الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوطن هل امسى للغرباء: مجرد مدفن... او عشقا حرام..؟؟؟؟

عزيز الدفاعي

2013 / 9 / 19
الادب والفن


د عزيز الدفاعي

ارقني بوجع لاحدود له طوال ليلة امس سوال صديقي ملهم الملائكه الذي سبقته بالاغتراب القسري قبل ربع قرن حيث سالني خلال تعليقه على خاطرة كتبتها في صفحتي على الفيس بوك يوم امس حول قرار هيئه السجناء السياسيين غير الاخلاقي في العراق نزع صفة الشهاده عن الزعيم عبد الكريم قاسم رحمه الله الذي اعدم ظهيره 14 من رمضان عام 1963و نبش القوميون الفاشيون قبره والقوه في دجلةبعد ربط ساقه بحجر كبير.. هكذا هو الوطن منذ نعي الاله تموز او سين قبل الاف السنين وحتى يوم الحساب ... مشانق وندم ودموع .

كنت حينها صغيرا لكني لازلت اتذكر كيف كان احد الجنود يرفع راس الزعيم المسجي على صدره وهو مربوط بكرسي بعد اعدامه و ويبصق عليه ..فيما يتعالى نشيد( الله اكبر فوق كيد المعتدي) بينما كانت الاذاعة والتلفزيون المصري( صوت العرب من القاهرة ) تبث اغنيه شامته عن زعيم الفقراء يردد فيها ابناء ام الدنيا( اهلا وسهلا بالزعيم الهمشري)!!!! على خلفية اعدامه في مبنى الاذاعة بالصالحية والذي خاطب فيه الزعيم قبل بثوان من موته رفيقه عبد السلام عارف بعد ان رفض وضع الكيس في راسه قائلا: انا صائم.يا عبد السلام.. اي امهلوني حتى افطر فرد عليه عارق انا ايضا صائم !!!!!... فتعالى صوت رصاص الغدر الذي اخترق شيبات البطل وحناه بالدم الطهور ولم يتوقف دوي الرصاص حتى الان.

سالني صديقي وهو يتلوى( :لماذا يجب ان نبقى بلا وطن يا عزيز؟؟ تعبت والله وانا ابحث منذ عقود عن وطن قد انسب له اولادي ونفسي!!) هكذا نطق فرع من شجره الملائكه بتاريخها النضالي وبصمالتها الشعرية التي لايزايد عليها احد
وانا اقول لك يا اخي:
هل نستطيع ان نبدل وطنا باخر؟؟؟
او عشقا بغيره؟؟؟
ولماذا فقط نرفض العوده ونوصي بان ندفن في الوطن بعد موتنا؟؟؟
هل امسى العراق مجرد مدفن كبير لابنائه الهاربين منه؟؟؟؟؟
بينما يحلم الملايين من اهله بالهرب خارج اسوار المسلخ تحت وطاة الارهاب والقتل اليومي وسقوط الرهان على مشروع انقاذ وطني حقيقي؟؟؟ ولكنهم ريثما يستقرون في الغربة يبداون بالنواح عليه واستعادة ذكريات الامس وتصفح وجوه الاهل والاصدقاء والزمن الجميل رغم قسوته.
لم يعد الوطن الا ارثا لسدنة السياسة والسماسرة والافاقين وامراء الحرب الطائفية.... ليس ثمة ضوء في نهاية نفق او كهوف التاريخ العراقي رغم اقتراب انطفاء شمعة العمر.

لاادري بما اجيب يا اعز اصدقائي الذين شاركوني فصول الحلم الوطني على مدى اربعة عقود حتى العشاء الاخير وطلب جنسية الدولة الاخرى التي كانت احن علينا من امنا - الوطن الاصلي
لااكتمك القول حاولت كثيرا ان اتنازل عن وطني او هكذا توهمت. ان اسلخ جلدي والقيه على قارعة الطريق كي استريح.. ولكني لم استطيع ان امنع نفسي من متابعة شريط الاخبار الذي ادمنته رغم كل همومي ومشاغلي اليومية والكتابة بلا توقف طوال السنوات الماضية عن اوجاع العراق ومحنته الازلية ولم استطع ان اكتم دموعي وحيدا بين جدران غربتي حين ارى مشاهد الموت بالمجان وخراب الوطن وتعاقب الافاقين من اهله والغرباء على جسده المسجى في الارض الحرام بين الكرخ والرصافه..
. كم تشضينا وصرخنا وحاربنا وتطاولنا على جراحنا الفردية و تناسيااهلنا وابنائنا ونسائنا وتظاهرنا في مدن الملح ولازلنا بينما طالب البعض بثمن المعارضة او مغامرة الهروب من الخدمة العسكرية او صفعة من شرطي مرور بينما بغداد كانت ولازالت اسيرة المحبسين يا ملهم ...محبس الارهاب الطائفي ومحبس قراصنه السلطة وقطاع الطرق والذئاب القادمه من الصحراء وعبر الجبال الوعرة... تغتصب وتسحل من جدائلها وتعاقب عليها كل زناه التاريخ وهي تصرخ وتئن في دار السلام ولا احد يهب لانقاذ عرضها او ينقذها من ساديتهم وشبقيتهم واسنانهم التي انغرست بعنقها وهي ترفس الارض بساقيها التي ثيتها في الارض اذرع ساستها وزعماء الحرب المتنافحين على مصالحها عبر فضائيات يمنلكها بعض حاشية الدكتاتور وقوادي نجله السابقين.... لم يسال احد من اين للبزاز والخشلوك وغيرهم كل هذه الملايين التي تنفق على الاعلام الضال المضلل التحريضي الذي يشد الاحزمة الناسفة على بطون هؤلاء القتله الانتحاريين.

قبل عامين كتبت هامشا علىعنوان كتاب الراحل الكبير محمد الماغوط( ساخون وطني ).. كان عنوانه (شلش عودة الروح نزيف الذاكرة) شعرت بعده اني استرحت مرددا قصيده الجواهري الخالده( ارح عن صدرك الزبدا فان التضحيات سدى) .....
تصورت اني نجحت اخيرا في تمزيق شرانق العشق واعدت ترتيب خياراتي وتخلصت من عقده عشق اسمه الوطن.
ولم يعد لدي هم اخيرا واني ساخرج غدا لاسهر على ضفاف الدانوب واتذوق طعم الحياة كالاخرين واضحك واحب النساء مثلهم وارتدي ملابس انيقه واسافر في الصيف مع اولادي لامارس صيد الاسماك مع صديقي مفيد الاعظمي الذي يوهم الاسماك بانه يمنحها الحياه في صنارته لكنها تكتشف بعد فوات الاوان انه سقاها الموت بعد ان تنغرس صنارته في حلقومها النازف لتتلوى على نيران موقده الليلي في النهاية!!
. لكني اكتشفت بعد ساعات اني كنت كالحلاج يا صديقي ملهم الذي كان يرى انه يحمل العالم على كتفيه وصليبهمعه منذ الولادة . وانا استبدلته بوطني غير انه صلبمن نوع اخر ... بقيت مع الملايين خارج الاسوار مصلوبا او جالسا على قازوق الغربة اعوي مثل ذئب جريح تركه الرهط في البيداء ينتظر انياب الضباع الغادرة بينما زوجتي تصارع الموت وحولها اولادي ينظرون الى السماء ولي كاني املك المعجزه....

طالما راودني ذلك الكابوس في مناماتي على مدى سنوات عجاف واتخيل نفسي داخل الارض الحرام ممدا انزف بين خطوط الحدود الحمراء وحولي الاليات المحروقه وجثث الجنود الصرعى والدخان يغطي المشهد برمته... فلا اراحني احد بطلقه رحمة.... ولا سحبني الى سيارة الاسعافليعيدني الى الحياة معوقا بعكاز سوى امل الرجوع الى بغداد ذات يوم وقد طال الغياب.

هكذا ارى نفسي ووطني وقد استحل البياض شعر راسي... مثل حصان تكسرت قوادمه في معركة خاسره منذ البيان رقم واحد لكنه يحلم بكربلاء اخرى عراقية خالصة تصحح تهمة التاريخ يكون فيها عدد الشرفاء اقل بقليل من جيش الشامي والبدوي اللقيط.. ماذا كان سيحصل لو لم يغدر الغادرون وينكث المبايعون وينتصر سيف الحق على عرش الباطل وتتحق وصية النبي الذي اتهم بالجنون.... يا الهي اي سقائف نصبت للتامر على اهلي ووطني
؟؟؟
اكتشفت في اليوم التالي من نزق البراءة من الخديعه- الوديعة - الوطن ان ما فعلته كان معادلا لجنون داخل خلايا جسدي سكنها منذ الولادة واني فقط استطعت حقن رغباتي ببنج مؤقت سرعانما زال مفعولة مع نشرة الاخبار... مجرد كبح جماح رغبتي بان لااترك كل شي خلفي هنا... الامان و عملي المرموق واسرتي واطفالي وكرامتي وانسانيتي وجواز سفري الذي اعبر به كل الحدود دون ان ينظر الي احد او يستوقفني حاجز... سانسل متوجاه الى المطار فجرا دون ان اوقض احد قاصدا ارض العذابات والحروب والسواد الازلي بلا حقيبة لارتمي بين يديك يا امي اتشم عطر عبائتك وانام مثل طفل صغيرعاد بعد سته وعشرون عاما تاه فيها بين المواني والمطارات.. ثم اسير حافيا صوب امير الشهداء ونبراس الحق وسيد الحرية ابا عبد الله احمل بيرغ الوعد الحق
ولياتي بعدها الطوفان
او رصاصة الغدر
او الحزام الناسف.

سجل انا عراقي حيا و ميتا.

بوخارست( المنفى حتى اليوةم الموعود)
19 ايلول 2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا