الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النفط و الكباب !!!!

عبدالسلام سامي محمد

2013 / 9 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


النفط و الكباب !!!!

كما هو معلوم فاءن الدولة العراقية تاءتي في المرتبة الرابعة من حيث اءمتلاكها للاحتياطيات النفطية الهائلة جدا و من النوع الممتاز , ليس فقط على مستوى منطقة الشرق الاءوسط او قارة اسيا و انما على مستوى الكرة الارضية برمتها ,حيث تقدر ثرواتها النفطية ب 115 مليار برميل تقريبا حسب الاحصائيات القديمة , ناهيك عن الثروات الطائلة الغازية و المعدنية و الزراعية و الحيوانية و غيرها !! , و كما هو معلوم ايضا فاءن استخراج النفط من قبل الشركات الاجنبية كان اءولها في بداية القرن الماضي , اي قبل حوالي 100 عام او اقل بقليل تقريبا , اي قبل جيلين و نصف , و حسب تقارير منظمة الصحة العالمية فاءن معدل متوسط الاعمار في العراق تتراوح بين 50 الى 60 سنة بالنسبة للجنسين , ( ان لم تكن اقل بكثير من ذلك ) , و هذا يعني اءن متوسط عمر المواطن العراقي هو قصير مقارنة بمتوسط الاعمار للدول المتقدمة , و السبب من وراء ذلك هو مرور البلد في الكثير من الكوارث و المحن غير الطبيعية ( اي المصطنعة ) كالحروب الدائمية المدمرة التي شهدها العراق عبر تاريخه الدموي المرير , كما ان الاوضاع السياسية و الاقتصادية الصعبة لهذا البلد لم تتحسن بعد تاءسيس وولادة الدولة العراقية الحديثة عام 1921 , فالحالة النفسية غيرة المستقرة و ظاهرة الفقر المدقع و الحرمان المتواصل الذي عكر من صفوة حياة اءهل هذا البلد النفطي الثري , و النظام الغذائي و الصحي المتدني جدا و غير المتكافيء مقارنة بدول الجوار او الدول الاخرى , الى جانب الانقلابات و الاعدامات اليومية و الاعتقالات المستمرة و حملات الانفال و الابادة الجماعية و التطيهر العرقي و المذهبي و القتل الجماعي و الذبح المستمر و على ايدي جلاوزة الانظمة المتعاقبة على سدة الحكم في العراق , و اخيرا و ليس اخرا جراء نزوله في مستنقع حرب طائفية دموية كارثية , كل هذه الامور والاسباب و غيرها جعل من معدل مستويات الاعمار في العراق تتدنى و تتراجع و بشكل ملحوظ . فالعراق الذي عرف نفسها كدولة مصدرة للنفط منذ جيلين و اءكثر , فاءن كان الجيل الاءول عاش تحت مستوى خط الفقر و عان الكثير و رحل دون ان يكون محظوظا لبناء حياة سعيدة و مستقرة من عائدات ارضه الغنية بالنفط و المواد المعدنية و لاءسباب كثيرة و معروفة , فاءن الجيل الثاني ايضا و الذي راءت انظاره نور الشمس في مطلع العقدين السادس و السابع من القرن المنصرم اي اذبان تاءسيس شركة النفط العراقية الوطنية عام 1964 و شركة نفط الجنوب عام 1969 و بعدها تاءميم النفط عام 1972 فكان من المفروض ان يكون هذا الجيل اكثر حظا من سابقه في العيش بسعادة و رفاهية و كرامة بسبب الواردات النفطية الكبيرة التي كانت تجنيها دولة العراق , و ليس هذا فقط و انما كان من المفروض ايضا ان يتقدم البلد و يتطور بشكل اكبر و بوتيرة اسرع من ذي قبل , الا ان هذا لم يحدث ايضا و انما حدث العكس تماما , فالمواطن العراقي لم يرى شيئا من تلك الواردات المالية التي كانت تضخ في خزينة الدولة بشكل خيالي كبير و هائل و كذلك من جميع الشعارات الوطنية و القومية البراقة التي كانت ترفعها الانظمة في العهود السابقة و خاصة في عهد الطاغية المقبور الذي حكم العراق بقضبة فولاذية اكثر من عقدين و نيف فشعار ,, نفطنا لنا ,, و النفط في خدمة الانسان و التنمية ,, و النفط في خدمة المعارك المصيرية !!! ,, و النفط في خدمة قضايا الاءمة المجيدة !!! ,, و النفط في خدمة رفع مستويات التربية و التعليم ,, و النفط في خدمة الارتقاء بالبنية الزراعية و الصناعية و الخدمية و السياحية و العمرانية و التحتية للدولة , كانت مجرد شعارات وهمية كاذبة و عارية من الصحة , فالنفط لم يكن يوما الا في خدمة القائد المغوار الواحد الاءحد و ابناءه و ابناء عمومته و عشيرته و زبانيته و في خدمة بناء عرشه الالهي و تشييد قصوره و قلاعه المحصنة و في خدمة استهتار جلاوزة النظام و في خدمة بناء و تطوير الته العسكرية الحربية المدمرة و في خدمة بناء المفاعل النووي الذي تم تدميره من الاساس قبل اكتماله بوقت قصير و في خدمة بناء معامل الاسلحة الجرثومية الخبيثة و الاسلحة الكيماوية و غاز الخردل و الاعصاب لضرب شعبه و الشعوب المجاورة و في خدمة تقوية اجهزة الاءمن و المخابرات و الاءستخبارات العسكرية و المدنية و الجيش الشعبي و المرتزقة و في خدمة تقوية اعلام النظام الداخلي و الخارجي و في خدمة تقوية تنظيمات الحزب و خلاياه التجسسية القمعية الداخلية و الخارجية و في خدمة جلاوزة و عصابات السفارات العراقية في الخارج و في خدمة التخطيط لتنفيذ عمليات ارهابية في الداخل و الخارج و في خدمة دعم الارهاب و الارهابيين و في خدمة محاولة قلب الانظمة في المنطقة و في خدمة تكريس المزيد من سياسة و نهج القمع و التعسف و الملاحقات و المداهمات و في خدمة قمع و كبت الحريات العامة و الخاصة و في خدمة بناء السجون و المعتقلات الوحشية و في خدمة تدريب الحرس الجمهوري الخاص و في خدمة تدريب قوات الامن في الخارج و تاءهيلهم على اساليب لتعذيب االحديثة الوحشية و في خدمة تعذيب المواطنين و الوطنيين الشرفاء و تجهيز صالات التعذيب بالات و ادوات التعذيب العصرية الحديثة و في خدمة قادسية المقبور و في خدمة غزو و احتلال الكويت و حرب الخليج و في خدمة الاعلام المزيف و الاناشيد الوطنية الثورية المزيفة و المحفزة على القتل و الدمار و الارهاب و في خدمة مظاهرات التاءييد المليونية اليومية و في خدمة الرقص و الطبل للقائد الاعظم و في خدمة ,,بالروح و بالدم ,,و غالي صدام غالي,, و صدام حسين يلوكلنا ,, و في خدمة المزيد من القتل و الدمار و الهلاك و في خدمة التبرع للوفود اليومية الوافدة من ارتيريا و جيبوتي و الصومال و في خدمة الاردن و المنظمات الارهابية و منظمة مجهادي خلق و منظمة تحرير فلسطين و منظمات تحرير ارتيريا و عربستان و في خدمة ياسر عرفات و شيخ نصرالله و اسامة بن لادن و الاخرين و في خدمة قناة الجزيرة و العربية و القنوات الفضائية الاخرى التي كانت تطبل و تزمر ليل نهار لجرائم النظام , و بعد رحيل النظام المقبور الى مزبلة التاريخ , تفائل العراقيون كثيرا باءن اوضاعهم المعيشية و الحياتية ستتغير نحو الافضل و الاءحسن و بشكل سريع و بداءوا يحلمون بالمستقبل الزاهر و المنشود لهم و لاءبنائهم , الا انهم كانوا في غفلة من امرهم و تجاهلوا باءن وضعهم الجديد سيكون اقرب او مثيلا الى وضعي السابق عندما كنت صغيرا في العراق و كان والدي المرحوم يبعثني او يبعث احدا من اخواني ليجلب له وجبة او نفر كباب من المطعم القريب المشهور ,, حيث كنا حينها نتخاصم جميعا على القيام باءداء تلك المهمة ، ليس طمعا في الحصول على قطعة او شيش كباب اكراما منه على الجهد المبذول , لاءن ذلك الامر لم يكن واردا في حساباته الدقيقة و لا في توقعاتنا الصحيحة , الا اننا و رغما على ذلك كنا نلبي طلبه برحابة صدر حيث كنا نتوجه دوما و بسرعة الصاروخ الى الكبابجي ,ليس طمعا في الشيش الخيالي المفترض كما اءسلفت , و انما شوقا لاءستنشاق رائحة الدخان المتصاعدة من المنقل او المشواية ،اي ان التلذذ و الاستمتاع باءكل الكباب كان من نصيب الوالد , و الاستمتاع برائحة الدخان المتصاعدة كان من نصيبنا الدائمي !!! و هذا هو حال و قدر العراقيين مع ثرواتهم الهائلة ايضا ومع سياسة و نهج حكوماتهم و حكامهم و مسؤوليهم و انظمتهم الاءجرامية السابقة و الحالية ايضا , لكن الفرق الكبير يبقى هنا بين رائحة الكباب الشهية الصاعدة من دخان المنقل الذي كنا نشمه و نستنشقه بقوة و تلهف, و بين رائحة الادخنة السامة النتنة القوية المتصاعدة من معامل الزفت التي يشمها العراقيون جميعهم جراء عملية استخراج و تصفية و نقل و بيع و تصدير و احراق النفط و في النهاية توديع تلك المبالغ الهائلة الطائلة جميعها في جيوب الحكام و المسؤولين و على ارصدتهم الخيالية في البنوك الاءجنبية لتطبيق شعارهم الخبيث نفطنا لنا و بشكل حرفي دقيق !!!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما محاور الخلاف داخل مجلس الحرب الإسرائيلي؟


.. اشتعال النيران قرب جدار الفصل العنصري بمدينة قلقيلية بالضفة




.. بدء دخول المساعدات عبر الرصيف الأمريكي العائم قبالة سواحل غز


.. غانتس لنتنياهو: إما الموافقة على خطة الحرب أو الاستقالة




.. شركة أميركية تسحب منتجاتها من -رقائق البطاطا الحارة- بعد وفا