الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النجيفي يتهجم على المالكي لمهاجمته البعث

محمد ضياء عيسى العقابي

2013 / 9 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


النجيفي يتهجم على المالكي لمهاجمته البعث
محمد ضياء عيسى العقابي
ما أن إستمعت إلى كلمات زعماء الكتل عند توقيع "وثيقة الشرف والسلم الأهلي"، يشهد الله أنني وضعت في جدول أعمالي كتابة مقال حول توقيع تلك الوثيقة لأحذر فيه الجمهور العراقي من عدم الإفراط في التفاؤل من توقيع الوثيقة.
ومنذ مدة طويلة، أبعد من أيام الإختلاف على تطبيق إتفاقات أربيل التي سبقت تشكيل هذه الحكومة، كان على جدول أعمالي موضوع آخر كنت أريد كتابته بعنوان : "هل حقاً يثير المالكي المشاكل؟".
قلتُ: لأحذر فيه الجمهور العراقي من عدم الإفراط في التفاؤل من توقيع وثيقة الشرف وذلك للأسباب التالية:
1- أعتقد أن إنفراد السيد أسامة النجيفي زعيم كتلة "متحدون" بالتوقيع على الوثيقة دون مشاركة رفيقيه في "إئتلاف العراقية" السيدين أياد علاوي وصالح المطلك (وهما الأقرب إلى نبذ الطائفية من النجيفي وكتلته) - كان لأسباب تكتيكية داخل المعسكر الطغموي.
فقد سبق أن أعلن النجيفي إنتصاره، كممثل للطغمويين(1) على قيادة أياد وصالح، في اللقاء الذي دعا إليه قبل اشهر معدودة السيد عمار الحكيم وحضره عدد من قادة الكتل.
بتقديري، إن السيد النجيفي قد أعلن عزمه على إستلام قيادة الطغمويين من السيد أياد علاوي منذ زيارته لواشنطن قبل سنتين وإجتماعه بنائب الرئيس الأمريكي السيد جو بايدن وإطلاقه من هناك صرخته الطائفية المفتعلة حول زعم إضطهاد السنة في العراق وتحذيره من إحتمال مطالبة السنة بالإنفصال ودعاهم إلى تشكيل أقاليم.
ربما قد قرر السيد النجيفي إزاحة علاوي من قيادة الطغمويين بعد أن "حرق" علاوي أوراقه بكتابة رسالة نشرتها الواشنطن تايمز عل هيئة إعلان مدفوع الثمن هاجم فيه الرئيس الأمريكي باراك أوباما "لأنه أراد سحب قواته من العراق بقرار غير مسؤول لأن العراق في حالة حرب أهلية" على حد قوله.
حرق علاوي أوراقه بالنسبة للشعب العراقي إذ كشف نفسه كمطالِب ببقاء القوات الأمريكية؛ وحرقها بالنسبة للإدارة الأمريكية إذ أنه إنحاز لموقف اليمين النفطي المتشدد المتمثل بالسناتورين الجمهوريين (جون ماكين) و (ليندزلي كراهام) ضد الرئيس الذي واجه ضغوطاً يمينية كانت تريد منه إبقاء القوات وتحدي إرادة الشعب العراقي ممثلاً بالتحالف الوطني(2).
بصراحة، لا أعلم إن كان نشر المقال مكيدة من السيد النجيفي لحرق أوراق رفيقه علاوي أم لا. فقد ظهر إسم النجيفي في المقال المذكور يحمل توقيعه أيضاً لكن النجيفي سرعان ما أنكر تورطه وأزبد وأرعد وتوعد ولم يظهر عنه شيء سوى تعليق من حيدر الملا الناطق بإسم صالح المطلك من أن سوء فهم وإرتباك قد حصلا في إعداد ذلك المقال و"لا نعرف" كيف صدر!!!. هل كان السيد المطلك مشاركاً للنجيفي في "زحلكَة" علاوي بعد أن مضى وقت التكتيك الذي فرضه كرئيس ل"إئتلاف العراقية" وكذلك فرض إبعاد "الحزب الإسلامي" عن هذا الإئتلاف لخوض إنتخابات 7/3/2010 بوجه علماني عابر للطائفية مقابل دمغ أطراف التحالف الوطني بالإنغلاق والطائفية والعمالة لإيران وذلك ، حسب تقديري، بإشارة من مكتب أو مكاتب الخبرة الإستشارية المتخصصة بالتخريب السياسي والتي إستأجرتها السعودية لهذا الغرض ضمن مخطط "حرق الأعشاش".
الآن، وعبر توقيع وثيقة الشرف، أراد النجيفي أن يعزز قيادته المطلقة للطغمويين (الذين يسميهم بالسنة وهو ظلم لأهل السنة بلا شك) بدل علاوي.
2- شعرت أن السيد النجيفي وضع لنفسه خطة تراجعه من الوثيقة وإلقاء المسؤولية على التحالف الوطني وذلك في كلمات خطابه عند توقيع الوثيقة؛ حيث قال ما معناه إن هذه آخر محاولة وإذا فشلت فسيدق آخر مسمار في نعش العملية السياسية. هذا كلام حدي كما إنه يحمّل الطرف الآخر ضمناً مسؤولية فشل الإتفاقات السابقة وهو أمر مشكوك فيه على أقل تقدير. إن هذه المقاربة بحدتها وحديتها تنم عن نية مبيتة صدرت عن عقل تآمري إبتزازي.
ظهر لي جلياً أنه قد وضع خطة عمل مستقبلية لهذه الوثيقة على النحو التالي:
2.1- أما الإستجابة من جانب التحالف الوطني والتحالف الكردستاني وأغلبية الجماهير الشعبية لكامل مطالب الطغمويين التي لا تبتعد كثيراً عما يؤول إلى إستعادة الحكم ووضعه بيد الطغمويين وهو مطلبهم الذي لم يبرحوه أبداً منذ اليوم الأول لسقوط البعث الطغموي وتأسيس العراق الديمقراطي الجديد.
لقد لاحقوا ذلك الهدف بوسيلتين هما:
2.1.1- التناغم مع/ والتستر على/ والتعاون مع الإرهاب التكفيري كما شهدناه ونشهده لحد هذه اللحظة. والدلائل كثيرة جداً على ذلك.
2.1.2- ممارسة التخريب من داخل العملية السياسية في كافة المجالات وأهمها منع مجلس النواب من ممارسة دوره التشريعي الذي هو عماد تنظيم الحياة إذ يوفر البيئات الصالحة في المجالات التشريعية والسياسية والأمنية والتنموية في شتى المجالات.
إن غياب هذه البيئات السليمة أوجد الإرهاب والفساد وفسح المجال للأجنبي وأمواله بالتدخل في الشأن العراقي .
2.2- وإذا لم تتم الإستجابة لمطلبهم الطغموي هذا، فيتم التنصل من الوثيقة بطريقة يحقق فيها السيد النجيفي عدة أهداف بضربة واحدة وهي:
2.2.1- التنصل من الإلتزام الذي يحرجهم إذا مارسوا التخريب وهم ملتزمون به، ربما مستفيدين من تجربتهم في الحكومة التي يشاركون فيها ويلعنونها ليل نهار فإشمأز منهم الناس والمراقبون داخل العراق وخارجه.
2.2.2- سلخ مزيد من العناصر الطفموية الموتورة الموغلة بالطائفية من صفوف حركة الوفاق التي يتزعمها السيد علاوي وجبهة الحوار التي يتزعمها السيد صالح المطلك، وضمهم إلى صفوف كتلته "متحدون".
أعتقد أن السيد النجيفي لا يريد الهيمنة على الطغمويين (الذين يسميهم خطأً بالسنة) لمجرد الزعامة وحسب. إنه أذكى من ذلك. بتقديري، إنه قد أُفهم في واشنطن بضرورة إتخاذ بعض القرارات الستراتيجية الحاسمة وإلا فإن الأيام القادمة قد لا تكون لصالح السنة إذا بقي الحال على ما هو عليه. وهي:
2.2.2.1- آن الأوان للسنة العراقيين أن يعترفوا بأنهم أقلية وما عادوا قادرين على مسك مفاتيح السلطة بأيديهم كما في أيام زمان بل عليهم السعي نحو طموحاتهم عبر صناديق الإقتراع لا غير. وهذا يعني وجوب وضع حد للقتل الذي يجري على الشيعة وغيرهم بتناغم مع الطغمويين الذين يوفرون للإرهاب الحواضن الآمنة. وعليهم أن يعلموا أن صبر الشيعة وقدرتهم على التغاضي قد أوشكت على النفاذ.
2.2.2.2.- لا تسمح أمريكا لأحد أن يستفز الشيعة ويهدد أمنهم لدرجة قد تدفعهم لمزيد من الإقتراب نحو إيران.
2.2.2.3- تتطلب تمشية هذه الأفكار قيادة سنية قوية كالقيادتين الشيعية والكردية. (وهذا، بتقديري، ما دفع الأمريكيين إلى طلب إستبدال علاوي بالنجيفي على أن يتم تثبيت ذلك في إنتخابات مجالس المحافظات التي إجتازها النجيفي وكتلته "متحدون" بنجاح وبقي عليه إجتياز الإنتخابات البرلمانية بعد أشهر معدودة. للتذكير فإن الشيخ حارث الضاري كان يحذر السنة من قيادة علاوي الشيعي.)
2.2.2.4- ربما كانت ملامح شرق أوسط كبير أي (سايكس – بيكو) جديدة لم تكن قد إختمرت قبل سنتين عندما كان النجيفي في واشنطن. أما الآن فقد بدت تتكشف بعض الثوابت عما يظن من مفاوضات جارية تحت الطاولة بين الدول العظمى بهذا الإتجاه. يشمل الترتيب الجديد للمنطقة: القضية الفلسطينية، سوريا، حزب الله، الإرهاب، أسلحة الدمار الشامل الموجودة والمحتملة في: (إسرائيل، سوريا، إيران)؛ ثم دول الربيع العربي، أمن الخليج والعراق واليمن، أفغانستان ودول شرق آسيا التي تمر فيها خطوط الغاز والبترول.
مهما يكن من أمر فهناك أمر وضح في الآونة الأخيرة وهو إتفاق بين جميع الأطراف المشتبكة في الأزمة السورية يقضي بعدم السماح للإرهاب في سوريا (جبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق والشام داعش) بالتمدد خارج سوريا بل والقضاء عليه داخل سوريا نفسها.
أتوقع أن يثبط هذا التفاهم من عزائم القياديين الطغمويين الذين يريدون التصعيد. أعتقد أنهم سيدركون محدودية قدرتهم على التحرك بإتجاه العنف والتعويل على الإرهاب الوافد من سوريا بعد الإنتخابات النيابية حيث ستنكشف الأوراق وسقف الطموحات أمامهم.
2.2.3- محاولة إظهار التحالف الوطني، وبالأخص إئتلاف دولة القانون وبالذات زعيمه السيد نوري المالكي، بمظهر الذي لا يفي بوعوده كي يشكل هذا تراكماً لإتهاماتهم السابقة المتكررة بتكتيك محبوك لكسب مصداقية لها.
(هذا بالطبع لا يتناقض مع المفاهيم الجديدة التي تحدثت عنها قبل قليل لأنها تقع ضمن اللعبة البرلمانية من جهة ومن جهة أخرى فالتطبيق الجاد سيلي الإعتراف النهائي بقيادة النجيفي للطغمويين، ويلي الإنتخابات البرلمانية القادمة.)
3.0- أما بالنسبة للتحالف الوطني فإن تنصل النجيفي من وثيقة الشرف سيخدمهم كما يلي:
3.1- سيعزز التفاهم بين التحالفين الوطني والكردستاني خاصة في ستراتيجية الحفاظ على الديمقراطية.
3.2- ترصد الهيئات الدولية كبعثة الأمم المتحدة (يونامي) ومنظمات المجتمع المدني كمنظمات حقوق الإنسان وسفارات الدول العظمى والجارة كلها ترصد مواقف وتحركات الجماعات العراقية وتشكل رأيها بناءً على ذلك وتتصرف بموجبه.
من هذا المنطلق لمسنا الإهمال التام بل الإحتقار الذي ابداه المجتمع الدولي حيال تظاهرات الأنبار والموصل وصلاح الدين وغيرها لأنه أخذ علماً وإحاطة بالشعرات الطائفية والعنصرية والإرهابية والإستفزازية التي طرحت.
يقولون المالكي يثير المشاكل . هذا الإتهام، بنظري، مبني على أمرين:
الأول: إنه يلتزم بما يوقع عليه معهم من إتفاقات وهو لا يجد نفسه معنياً بتفسيراتهم الذاتية للإتفاقات. مثلاً: تفسير السيد علاوي لنظام "المجلس الوطني للسياسات العليا" لا يخول السيد علاوي دس الرئاسات الثلاث بجيبه لأن ذلك مخالف للدستور. لكن السيد علاوي ورفاقه لم يقبلوا بهذا الرفض.
ثانياً: إن المالكي مدرك لدوره المتحرك لا الجامد لأننا في مرحلة إنتقالية وليست مستقرة. فهو يهدم أسس الماضي ويبني أسساً ديمقراطية جديدة وفق المسار البرلماني. هذا لا يوافق البعض فيعتبرونه مثيراً للمشاكل لأنهم يريدون الماضي البعثي الطغموي أن يبقى على ما هو عليه. مثال: هناك قانون بعثي يرغم المواطنين على تغيير قوميتهم إلى القومية العربية. نقضته حكومة المالكي لكن طارق الهاشمي إعترض على النقض في مجلس الرئاسة.
إن تصريحات رئيس الوزراء السيد نوري المالكي في ذي قار والتي إستفزت السيد النجيفي وكتلته "متحدون" كانت منسجمة مع المادة السادسة من الدستور وهو لم يتجاوز على وثيقة الشرف والسلم الأهلي الموقعة قبل أيام.
لكن هؤلاء الطغمويين يريدون إرجاع عجلة الزمان إلى الوراء وهذا غير جائز، فيفهمون من وثيقة الشرف أن نتجاوز الدستور ونكرم حزب البعث الطغموي على "إبداعاته" الإنسانية والوطنية والقومية!!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): للإطلاع على "النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه" و "الطائفية" و "الوطنية" راجع أحد الروابط التالية رجاءً:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298995
http://www.baghdadtimes.net/Arabic/?sid=96305
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181
(2): ضغط وزير الخارجية الأمريكي السيد جون كيري بإتجاه منع مرور الطائرات الإيرانية الحاملة أسلحة وذخائر لحكومة الرئيس السوري بشار الأسد عبر الأجواء العراقية. سأله رئيس الوزراء إن كان لديه دليل يثبت ذلك، أجابه الوزير: مصدرنا هي المعارضة العراقية!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا قال الرئيس الفرنسي ماكرون عن اعتراف بلاده بالدولة الفلس


.. الجزائر ستقدم مشروع قرار صارم لوقف -القتل في رفح-




.. مجلس النواب الفرنسي يعلق عضوية نائب رفع العلم الفلسطيني خلال


.. واشنطن: هجوم رفح لن يؤثر في سياستنا ودعمنا العسكري لإسرائيل




.. ذا غارديان.. رئيس الموساد السابق هدد المدعية العامة السابقة