الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لعق الخوف

أحمد فرحات

2013 / 9 / 23
الادب والفن


“ألعق خوفي وأشمه ككلب فينتعش ويلعب معي الورق لنتراهن ، وأرى الوجوه التي تناسخت الملامح كالكربون تقتل بعضها رغبة في حذف الأصل وخوفا من الفضيحة ، ويتدلى للشجاعة كرش منتفخ في النظرية ،و في الحرب الأهلية صحونا من النوم أطفالا ثم كبرنا فجأة كطيور جارحة ، كانت لدينا أحلام مزعجة ومسفة لم ينتشل الصراعُ منها أحدا ، ولم أصل منهم إلى نهاية جملة واحدة ، ولم يصلوا مني إلى الحقيقة بعد ، الأمر لم يعد يتعلق بالمعاني أو الجماليات ، وفي مدينة نصر أصبح لدينا مقبرة جماعية ، أطلت منها وجوه الأصدقاء وحروفهم ونصوصهم ، واستيقظ مسعد عامل النظافة وأخبرني أن الجحيم بدعة وأنه لم يعد هو ، أطمئن و أهرب بالزجاجات زجاجات زجاجات ، برونكوفين ، توسكان ، كودافين ن معدل ، كوديلار ، وأستمر ، ألضم النهار في الليل بإبرة وأحكم غرزتين وعقدة وأتحسس بسبابتي مظان التنفيس حتى لا تطبق علي الكوابيس أو أحلام اليقظة الرديئة ، وتتدحرج لي حروف الجر والعطف بعد موجات الانفجار فأبصق عليها لما سببته عبر السنين ، الحرب خدعة ، والثورة حالة مزاجية ، والأكساس العفنة التي دفنت فيها أوجاعي يوما تدور حول النوافذ فأهشها بيد المقشة ، العبثية فككت قصصي كلها وجعلتها مكعبات ، وضقت باستضافتي ، أرفض الانتحار أو الانخراط في الحرب ، أقذف الجنود بزجاجات الدواء الفارغة ليبادلوني بالرصاص ، والرصاص يهرب ، وأسمع له ضحكا يشبه ضحك الضباع ، الرصاص الضاحك الهستيري يمرق ليأكد لي أن الحرب ليست مأساة ، كبسولة الحب ، الرحمة ، البقاء ، هي الحرب الأهلية الوحيدة التي لم تستخدم فيها طائرات ، الطيارون هربوا بها وباعوها بأبخس الأثمان في الصين الشعبية وكادوا العوازل ، أنا نافخ الكير ، وخبزي المسروق هو لحمهم ، لا أجد سببا لتتبع الحدث ، ويسمونه استهلاكا ، فأعصر الليمون على التبغ وأسترخي ، أشتاق إلى الخروج من مدينة نصر عبر الأتوستراد ، ولكنهم سيعبثون بكل شيء ، الناس كانت تتعاطى الدين من الكنائس والمساجد ثم صار يباع في الصيدليات ، وقالوا الإدمان هو الحل ، والنخبة في ذات اللحظة كانت لا تزال تتأذى من عاطف الطيب ، لكن الحرب جعلتهم يقابلون وجوه عمال الأفلام الغامضة وكعادتهم ظنوا البنادق لعبا ، شكسبير لم يمر من هنا ، أضع تراثه المتبقي والناجي من الحرائق تحت حذائي وأطؤه وأطؤه كوطيء دي نيرو لجثة القتيل في فيلم جود فيلوز وركله لها ، الحرب بلا أخلاق وتشبهنا من حيث النشأة ، تسيح اللغة في أفواه الجنود وكلما هموا بالكلام تتلزج وتتغضن كالعلكة ، ثم أما بعد ، لقد كانت لهذه الحرب أسباب عميقة خرجت تجري في الشوارع هاربة ولم يمسك بها أحد…..”








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل