الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطبيعة تنتقم للفقراء

هادي بن رمضان

2013 / 9 / 21
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


سنة 1957 كتبت الفيلسوفة الأمريكية الروسية الأصل آين راند رواية "Atlas Shrugged" "أسطورة أطلس" تحدثت فيها عن دولة تسمى "الولايات المتحدة الأمريكية" عاش فيها مجموعة من الأثرياء يناضلون ضد الشعب الفقير .. شبهت اين راند هؤلاء "بالإله أطلس" الذي حمل الكون فوق ظهره وهي ترمز بذلك أنهم ينقذون الأمة من عامة الناس . إستمر هؤلاء الرأسماليون في السيطرة على مؤسسات الدولة وتضخيم ثرواتهم حتى قرروا أن يتوقفوا عن ذلك وان يسمحوا للحكومة بالتدخل في شؤون الدولة ففقدوا حينها مكانتهم وجزءا من ثروتهم بعد ان قررت الحكومة توفير الرعاية الصحية والتعليم والمواصلات للجميع وفرض حد أدنى للأجور .. كادت الدولة أن تسقط جراء هذه القرارات حتى أتى بطل من الأثرياء الجشعين يدعى "جون جالت" ليبدأ حملته من أجل إعادة النظام القديم . كان يرى الأنانية هي الأصل في الإنسان وأن الفقراء عليهم الموت وأن الحكومة يجب ألا تتدخل لتحسين أوضاعهم فالمدارس والمستشفيات وكل مرافق الحياة ينفذها الأثرياء إذا كانت ستدر عليهم أرباحا طائلة .. الدولة عليها فقط مسؤولية الأمن والقضاء أما باقي الأمور سيهتم بها الأثرياء , أبناء طبقة "الالهة" يجب أن يدرسوا في معاهد خاصة بعيدا عن أبناء الشعب وعليهم أن يعلموا أن الفقراء يهددون وجودهم عبر شعارات دينية وإشتراكية وقد يحولونهم يوما إلى حشرات في أكواخ حقيرة تحيا حياة بائسة . كانت رواية "أسطورة أطلس" إفتضاحا للرأسمالية وقد عاشت اندي راند حتى اصيبت في اخر حياتها بالمرض وعجزت عن تلبية تكاليف علاجها ولم يساعدها احد من اصدقائها الجشعين الذين تخرجوا من مدرستها الفلسفية حتى اجبرت على طلب بطاقة رعاية صحية واجتماعية من الحكومة الامريكية ! كان هذا إنتقام الطبيعة من إمرأة اعتبرت عامة الشعب "مادون البشر" عالة على الدولة والأثرياء, ولعل الكثيرين اليوم في هذا العالم المتوحش الذي يسحق كرامة الإنسان يعتقدون نفس أفكارها ويحلمون بأن تتحول روايتها إلى حقيقة ليزدادوا ثراءا ونفوذا ويقاسي الاخرون من الجوع والعبودية... إن الإنسان هو من يتألم ويحزن لمعاناة الاخرين وهو الذي لا تسمح له أخلاقه وضميره أن يبتسم في طريقه إلى السوق او المطعم بينما يقبع اخرون تحت الجدران المتهدمة يعانون من الجوع والفقر المدقع . إن الوقح هو من يصلي حمدا للالهة التي رزقته من خيراتها بينما يقاسي اخرون في مكان ما من المجاعة ... من المؤسف أن ارى أشباه المثقفين في وطني يتحدثون كثيرا عن الحرية وعن الفاشية الدينية خشية أن ترحل بالعلب الليلية والنزل الفاخرة وغير ذلك من وسائل الترفيه البذيئة بينما لا نسمع لهم صوتا دفاعا عن المفقرين والمستضعفين . أو قد تجدهم يقفون في الصف المعادي للإشتراكية بدعوى أن الحياة في المجتمع الإشتراكي أشبه بالحياة في المجتمع البدوي !! إن الإنسان المؤمن بالإنسان هو من يفضل حياة الثورة في أقل مستوياتها على الحياة الباذخة والحضارة التي تجيىء فوق كرامة وحرية الإنسان في أعلى مستوياتها .. إنه من يرى الأهرامات مجرد بناءات حقيرة جائت فوق جثث العبيد المضحى بهم لتكون الأمجاد للفراعنة .. إنه من يرى ذلك كله, من بناءات ضخمة وفتوحات عسكرية وأمجاد تاريخية وحشية عالمية جائت بديلا عن حرية وكرامة الإنسان . ما أوقح الذين يفاخرون بالمساجد والكنائس والبناءات العملاقة التي جائت قديما ولازالت تجيىء بينما قاسى ويقاسي اخرون من الظلم والفقر . إن المؤمن بالإنسان والالهة الرحيمة هو من يرى تحرير "بلال الحبشي" وأمثاله أعظم من بناء أكبر المساجد ومن يرى الحياة البسيطة في مجتمع "علي بن ابي طالب" أجمل من حضارة "معاوية" ومن يرى نبي الفقراء "أبا ذر" بعيدا جدا في عظمته عن "هارون الرشيد" كبعد النجوم الشامخة في سماء الكون عن الحشرات الصغيرة في زاوية الغرفة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل وحماس تتمسكان بموقفيهما مع مواصلة محادثات التهدئة في


.. إيران في أفريقيا.. تدخلات وسط شبه صمت دولي | #الظهيرة




.. قادة حماس.. خلافات بشأن المحادثات


.. سوليفان: واشنطن تشترط تطبيع السعودية مع إسرائيل مقابل توقيع




.. سوليفان: لا اتفاقية مع السعودية إذا لم تتفق الرياض وإسرائيل