الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السياسة الطائفية تقطف ثمارها

ماجد فيادي

2005 / 5 / 24
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بعد الانتخابات العراقية للجمعية الوطنية والنتائج التي خرجت بها , وما ترتب على ذلك من هيمنة طائفية شيعية وقومية كردية على الجمعية الوطنية , وما تلاه من مفاوضات مكوكية بين القائمتين الفائزتين بأغلب المقاعد , وظهورهما على حقيقتهما الطائفية والقومية , جاء الدور على العرب السنة ليصحوا من فشل ادعائهم بعدم نجاح الانتخابات تحت ظل الاحتلال والخوف من الإرهاب, ليجدوا أنفسهم خارج اللعبة السياسية يستجدون المشاركة من القائمة الشيعية والكردية , فما كان منهم إلا أن توحدوا أخيرا في ’’تكتل أهل السنة‘‘ في مؤتمرهم الأخير والذي ضم كل القوى السنية على حد تعبيرهم.
ماذا يمكن أن نستنتج من هذا التكتل وبهذا الاسم الصارخ ’’ تكتل أهل السنة ‘‘ ولماذا جاء في هذا الوقت تحديداً ومن كان ورائه والى ماذا يهدف ؟؟؟
هذا التكتل جاء تلبيةً للحاجة وانعكاساً للضغط الشيعي وتصريحاته الرنانة إعلاميا بعدم وجود تمثيل موحد لدى العرب السنة لدخول المفاوضات لغرض تشكيل الحكومة بتوازن يمثل ألوان الطيف العراقي , وهو محاولة مدفوعة من الداخل والخارج لخلق تكتل سني يقف في وجه التكتل الشيعي , فالمصالح الداخلية السنية لا يمكن لها أن تتحقق بدون دعم خارجي من الجوار العربي السني والعالمي المناهض لأمريكا, لقد جاء الاختيار لهذا الاسم لكي يثبتوا للعرب الشيعة قدرت السنة على التوحد وإسقاط حجتهم, كما لا يدع مجال للتنافس من قبل القوى السنية التي لم تشترك فيه والتي تسعى للحصول على أصوات العرب السنة في الانتخابات القادمة مثل الشيخ عجيل الياور على سبيل المثال, فالتجمع بمكوناته لم يجد في العرب السنة الذين قبلوا ببعض المناصب ممثلين لهم ولمشاريعهم , إضافة إلى انسحاب البساط من تحتهم (القوى المكونة للتكتل السني) بمشاركة هذه الأسماء في الجمعية الوطنية والحكومة, فما كان منهم إلا أن يختاروا اسماً سنياً صارخاً يضعهم في مقدمة التجمعات الممثلة للسنة , وهذا الاسم هو البديل عن افتقار السنة إلى المرجعية الموحدة تاريخياً بالمقارنة بما لدى الشيعة.
إن القوى السنية المتكتلة تحت هذا الاسم وجدت نفسها في عزلة عن جمهورها الذي صدقها في صعوبة إجراء الانتخابات, وإن الشيعة و الكورد يهيمنون على كل شيء حتى على كتابة الدستور, فجاء نداء الداخل والخارج للتنسيق والعودة إلى الساحة السياسية بعد سقوط الدكتاتور, وهذه أفضل وسيلة لهم لجمع الأصوات, وتشكيل عامل ضغط على الشيعة في السباق إلى السلطة والاستحواذ على المناصب الإدارية في الجمعية والحكومة ودوائر الدولة, خاصة بعد فشل مبدأ المقاومة العسكرية لإخراج قوات الاحتلال وانعكاس السمعة السيئة على حملة السلاح نتيجة تدخل قوى إرهابية بين صفوفهم وإصرار أمريكا على قمع كل محاولات التسلح إضافة إلى نفور الشعب العراقي من هذا الأسلوب.

إن القوى الشيعية, دفعت في اتجاه الطائفية الدينية السياسية, لأنها تريد أن ترسخ المفاهيم الدينية في الحياة السياسية, لإبطال فكرة فصل الدين عن الدولة, وهي لا تريد أن تكون المحرك الوحيد لذلك, كي لا تقف أمام المجتمع الدولي وأمريكا بمفردها, فسعت إلى إثارة الطائفية, لإشراك العرب السنة في هذا المد الديني , وقد جاء على لسان الدكتور على الدباغ في مقابلة تلفزيونية في الحديث عن الدستور(إننا ’’الشيعة‘‘ لا نختلف مع السنة في الأهداف والشكل إلا قليلا في كتابة الدستور, لكننا نقف على تباعد مع الكورد في مفهوم الفدرالية والعلماني لفصل الدين عن الدولة عند كتابة الدستور) فكانت الوسيلة الدفع الطائفي للعرب السنة في محاولة لإشراكهم في التصويت على الدستور والمشاركة في الانتخابات القادمة لإضعاف الكورد في الجمهورية العراقية الثانية وتقليل نسبتهم داخل البرلمان العراقي, لأنهم(الكورد) يمثلون تكتل علماني قوي بوجه الإسلاميين داخل البرلمان, كما إنها محاولة للمزيد من التهميش للتيار الديمقراطي (المفكك) في هذه المرحة والسعي لإنهائه تماما في الوسط والجنوب من العراق, وتعلم القوى الشيعية تماما إنها في الانتخابات القادمة إذا لم تبقي على مبدأ الطائفية فإنها ستخسر الكثير, فهي لم تقدم برنامج اقتصادي, ولم تفي ببعض وعودها مثل إخراج الاحتلال, ولم تخرج للجمهور متحدة ومتراصة بعد الانتخابات, وتأخرت في تشكيل الحكومة, وعجزها في القضاء على الإرهاب, فتململ الشعب العراقي من عدم تغير الأوضاع الخدمية والأمنية, واستفحال حالة الفساد الإداري والانحياز الحزبي في الوزارات, كل هذا سيفكك تحالفها الهش ويفقدها لحالة الأغلبية داخل الجمعية, ما لم تجد قوة أمامها تنافسها طائفيا لتجعل الجمهور يلتف حولها من جديد.

إن هذا المبدأ في التكتل السني لا يخدم المجتمع العراقي بل يمزقه أكثر مما عليه الآن , ولا يصب في جدول الديمقراطية الوليد في العراق , ونتائجه هيمنة دينية على الجمعية الوطنية وانحسار للتيار الديمقراطي, ومزيد من التعطيل في بناء الوطن وتنشيط للفساد الإداري والمحسوبية, وبقاء الاحتلال فترة أطول, والاعتماد على القوى الخارجية اكبر , حينها سنرى الإيراني والأردني والسعودي والفرنسي إضافة إلى الأمريكي والبريطاني يتحكم في البلد أكثر من المواطنة والمواطن العراقي.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد ما حدث لناطحات سحاب عندما ضربت عاصفة قوية ولاية تكساس


.. المسيرات الإسرائيلية تقصف فلسطينيين يحاولون العودة إلى منازل




.. ساري عرابي: الجيش الإسرائيلي فشل في تفكيك قدرات حماس


.. مصادر لـ-هيئة البث الإسرائيلية-: مفاوضات إطلاق سراح المحتجزي




.. حماس ترد على الرئيس عباس: جلب الدمار للفلسطينيين على مدى 30