الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا يجب ان نتحرر ؟

سليم عبد الله الحاج
سوريا

(Rimas Pride)

2013 / 9 / 18
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


تمكنت منظومات القمع و الاستبداد العربي و توابعها الفكرية و الايديولوجية خلال العقود الماضية ان تبني مربعا ضيقا محددا للعقل السياسي و الاجتماعي بما يخنق روح العقلانية و المبادرة في داخله او يردمها الى الاسفل لتقوم فوقها افكار التطرف و الفشل المساعدة على الاستمرار في حياة بهذا الشكل . لقد تشكل الوعي الجمعي العربي في ضوء هذا الواقع قبولا به وخضوعا له و معلوم ان حالة الاستسلام هي مرادفة لليأس من حدوث طفرة ايجابية او خوفا مما يمكن ان نسميه طفرة سلبية تزيد الوضع سوءا على سوءه ومن يقبل بالفتات لديه استعداد للاستمرار في تقديم التنازلات تلو التنازلات ليصل الى سقف التخلي عن الحياة الكريمة المكفوله له اخلاقيا و قانونيا اذ يراها ميزة بعبق ايديلوجي مقرف تتكرم بها السلطة عليه فان وجدت فيعود الفضل لاهل النعم و السلطان واما ان غابت فلا يضير ذلك شيئا في مصلحة اعتبارات بالية صنعتها مخيلة الاستبداد على غرار الوطنية المطلقة و خدمة الوطن على حساب كرامة الفرد .. و الغريب انه حتى لو سلمنا بصلاحية هذا الوعاء الفاسد من الشعارات لوجدنا ان تطبيقه لا يتسم بالعدل و الصدق فلماذا اذن تنخر الطبقية المجتمعات العربية و لماذا يهلك الفساد الاقتصادي والاجتماعي مقدراتها و يعبث بخيراتها فالمفروض ما ينطبق على اخر شخص في اسفل الهرم الاجتماعي ينطبق على اعلى شخص في قمته و تتوزع الموارد على الجميع بنفس الطريقة و تنزع منهم بنفس المقدار ايضا في سبيل تمجيد اسطورة " الاوطان الخالدة " .. لكن هذا لن يحدث على قولة المثل"في المشمش" لانه لو سادت العدالة الاجتماعية في دولة ما سيتحطم مربع التخلف تدريجيا لتزول القيود التي تكبل حركتها نحو التحديث
ان بديل الوصول السريع والفجائي لمجتمع العدالة و القيم هو ايجاد تحالف "مقدس" بين نخب تقدمية حقيقية تتسم بالعقلانية و الرشاد الفكري مع نواة الحراك الشعبي الرافض للاستسلام لواقعه المفروض عليه .. ان فكرة الايجاد و الوصول لن تاتي عبثا بل تصنعها ميادين العمل التحرري المبني على الاولويات و المتفهم لحقيقة اوضاع المجتمعات و اساس عللها وان اعتبرنا غاية الحرية طبا فان الطبيب الماهر يحسن تشخيص داء مريضه و لا يتحرك بلا وعي او ادراك للمسألة
الاستبداد السياسي هو رأس الكفر لنهضة و قيامة المجتمعات العربية فمتى اسقط و اسقطت بطانته الفكرية من شعارات بالية عن القومية والوطن و التقدم ستوجد بيئة خالية من عوامل الضغط على العقل الهادفة لابقاءه اسير ضعفه و خوفه و مشاعره السلبية
وعندما يكسر الغطاء الحديدي حول الوعي الجمعي الذي مصدره الاساسي المنهج السياسي في تسيير المجتمعات ستنتج عنه فوضى و عمليات تفاعل غير مسبوقة اشبه بالانتقال من التخمر الى تنفس الاوكسجين النظيف ولتتاقلم الرئة في النهاية مع الهواء الحداثي لابد لها من هذا الانفجار و من يتكلم عن عواقب الفوضى مفضلا البقاء تحت الستار لا يقدم في الحقيقة اي تصور بديل فهو مستعد لان يبقى غريقا على ان يتغلب على مخاوفه و يعطيها فرصة التنفس من جديد ولهذا يجب ان توضع هذه الافكار السيئة جانبا و لا تشكل باي حال نوعا من الوعي والعقلانية التي تكلمنا عليها بل هي اقرب للمنهج الاستسلامي الممجد للاستقرار و لو كان عبارة عن مستنقعات راكدة تحمل معها كل انواع الجراثيم و البيكتيريا الضارة
اينما ظهرت الشعارات الثورية المناهضة للانظمة القمعية وجب دعمها ومساندتها دون شروط لاننا بذلك نشجع مطلق الانتفاض على الجلاد واذا كان سلاحهم الفهر وجعلوا له تبريراته فلتكن الثورة هي السلاح الرادع للانسان المدني السوي المؤمن بالمستقبل و الرافض لكل محاولات التشويه و التنميط
لاشك ان لكل من القهر و الثورة سلبياتهم ولكن عندما نطرح على انفسنا سؤال "لماذا يجب ان نتحرر " سنتكشف انه مهما بلغت اضرار الثورات فانها تكتب تاريخا جديدا للامم و تغير مجرى حياتها السابقة و لاشك انها ستصل الى الضفة الصحيحة يوما ما








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب العمال البريطاني يخسر 20% من الأصوات بسبب تأييده للحرب ا


.. العالم الليلة | انتصار غير متوقع لحزب العمال في الانتخابات ا




.. Mohamed Nabil Benabdallah, invité de -Le Debrief- | 4 mai 2


.. Human Rights - To Your Left: Palestine | عن حقوق الإنسان - ع




.. لمحات من نضالات الطبقة العاملة مع امين عام اتحاد نقابات العم