الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق بعد العفو العام مبادرة إلى الانفتاح الديموقراطي

باقر ابراهيم

2002 / 11 / 8
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 

أُعلن يوم 19 تشرين الاول 2002 قرار الحكومة العراقية بالعفو العام عن السجناء والمعتقلين والملاحقين في جميع القضايا، سواء كانوا داخل العراق ام خارجه.
وكان من بين من شملهم هذا العفو، المسجونون والمعتقلون او الملاحقون داخل العراق او خارجه لأسباب سياسية. وهذا يعني بوضوح انه يشمل سجناء الرأي. وهو ما يهمنا التوقف عنده.
اني اعتبر هذا القرار خطوة محمودة، برغم انها جاءت متأخرة كثيرا. ولكننا نبقى مع المثل القائل: ان تأتي متأخرا لعمل الخير، خير من ان لا تأتي.
ويعبر القرار عن الادراك والاستجابة لمتطلبات مواجهة الوضع الخطر، الذي يتهدد العراق والمتمثل بالتحضير للعدوان الاميركي الصهيوني عليه. وهو يعبر ايضا عن الاستجابة لمطلب شعبي وعربي ودولي من قبل قوى الخير الصديقة، طال انتظاره.
من النواقص البارزة في قرار الحكومة هذا، انه حينما يتحدث عن اخطاء وجرائر من اعفي عنهم، وحين يتهدد من يعاودوها متجنبين الاعتبار، فانه قد ساوى بين الجرائم العادية وبين محكومي او مطاردي الرأي من السياسيين.
وبخصوص هؤلاء الاخيرين، فان التصريح الذي تناولهم به السيد طارق عزيز، كان اكثر دقة <<وأكثر معقولية>>.
فقد صرح طارق عزيز في خطاب له في حفل تجمع الروابط الشعبية، في بيروت يوم 15 تشرين الاول 2002، امام جمهرة واسعة من اعضاء وضيوف المؤتمر القومي العربي قائلا:
اني أكرر ما قلته امام المؤتمر القومي العربي، الذي انعقد في بغداد، العام الماضي، بأن الخطأ الذي ارتكبناه هو انشغالنا بالصراع بين القوى الوطنية واليسارية والاسلامية وتغافلنا عن عدو امبريالي صهيوني طامع فينا جميعا.
لقد رحبت بهذا التصريح للسيد طارق عزيز، ولكني أعتبره، برغم أهميته وجديته، غير كاف، اذ ينبغي ان يقترن بعمل ملموس، ووفقا لنهج ثابت، لاصلاح ذلك الخطأ الذي ارتكبه النظام الحاكم. وكان من رأيي ايضا، ان اصلاح هذا الخطأ الكبير، وانتهاج سياسة جديدة تؤكد الانفتاح الديموقراطي، وحرية الرأي والتنظيم، لكل هذه القوى الوطنية، سيساعدان على استعادة لحمتها، وسيساعدان ايضا على ان يشمل النقد الذاتي الجميع.
من الجدير بالاشارة، ايضا، اننا، للمرة الأولى، نسمع عن تصريح لمسؤول عراقي يؤكد وجود المعارضة الوطنية.
فالسيد حامد يوسف حمادي، وزير الثقافة، في تصريحاته للصحافيين، يوم 23 تشرين الاول 2002، شدد على <<ضرورة التفريق بين العراقيين الذين لديهم وجهات نظر مختلفة مع النظام، وبين عملاء يتعاونون مع العدو لضرب العراق>> مشيرا الى ان بغداد تمد يدها للمعارضة. وحين صدور العفو العام الذي بدأنا الحديث عنه، فقد كان مطلوبا من قيادة السلطة التي أصدرته، ان تؤكد ما تحدث عنه طارق عزيز، وان تقرنه باجراءات ملموسة. وكل ذلك لا يزال مطلوبا الآن بإلحاح. من مآسي القمع الدموي في العراق، انه انتهى الى تصفية غير معلنة رسميا لمناضلين وطنيين من اتجاهات مختلفة. ان التصحيح، والتراجع عن ذلك النهج المدمر، يتطلبان الاعلان الرسمي عن نهاية هؤلاء، ورد الاعتبار اليهم وتعويض عوائلهم.
فهذا الإجراء، اضافة الى كونه من اول متطلبات احترام حقوق الانسان، فهو من شأنه ان يعزز الضمانات لاحترام ورعاية تلك الحقوق مستقبلا. والمطلوب بشكل ملموس الآن، ان تبادر السلطة الى اطلاق حرية الرأي والتنظيم، واحترام حقوق الانسان، وتوفير حرية اصدار الصحف للوطنيين، من القوميين واليساريين والاسلاميين، بدءا بالموجودين داخل العراق، وليس خارجه.
فبرغم عدم وجود تنظيمات حزبية لهذه التيارات، إلا انها موجودة في المجتمع العراقي، كتيارات وشخصيات معروفة ومعترف بها. ومن المعروف ايضا، ان كل ما استطاعت تلك الشخصيات الوطنية عمله، حتى الآن، هو انها عبرت عن بعض آرائها في الصحف، وأجهزة الاعلام الخارجية فقط، وبحذر بالغ.
لقد نوهتُ امام بعض البعثيين العراقيين، بأنه يترتب على الناس ان يخاطبوا بحذر كبير وبعناية حمائمكم. فكيف بنا حين نخاطب صقوركم؟ لكن المخاطبة الصريحة للحاكمين ومطالبتهم بالاستجابة لما يريده الشعب، لا تخضعان لرغبات وأهواء الحاكم.
عبر المفكر الدكتور احمد صدقي الدجاني، تعبيرا بديعا، عند وصفه للمطالب التي تقدمها للحاكمين، حين قال عنها: <<لا خير فينا ان لم نقلها. ولا خير فيهم ان لم يسمعوها>>. وسبق لعمر بن الخطاب (رض)، ان خاطب نفسه بهذه الحكمة. اننا كمواطنين عراقيين، خارج الوطن، كنا وسنظل نتطلع الى فتح باب الديموقراطية، لمن هم داخل الوطن، من قوى وشخصيات. فهذه القوى والشخصيات تختلف مع رأي وموقف السلطة، ولكنها التقت وستظل تلتقي في مهمات الدفاع عن الوطن بوجه العدوان، وفي مهمات اعادة بناء العراق وسبل تقدمه.
ولن نأتي بجديد اذا ما قلنا، ان تحقيق الانفراج الديموقراطي الفوري، بما في ذلك تحقيق الفكرة الصحيحة بتكوين حكومة وحدة وطنية، سيعزز جبهة الصمود والمقاومة الشعبية والرسمية للعدوان. وسوف يسهم ايضا في زعزعة مواقع من اختار مذلة وعار التعاون، او المغازلة مع اعداء العراق باسم <<البحث عن البديل الديموقراطي>> فيه.
(╫) كاتب عراقي مقيم في السويد 
 
 
©2002 جريدة السفير
 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد توغل بري إسرائيلي وقصف مكثف.. نزوح عائلات من حي الزيتون


.. هل بدأت التحولات بالمواقف الأمريكية من حرب إسرائيل على غزة؟




.. هل سيؤدي تعليق شحنة الأسلحة الأمريكية لإسرائيل للضغط على نتن


.. الشرطة الهولندية تفض اعتصام طلاب مؤيدين لغزة بجامعة أمستردام




.. هل بدأت معركة الولايات المتأرجحة بين بايدن وترامب؟ | #أميركا