الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا تبقى من حل الدولتين ؟!

عبدالله أبو شرخ
(Abdallah M Abusharekh)

2013 / 9 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


السلام هو الاعتراف علانية بالحقيقة، ماذا صنعتم بطيف القتيل ؟ السلام هو الانصراف إلى عمل في الحديقة، ماذا سنزرع عما قليل ؟ - محمود درويش
--------------------------------------------------------------------
كان الشعب الفلسطيني يعتبر أن فلسطين التاريخية ملكاً وطنياً خالصاً له وحده لغاية العام 1947 عندما أقرت الأمم المتحدة قرار رقم 181 الذي يقسم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية بحيث كانت حصة اليهود وفق هذا التقسيم الأممي 56 % بينما كانوا يمتلكون فعلياً 7 % فقط من أراضي فلسطين. رفض الشعب الفلسطيني والدول العربية قرار التقسيم بوصفه مجحفاً، فقد أعطى من يملكون 7% ما نسبته 56 % من فلسطين. الدول العربية لم تكن بعد دولاً ذات سيادة بل كانت تحت الوصاية من دولة بريطانيا العظمى آنذاك.

لم يؤمن الشعب الفلسطيني بالتقسيم على الصعيد الرسمي والوطني بل نص الميثاق الوطني الفلسطيني في المادة 19 على أن (( تقسيم فلسطين الذي جرى عام 1947 وقيام إسرائيل باطل من أساسه مهما طال عليه الزمن لمغايرته لإرادة الشعب الفلسطيني وحقه الطبيعي في وطنه ومناقضته للمبادئ التي نص عليها ميثاق الأمم المتحدة وفي مقدمتها حق تقرير المصير )) أما المادة 20 فنصت على ((يعتبر باطلا كل من تصريح بلفور وصك الانتداب وما ترتب عليهما وإن دعوى الترابط التاريخية أو الروحية بين اليهود وفلسطين لا تتفق مع حقائق التاريخ ولا مع مقومات الدولة في مفهومها الصحيح، وإن اليهودية بوصفها ديناً سماوياً ليست قومية ذات وجود مستقل وكذلك فإن اليهود ليسوا شعباً واحداً له شخصيته المستقلة وإنما هم مواطنون في الدول التي ينتمون إليها ))، فيما نصت المادة 21 على أن (( الشعب العربي الفلسطيني، معبراً عن ذاته بالثورة الفلسطينية المسلحة يرفض كل الحلول البديلة عن تحرير فلسطين تحريراً كاملاً ويرفض كل المشاريع الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية، أو تدويله (( ، فما هو واقع الحال الآن ؟! وكيف وصلنا إلى وجود سلطتي أمر واقع ( De facto ) واحدة في الضفة الغربية تسيطر " إدارياً " على 18 % من أراضي الضفة ( مناطق أ ) وواحدة في غزة تسيطر على القطاع محاصراً من قبل إسرائيل من البحر والبر والجو ؟؟!

مسلسل التنازلات عن مواد الميثاق الوطني السابق ذكرها لم يبدأ في المفاوضات السرية في أوسلو عام 1991، بل بدأ التنازل الحقيقي في دورة المجلس الوطني عام 1974 عندما تم إقرار حل الدولتين رسمياً واختار المجلس أن تكون الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967، أي غزة والضفة الغربية وتكون القدس الشرقية عاصمة للدولة، لكن اتفاق أوسلو وما تلاه قد وصل إلى مجرد إنشاء سلطة فلسطينية تسيطر إدارياً بجهاز شرطة قوية على المدن والتجمعات السكانية المزدحمة ( مناطق أ ) مع احتفاظ إسرائيل بحق المطاردة الساخنة لملاحقة المناضلين داخل المدن حتى مع وجود السلطة، فيما ترك لإسرائيل غالبية المساحة لتقيم عليها المستوطنات والطرق الالتفافية.

أغلب الظن أن الفشل السياسي الفلسطيني والقومي العربي يعود إلى العنتريات والشعارات الجوفاء البعيدة كل البعد عن طموح الشعب الفلسطيني، فمثلاً على أي أساس تم رفض قرار التقسيم وتم طرح شعار رمي إسرائيل في البحر طعاماً للسمك فيما نجري مفاوضات اليوم في ظل استمرار الاستيطان ؟؟! من الذي يتحمل مسؤولية معاناة الشعب الفلسطيني ومآسيه منذ رفضت قيادة الحسيني التقسيم عام 1947 ؟؟!

من الجدير ذكره أن اتفاق أوسلو قد نص على أن تجرى مفاوضات المرحلة النهائية على قضايا اللاجئين والحدود والقدس والأمن والأسرى، ومن الواضح أن إسرائيل قد سبقت هذه المفاوضات بلا كبيرة لوقف الاستيطان، ولا أكبر منها تتمثل في أن القدس عاصمة أبدية لدولة إسرائيل وفي كل مناسبة تعلن إسرائيل رفضها لعودة اللاجئين على اعتبار أنه تم اختراع مفهوم جديد للعودة وهو العودة إلى الدولة الفلسطينية العتيدة بعد قيامها، وها هو الرئيس الفلسطيني محمود عباس لن يطالب بعودته إلى صفد، رغم أنه إنسان مسالم ولا ضير من عودته للعيش في صفد !

إسرائيل لا تؤمن بحل الدولتين، بدليل أنها قضت على كل بارقة أمل لهذا الحل من خلال الاستيطان الوحشي في الضفة الغربية، فأين ستقوم تلك الدولة التي سيعود إليها اللاجئون ؟! ستقوم خلف الجدار على أقل من 50 % من الضفة مع احتفاظ إسرائيل بنصيب الأسد من الموارد المائية، وبقاء كافة التكتلات الاستيطانية التي تهدد يومياً حياة الفلسطينيين، والنتيجة أن حل الدولتين قد تبخر على أرض الواقع فلماذا لا تتخلى القيادة الفلسطينية عن حل الدولتين نهائياً ويتم تبني حل الدولة الديمقراطية الواحدة لجميع مواطنيها من عرب ويهود على أن يصبح حق العودة متاحاً لجميع الفلسطينيين ومن يرغب من يهود العالم ؟؟!

بالطبع هذا الحل سيلبي طموح غالبية الشعب الفلسطيني في العيش ضمن وطن بحرية وكرامة، ولكنه يتعارض مع ذوي النزعات العنصرية الفاشية من الإسرائيليين، كما ويتعارض مع أصحاب امتيازات الدولة الفلسطينية الوهمية التي تضخمت بالوزراء والوكلاء والمدراء وهي ما زالت تحت الاحتلال !
هذا الحل غير مطروق فلسطينياً لأن الشعب مشبع بالحديث عن دولة مستقلة في حدود 1967 يعرف متحدثوه أن هذه الدولة قد تبخرت على واقع الاستيطان، وهو غير مطروق في المحافل الدولية لأن القيادة الفلسطينية لا تشير إليه ولم يتم تبنيه من قبل فصائل اليسار المشلولة التي تشكل كسوراً عشرية من الناحية الجماهيرية، لكن العقبة الأكبر لحل الدولة الواحدة هو الشعب الإسرائيلي الذي يستأثر بالأرض ومواردها بالقوة العسكرية نافياً أن يكون للشعب الفلسطيني حق الحياة في هذه الأرض على قدم المساواة معه، فالواقع وممارسات إسرائيل تخبرنا أن غالبية الشعب الإسرائيلي عنصري ولا يميل إلى السلام الحقيقي بين الشعبين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المجلس الوطني
فرج الله عبد الحق ( 2013 / 9 / 23 - 10:40 )
عزيزي الكاتب لو قيادتنا بمفررات المجلس الوطني عام 1974 لما أوصلتنا إلى هذا الحال في أوسلو و مهازله

اخر الافلام

.. كأس أمم أوروبا: إسبانيا تكتسح جورجيا وإنكلترا تفوز بصعوبة عل


.. الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسية: نتائج ودعوات




.. أولمرت: إذا اندلعت حرب شاملة مع حزب الله قد يختفي لبنان.. وا


.. إسرائيل تتحدث عن جاهزية خطط اليوم التالي للحرب وتختبر نموذجا




.. ميليشيا عراقية تهدد باستهداف أنبوب النفط المتجه إلى الأردن|