الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فتاوي -ماركسية- ضد الشيوعية والإلحاد..

وديع السرغيني

2013 / 9 / 19
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


كنا نعتقد أم مسألة تحالف قوى اليسار والتقدم والديمقراطية، مع القوى الرجعية والظلامية، قد أصبحت في خبر كان وغير ذات موضوع، أي من تكتيكات الماضي التي انكسرت على صخرة الواقع، يعد أن تعرّت عورتها وانفضحت انتهازيتها، ونفاقها السياسوي الضيق، الذي انزلقت إلى منحدراته العديد من القوى السياسية اليسارية داخل المنطقة المغاربية والعربية، التي عرفت حراكا اجتماعيا مهما في المرحلة الأخيرة، انتهى إلى ما انتهى إليه.. إلا أنه، وعلى ما يبدو، فما زال هناك من المدافعين عن هذا الطرح الإستراتيجي وليس التاكتيكي، كما يدّعون، الطرح الذي يتشبث وباستماتة بالتحالف مع القوى الظلامية ويعمل كل ما في جهده لاسترجاع من انسحب منها من جبهة "النضال الشعبي ضد الفساد والاستبداد".
وفي بلدنا المغرب، لم تنأى عن هذا الخط، الأصوات السياسية التقدمية ذات التوجه اليساري الإصلاحي، الناشطة في إطار ما يعرف بتجمع اليسار الديمقراطي ـ تيد ـ الذي تشكل في الأصل من أحزاب الاشتراكي الموحد، والمؤتمر الاتحادي، والطليعة الديمقراطي الاشتراكي، والنهج الديمقراطي.. هذا الأخير الذي وقع تهميشه منذ مدة، بسبب من بعض مواقفه السياسية التي لم تعد تلائم خطاب ومواقف التحالف، خاصة الموقف من موضوع الصحراء الغربية، وما يرتبط به من موقف داعم لجبهة البوليساريو، ثم الموقف من الانتخابات والامتناع عن العمل من داخل المؤسسات، التي دأب الحزب منذ تأسيسه على مقاطعتها.
منذ انطلاق الحركة الاحتجاجية الاجتماعية، وانطلاق موجتها الجديدة بداية هذه الألفية، والتي تأثرت وواكبت إلى حدّ ما مجرى النضال الاجتماعي العالمي المناهض للعولمة الرأسمالية وتداعياتها الكارثية على الفئات والطبقات الاجتماعية الفقيرة والمحرومة، داخل جميع البلدان الرأسمالية، بمركزها ومحيطها.. استأتر موضوع التحالف بين قوى اليسار التقدمي وبعض القوى الظلامية الرجعية التي تدّعي محاربة الفساد والاستبداد، بل ومعارضة النظام القائم وسياسته غير الديمقراطية وغير الاجتماعية.. باهتمام مجموع الحركة التقدمية، بأن احتد النقاش والصراع إلى درجة انفراط عقد العديد من التنسيقيات التي أثبتت وجودها وفعاليتها في الساحة، والتي راكم من خلالها مناضلو ومناضلات اليسار تجارب مهمة ونوعية، وطـّدت علاقتهم، وبامتياز، داخل الأوساط الشعبية، بفضل المناهضة الحازمة للغلاء وارتفاع الأسعار وفواتير الماء والكهرباء، وبفضل المحاربة المبدئية للخوصصة وشركاتها التي لم تعمل إلا على نهب جيوب المواطنين، وبفضل التضامن اللامشروط الذي أبدته هذه التنسيقيات مع نضالات الطلبة والعمال والمعطلين وعموم الحركات الاحتجاجية الاجتماعية، وبفضل النصرة الدائمة والداعمة لقضايا التحرر من الاستعمار والصهيونية والإمبريالية..الخ
فإلى حدود عشية 20 فبراير، وبالضبط يوم 18 فبراير، قادت تنسيقية طنجة لمناهضة الغلاء، معركة قوية ضد ارتفاع الأسعار وفواتير الماء والكهرباء، مطالبة وبمعية حضور جماهيري مهم، بإجلاء شركة الخوصصة أمانديس المكلفة بتوزيع الماء والكهرباء.. بأن نظمت وقفة احتجاجية بباب المعتمدية حضرها المئات من المواطنين والمواطنات، ليعلنوا عن رفضهم لارتفاع الفواتير، وليطالبوا في نفس الآن، برحيل الشركة الاستعمارية فيوليا/أمانديس. دامت حينها الوقفة الاحتجاجية مدة فاقت الساعتين، ورفض خلالها المحتجون أي شكل من الحوار مع العمدة أو مع السلطات، قبل رحيل أمانديس.
تعنتت السلطة، وتعنت المحتجون وصمدوا متشبثين بمطالبهم، ورفضوا الانفضاض رغم الإنزالات القمعية والتهديد باستعمال القوة.. فكان أن تحولت الوقفة الاحتجاجية إلى مسيرة شعبية اخترقت حي الإدريسية لتجوب غالبية الأحياء الشعبية، بشوارعها وساحاتها، صاحبها التخريب وإتلاف المنشئات وإحراق بعض المؤسسات والسيارات وكوميسارية وبعض الأبناك ومقر للشركة أمانديس.
ومع انطلاق حركة العشرين التي تأسست غداة هذه الأحداث والاحتجاجات، توارت تنسيقية مناهضة الغلاء للوراء وجمدت أنشطتها، إلى أن تم إقبارها نهائيا من طرف بعض القوى السياسية المكونة لها، أساسا "تيد"، بسبب من فرحتها الزائدة بالمولود الجديد، الذي اعتبرته الغالبية من قوى اليسار وجميع أنصار الإصلاحات الدستورية وشعار الملكية البرلمانية و"ملك يسود ولا يحكم".. بأنه البديل المنتظر، ليس للتنسيقيات فحسب، بل لجميع الحركات والمنظمات الجماهيرية، وللأحزاب التقدمية نفسها.!
لا أحد ينكر الأدوار الإيجابية والنوعية لحركة العشرين، كحركة شعبية احتجاجية، سوى بعض الجاحدين من المحافظين والرجعيين وبعض الرفضويين.. ومن بين الإيجابيات المهمة لهذه الحركة أنها كشفت عن عورات قوى اليسار، أحزاب ونقابات وجمعيات.. وبيّنت بالملموس محدودية ارتباطات التيارات اليسارية الجماهيرية والطبقية، حيث غاب التأثير في الأوساط المعتدة كلاسيكيا وتاريخيا، قلعا محمية لتيارات اليسار الجذري، كالقطاع التلاميذي، والقطاع الطلابي، وحركة المعطلين، ونقابات العمال والمستخدمين والموظفين..الخ
وقد تجسد هذا الضعف بشكل جلي وملموس، منذ بداية التأسيس لمجالس وهياكل الحركة، المحلية والوطنية، حيث تم الاستنجاد والاستقواء بجماعة "العدل والإحسان" الظلامية والمناهضة للحرية والتحرر والمساواة..الخ لتقوية المشاركة الجماهيرية ولجمع الحشود باسم الحركة، ولو كان ذلك ضدا على مطالب الجماهير، وضدا على تطلعاتها للحرية والديمقراطية والكرامة والعدالة الاجتماعية.. كشعارات ومطامح، مناقضة لمشروع القوى الظلامية والرجعية، التي تشكل "الجماعة" قوتها الضاربة ورأس رمحها الحاد.
ومنذ ذلك الحين احتد النقاش والصراع داخل حركة اليسار، حول هذه النقطة وحول الجدوى من إقامة تحالفات سياسية بدون هوية أو اتجاه.. تميز خلاله الماركسيون اللينينيون، برفضهم لأي تنسيق سياسي أو ميداني مع الجماعات الظلامية والسلفية الإرهابية، باعتبارها حركات لا تعادي النظام إلا من موقع الطموح لتأسيس أنظمة أكثر استبدادا وتخلفا ورجعية، من النظام القائم حاليا.. خلال هذا الصراع الفكري والسياسي برز حزب "النهج الديمقراطي" كأشرس قوة سياسية مدافعة عن هذا النوع من التحالفات، حينها استل كلما في جعبته من نعوتات حاقدة وتحقيرية لآراء الماركسيين اللينينيين، معتبرا إياهم بالحلقيين واليسراويين والانعزاليين..الخ من التصنيفات المفترية والمتجنية، لا لشيء إلا لأنهم رفضوا وناهضوا التحالف والتنسيق مع هذه القوى الظلامية والرجعية.
لكن الجديد في هذا الصراع، وفي هذا القاموس المتحامل والبئيس، هو ما صرّح به "الزعماء المنظرين"، من خلال كلمة العدد المزدوج من جريدة "النهج الديمقراطي" لشهري غشت وشتنبر، بأن تم نعت المخالفين الماركسيين اللينينيين بـ"العداء والمحاربة للدين"، كآخر التقليعات الانتهازيين والتشهيرية، التي تحاول بكل ما لديها من جهد، تأليب الجماهير الكادحة البسيطة والمتدينة، ومن ورائها حلفاء "النهج" من القوى الظلامية والإرهابية، ضد المناضلين الماركسيين اللينينيين الذين وقفوا حجرة عثرة ضد طموحات "النهج" وجميع من لف لفه من إمّعة وذيول، داخل الحركة العشرينية وخارجها، بعد أن أبانت العديد من التيارات والفعاليات الماركسية اللينينية عن استقلاليتها، وعن قدراتها على اتخاذ القرار والمبادرة، دون أن تنتظر إشارات ومبادرات وتوافقات "النهج"، للنزول للميدان واتخاذ المواقف النضالية اللازمة والمنسجمة مع طموحات وتصورات الحركة الماركسية اللينينية.
كان هذا بمثابة آخر مسمار دقته قيادة "النهج" في نعش ماركسية الحزب المتهالكة، والتي يبدو أن جوهرها الحي ذاق درعا بالفكر المادي وما يحتويه من ديالكتيك ثوري، لم يعد يلاءم توافقات "النهج" الميدانية، وردّته السياسية والفكرية.. فانتصبت التبريرية وتعمق الانحراف للتخلص من ثقل الماركسية، عبر نفي أسسها وإشاعة التشويه في حقها كفكر علمي.. هو ذا الانحراف، وهي ذي التحريفية والانتهازية، التي تتعامل مع أفكار ماركس وإنجلز ولينين بمنطق الانتقاء، ودمج بعضا من إسهاماتهم الفكرية وفقط، مع إسهامات مفكرين وثوار عظام من مختلف التجارب والبلدان والمراحل، من ممثلي البرجوازية الصغيرة، في محاولة لتشويه الماركسية ونزع الطابع الطبقي الاشتراكي عنها.
فأن يتم نعث الماركسيين بالمحاربين للدين، فذلك لم نعهده سوى من أفواه المخابرات، ومفكري القوى الرجعية والظلامية، وأحيانا من بعض اليساريين الإصلاحيين، حين يضيق بهم الحال في وجه النقد والانتقاد الموجه لهم من طرف مناضلي ومناضلات الحملم.. أما وأن يدخل على الخط الحزب الذي يعتبر نفسه استمرارية للحملم السبعينية ولمنظمة "إلى الأمام" على الخصوص، فتلك سابقة تستحق النقاش من أكثر من زاوية، وبدرجة أولى من زاوية مدى التزام الحزب بالوثائق الصادرة عن مؤتمراته ـ الوثيقة المرجعية مثلا ـ الشيء الذي نعتبره مسؤولية في عنق جميع من يدّعي اعتناق الماركسية واعتبارها مرجعية له.
وبالرجوع لكلمة العدد التي أثارت هذا الموضوع، سيتبيّن الارتباك والذرائعية الفجّة، الموجـّهة لخدمة الموقف السياسي.. كانت الكلمة تريد أن تفصح عن موقف ما زال في وضع غير محسوم داخل الأوساط المنظـّرة الحزبية، على ما يبدو.. يعني الموقف من القوى الظلامية الإخوانية والسلفية، وهو الشيء الذي يمكن تلمسه من خلال متابعة المواقف المتناقضة من هذا الموضوع في أكثر من مقال، وفي أكثر من عدد، وفي هذا العدد المزدوج نفسه، حيث كان لا بد لأصحاب الموقف الانتهازي، عمل كل ما في جهدهم لإزالة الموقف الماركسي المبدئي، من ساحة الصراع، من قوى سياسية رجعية، معادية للديمقراطية والتحرر والاشتراكية، بالاعتماد على الأشكال المنحطة والتشهيرية في حق الماركسيين لإجبارهم على التكتم، وعلى إخفاء مواقفهم، وعلى تشويه وتحريف مرجعيتهم الماركسية.. إرضاءا للقوى الفاشية وطمعا في حشودها، التي لا قدرة لليسار الانبطاحي، على جلبها واستقطابها.. متناسين أن التنازلات المجانية، خصوصا في المسائل المتعلقة بالنظرية والمبادئ، لن تجلب لأصحابها سوى المزيد من العزل والاحتقار، وليس التعاطف، من طرف الجماهير الكادحة، كانت متدينة أو غير متدينة.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، تضمنت مقالات العدد نفسه مواقف مغايرة ومناقضة لهذا الموقف البئيس الذي عبّرت عنه كلمة العدد، من قبيل "أن حكم الإخوان.. رجعي ومتخلف، ومشروعهم قائم على الاستبداد والاستفراد بالسلطة وتطبيق اللبرالية المتوحشة".. وهي "مسنودة من طرف الأنظمة المتهالكة، أو أنظمة البترودولار الرجعية، أو من طرف الإمبريالية" في تحالف وتآزر "لمواجهة عدو مشترك وحيد هو العدو الديمقراطي أو الاشتراكي أو الشيوعي".. وهي "قوى ظلامية.. متواطئة بشكل مفضوح مع الصهيونية والرجعية العربية والإمبريالية الاستعمارية من أجل تقويض سيادة شعوب المنطقة وعرقلة مسيرتها نحو التحرر والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.." "هؤلاء أي الظلاميين ليسوا سوى اسمرار لنفس الأنظمة.. حلقة من حلقات إعادة إنتاج نظام استبدادي وكيل للإمبريالية العالمية.. دورهم الحقيقي هو قيادة الثورة المضادة ضد الشعوب".
هي ذي المواقف الصادرة في حق القوى الظلامية عموما، من طرف جريدة "النهج"، وهي مواقف صائبة إلى حد كبير، نتقاسمها جميعا كيسار وكتقدميين ديمقراطيين، دون أن نتقاسم الخلاصات الغريبة التي أفضت لها كلمة العدد التوجيهية.. التي وبالرغم من هذه الدقة والوضوح في المواقف، والتي عبّرت عنه مقالات أخرى في نفس العدد من الجريدة، فهي تتمنى من مَن تسميهم باليسراويين "بألا يكتفوا بالطروحات الإستراتيجية، وبأن يبحثوا عن التاكتيكات التي من شأنها تحقيق التقدم نحو الأهداف الإستراتيجية، وبألا يرفضوا التنسيقات والتحالفات..الخ"
والتنسيقات والتحالفات المعنية، هي مع القوى الظلامية! فأن تفصل التاكتيك عن الإستراتيجية، وتستميت في التشبث بالتاكتيك، وأن تغيّب الإستراتيجية وتعطـّلها أو تنفيها.. فذلك ما نسميه كماركسيين، بالانتهازية والوصولية، والتي ترغب في إقامة تحالفات غريبة لا أساس موضوعي لها، سوى الربح السياسي السريع والمؤقت.
فالتحالفات والتنسيقات والتوافقات.. في نظرنا، لا تكون على أساس معارضة النظام وفقط، مع العلم أن النظام وبالشكل الذي يتم تداوله في الآونة الأخيرة كمصطلح.. أصبح مفهوما غامضا وقابلا للتأويل من أي كان.. حيث أصبح لزاما على الجميع من الفرقاء الماركسيين وسائر الثوريين، شرحه والتدقيق في مضمونه، وعكس هذا لن يصب الأمر سوى في التضبيب والشعبوية المقيتة.
فنحن كيسار اشتراكي مناهض للرأسمالية، مرتبط بالضرورة بقضايا الجماهير الشعبية التواقة للحرية والكرامة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، نناهض ونعارض النظام كنظام سياسي اقتصادي واجتماعي، ونعمل كل ما في وسعنا لإسقاطه.. وخلال مجرى نضالنا هذا لا نرى في كل من يعارض النظام القائم أو شكل حكمه الملكي.. بأنه حليف لنا، بالضرورة.
وبالتالي فأي تاكتيك لا يخدم إستراتيجية التغيير، كأن يقف حجرة عثرة ضد التحضير للإطاحة بالنظام القائم، إطاحة تهدم جميع مقوماته السياسية والاقتصادية.. فهو انتهازية يمينية في تقديرنا، كيفما كان الشكل الذي نغلف به مبادراتنا، باسم التنسيق الميداني أو المشاركة الميدانية أو التحالف أو الجبهة..الخ
فلطالما استعملت الفرق الماركسية اللينينية ذلك التوجيه اللينيني المبدئي والصائب "لنسر على حدة ولنكافح معا. دون إخفاء الاختلاف في المصالح، ومع مراقبة الحليف بقدر ما نراقب العدو" رسما للخطوط الحمراء التي لا يمكن تجاوزها داخل التحالفات التي يمكن أن تجمع في لحظات معينة، الطبقة العاملة أو الحركة العمالية الاشتراكية إلى جانب الحركة البرجوازية الديمقراطية التقدمية، حيث التأكيد الواضح والبيّن، على استمرار الصراع الطبقي والاجتماعي، الذي لا يمكن تجميده أو طمسه بسبب الالتزام بهذا النوع من التحالفات.. فما بالك في من يفرط في كل شيء باسم اليسار، وباسم الماركسية وباسم التاكتيك، ولفيفه المطالب "بإسقاط الفساد"..الخ كذلك الشأن بخصوص النضال الاحتجاجي الاجتماعي، حيث لا يسمح للماركسيين اللينينيين بالتخلف عن المشاركة فيه كقوى عمالية، اشتراكية، وليس كأفراد متفرجين على رصيف المسيرات، لا صوت ولا لون ولا راية لهم.. كاميراتهم وهواتفهم النقالة في أيديهم، تعوض مشاركتهم، وتكفي في نظرهم، لتسجيل الحضور الميداني والجذري.. كما يسمونه، وبدون خجل أو حياء!
فواجب المشاركة الميدانية في جميع الحركات الاحتجاجية الاجتماعية ولو كانت في حالة جنينية، مبدأ لينيني قويم، وجّه وما زال، ممارسة جميع المناضلين الماركسيين المخلصين للخط البروليتاري في نضالاتهم والتزاماتهم اليومية، دون يعيروا أي اهتمام للفرق والأحزاب السياسية المتواجدة داخل أي شكل من أشكال الاحتجاج الاجتماعي، والتي لا تفرض التحالفات والتنسيقات وتوحيد الصفوف، إلا على القوى المتقاربة في نظرتها للجماهير الشعبية الكادحة، ولقضاياها وسبل حلها..الخ
بمعنى القوى اليسارية التقدمية الديمقراطية والمناهضة للرأسمالية.. "الدعم كل الدعم لجميع الحركات الاجتماعية، دون أن نفصل أنفسنا عن الحركة العمالية" هو ذا المبدأ اللينيني القويم، في نظرنا. "والشرط الذي لا بد منه لهذه التحالفات هو أن تتوفر الإمكانية التامة للماركسيين لكي يبيّنوا للطبقة العاملة تناقضها العدائي مع البرجوازية"
فالجبناء فقط، من يتصورون أن بإمكانهم تخويف وإرهاب الماركسيين بتهم بائدة، كالإلحاد ومعاداة الدين والتدين، بعد قرنين من الصراع الإيديولوجي بين الفكر المادي والفكر المثالي.. إنها قمة الجبن والخسة، حين يعجز المرء عن ربح معركة سياسية ما، أن يستنجد بالأساليب الظلامية والإرهاب الفكري الحقير.. إلى هذا الحد إذن، أصبحت الحاجة للاستعانة ببعض "الجنرالات" الذين أعلنوا عن هزيمتهم، وأشهروا انهزاميتهم الفكرية والسياسية والتنظيمية، منذ عقود.. أولئك الذين طالما تظللوا بالماركسية و"جوهرها الحي"! مرة أخرى يتبيّن بالملموس أن شغلهم الشاغل هو إفراغ الماركسية من جوهرها الحي، المادية الدياليكتيكية والمادية التاريخية وفائض القيمة وصراع الطبقات والثورة الاشتراكية ودكتاتورية البروليتاريا..الخ لتعدو مجرد مقولات وأفكار مجردة، وإسهامات منتقاة من هنا وهناك، في تخلي واضح عن جوهرها العلمي والثوري، وبما تمثله من خط سياسي نضالي والتزام طبقي يعتمد على الطبقة العاملة وحلفائها من الجماهير الشعبية الكادحة والمحرومة من أية مِلكية، لإقامة المجتمع الاشتراكي كبديل للرأسمالية القائمة الآن.
فموقفنا من الماركسية والفكر الماركسي اللينيني، موقف ثابت لم تنتجه الصدف أو ردود الأفعال بل هو من صميم هويتنا الماركسية اللينينية التي لا نعلن عنها للتباهي والتميز وفقط.. إنها اختيار وقناعة مبدئية وطبقية، لا نبرزها فقط خلال الصراعات والمقارعات النظرية، بل هي نضال طبقي دائم، وجزء لا يتجزأ من الصراع الطبقي في جميع مستوياته الفكرية والسياسية والاقتصادية "فأن ننسى مصالح البروليتاريا الجذرية والميزات الجوهرية لمجمل النظام الرأسمالي ولكل التطور الرأسمالي.. أن نضحي بهذه المصالح الجذرية من أجل منافع وقتية، فعلية أو مفترضة: تلك هي السياسة التحريفية"
وحين نعلن عن هويتنا الماركسية اللينينية وكخط بروليتاري من داخل الحملم، فإننا نعمل كل ما في جهدنا لتجسيد ذلك فكرا وممارسة على أرض الواقع، بدون ازدراء لهويتنا هذه، وبدون الانحراف عن معركتنا الطبقية، بين البروليتاريا وحلفائها من جهة وضد البرجوازية وحلفائها من الجهة النقيض، أي بين من لا يملك ومن يملك.. وليس بين من يومن ومن لا يومن.. ولا تفتح الماركسية نارها على الأديان إلا في الحالة التي يصبح فيها الدين أداة تضليل وتبرير، يخدم مصالح الطبقة أو الطبقات المسيطرة في قمعها، واضطهادها، وقهرها للكادحين والمسحوقين داخل المجتمع.. فالدين من منظورنا مسألة شخصية حين يتعلق الأمر بالجماهير المعدمة والمسحوقة، أما في الأوساط المناضلة التي تدعي الماركسية فأي شكل من أشكال حرية المعتقد والتدين، يصبح انتهازية يمينية لا علاقة لها بالماركسية ونضالها من أجل تصور جديد للخلق والعالم.
ونقدم في هذا الصدد مساهمتنا التوجيهية للشباب العامل والناشط في قطاعات مختلفة، دفاعا عن ماركسيتنا وعن ماديتنا وعن شيوعيتنا.

ـ في الإعلان عن شيوعيتنا وسط الشباب.

كثيرا ما يعجز الرفاق عن الدفاع عن شيوعيتهم، وبشكل خاص عن تصورهم للوجود، ولمسألة الخلق للكون والبشر والطبيعة وجميع ظواهرها..الخ وغالبا ما يقع الخلط بين الشيوعية والإلحاد. والفرق قائم، ولا بد من توضيحه، فالشيوعي ملحد، لكن الملحد ليس بالضرورة شيوعيا. لأن الملحد لا يهمه سوى إبراز أفكاره المادية فيما يخص نظرية الخلق والآلهة والديانات، التي يحاربها. ولا تكون مهمته بالضرورة مهمة نضالية ضد الواقع الذي تبرره الديانات، ولا النضال من أجل تغيير هذا الواقع، لما يخدم أوضاع الكادحين، عبر تنظيمهم وتأطيرهم وإعداد هم، لقلب النظام واستبداله بنظام اشتراكي منصف وعادل، تكون السيادة فيه، للمنتجين الكادحين.
والإلحاد بهذه الصورة والطريقة، يكون في الغالب، مجرد نزوة عابرة، صبيانية ومراهقة، ينتفي حماسها ولمعانها، مباشرة بعد إتمام الدراسة والانخراط في روتينية الحياة اليومية الخاصة بالمثقفين والأطر الخريجة من الجامعات.. ولا غرابة في أن يتحول جل الملحدين إلى مؤمنين، محاربين شرسين للماركسيين والفكر الماركسي، ما بعد المرحلة الشبابية!
أما الشيوعية، فهي اختيار فكري وسياسي من جهة، والتزام طبقي واعي، من جهة ثانية. هي ملحدة نعم، لكن ليس همها هو نشر الإلحاد وسط الطلبة والشباب والعمال والمجتمع بشكل عام.. ولا تناصب العداء للمتدينين من الناس وتحاربهم على خلفية قناعتهم الدينية، لأن الديانات موجودة بقوة وسط الكادحين وأبناء الكادحين، أكثر من وجودها في أوساط البرجوازيين المنافقين.
لقد كان الشيوعيون من أشد وأشرس المدافعين عن حرية المعتقد وحرية التدين، لقد ناضلوا دائما ضد الفكر المثالي عامة. وحذروا من الخلط بين الصراع ضد الفكر المثالي والصراع ضد الدين. فالدين ليس سوى جزء من الفكر المثالي، ومن السهولة مما كان تقبل مناهضة الفكر المثالي وسط الشباب، والتي يجب أن تكون عبر النقاش والإقناع.. لكن مناهضة الدين والتدين، تبقى صعبة المنال والإنجاز، ثم إن عواقبها تكون في الغالب وخيمة على نتائج الصراع في ميادين أخرى سياسية وتنظيمية.. ـ نموذج النقاش الذي نخوضه الآن ضد "النهج" الذي استحلى الصيد في الماء العكر لدهر من الزمن ـ وبالتالي وجب تجنب المغامرة في هذا المجال، ثم الحذر في اختيار أساليب النقاش، التي وإن كان لا بد، يجب أن تكون فردية وهادئة، خالية من أي تعصب، ومدعمة بالمعطيات الكافية، ويجب على الطرف الآخر أن يكون هو كذلك مؤهلا لهذا النقاش، من حيث الانفتاح والتنور وعدم التعصب، وعلى درجة كافية من حيث الاجتهاد والاطلاع على الحد الأدنى الفلسفي والعلمي من الفكر المادي، ويتوفر على حد أدنى معرفي بكافة النظريات المثالية والمادية التي أنتجتها البشرية"
هو ذا تصورنا وهي ذي منهجيتنا وتوجيهاتنا، ساهمنا في هذا النقاش أو الرد أو التوضيح.. لرفع التجني والتشويه الذي تريد إلحاقه بنا، بعض الأقلام الحاقدة داخل "النهج الديمقراطي" حيث كان لزاما وواجبا مبدئيا علينا، صدّ ومنع هذه السموم والفتاوي، التي تحاول تجريم الاختلاف ومنع حرية الفكر والعقيدة.
فلسنا من يزدري انتماءه الفكري ومرجعيته، لسنا من جماعة الملاحدة المنافقين الذين صلـّوا مع "الجماعة"، وقرؤوا الفاتحة خلال المسيرات.. مخافة أن تنفض عنهم الحشود، ومخافة أن يكونوا محط شبهة.!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا وراء استئناف الخطوط الجوية الجزائرية رحلاتها الجوية من


.. مجلس الامن يدعو في قرار جديد إلى فرض عقوبات ضد من يهدّدون ال




.. إيران تضع الخطط.. هذا موعد الضربة على إسرائيل | #رادار


.. مراسل الجزيرة: 4 شهداء بينهم طفل في قصف إسرائيلي استهدف منزل




.. محمود يزبك: نتنياهو يريد القضاء على حماس وتفريغ شمال قطاع غز