الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المتعارضون يُمزقون المعارضة و ينهكون الثورة!

إدريس نعسان

2013 / 9 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


ولدت انتفاضة جماهيرية محدودة الرقعة جغرافيا بأهداف محلية و دوافع ارتدادية نجمت عن سلوكيات سيئة من بعض أركان النظام، فخدشت في كاهل الوطن المترنح بين الألتحاق بركب ربيع انعش آمال الحرية لدى الشعوب المضطهدة، و بين وطن سُلبت إرادته و شوه بنيان الفكر فيه طيلة عقود من العقائدية المشوهة و الأدلجة الديكتاتورية، مع غياب أبسط أشكال التحليل الواقعي الهادف إلى وضع البدائل المناسبة و الحلول اللازمة لاستعادة الزائل بالجديد المنبثق، و كانت هتافات بريئة لوطن لم يعلم أنه على موعد مع عهد جديد لعهر سياسي لم يخبره في شعبه أو لم يضعه الزمان أمام أختباره سابقاً، فدفع الوطن بأبناءه المخلصين و الأبرياء قرابين لآفات و طفيليين تعشعشوا بين أنات صرخاتهم العميقة، و آلام جراحهم النازفة، و في كل دمعة سقطت من عيني أم تلملم فلذات كبدها نحو مأمن مجهول و قادم أمر من علقم الموت الزئام.

تعالت عواءات الذئاب و نصع بياض أنيابها كلما أرتفع القتل عدداً و الدمار أتسع رقعة و الوطن تقهقر خلف سحابات الغبار و أدخنة بارود القصف، و كلما تمزق جسده الأنثوي و تناثرت أشلاءه في زوايا مظلمة و كهوف دامسة، لتستبدل بما يُعبئ البطون أو يُلبس الأبدان أو يُنمي الممتلكات، و كأنهم في سباق محموم مع نهاية لا يحبذون قدومها لمأساة وطن تحول إلى وليمة شهية و طاقة سعد لم يحلموا بها قط.

أرتفعت الشعارات سقفاً، و أشتدت الكلمات لهيباً، و أتسعت الأفواه و تعمقت شهقات الأنفس، فكبرت أحلام المظلومين و طارت في سماء الحرية و الكرامة المنشودتين، و ذئاب الليل ينفخونها لتعلو أكثر و تتلاشى أكثر و تمهد السبيل أمام تجارتهم أكثر فأكثر، فالمساكين المخلصين لا يعلمون من خبايا هؤلاء التجار المحترفين شيئاً، لا يعلمون أن لكل شيء تسعيرته و لكل مقام مقاله،فيطاردهم الموت عنوة ليقضي على بقايا الصدق المدفون في إعماقهم لاستئصاله و القضاء عليه، فلا يجدون بداً من أرتكاب المواجهة، و هكذا ولدت الثورة انتفاضة و سميت ثورة تيمناً، و بقيت رهينة قبضات قزموتها و أبقتها هزيلة، بأهداف شتى و غايات متناقضة، و الثورة مازالت في طور ما قبل الولادة أو ربما مشوهة بلا ولادة، الثائر فيها لص و قاطع طريق، و الخائن فيها وطني شريف و مناضل و إن تنكرت السجلات لأدنى إشارة في تاريخه النضالي سابقاً، و المناضل خائن و عميل و تمحى تواريخ اعتقالاته و سنوات سجنه بجرعة دولارات أو توجيهات قناة إعلامية.

إنها ثورة الياسمين التي استنشقت البارود عبقاً فأستسلمت لإرادات غيرها، إنها الثورة التي أُريد لها أن تبقى نصف ثورة أو بلا ثورة، أو حرب مفتوحة على أحتمالات فوز الطفيليين و إن شُنق الوطن ألف شنقة، إنها الثورة التي استُلب مقودها و سيقت في دهليز مظلم و تُرك الثوار الحقيقيون في عراء الأمل و شقاء الحقيقة، و كأنهم قرابين و أضحية مقدسة لتحقيق نبوءة موت وطن و تشتت شعب، رغبةً لتحقيق أجندات المتعارضين و أسيادهم خلف أسار اسوار هذا الوطن المتهالك، هؤلاء الذين يقيسون الثورات بمقدار ما تنفعهم و ما تستحضر معها من نعم و خيرات و إن كانت على جثث أطفال الغوطتين أو أشلاء الاقتتالات المفتعلة لقوى المعارضة، أما عينا الوطن فمعلقتان بسراب بعيد و أمنيات مدفونة بين ركام التسويفات الأسيرة في أروقة صناعة القرار العالمية و بين سعي الكثير من أبناءه خلف خصوصياتهم الشخصية أو الفئوية أو تحت ضربات المتعارضين الأكثر جعيراً، و أحكامهم النارية التي تحرق كل شيء في سبيل أن يستمروا فيما هم عليه أطول فترة ممكنة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -