بناءً على طلب ورغبة قوى الإسلام السياسي الشيعية لغرض كسب الدعم من الدولة الجارة والشقيقة في الدين والطائفة، وهكذا فإنّ الزيارة حققَت أهدافها لتأمين كرسي الحكم والحفاظ عليه. وأما على الأصعدة الأمنية والإجتماعية والثقافية والإقتصادية والفساد، فهيَ تتحدث عن نفسها بلا رتوش!
أشرَقَت علينا وثيقة السلم الإجتماعي، والمفارقة هنا أنّ صاحبها الذي أصبحَ نائباً لرئيس الجمهورية (بتكليف شرعي!!) خضيّر الخزاعي الذي هو أحد ألَدْ الأعداء اللقطاء للديمقراطية ومفاهيمها، وهو إعترَفَ بذلك علانيةً من على شاشة الفضائية العراقية آنذاك حينما قال: رضينا بالديمقراطية على مَضَضْ!!!.. فأي سلم إجتماعي يأتي من وراء هذا الشخص الذي يحمل فكراً ظلامياً متقوقعاً، عدا حالات الفساد المتورط بها عندما كان وزيراً للتربية، وهذا ما جَهَرَ به المرجع الديني الشيخ بشير النجفي. إنّ المهزلة في هذه المسرحية – وثيقة السلم الإجتماعي – هي أنها موجّهة إلى القوى السياسية المشاركة في السلطة فقط وليس للقوى والشخصيات الوطنية السياسية ومنظمات المجتمع المدني والنُخَب العلمية والثقافية، لذا يتّضح الهدف الحقيقي من وراء تلك الوثيقة – ألا وهو الحفاظ على السلطة بيَد صاحب الوثيقة ومَنْ لفَّ لفهُ.
مِنْ أجل أن تسير مراحل تنفيذ المخطط الرامي للبقاء في السلطة وتعزيزاً لتحقيق جوهر الوثيقة، أخذ لملوم البرلمان بألتوافق التام على فرض نظام - سانت ليغو المعدل – في الإنتخابات البرلمانية القادمة، ألذي يضمن ويؤمّن إستمرار دكتاتورية وبقاء تلك الأحزاب في الحكم. فإذا كان طاغية البعث يفرض دكتاتوريته بإنتخابات مزيّفة وبنتائج 100% لصالحه، فإن تلك النسبة هي ذاتها ستبقى بفضل نظام سانت ليغو المعدل، لكنها مقسَّمة بين الكتل المتناطحة من أجل الغنائم والنفوذ، ألتي باعَت العراق بأبخس الأثمان للجهات الخارجية!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر تحذر من أن المعاهدات لن تمنعها من الحفاظ على أمنها القوم


.. وزير الدفاع الأمريكي: يمكن شن عمليات عسكرية بفاعلية بالتزامن




.. نقل جثامين الرئيس الإيراني الراحل ومرافقيه من تبريز لطهران ا


.. استشهاد 4 وإصابة أكثر من 20 في قصف إسرائيلي لمنزل عائلة الشو




.. هل تسير مجريات محاكمة ترامب نحو التبرئة أم الإدانة؟ | #أميرك