الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأخوان والتقية السياسية

عمرو اسماعيل

2005 / 5 / 22
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


يعلو صوت أنصار تيار الاسلام السياسي وعلي راسهم جماعة الأخوان هذه الأيام ويقومون بدور مرسوم لكل منهم بعناية... جزء يرهب الآخرين فكريا باتهامات التكفير والعمالة وجزء يدعي الاعتدال ويصرح علنا بما يختلف تماما عن مباديء وأهداف الاخوان الحقيقية والتي يحاولون طمس معالمها كنوع من التقية السياسية اعتمادا علي ضعف ذاكرة الشعوب واستغلالا لحب الشعب المصري الحقيقي والفطري للأسلام.. وفي محاولة فجة لمد أواصر الود مع الغرب.. ولهذا أتمني أن يتوقف أنصار هذا التيار عن التقية السياسية التي يمكن قبولها من حزب سياسي ولكن لا يمكن قبولها من جماعة تدعي أنها تمثل الأسلام.. وليقل لنا أنصار هذا التيار بوضوح لا يقبل الجدل ماهو شكل الدولة التي يريدونها بالضبط..

ماهي طريقة اختيار الحاكم ومدة حكمه وكيفية تغييره دوريا وسلميا أم أنه سيصبح مثل منصب المرشد العام.. حتي يتدخل عزرائيل.. وكيفية الفصل بين السلطات واختيار المجلس التشريعي الذي يسن القوانين وماهية هذه القوانين.. وماهو موقفهم الحقيقي من الاحزاب العلمانية في مصر مثل حزب التجمع والحزب الناصري وحزب الغد.. أم أنهم يؤجلون هذه القضية لحين التمكن ثم القضاء علي كل مخالف في الرأي السياسي بحجة أنهم يتعارضون مع تفسيرهم للدين والاسلام..

أم ان القوانين عندهم جاهزة واقتصرت علي رجم الزانية و قطع يد السارق دون أن يكون هناك تعريفا محددا للسرقة التي تقطع يد من يقوم بها.. وهل اختلاس أموال الدولة والشعب تدخل في السرقة التي تستحق أن تقطع يد من يقوم بها وهم يعلمون كما نعلم جميعا أن هذه النقطة فيها اختلاف فقهي كبير.. أم أن نسبة العاملون عليها حلال مباح..

ليقولوا لنا أي فقه سيعتمدون.. فقه أبو حنيفة أم مالك أم الشافعي.. أم فقه ابن حنبل..

وهم يعرفون كما نعرف جميعا.. أنه هناك اختلاف بينهم حتي في أحكام الطلاق.. وهل عندهم الشجاعة ليقوموا بما تقاعس عنه السابقون ايام الخديوي اسماعيل وكان السبب في تبني مصر القانون المدني الفرنسي لعدم قدرة أو خوف علماء الأزهر حينئذ من تحويل الفقه الاسلامي الي قوانين واضحة يسهل تطبيقها وفهمها في دولة عصرية ولا يوجد حولها اختلاف فقهي..

ثم يقولون لنا بوضوح ما هو موقفهم من الاقتصاد العالمي الذي يقوم علي النظام المصرفي الذي يعتبرونه نظاما ربويا،،، وهل يمكن التوقف عن التعامل معه.ز أم سيقاطعونه..

ليقولوا لنا ما هو موقفهم الحقيقي من المؤسسات الدولية ومواثيقها التي تنص علي احترام حقوق الانسان واحترام حرية العقيدة والدين واحترام حقوق المرأة ومساواتها التامة مع الرجل.. وهي مواثيق تتعارض تماما مع ما ينادون به،، هل سينسحبون من هذه المؤسسات احتراما لمصداقيتهم.. أم يستمرون في عضويتها وبالتالي يضطرون الي تنفيذ القوانين الدولية ويفقدون مبرر وجودهم اساسا.. هل سيقبلون أن تترشح امرأة أو قبطي لمنصب الحاكم..

ليقولوا لنا بوضوح ماهو موقفهم من الفن سواء كان الموسيقي والسينما والغناء وحتي الرقص.. وما موقفهم من الادب والابداع الفكري..وهل سيكممون الافواه ويصادرون حق كل من يكتب كلمة لا ترضيهم كما حدث من قبل مع كل مفكرينا و أدبائنا ابتداءا من طه حسين ومرورا بنجيب محفوظ..أم سيفرقون كل من يفكر مخالفا لما يعتقدون عن زوجته كما حدث مع نصر أبو زيد أم ينفذون فيه حد الردة كما حدث مع فرج فودة....

وليقولوا لنا موقفهم من العلم وقضايا البحث العلمي التي لا تتوقف عن النمو وما تثيره من قضايا مع الدين..ألا يكفيهم انه بسبب البعض منهم مصر اصبحت من البلاد القليلة التي لا تجري فيها عمليات زرع الاعضاء من المتوفيين حديثا رغم ما في هذه العمليات من مساعدة لمرضي كثيرين منهم من هم في عمر الشباب ولأسباب غير منطقية وغير مقنعة ولكنها دليل علي تأثير قلة ممن يستخدمون الدين وسيلة لارهاب ومصادرة حق الآخرين في التفكير...

أن القانون في مصر يمنع قيام الأحزاب علي اساس ديني سواء كانت أحزاب اسلامية أو مسيحية وهو قانون صائب وسيظل ساري المفعول الي أجل غير مسمي... وبالتالي آن الاوان لكل جماعات التيار الاسلامي السياسي أن تعي الحقيقة وتتوقف فعلا عن هذا العبث وتعرف أنها بمحاولة أقحام الاسلام في السياسة تضر الاسلام كدين ولا تفيد السياسة.. وآن الاوان أن تعرف هذه الجماعات ويعرف الشعب أن الدولة التي ينادي بها هؤلاء في النهاية لن تختلف عن نظام طالبان في شيء أو في أحسن الاوضاع لن تختلف عن النظام الموجود في جزيرة العرب او في ايران..قلة تستخدم الدين لتتحكم في باقي الشعب وعقله وتصادر حقه الطبيعي في التفكير والاختيار المستقل و الاستمتاع بمباهج الحياة البريئة.. ولايهمها كما عبر البعض في زلة لسان انتشار البطالة بين الشباب أو غلاء الاسعار أو عدم القدرة علي توظيف الخريجين طالما تتحجب المرأة وتنتشر مظاهر الاسلام الطقوسي في المجتمع...

واقول لهم ولجميع ناشطي هذا التيار وعلي راسهم جماعة الاخوان المسلمين فلتتوقفوا فعلا عن هذا العبث.. ولترجعوا الي دوركم الحقيقي وهو الدعوة لبناء الفرد المسلم الحق.. الفرد الذي يؤمن يالاسلام الوسطي المعتدل المتسامح ويتحلي بمكارم الاخلاق،، أقول لهم فلتتوقفوا عن هذا العبث وارفعوا أيديكم عن التدخل في السياسة واطمئنهم أن الاسلام كدين هو قوي في نفوس اتباعه و أنهم في الحقيقة بنظرتهم الضيقة للأمور ومحاولة فرض أنفسهم سياسيا هم من يلحقون أكبر الضرر به.

كفانا تقية.. وكفانا صراخا وارهابا لكل مخالف في الراي.. أن حرية الاختيار وحرية العقيدة وقوانين حقوق الانسان التي يمثلها الاعلان العالمي لحقوق الانسان.. اصبحت هي القانون الدولي التي يجب ان تحترمها اي دولة وألا عرضت نفسها للعقوبات بل والتدخل العسكري من قبل المجتمع الدولي..

أن مجال عمل الدين.. أي دين والاسلام لايختلف في ذلك هو علي مستوي الدعوة السلمية وعلي مستوي الفرد..

لقد مضي الوقت الذي يستطيع أي فرد أو جماعة أو حتي حكومة ان تجبر أنسانا آخر علي شيء.. طالما لم يخالف القانون المدني..

ألا تنظرون حولكم..

هل يستطيع أحد أن يجبر فيفي عبده عن التوقف عن الرقص أو نانسي عجرم عن التوقف عن الغناء أو ايناس الدغيدي عن التوقف عن أخراج الأفلام ألا بشنقهن في الميادين العامة.. أم الأسهل كان أجبار نجيب محفوظ عن التوقف عن الكتابة.. ورغم منع روايته أولاد حارتنا فقد قرأها الملايين في العالم العربي..

وأخذ عنها جائزة نوبل.. ولو نجحت محاولة قتله لانتشرت أكثر وحظي اسمه علي تقدير عالمي أكبر..

الحقيقة أحيانا مؤلمة.. ولكن الحقيقة التي لا يعيها البعض أنه لن يسمح في مصر بقيام حزب علي أساس ديني وستظل جماعة الاخوان جماعة محظورة قانونا أن لم ترجع الي دورها الذي أخذت علي اساسه تصريحا عند قيامها.. جماعة دعوة دينية... ليس لها أن تتدخل في السياسة.. وهي لا تعي أنها لو كانت استمرت في أداء دورها الذي أخذت عليه التصريح ولم تحاول التحول الي السياسة والوثوب الي السلطة لكانت نجحت أكثر في تحقيق أهدافها الغير معلنة.. أنه قصر نظر سياسي..

وفي النهاية.. أريد أن أقول أنه بعد حرب 73 لم أكن أتخيل أن هذا سيكون حالنا.. مازلنا نناقش قضايا تم حسمها في أوائل القرن العشرين عندما تبنت مصر فكرة الدولة المدنية ونجح ساستها ومفكريها في أجهاض محاولة الملك فؤاد في وراثة مايسمي بالخلافة العثمانية التي انهارت علي يد الزمن والتقدم وأجهز عليها كمال أتاتورك.. لقد عبرنا القناة.. ولكن للأسف رجعنا للخلف سياسيا وفكريا وحضاريا.. والسبب للأسف كان محاولة السادات القضاء علي بقايا الناصرية عن طريق احياء هذه التيارات والجماعات ففقد حياته ثمنا لقصر النظر السياسي وثمنا لغيرته من عبد الناصر وشعبيته..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ستيف بانون.. من أروقة البيت الأبيض إلى السجن • فرانس 24


.. فرنسا: حزب الرئيس ماكرون... ماذا سيقرر؟ • فرانس 24 / FRANCE




.. أوربان يزور أوكرانيا ويقترح وقفا لإطلاق النار للتعجيل بإنهاء


.. فرنسا: التعايش السياسي.. مواجهة في هرم السلطة • فرانس 24 / F




.. كبار جنرالات إسرائيل يريدون وقف الحرب في غزة حتى لو بقيت حما