الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


Home sickness المواطنة ومرض الحنين

فاروق عطية

2013 / 9 / 18
سيرة ذاتية


أعلم أن كل الناس يحلمون، ولكنى أشعر بالاختلاف فأنا رجل حالم أي كثير الأحلام، أحلم بالطبع دائما وانا نائم، واحلم كثيرا وانا متيقظ وأحيانا أحلم وأنا أحلم، فيختلط على الأمر، فلا أدرى إذا كان ما يحدث أمامي وما أراه حقيقي أو هو أضغاث أحلام..!
حاولت الوصول لعلّة ما أنا فيه من أحلام لا تنتهي فبحثت في الكتب علّى أعي سر أحلامي. قرأت أن الأحلام جزء من عملية التطور البشري، سواء استطاع الإنسان أن يعيها في ذاكرته أم لم يستطع، فإنها تسهم بصفة دائمة في محاولاته لتحقيق قدراته مركزة بصفة خاصة على الجزء المهمل منها، والذي يحدد شخصيته من حيث نموها وتطورها. ومن الخصائص المميزة للأحلام ارتباطها بأحداث تبدو مستحيلة في اليقظة كالاتصال بالموتى، والتواجد في أماكن متعددة في نفس الوقت، وانعدام حدود الزمان والمكان. وقد اختلف العلماء حول مصادر الأحلام، فذهب بعضهم إلى أن مصدرها المنبهات الصادرة عن العالم الخارجي، حيث يدركها الحالم بصورة مشوشة، وفي هذه الحالة يرتبط ما يحدث حوله من أحداث واقعية بالحلم الذي يتراءى له. وفى رأى سيجموند فرويد وهو أول من وضع الأسس العلمية لتفسير الأحلام في كتابه الشهير (تفسير الأحلام) عام 1899 أن الأحلام تنتج عن الصراع النفسي بين الرغبات الجنسية أو الوجدانية اللاشعورية المكبوتة منذ الصغر، والمقاومة النفسية التي تسعى لكبت هذه الرغبات اللاشعورية، وبالتالي فإن الحلم عبارة عن حل وسط أو محاولة للتوفيق بين هذه الرغبات المتصارعة. ويلعب الحلم وظيفة «حراسة النوم» وصد أي شيء يؤدي إلى إقلاق النائم وإيقاظه، فإذا أحس النائم بالعطش مثلاً، فإنه يرى في حُلمه أنه يشرب الماء وبذلك يستمر نائماً.... ولم يفدني كثيرا ما قرأته...!!
حلمت وأنا جالس في شرفة منزلي: أن هناك نظرات تخترق ظهري وأنا واقف بمدخل سينما كوزمو بشارع عماد الدين اشاهد إعلانات الفيلم المعروض، فتوجست خيفة، وأحسست بالخطر فأسرعت خارجا إلى الطريق ويكاد وجيب قلبي المتسارع أن يغطى على جلبة السيارات المارقة. لمحت بطرف عيني رجالا بجلابيب بيض وعمائم بيضاء بذيول طويلة على الظهور ولحاً طويلة تغطى الوجوه، يمسكون الجنازير والهراوات ويسرعون الخطى فيحيطون بي، فانطلقت جاريا لا ألوى على شيء حتى وصلت شارع فؤاد (23 يوليو) وانحرفت يمينا فلاحظت سيارة بوليس أمن الدولة تندفع في اتجاهي بلا رحمة وأحسست بها تصدمني بعنف وصوت عظامي تتكسر فصرخت من الألم ولسان حالي يقول: نجوت من سيوف المتطرفين فوقعت في براثن بوليس السلطة، فأنا مطلوب من كليهما لكتاباتي ضد التطرف وضد السلطان. استيقظت حامدا الله أن أم العربي لم تسمع صرختي ونجوت من سلاطة لسانها الذي لا يرحم في مثل هذه المواقف. !!
حاولت الهرب من الأحلام بالتشبث بالذكريات، تذكرت يوم أن وصلني خطاب وزارة الهجرة يحدد لي ميعادا للمقابلة لمناقشة وانهاء حصولي على الجنسية الكندية منذ أثني عشر عاما، وتذكرت المشاعر التي انتابتني آنذاك. مشاعر عديدة تصارعت داخلي، حبي وحنيني لوطني الأم مصر التي تعيش داخلي ومغروزة في جيناتي، ترابها وهو المكون الرئيسي لخلايا جسدي ومياه نيلها الخالد الذى يجرى في عروقي وهواؤها وهو متنفس صدري، ذكريات طفولتي وشبابي، أصدقائي وأترابي وأقاربي الذين يعيشون في مدنها وقراها، رفات أجدادي وأسلافي المدفونة في ثراها، مقدسات ديني المنتشرة فى كل شبر من أراضيها. ما أجمل وما أحلى ذكريات الصبا والشباب وصداقات العمل في بداية مشواري العملي. وما أقسى وما أتعس ذكريات نهاية المشوار بعد أن وصلت لدرجة مدير عام بشركتي التي أعطيتها من جهدي وعرقي بلا حدود، ولكن بعد أن أصيب الوطن بآفة التطرف من القلة الغير مسؤولة، وبعد أن تولى المهندس محمد صدقي غنيم مقاليد رئيس مجلس الإدارة، مهندس ميكانيكا فاشل يتولى رياسة شركة كيميائية، لا ميزة له غير زمالته وصداقته للمهندس عزيز صدقي وزير الصناعة وبعدها رئيس مجلس الوزراء آنذاك، وكثيرا ما كتبت عن قراراته الخاطئة الفاشلة لصديقي الصحافي الراحل عبد السلام داود "رحمه الله وأسكنه فسيح جناته" الذى كان ينعته في مقالاته بأخبار اليوم واصفا إياه بالفتى المدلل كونه مسنودا. في عهده تحمّلت الكثير من الاضطهاد الديني حتى أنى بقيت فى درجة مدير عام لـ 18 عاما دون ترقى، وكثير من أبنائي وتلامذتي أصبحوا رؤسائي، وحين واجهته وقلت له الحديث الشريف: من آذى ذميا أنا خصيمه يوم القيامة، كان رده: إذا كنت تشكوني للرسول، خللي الرسول ينفعك. !! فتركته حانقا بعد أن قلت له: لا فائدة من الحديث معك لأنك لا تحترم حتى دينك ورسولك. وبعد التقاعد وجدت النكران والجحود ممن كنت امد لهم يد العون ولم أبخل عليهم بخبرتي ونصائحي. وحين استبدلت الكتابة العلمية عن مشاكل الصناعة وتلوث البيئة بالكتابة السياسة مبينا مساوئ الديكتاتورية والمطالبة بالديموقراطية ونقد نظام الحكم وجدت التهديد والوعيد مما حدا بى للهرب إلى كندا قبل أن أجد نفسي وراء الشمس. ذكريات وصولي إلى كندا هذا البلد الرائع الجمال متعدد الثقافات، بلد يحترم جميع الديانات ويحمى حرية الرأي، احتضنتني كندا وأمّنت حياتي ولقيت فيها الرعاية والترحيب. عجبت لوطني الذي اعطيته الجهد والعرق طوال حياتي فلم أحصد سوى الشوك والتهديد، ووطن بديل لم اعطه شيئا فأعطاني الكثير، حرية العبادة وحرية التعبير، منحنى الرعاية الصحية دون مقابل. تذكرت زميل لي أجريت له جراحة القلب المفتوح بأفضل مستشفيات مصر (مستشفى المعادي العسكري) على يد رائد جراحات القلب العالمي مجدي يعقوب، ونجحت الجراحة ولكنه مات لسوء الرعاية والتمريض. هنا في كندا أجريت نفس الجراحة ولكن الأمر مختلف فالرعاية والتمريض هنا على أعلى مستوى، وما زلت أعيش منذ عشر أعوام وحالة القلب ونحمد الله جيدة. نعم أحب مصر وطني الأم الذي أحمل تاريخه الممتد التليد في جيناتي، مصر ذات التاريخ العريق الذي سبقت حضارته حضارات العالم، بل هو الذي علم الأمم التحضر والرقى، لكنني أحب أيضا وطني الجديد كندا ذو الحاضر المجيد والمستقبل الأمجد، وأفخر أنى من أصل مصري وسليل الفراعين ويزداد فخري بالانتماء لوطني الجديد كندا العظيمة المتقدمة، واحترم عاداتها وتقاليدها ومعيشة شعبها، وأفخر كوني مواطنا أعد بأن أكون وأظل مواطنا كنديا صالحا، له نفس الحقوق وعليه نفس الواجبات. أحب مصر وأحب كندا فهما عندي نعم الأوطان، ومطرح ما ييجي في عيني النوم أنام وانا مرتاح البال...!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - The memories of our lives,
M.Malki ( 2013 / 10 / 18 - 23:46 )

I read your column and liked it so much. I apologise for commenting on it too late.
First thank om el arabi she always wakes you up at the right moment before you put your self into trouble

You took me back in memory lane when you mentioned cinema Cosmo and Fouad street
I am blessed to be in this Country as a Canadian citizen too like you said and despite what we where and what we had.I always wanted to Immigrate despite it all ( maybe one day well talk about it ), people then thought that I am crazy, but I saw it coming at the time and they did not.

The memories of our lives, child hood, school mates, even our good teachers and the Social life we had not even the good people we knew are not there any more


2 - comlete
M.Malki ( 2013 / 10 / 18 - 23:48 )
Almost all of the new Egyptian cummers today live with Home Sickness miss their lives they left behind, they live with one foot in Canada and the other foot in Egypt .my advise to them is to keep their two feet in Canada and keep going, that is, if they want to succeed .and by the way I wish Om El Arabi would wake them up too before it is too late
and as you said at the end of El Maqala I am like you, am proud to be a Canadian I chose to come.

God Bless and take Care
Mabel


اخر الافلام

.. مبيعات سيارات تسلا الكهربائية في تراجع مستمر • فرانس 24


.. نتنياهو ينفي معلومات حول إنهاء الحرب قبل تحقيق أهدافها




.. رئيس أركان الجيش الإسرائيلي: نتمسك بتدمير البنية التحتية لحم


.. شركة تبغ متهمة بـ-التلاعب بالعلم- لجذب غير المدخنين




.. أخبار الصباح | طلب عاجل من ماكرون لنتنياهو.. وبايدن يبرر سوء