الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في ضرورة تمييز قوى الثورة المضادة

عديد نصار

2013 / 9 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


على الثوري ان يميز بوضوح بين قوى الثورة وبين قوى الثورة المضادة التي تظهر بقوة مع توسع الثورات واثر عجز سلطة النظام عن وقفها.
قوى الثورة المضادة ليست هي نفسها أذرع السلطة وأجهزتها القمعية التي تواجه الثوار. وهي ليست نفسها الميليشيات التي تشكلها أحزاب السلطة من مدنيين ( شبيحة وبلطجية ) لملاحقة المتظاهرين أو الناشطين وقتلهم أو خطفهم. انما هي قوى تظهر بين ظهراني الثورة، تلبس لبوسها وتصارع من خندقها وليس من خندق النظام. ولذلك، وهذا متعمد من قبلها، يشتبه الأمر ويختلط على الناس فتبدو وكأنها هي هي قوى الثورة الأكثر تنظيما وكفاءة وفاعلية وتقدما.
المهام الأساسية لقوى الثورة المضادة تتلخص بالقضاء على الثورة من داخلها عبر التعمية على الأهداف الحقيقية للثورة ومسبباتها المادية وعبر أنشطة وسلوكيات مسيئة للثورة ومحبطة للتوجه الثوري العام للجماهير. وبالتالي تعمل من خندق الثورة على تجريد قوى الثورة من الحاضنة الاجتماعية ومن الدعم الجماهيري داخليا وخارجيا. وتصل في تماديها إلى محاولات تشويه صورة المناضلين والكوادر القيادية وصولا إلى تصفيتهم وحرمان الثورة من خيرة قادتها.
وعلى الثوري أن يدرك تماما أنه كلما توسعت الثورة كلما ضاعفت قوى الثورة المضادة توسعها وتنوعت أنشطتها وتعددت أشكالها ومجموعتها العاملة على الأرض.
لذلك فإن توسع وتزايد حركية قوى الثورة المضادة يعتبر دليلا على توسع الثورة وتجذرها.
تمتلك قوى الثورة المضادة من الامكانيات والتدريب والقدرة على التحرك والاتصال والامكانيات الاعلامية والتسليحية والتمويلية ما يجعلها أكثر قوة وكفاءة وبروزا بكثير على ساحة الثورة من قوى الثورة ذاتها. فهي تحضى بكل الدعم والمتابعة والتغطية الاعلامية من قوى النظامين الإقليمي والعالمي كونها ترتبط بقوة بشبكات الاستخبارات التابعة لهذين النظامين وتتلقى كل الدعم منهما عبر شبكات لا يدركها حتى عناصرها أنفسهم. كل ذلك كون بقاء واستمرار سيطرة النظام يصبحان في عهدتها ورهن تفوقها.
وقد برزت قوى الثورة المضادة وانتشرت بقوة على امتداد الوطن العربي بُعيد ومع تفجر الانتفاضات الشبابية والشعبية التي انطلقت من تونس وامتدت في هذه البلدان مدعومة بتمويل هائل وتغطية اعلامية واسعة كان المقصود منها التعمية التامة على قوى الثورة الحقيقية وفعالياتها، واكثر من ذلك، التعمية على الأهداف الحقيقية لتلك الانتفاضات، والترويج لأهداف لا علاقة لها بالأسباب المادية للثورة ولكن من شأنها حرف الثورة عن مسارها وتحويلها الى حروب قذرة طائفية وإثنية وقبلية عالية التكلفة.
وفي سورية، كان التعاون تاما بين النظام المحلي وبين الرجعيات العربية والقوى الامبريالية عبر أجهزة المخابرات المتشابكة والتابعة لكل منها في إنتاج وتسويق قوى الثورة المضادة من ظلاميين وإرهابيين عبر إطلاق مجموعات ظلامية من معتقلات النظام ورفدها بمجموعات من خارج سورية وتزويدها بكل ما تريد من إمكانيات إضافة إلى التعمية الاعلامية التي مارسها النظام منذ اليوم الأول لمجازر درعا، ثم إطلاق الأبواق الاعلامية المتعددة من شتى البلدان لدعم تلك القوى تحت عنوان دعم الثورة السورية.
لا يمكن، وليس من الدهاء في شيء، أن يمارس النظام بفاشيته ودمويته ما تستطيع قوى الثورة المضادة فعله. كل ما يمارسه النظام من جرائم ودموية يرتد عليه تماسكا للجماهير وتصعيدا لقوى الثورة في وجهه. ولكن ما تستطيع قوى الثورة المضادة المتسللة داخل الثورة ومن وراء ظهور قواها المنشغلة في مواجهة قوى السلطة أن تؤمنه، يمكن أن يشوه وأن يظهّر صورا قبيحة عن الثورة، تماما كما تفعل اليوم جبهة النصرة ودولة العراق والشام وأشباههما من قوى. وكون هذه القوى ترتبط باستخبارات المراكز الإقليمية والدولية، وكون جماعات المعارضة المكرسة ترتبط بنفس المراكز، لذلك لا تجرؤ المعارضة المكرسة بكل تشكيلاتها على إشهار العداء والتشهير بما تقوم به تلك العصابات وتمارسه من جرائم، حتى لو طاولت كوادر وقيادات الجيش الحر والتنسيقيات الأهلية المنخرطة في الثورة.
إن أسهل الطرق لتمييز قوى الثورة المضادة وتعريتها تكمن في فهم الأهداف العريضة التي تطرحها كمهام. ويمكننا ملاحظة مدى الاستفزاز الذي تتعرض له كلما طرحنا وأصرينا على الأهداف الحقيقية التقدمية للثورة. كما يمكن كشفها حيث تعمل كل ما في وسعها لمنع توحيد قوى الثورة أو حتى التنسيق بينها.
إن كل توسع لقوى الثورة المضادة دليل على توسع وتجذر الثورة. لذلك على الثوري أن لا ييأس من تفشي ظواهر الثورة المضادة ثم يدير ظهره، بل عليه أن يصبح أكثر التصاقا بثورته وأكثر تجذرا في نشاطه الثوري، وأكثر إدراكا لمسؤولياته التاريخية.
إن الصراع مع قوى الثورة المضادة هو جزء من معركة التغيير التاريخية مع النظام وقواه الرجعية والفاشية. ولن تنتصر ثورة ما لم يفتح هذا الصراع على مصراعيه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الخلط بين الثورة والإنتفاضة
حسام عبد الملك ( 2013 / 9 / 23 - 12:03 )
السيد نصار المحترم
ثمة خلط في تحليلك للإنتفاضة في سوريا
ليس هناك ثورة في سوريا أي قيام طبقة ضد طبقة أخرى معادية بل هناك انتفاضة شعبية ضد عصابة متسلطة على مختلف طبقات المجتمع
وعليه ليس هناك ثورة مضادة أو طبقة اجتماعية تقوم بثورة ضد الطبقة أو الطبقات الثائرة
هناك مجموعات (متأسلمة) دخيلة على الإنتفاضة وغريبة عنها تستغل قوى الانتفاضة لأهداف أخرى ليست من أهداف الإنتفاضة وليست ضدها في كل الأحوال
أرجو أن يكون هذا التحليل مقبولاً عليك
مع احترامي

اخر الافلام

.. تونس: ما مبرّرات تكوين ائتلاف لمناهضة التعذيب؟


.. ليبيا: ما سبب إجلاء 119 طالب لجوء إلى إيطاليا؟ • فرانس 24




.. بريطانيا: ما حقيقة احتمال ترحيل مهاجرين جزائريين إلى رواندا؟


.. تونس: ما سبب توقيف شريفة الرياحي رئيسة جمعية -تونس أرض اللجو




.. هل استخدمت الشرطة الرصاص المطاطي لفض اعتصامات الطلاب الداعمة