الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معضلة الديموقراطية في الجزائر

سليم عبد الله الحاج
سوريا

(Rimas Pride)

2013 / 9 / 23
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


اكتب هذه المقالة لاعبر بها عن هموم الديموقراطية و الحرية و الانفتاح في بلد هو قلب المغرب العربي و كان الى زمن قريب رمز التحرر و مواجهة الاستعمار و نجاح كفاح الشعوب في الظفر بالاستقلال من المستعمر الخارجي ، ولكن للأسف لم تعد الجزائر اليوم سوى مكانا تؤشر عليه الاصابع في انتشار الفساد و النهب و سرقة اموال المحرومين من ابناء هذا الشعب المغلوب على امره تحت امره سلطة استبدادية قمعية يضرب المثل بها في الانغلاق و الغموض في تسيير شؤون بلد بهذا الحجم و بثروات طبيعية و مؤهلات مادية و بشرية ضخمة قد لا تتوفر لاي دولة اخرى .. وقد تمكنت هذه السلطة من التغول في كل اركان الدولة و دواليبها و صار ذكر الوطن هو المكافئ الطبيعي للنظام الحاكم و ما لذلك من اثار نفسية و سوسيولوجية على مشهد العمل السياسي و النضالي و الكفاح الاجتماعي للرقي بالحالة الحضارية في هذا البلد ، فعندما تخبر مواطنا بسيطا ان جيشك او قضاءك مستهدف من طرف جهات متخيلة اشبه بالاسطورة منها الى الحقيقة فيسارع بعفوية الى الاصطفاف في صف النظام ودولته العميفة دون اهتمام بالوجه القمعي الاخر الصحيح و هو مبدأ من مبادئ التخلف في العقل السياسي العربي حينما تتم الاستجابة للفعل وفق خلفياته المسبقة دون نظر الى وقائعه و ترتيباته الجارية وبغياب نظرة صادقة نحو الافق المستقبلي
لنعترف بحرقة ان هذا النظام الموجود في هرم الحكم منذ خمسين سنة متجاوزا السن البيولوجي العادي قد استطاع ان يضع نفسه كقوة وحيدة مؤهلة للاستمرار في الدعس على رقاب الجزائريين عند اجراء اي مقارنة بينه و بين من يُعتقد انه بديل محتمل له ..وهذه نتيجة تبدو منطقية مع سياسة السلطة في جعل نفسها مركزا فلكيا تدور حوله الاجرام الحزبية من دون ان تغادر مسارها و تختار سبيلا منفردا وان فعلت ذلك يتم اغتيالها معنويا و سياسيا امام الفضاء الشعبي بغض النظر عما تطرحه من برامج و افكار خاصة في عهد الحزب الواحد و الازمة الامنية خلال التسعينيات حينما خاضت السلطة حربا ضد التطرف الناجم عن سياساتها و اخطاءها و جعلت من عملية مكافحة الارهاب مطية لاصابة عملية الانتقال الديموقراطي بجروح عميقة قد لا تندمل بسهولة
ولنتعرف ايضا مرة اخرى بان القوى السياسية في سنوات حكم بوتفليقة استسلمت في ذاتها لهذا الواقع و دب فيها الوهن القاتل ليصبح همها الوحيد هو البحث عن شهادة حسن السلوك امام "الاله المقدس " دون اعتبار لوجود امانة على عاتقها تستمر في خيانتها لصالح المكاسب الفئوية
لقد حادت التيارات اليسارية و التقدمية عن رسالتها الاجتماعية النظيفة امام جمهورها المقهور و بات حضورها اشبه بالفلكلور السياسي التعيس او انه يحاكي راقصة في حفلة التعري الشهيرة امام مسرح النظام مستعدة لتنفيذ اي شيء .. وتصوروا ان حالة الخواء الفكري الذي تعانيه وافتقادها للبرنامج التفاعلي مع تطور الاجيال جعل تعريفها بضدها فقط .. اي انهم يعرفون بنقد ما يقوم به خصومهم الايديولوجيين في الطرف الاخر و خاصة التيارات الاسلامية و يعجزون عن الاستقلال بذاتهم في تيار رائد مع بقية القوى المؤمنة بالحداثة و النهضة لتحريك الشارع بغية الضغط اتجاه دعم الانتقال الديموقراطي و اصلاح هياكل الدولة المتآكلة و ابعاد المؤسسات عن هيمنة السلطة و دوائر الفساد الاقتصادي المرتبطة بها
اذا غابت ارضية بناء الديموقراطية بشكلها التنوري الصحيح سيولد الانفجار الاجتماعي الحتمي ديموقراطية الفوضى و الصراع بين اطراف المجتمع و شظاياها ستكون هي التطرف و التعصب الجهوي و الاثني المتنامي بشكل مخيف في السنوات الاخيرة في الجزائر سواء في القاعدة الشعبية او لدى النخب .. الاستبداد الحالي سينتهي من دون ادنى شك و لن يصمد طويلا امام صعود النموذج الديموقراطي في كل مكان و خاصة في الجوار العربي الذي شهد ثورات شعبية ومن لا يريد ان يستبدل الاستبداد الساقط باستبداد صاعد من انواع اخرى عليه ان يشمر على ساعديه و يتخلى عن مناهجه السياسية و الفكرية العقيمة حتى يستعد جيدا للعب دور البديل الصلب القادر على ادارة المرحلة الانتقالية التمهيدية لجمهورية ثانية ..
معضلة الديموقراطية في الجزائر مركبة و تمتلك عدة اوجه تتفاعل مع بعضها فمن جهة سلطة متحكمة بخيوط لعبة متشابكة ومن جهة اخرى مجتمع منهك و لم يتعافى بعد من آلامه ليتفرغ لمستقبله السياسي و من جهة اخرى حالة سياسية وفكرية ضعيفة ستكون اول من تسلط عليها الاضواء حينما تنهار لعبة الحكم و تصبح حينها مطالبة ان تثبت جدارتها في استلام مهمة قيادة السفينة الى بر الامان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحياتي اخي وأشهد ان كل ماقلته حقيقة
Jugurtha bedjaoui ( 2013 / 9 / 23 - 19:21 )
تحياتي اخي وأشهد ان كل ماقلته حقيقة لاينكرها احد من الجزاءريين الا انني الومك عندما تحشر الجزاءر في وسط المغرب العربي والحقيقة كما نراها هي في شمال افريقيا وادا اردنا ادخال العنصر العرقي فالجزاءر بلاد الامازيغ من تبسة الى تلمسان ومن تيزي وزو الى تمنراست فانا ارى كل هاده البلاوي تاتي من الجامعة العربية وما تبعها من بلاوي الجهل والفقر والمرض وخاصة الرخس والمهانة ؟ فالجزاءر لن تقوم لها قيامة الا بالرجوع لخطى اجدادنا الشاوية و القباءل والتوارق والمزاب و نثأر لجبال الاوراس وجرجرة وعندها نستطيع ان نتكلم عن الجزاءر والشعب الجزاءري وحقه في العيش والامان ليس كما هو اليوم افقر شعب في اغنى دولة تحياتي


2 - شكرا على الاهتمام و التعليق اخ يوغرطة
سليم عبد الله الحاج ( 2013 / 9 / 23 - 19:36 )
اشكرك سيدي على اهتمامك بالمقالة و التعليق عليها واحترم تماما وجهة نظرك الموفقة و اتمنى ان تجد الجزائر ضالتها نحو الحداثة و العصرنة و تخرج من بوتقة كل استبداد سواء اكان سياسيا او دينيا او عرقيا

تحياتي .. سليم

اخر الافلام

.. احتجاجات في جامعات عراقية للمطالبة بوقف الحرب في غزة


.. مشاهد من لحظة وصول الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى قصر الإليزيه




.. فيضانات وسيول مدمّرة تضرب البرازيل • فرانس 24 / FRANCE 24


.. طبول المعركة تُقرع في رفح.. الجيش الإسرائيلي يُجلي السكان من




.. كيف تبدو زيارة وليام بيرنزهذه المرة إلى تل أبيب في ظل الضغوط