الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدرويش البطل

محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)

2013 / 9 / 18
حقوق الانسان


الدرويش البطل

مع التخدير الجمعي للمهابيل والدراويش باسم الدين يصبح من السهل على الإنسان والحيوان التحرك ناحية القصر، والقاء البيان الأول دون أن ترفع الجماهير المغيبة أصابعها الأربعة من الخمسة احتجاجا أو اعتراضا.

الصورة التاريخية للماضي تبدو الآن واضحة وضوح الشمس في كبد سماء الأزرق الكبير، وهنا تستطيع أن تتخيل دراويش ومضللين ومتخلفين وفقراء الهند وقد أصبح كل منهم ( مبروكاً) لتخلفه العقلي، ولأنه كما يقول العامة والجهلة قريبا من الغيب والجن والأعشاب والبخور.

كنت أستطيع أن أصنع نبياً في الهند أو نيجيريا أو مالي أو جبال جواتيمالا أو نيبال، والآن يمكنني صناعة هذا النبي في مصر، وعمل ( لوجو ) رباعي أصفر، واستخراج لآليء الحكم من بين شفتيه اللزجتين، وتأويل خزعبلاته إلى قبسات من نور الأذكار القدسية.

صناعة البطل الدرويش تبدأ بربط السماء بالكراهية، والتشكيك في أصحاب الديانات الأخرى، ونفخ الأتباع بخرافات لا تصمد لحظــة واحدة أمام العقل، فالدرويش والعقل يتصادمان، والجماهير المغيبة تملك قوة تصادمية مدفوعة بالجهل والحقد ومشاعر الاستعلاء التي رفعتها من الدونية إلى الحديث وجها لوجه مع الدرويش البطل.

في مصر حدثت الحالة بطريقة مفاجئة، فمناهضو ما يسمونه انقلابا عسكريا، يتحدثون عن مرسي من منطلق شرعيته التي تقيأها صندوق الانتخاب، لكنهم أبداً لا يقتربون من الشرعية الحقيقية وهي الامكانيات العقلية والصحية والنفسية لدرويشهم المعزول.
إنهم لا يسمعونك، ولا يرون ثلاثين مليونا من البشر تكتظ بهم شوارع أرض الكنانة مطالبين برحيل رئيس فاشل، ولا يبحث أي منهم عن نتائج مشروع النهضة للاخوان، ويغمضون أعينهم عن عشرات الملايين الذين ضاقت بهم الأرض والعدل فخرجوا مرة ضد رئيسهم المتخلف، وانطلقوا مرة يطالبون جنرالا يملك الجيش بازاحة الرجل قبل أن يفكك مصر ويدفنها تحت ترابها أو يغرقها في نيلها.
صناعة الدرويش تجري على قدم وساق، والأغرب أن هناك فئة من الكتاب والمثقفين المصريين الذين حللوا الحرام في الصحافة القطرية ووقفوا ضد بلدهم وجيشهم بحجة مناهضة الانقلاب العسكري.
أي تلميذ في الابتدائية ولو كان الأبله في الفصل يعرف تماما أن الانقلاب هو حالة غدر، ومباغتة، وإتيان من الدبرتقوم به، غالبا، سلطــة عسكرية ضد سلطــة الحكم، ولا يعرف به الشعب، وقد يكون ايجابيا أو سلبيا.
كل الانقلابات في الدنيا كانت هكذا، أوغندا وكوبا وباكستان وسوريا والعراق وإيران وإثيوبيا والكونغو وكمبوديا وتشيلي وتونس والمغرب و... أما أن يقوم وزير الدفاع بطلب من الشعب، كله تقريبا، بالاطاحة بمخرب متغطرس ودموي، يعمل مهربا للسجناء الخطرين، بالاطاحة به باسم الشعب، فهذا ليس انقلابا عسكريا، لكنه انتخاب في أرقى صوره، وأجمل مشاهده السلمية، والأكثر تحضرا وتمدناً.
لكن تبقى صورة الحكم متعلقة بعلامة استفهام بطول مصر وعرضها:
كيف يسيطر الارهابيون من الاخوان والتيارات الدينية على مدينة لأكثر من شهر، والمفترض حتى في أكثر الدول تقدما أن لا تستمر سيطرة الارهابيين على مدينة لأكثر من أربع ساعات ثم يقوم الجيش بجعل عاليها سافلها، على الطريقة الروسية في المسرح.
كيف كشر الاخوان عن أنيابهم، وأعلنوها صراحة بأنهم سيستنزفون جيشنا، ومع ذلك لم يصدر حكم غير قابل للنقض بحل كل الأحزاب الدينية.
لماذا لم تجتمع القيادتان المصرية والقطرية للتفاهم أو للاختلاف، فكل المجرمين والقتلة والارهابيين والقاعديين يحركهم المال، وجهادهم لا يستقيم بدون زيادة حساباتهم في المصارف.
وأخيرا فقد تناهى إلى السمع والبصر أن هناك ظلما شديدا في عمليات الاعتقال والتعذيب، مما سيكون له أثر سلبي على دعمنا وتعاطفنا مع الفريق أول عبد الفتاح السيسي.
إننا في صف الجيش والشرطــة ضد الاخوان، لكننا لسنا في أي الصف إذا ظــهر الحكم الجديد بوجه خلف قناع مبارك أو المشير أو مرسي.
ما حدث لأشقائنا الأقباط في دلجا وصمة عار سيتذكرها المؤرخون، خاصة أنها ليست وليد ساعة أو بعض اليوم، لكنها ظلت لعدة أسابيع تتحدى أكبر جيش في الشرق الأوسط، فكيف إذا تحداه أوغاد وارهابيو سيناء؟
كلما رأيت كفاً صفراء بأصابع أربعة أحتقر صاحبها ولا أستطيع أن أتخيل مصريا يطالب بعودة حمار ليقود النهضة من جديد.
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 18 سبتمبر 2013









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الأستاذ محمد عبد المجيد المحترم
ضرغام ( 2013 / 9 / 19 - 05:16 )
الأستاذ محمد عبد المجيد المحترم
أنت انسان رائع بكل معني الكلمه، المقاله مختصره وفي الصميم، الأسلوب سهل ممتنع كالمعتاد. كلما قرأت مقال لك، أشعر أننا نشترك في نفس درجه الحب لمصر التي عشنا فيها أيام الزمن الجميل. مصر مصطفي رياض والشاذلي، مصر جروبي والاميريكين وتريانو وديليس، مصر زكي رستم وفاتن حمامه وعبد السلام النابلسي، مصر ميمي درويش ويسري طربوش وعلي أبو جريشه، مصر طه حسين واحسان عبد القدوس، مصر توفيق الحكيم الذي كان يجلس مع رفاق مفكرين كل يوم جمعه في الروف جاردن أعلي فندق النيل بجاردن سيتي (وكنت أتعمد الجلوس في أقرب مكان لهم حتي استرق السمع لما يتحدثون فيه)، مصر ميدان التحرير بالخضره والنافوره الجميله، مصر اوتوبيسات أبو رجيله، مصر الخميس الأول من كل شهر عندما كانت تصل سياره أم كلثوم السوداء الفارهه ألي مكانها المحجوز أمام مدخل سينيما قصر النيل، مصر صالح سليم ورفعت الفناجيلي وميمي الشربيني، اسكندريه فندق البوريفاج، اسكندريه واجهه مبي كليه الهندسه المطل علي شارع أبوقير والذي يبدو وكأنه ماكيت مصغر لمعابد الأقصر الأثريه.يتبع


2 - الأستاذ محمد عبد المجيد المحترم 2
ضرغام ( 2013 / 9 / 19 - 05:18 )
تكمله
مصر كازينو جود شط في المعادي عندما كنت أجلس علي النيل مباشره واري اهرامات أجيزه من مكاني (عندما كانت سماء القاهره صافيه بدون شوائب التلوث الحاليه)، الغردقه عندما لم يكن بها سوي شيراتون ومجاويش والجفتون (رائحه هوائها في أنفي حتي اليوم)، مصر عبد الحليم وشاديه وموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب....ياخساره يا مصر

اخر الافلام

.. وصول عدد من الأسرى المفرج عنهم إلى مستشفى شهداء الأقصى بدير


.. الدكتور محمد أبو سلمية: الأسرى يمرون بأوضاع مأساوية بسبب الإ




.. أهالي الأسرى: عناد نتنياهو الوحيد من يقف بيننا وبين أحبابنا


.. أطفال يتظاهرون في أيرلندا تضامنا مع أطفال غزة وتنديدا بمجازر




.. شبكات | اعتقال وزيرة بتهمة ممارسة -السحر الأسود- ضد رئيس الم