الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب و السلام و النظام الاجتماعي الجديد

رمضان سيد

2013 / 9 / 24
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


الحرب ليست حالة استثنائية على نظامنا الاجتماعي. الحرب هي طريقة حياتنا و مبنية هيكليا في جسد الحياة السائدة على الارض. لذلك فاننا لا ننظر الى الحروب التي تحصل في العالم على انها احداث طارئة سببها هذا النظام او ذاك. لا يوجد مذنبون و ابرياء في اشعال الحروب. الحرب هي احدى تجليات الصراع اليومي بين الافراد و المجموعات البشرية الذين يدخلون معترك الحياة بشكل يومي من الصباح حتى المساء كل يوم.
عندما تتوقف في محطة الاوتوبيس لتذهب الى مكان ما فان الناس يركبون الحافلات بهدوء عندما يكون هنالك ما يكفي من الاماكن و الرحلات. يتكاتف الناس و يتدافعون لركوب الحافلة اولا عندما لا تتوفر اماكن تكفي الجميع. في الحقيقة انت تريد ان تصل الى العمل او البيت على حساب الشخص الذي يقف بجانبك للغاية نفسها لذلك فانك تسعى الى ان تدفعه جانبا لكي تربح معركة ركوب الحافلة. و في المخبز عندما يتجمع عشرات الناس للحصول على الخبز و اذا علموا بانه لن يكون هنالك ما يكفي للجميع فانهم سيدخلون في معترك على من سيحصل على الحصص المتبقية. اذا فزت بالخبز فان هذا يعني ان غيرك لم يفعل ذلك و سيعود خائبا الى البيت.
الندرة في الاشياء و عدم قدرة الجميع على الحصول على الاشياء يدفع الناس الى ما نسميه حرفيا "معترك" الحياة. و في خضم تدافعنا للحصول على الاشياء و اشباع حاجاتنا فاننا نفعل كل ما بوسعنا للحصول على الحصة الاكبر. و لان الجميع يفعل ذلك فاننا ندخل في حرب يومية ضد بعضنا البعض. و يصل الامر بالبشر الى القتل احيانا او الى اشعال الحروب احيانا اخرى. لان الجميع يريد ان يصل الى افضل الاشياء على حساب الجميع. هذا التدافع لاشباع الحاجات هو الاساس الذي تم عليه بناء نظامنا الاجتماعي الحالي و هو مصدر جميع الحروب على الاطلاق. لا فرق بين تدافعك لركوب الباص و بين الحرب العالمية الثانية سوى من حيث الحجم و الاسلحة التي تستخدم فيها.
ان السلام و الاخوة بين الشعوب و التكافؤ في الفرص و العدالة الاجتماعية و المساواة و الحرية و حقوق الانسان هي حبر على ورق و كلمات للاستهلاك السياسي تنتهي عند محطة الاوتوبيس عندما تدفع جيرانك بعيدا عن الباب لتركب قبله. نظامنا الاجتماعي عبارة عن حرب يومية للبقاء و تقسيم الثروات بين البشر كل على حساب الاخر. و من يركل افضل و يسحق جيرانه و اقرانه من البشر بافضل شكل يتسلق الهرم و يحصل على حصة افضل. ربما هذا هو سبب حبنا للمنافسات الرياضية ايضا حيث ان الفوز في مباراة كرة يمنحنا الرضى و يعوضنا عن الخسارة الساحقة التي تلقيناها في المرة الاخيرة عندما نجح جارنا في دفعنا بعيدا عن الباب عند ركوبنا الحافلة و غيرها من الهزائم اليومية في معترك الحياة.
ان الندرة ضرورية و جيدة لاقتصاد السوق. و لو حصل الجميع على كل ما يحتاجونه ينهار الاقتصاد. فالحروب بجميع اشكالها و الفقر و التناحر بين البشر جزء طبيعي في بنية اقتصادنا الحالي و طريقتنا في الحياة. و لاجل انهاء الحروب فاننا لسنا بحاجة الى لجان للمساعي الحميدة و منظمات دولية و قوانين تمنع القتل و الصراع. بل اننا بحاجة الى الاستخدام العقلاني لموارد الارض لتوفير الحاجات لجميع البشر دون استثناء, و الغاء النظام القائم على النقود و الندرة و التبادل و السوق و العمل الماجور. و هو ما يعني بالتالي اقامة نظام اجتماعي جديد و طريقة جديدة للحياة على سطح كوكب الارض.
هذا الامر ممكن و منطقي و لم تعد هنالك اسباب تدعونا الى الاستمرار على التدافع في محطة الاوتوبيس للركوب على حساب جيراننا, نستطيع بدلا من ذلك توفير الرحلات و الاوتوبيسات و الكراسي للجميع ليصلوا الى اماكنهم بهدوء و هم يستمعون الى الموسيقى في الطريق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عمليات بحث تحت الأنقاض وسط دمار بمربع سكني بمخيم النصيرات في


.. مظاهرات في تل أبيب تطالب بإسقاط حكومة نتنياهو وإعادة المحتجز




.. رغم المضايقات والترهيب.. حراك طلابي متصاعد في الجامعات الأمر


.. 10 شهداء في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في حي النصر شمال مدينة




.. حزب الله يعلن قصف مستوطنات إسرائيلية بعشرات صواريخ الكاتيوشا