الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محنة «النهضة» و «الاصلاح» و «التنوير» بالعربية...

حسين الهنداوي

2005 / 5 / 24
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


«النهضة» و «الاصلاح» و «التنوير» مفاهيم تعبر في الثقافة الغربية عن مضامين مختلفة بل ومتضادة من حيث ان كل واحدة منها تعكس حركة تاريخية فكرية اجتماعية سياسية، لها روحها المميزة وزمنيتها ومفكروها ومنجزاتها الكبرى.

فــ «النهضة» وعصرها القرن الخامس عشر، هي ثورة ضد «الحق الالهي» الذي كانت المؤسسة الدينية تهبه بنفسها لنفسها من اجل احكام هيمنتها. وأهم منجز لهذه الثورة هو «جعل الكنيسة في الجمهورية بعد ان كانت الجمهورية في الكنيسة » كما قال آنذاك بيير دوبلوا. و«الاصلاح» وعصره القرن السادس عشر، هو ثورة ضد «الحق الالهي» الذي كانت تزعمه العوائل والطغم الحاكمة لنفسها لفرض استبدادها المطلق. واهم منجزات هذه الثورة هو اعلاء مبدأ «ان الحكام موجودون لخدمة الشعب وليس الشعب لخدمة الحكام» كما قال في تلك الفترة رجل الدين الجنيفي تيودور دي باز، وكذلك مبدأ «ان اختيار الحاكم بالانتخاب افضل من اختياره بالوراثة» كما قال الهولندي الكبير إراسم، الذي طالب منذ ذلك الوقت بحرمان الحاكم، حتى اذا كان منتخباً، من حق القيام بالحرب «لأن كل حرب يقوم بها الحاكم تجلب وراءها موكباً لا ينتهي من الجرائم والمبائس التي تصيب الابرياء وحدهم».

اما «التنوير» وعصره ما بين بداية السابع عشر ورحيل الثامن عشر، فهو ثورة ضد كل مزاعم الحق –الالهي او الوضعي- في تجاوز سيادة المجتمع المدني. واهم منجزاته هي فكرة «العقد» حيث الوعي هو الجوهر وحيث لا نور إلا نور الحرية. هناك تنوير، كما يقول عمانوئل كانت، عندما يكون هناك، معاً، استعمال كوني واستعمال حر واستعمال علني للعقل. وهناك تنوير، استنتاجاً، عندما يكون هناك، ومعاً، انتصار لمبدأ «العقد الاجتماعي» على مبدأ "الراعي والرعية"، وانتصار لمفهوم المرأة على مفهوم الحريم وانتصار للحرية على القوة، وللديمقراطية على الشورى، وللدستور على الاعراف، وللثقافة على السلطة، وللانسانية على الاعراق، وللمواطن على الفحل...

فأين نحن من كل هذا؟
السؤال عقيم كما يبدو. لأن المشكلة التي تواجه أي مغامرة في الاجابة هي ان هذه المفاهيم المتضادة، من اليافوخ حتى الاظافر، تترادف في الثقافة العربية الى درجة تسمح بتوظيف أي منها بدل الاخرى فيما يشبه آلية خلط فطرية، ويبدو أيضاً اننا نمتلك موهبة استثنائية في تقمص هذا الخليط فنتحدث متألقين عن عصور نهضة واصلاح وتنوير وحداثة وما بعد حداثة، بينما كل مكونات حياتنا، كل قيمنا، كل احلامنا توحي، وأي ايحاء، بأننا نعيش في قلب لحظة اصلية من مرحلة نستطيع ان نطلق عليها ازهى التسميات اذا اردنا، إلا انها تظل في روحها الحميمة جدا محض عصور... وسطى.












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفاوضات القاهرة بين الموقف الاسرائيلي وضغط الشارع؟


.. محادثات القاهرة .. حديث عن ضمانات أميركية وتفاصيل عن مقترح ا




.. استمرار التصعيد على حدود لبنان رغم الحديث عن تقدم في المبادر


.. الحوثيون يوسعون رقعة أهدافهم لتطال سفنا متوجهة لموانئ إسرائي




.. تقرير: ارتفاع عوائد النفط الإيرانية يغذي الفوضى في الشرق الأ