الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زغاريد فى طابور الصباح

فاتن واصل

2013 / 9 / 22
الادب والفن


مدرسة صفا .. هع .. مدرسة إنتباه .. هع ، إعتدت منذ سنوات أن أبدأ يومي على كلمة الصباح للاذاعة المدرسية والتى يتم بثها من ميكروفونات مدرسة عبد العزيز جاويش الابتدائية الواقعة فى الحى الذى أسكن فيه والى جوار مسكنى مباشرة . حى " رابعة العدوية " الذي تم احتلاله لمدة ثمانية وأربعون يوما مرت دهرا تم فيها تخريب كل ما وصل إليه أيدي المحتل من مرافق عامة مثل الأرصفة والحدائق واعمدة الإضاءة والأسوار ، وكان للمدرسة الابتدائية الحكومية النصيب الأكبر من التدمير والتخريب فكانت تستخدم كمكان للنوم وكحمامات جماعية كما انها كانت تعتبر المجزر لجميع انواع الدواب بما فى ذلك الجمال بالاضافة إلى رص المواقد والأذانات لطهي اللحوم والماكولات التى كان يتم إعدادها يوميا لجحافل المتسولين الذين تم لمهم من إشارات المرور ومواقف السيارات ليُحتسَبوا ضمن الأعداد المعتصمة فيبدو العدد كبيرا لإقناع الرأى العام بأن عدد المعتصمين كبير.
كانت طقوس الصباح من استحمام وارتداء الملابس ووضع الماكياج وشرب النسكافيه كل منها مرتبط بفقرة فى طابور الصباح ، فهناك النداء الجهورى للمدرسين فى الميكروفونات بانتظام الصفوف والطوابير والمسافات وكذا تحية العلم ثم قراءة القرآن ثم فقرة الأخبار ويليها المواهب من قراءة مقطوعة شعرية فى الميكروفون أو الغناء بصوت طفولي حاد النبرات وبنغمات إيقاعها بسيط كدقات الساعة ثم السلام الجمهورى والذى كان يصاحبه دقات طبول تتسارع تدريجيا لتبدأ معها حركة الطوابير الى الفصول ومعها أبدأ فى وضع آخر لمسات الماكياج استعدادا للذهاب الى العمل.
اليوم كان اول أيام الدراسة للعام 2013 وقد مر شهر وأسبوع منذ رحل العدوان الاخواني وحتى أمس ، كان العمل على إصلاح الخراب والتدميرات يسير على قدم وساق رغم الحظر ورغم ضيق الوقت ولكنه تم، وقد قرأنا أخبارا ان هناك مدرسون ذهبوا ليمدوا يد المساعدة فى اعمال الاصلاحات إيمانا منهم ان هذا المكان هو الذى عملوا فيه لمدة خمسة عشر سنة وأقل أواكثر ، لذا فقد رأوا ان من واجبهم أن يساهموا فى إعادة إعمار مدرستهم التى ينتمون إليها .
وبدأ طابور الصباح بصراخ المدرسات كالعادة ليصطف التلاميذ الصغار فى طوابير الصباح ، إبتسمت وتمتمت : وحشتوني ، والله زمان.
مدرسة صفااااا
هاع
مدرسة إنتباه
هاع
ثم بدأت تحية العلم بصوت ملئ بالحماس ولكنه كان اليوم صوتا مختلطا ، كان مع صوت الأطفال هناك أصوات أخرى تحيي العلم وتبينت انها أصوات المدرسين الذين أخذتهم الحماسة فانطلقوا فى الصياح بتحية العلم مع تلاميذهم فاشتعل الحماس اكثر.
تم قراءة دعاء بصوت احد المدرسين الرجال وبعدها سمعت كلمة " كل سنة وانتم طيبين " ثم كلمة كلها بشر وبهجة وتشجيع على بدء العام الدراسي بنشاط وقوة ثم تمنيات بالنجاح والتوفيق، وقامت المتحدثة بتوجيه الشكر لرجال الجيش الذين يعود لهم الفضل فى الاصلاحات والخلاص من العدوان الأخوانى، ملأ أسماعي صوت المدرسات وخلفهن التلاميذ الصغار بأصواتهم الحادة الرنانة:
- تحيا مصر
وإذا بنغمات اوبريت ((تسلم الأيادي )) يبدأ وسط تهليل الجميع وإذا بالمدرسات يزغردن فى الميكروفونات يحتفلن بعرس مدرتهن فى يوم بدء العام الدراسي ، ويغنون مع الاوبريت وهو الذى حل اليوم محل السلام الجمهورى ليكون هو النغمات التى يصعد على إيقاعها التلاميذ إلى فصولهم وكانهم يزفون عريس.
ابتهج قلبي بهجة لا اعرف مصدرها وملأنى الانفعال وجاشت العواطف وسقطت دموعي .
غادرت المنزل واستقليت السيارة فوجدت السائق مبتسما فسألته :
- إيه ؟ بتضحك ليه ؟
قال وهو لا زال مبتسما :
- الضباط دخلوا المدرسة وحَيُّوا العلم مع التلاميذ!!
سقطت البقية الباقية من الدموع ، وفى طريقنا للخروج من الشارع الجانبي إلى الشارع العمومي مارين بمدرسة عبد العزيز جاويش الابتدائية ، رأيت الأهالى متجمهرين أمام المدرسة يحتوون بين تجمعاتهم سيارات الزِّل المميزة الخاصة بقوات الجيش والمنقوشة بالألوان البيج والكاكي على شكل زي قوات الصاعقة، يقف بجوارها عساكر وضباط الجيش وعلى وجوههم تعبير جدي ولكن الناس كانت تكاد تحتضنهم إمتنانا لوجودهم الذى يبعث فى القلوب الطمانينة .
خرجت السيارة من بين جموع الجماهير الى الشارع العمومي ومع إنطلاقها ، قفز لذهني كلمات المدرسين يملأون التلاميذ حبا وتقديرا للجيش ولا أريد ان أقول أنه يصل لحد التأليه لأني أعذرهم على العواطف الجياشة تجاه العمل الجبار الذى تم إنجازه فى وقت قياسي ولكنى فى المقابل تذكرت مدرستى فى الستينيات حين كان المدرسون يفعلون الشئ نفسه بشكل يومي ملــِّح ، وكم كان جمال عبد الناصر فى أذهاننا كأطفال شبه إله ، نتخيله كطائر خرافي يستطيع فعل المعجزات ، لدرجة أنى بكيت أثناء الرقص فى حفلة حضرها وقد أقيمت فى مسرح نقابة المعلمين للاحتفال بأعياد الطفولة ، وكاد قلبي الصغير فى ذاك الوقت أن ينخلع من صدري من شدة الانفعال .. وماذا كانت النتيجة !! صنعنا الديكتاتور وغزلنا نسيج الديكتاتورية يوما بعد يوم، عانينا منها لمدة ستين عاما .. لذا تمنيت من قلبى ان يتصرف المدرسون بتوازن حتى لا يخلقوا جيلا يعبد الحاكم وينسى ثورة راح ضحيتها الكثيرين ......... وتسلم الأيادي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحيا مصر
صالح حبيب ( 2013 / 9 / 23 - 01:32 )
نعم يا سيدة فاتن كلنا نقولها بصوت عالي و بحب : تحيا مصر
و الف مبروك على اهل مصر الطيبين عودة مصرالحبيبة مصر جمال و مصر السادات و مصر الحب والحرية و العبقرية و التأريخ
و الله لقد بكيت معك عبر المقال لأنني احد الذين فرحوا فرحا عظيما وقت التحام الجيش المصري البطل مع الشعب المصري العظيم لطرد تلك الغمة السوداء البغيضة التي كادت مخالبها الفَضّة المتوحشة ان تنال من مصر و بسمتها و تأريخها و نفوس شعبها الطيب
انا سعيد ايما سعادة واشعر شعور كل المصريين و احس بانفراج اساريرهم و هدوء نفوسهم بعد جلاء الغاصب الاخواني المتخلف
تحياتي لك و عمار يا مصر


2 - الأستاذة فاتن واصل المحترمة
ليندا كبرييل ( 2013 / 9 / 23 - 04:53 )
تعلقت قلوبنا برابعة العدوية منذ احتلالها، وأسفنا جميعاً أن تتحول المنطقة الراقية إلى مزبلة، وإلى مخيم أشبه بما يعيشه المشردون
كل من توالى على حكم أوطاننا اعتبرها ملكا خاصا كأنه ورثه عن أبيه وله كل الحق أن يتصرف به كما يشاء
أكثر ما يزعج أنهم ينادون بالديموقراطية ، ولا يعيشون مبادئها، وشعوبنا العربية تفهم هذه المفردات باللسان، وقد تفهمها بالعقل عند البعض، لكننا لم نعرف طوال العهود تطبيقا واحداً لما ادعوه من شعارات زائفة
ونحن كنا نردد ديموقراطية ،وحدة حرية اشتراكية، فكانت وحدة أياديهم على رقاب الشعب، وحريتهم أن يتصرفوا بمقدرات الوطن، واشتراكية الناس في البؤس والفقر والتعتيم
وأمة عربية واحدة في الجهل والتخلف والببغائية في إطلاق الشعارات
أنتم تتلمسون الآن بداية عصر جديد، ولا بد أن تتحد جهودكم تجاه التخلف الذي ما زالت أصواته تعلو
وأؤيد دعوتك في نهاية المقال أن يتصرف المدرسون بتوازن كيلا يخلقوا جيلاً عابداً للحكام
الحاكم مهمته خدمة شعبه ووطنه لا أكثر
أحييك على نقل لقطة حية من واقعك وأتمنى تواجداً متواصلاً لقلمك المتنور
تفضلي والأستاذ محمد حسين يونس أستاذنا القدير تحياتي ومحبتي


3 - الاستاذ المحترم صالح حبيب
فاتن واصل ( 2013 / 9 / 23 - 17:11 )
ألف شكر أستاذ صالح على تعاطفك ومشاعرك الأخوية الطيبة والتى إن دلت على شئ فتدل على ان الشعبين العراقي والمصرى سيظلا دوما شقيقين، فى الحقيقة العام الماضي الكئيب مر علينا وكأنه ألف عام وكنا نشعر خلاله بالخزي والعار لمجرد ان هذا الرجل الجاهل المتآمر يرأس بلدنا مصر الحبيبة متجاهلا تاريخ عريق وشعب طول بعرض ناسيا انه جاء ليخدم هذا الشعب ، وهو فى الحقيقة أضر بمصر وأضاع عليها الوقت والفرص وفرط فى أرضها.. لذلك حين ساعد الجيش الشعب فى ثورته وحماها فبذلك كان له فضل عظيم علينا لأنه انقذنا من قوى غدر وجهل وظلام.. لا تتصور كم كان المصريون يحملون هم اليوم الأول من العام الدراسي ويتوقعون شر محدق بأبنائهم ولكن بوقوف قوات الجيش على أبواب المدارس فى كافة انحاء الجمهورية ، دخلت الطمأنينة الى قلوبهم وأحسوا أن أولادهم فى أمان.. شكرا مرة اخرى لمرورك الكريم ولتهنئتك الجميلة.


4 - الاستاذة المحترمة ليندا كابرييل
فاتن واصل ( 2013 / 9 / 23 - 17:52 )
إلا مرسي يا عزيزتي فقد كان ديكتاتورا من نوع فريد لا يماثله أحد ممن مروا على الوطن العربي إلا بعض الشبه مع القذافي فى آخر أيامه ، حيث كان يرسل ولا يستقبل ويلعب بالألفاظ ويستهين بعقولنا ويتصور أننا أطفال سذج ، يكذب دون ان يشعر وكان الكذب جزء من تكوين أفكاره ، يستخف بوضعه كرئيس لأكبر دولة فى الشرق الأوسط فيتصرف بلا لياقة ولا إجادة لغة للتعبير بدقة عن أفكاره ولا حتى بعض الكياسة فى التعامل مع رؤساء الدول الأخرى فاستخفوا به وبمصر فى المقابل .. أتمنى فى خطواتنا الحثيثة نحو البداية أولا ان نخطوها ونتخطى عقباتها بسرعة فكفانا ما ضاع من وقت وفرص ، واتمنى ان نخطو خطوة البدء وقد تخلصنا من أمراض الماضي القريب والبعيد.. ولهذا تمنيت ان يتصرف الأساتذة بتوازن وألا يفقدوا صوابهم مع ارتعاشة الحماسة فى وجود قادة الجيش فيحفرون فى الوجدان مبالغة وتضخيم لا يستطيعون التخلص منه فى الكبر ، فهؤلاء هم شباب المستقبل فلا نريد لهم تشوه مثل الذى أصابنا. إحترامي وشكرى على مرورك والاضافة.


5 - الاستاذة المحترمة ليندا كابرييل
فاتن واصل ( 2013 / 9 / 23 - 17:52 )
إلا مرسي يا عزيزتي فقد كان ديكتاتورا من نوع فريد لا يماثله أحد ممن مروا على الوطن العربي إلا بعض الشبه مع القذافي فى آخر أيامه ، حيث كان يرسل ولا يستقبل ويلعب بالألفاظ ويستهين بعقولنا ويتصور أننا أطفال سذج ، يكذب دون ان يشعر وكان الكذب جزء من تكوين أفكاره ، يستخف بوضعه كرئيس لأكبر دولة فى الشرق الأوسط فيتصرف بلا لياقة ولا إجادة لغة للتعبير بدقة عن أفكاره ولا حتى بعض الكياسة فى التعامل مع رؤساء الدول الأخرى فاستخفوا به وبمصر فى المقابل .. أتمنى فى خطواتنا الحثيثة نحو البداية أولا ان نخطوها ونتخطى عقباتها بسرعة فكفانا ما ضاع من وقت وفرص ، واتمنى ان نخطو خطوة البدء وقد تخلصنا من أمراض الماضي القريب والبعيد.. ولهذا تمنيت ان يتصرف الأساتذة بتوازن وألا يفقدوا صوابهم مع ارتعاشة الحماسة فى وجود قادة الجيش فيحفرون فى الوجدان مبالغة وتضخيم لا يستطيعون التخلص منه فى الكبر ، فهؤلاء هم شباب المستقبل فلا نريد لهم تشوه مثل الذى أصابنا. إحترامي وشكرى على مرورك والاضافة.


6 - قصة بديعة !
ماجد جمال الدين ( 2013 / 9 / 23 - 21:00 )
ألأخت العزيزة فاتن !
القصة ليست بديعة فحسب كونها نظرة لزاوية من حياة واقعية .. بل هي رائعة برمزيتها القوية . حين قرأت القصة فهمت أن المسألة ليست في مدرسة صغيرة معينة في حي ما في القاهرة ، بل أن صورة المدرسة هذه هي مصر كلها الآن ..
أتمنى أن تتعدل المناهج الدراسية دوما وأن يكون المعلمون أكثر حنكة وذكاء .. وأتمنى أن يكون التلاميذ دوما أوفياء للعَلَم والعِلم ولمعلميهم الحقيقيين !
تحياتي


7 - الاستاذ المحترم ماجد جمال الدين
فاتن واصل ( 2013 / 9 / 24 - 06:42 )
شكرا لمرورك وسعيدة أن المقال نال رضاك ،أصوات الأطفال السعيدة المنطلقة حين أسمعها فى النادى أو حتى فى الشارع تملأني بالفرحة وكنت دوما أسعد سماع أصواتهم قادمة من هذه المدرسة سواء أثناء لعبهم أو طوابيرهم صباحا و البهجة تملأ عقلي ،ثم جاء هذا الصيف كئيبا عند إحتلال رابعة بواسطة الاخوان وكثيرا ما كنت أسأل نفسي ، هل يا ترى ستعود الأمور فى يوم ما لطبيعتها ونسمع صوت هذه العصافير مرة أخرى!! وقد كان والفضل يعود لقوات الأمن والجيش معا مما أكد لي أن اهم شئ فى حياة الانسان هو الشعور بالأمان ، بعد الحصول عليه يستطيع فعلا أن يكون إنسان. المستقبل الآن هو الذى يقف على أبواب بلادنا منتظرا متسائلا ، كيف تريدونني أن أكون ؟ وهؤلاء الأطفال أمانة بين أيديكم لو اعتنيتم بهم سآتي أنا فى أبهى الأشكال . هؤلاء التلاميذ والتلميذات يحتاجون منهج دراسي ومدرسة ومدرِّس، وهذه الثلاث أشياء تحتاج لنهضة حقيقية لنبني العقول ليأتي المستقبل عريسا يزفه جيلنا ويعيشه أطفالنا ويصنعون أجمل منه لأطفالهم. تحياتي وأسعدنى مرورك والتعقيب.

اخر الافلام

.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب


.. عاجل.. الفنان محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان في رسالة صو




.. انتظرونا غداً..في كلمة أخيرة والفنانة ياسمين علي والفنان صدق