الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أخطر ما في هذا العداء لمرسي!

جواد البشيتي

2013 / 9 / 24
مواضيع وابحاث سياسية



أشياء كثيرة، متكاثرة، تلك التي هي الآن مدار خلاف (بعضه كالعداء) بين العرب، ومنهم، على وجه الخصوص، أولئك الذين كانوا على قلب رَجُلٍ واحدٍ، أو بَدوا كذلك، في "العهد الأوَّل (والأبيض)" من "الربيع العربي"، وقَبْل إغراق الحراك الشعبي السلمي السوري في بحرٍ من الدماء، وانفجار أزمة الثورة المصرية، بما تسبَّب، في آخر المطاف، بعزل الرئيس مرسي، وتولِّي العسكر بقيادة السيسي حُكْم مصر.
وقُلنا لا بأس، بَلْ لا بدَّ، مِن تحرير الخلاف والاختلاف من كلِّ قَيْد، أو من قيود "العهد الاستبدادي الشمولي"؛ فَقَبْل أنْ نتَّفِق، ومن أجل أنْ نتَّفِق، ينبغي لنا، على ما قال لينين، أنْ نُظْهِر ونَكْشِف الأمور والقضايا التي هي مدار خلاف بيننا؛ لكن ما لم نتوقعه ونتمناه أنْ يعمي الخلاف أبصارنا وبصائرنا؛ فنغدو كمثل مَنْ تَلوَّن عالمه الواسع كله بلونٍ واحد أحد حتى عجز عن تمييز شيء من شيء.
أنْ تختلف مع مرسي، لا بَلْ أنْ تعاديه هو وجماعته وحزبه وعهده ونهجه، فهذا ما لا نجادِل في حقِّكَ فيه، ومهما تماديتَ في "شيطنة" هذا الخصم؛ لكنَّ هذا الحق لا يمكن أبداً أنْ يُشْتَقَّ منه، أو أنْ نَقْبَل أنْ يُشْتَقَّ منه، "حقٌّ" من قبيل "الحق في التصالح المُذِل والمُخزي مع العدو القومي الأوَّل للعرب، وهو إسرائيل"؛ ولقد قال بعض المصريين (والعرب) من مؤيِّدي السيسي، أو من الذين أعمى عداؤهم لمرسي أبصارهم وبصائرهم، إنَّ مَقْتَل جنديين إسرائيليين في الضفة الغربية على أيدي فلسطينيين هو "جريمة إرهابية" ارتكبتها "حماس (حليفة مرسي)"، ولا بدَّ من أنْ تُعاقَب عليها، ولو على أيدي إسرائيل!
وهؤلاء الذين باركوا ومجَّدوا وامتدحوا القتل في مصر، وفي "رابعة العدوية" على وجه الخصوص، سعوا في إلباس موقفهم (المخزي والمشين من مقتل الجنديين الإسرائيليين) لبوس "المنطق الإنساني" إذْ قالوا إنَّ كلَّ قَتْلٍ جريمة، وإنَّ قَتْل جنديين إسرائيليين لا يشذ، ويجب ألاَّ يشذ، من ثمَّ، عن هذا المبدأ.
لن نكون مثلهم؛ فهؤلاء (أو بعضهم) يمكن أنْ يتمادوا في عدائهم الأعمى لمرسي بما يجعلهم (وقد جعلهم، أو جعل بعضهم) أعداء لأنفسهم، أيْ لحقوقهم ومصالحهم وقضاياهم؛ وعليه، نقول إنَّ مرسي (مع جماعته، وحزبه، وتيَّاره العريض) فشل في أنْ يَحْكُم ويقود (وفي أنْ يتغيَّر، ويُغَيِّر) بما يسمح له بالتأسيس لائتلاف ثوري عريض، يضم كل القوى الشبابية والديمقراطية والليبرالية واليسارية والقومية التي ثارت، أو شاركت في الثورة، على عهد مبارك؛ وهذا الفشل سرعان ما وَلَّد فشلاً آخر، هو فشل تلك القوى، على وجه العموم، في أنْ تُقَيِّد بـ "قيود ذهبية" عداءها لمرسي، فلا تندفع في عدائه بما يُزيِّن لها أنْ تتصالح مع كل من خاصم مرسي (أو عاداه) من قوى إقليمية (وعربية) ودولية، أو مع كل ما جَعَل هذه القوى في خصومة معه؛ وأنتَ يكفي أنْ تسعى في أنْ تعادي خصماً لكَ عداءً مُطْلَقاً حتى تكتشف أنَّكَ شرعت تعادي نفسك.
وإنَّ أسوأ ما نراه الآن في مصر هو أنَّ إبداء العداء لمرسي (والتطرُّف في إبدائه) تحوَّل، أو يتحوَّل، إلى ما يشبه "مَصْدَر شرعية" لمواقف لا تَقِفها إلاَّ قوى لها من المصالح والأهداف والدوافع ما يُلزمها أنْ تكون، أو يجعلها، معادية لمصر نفسها، أيْ لمصر التي كانت كامنة في الدَّافع الشعبي إلى ثورة الخامس والعشرين من يناير.
في مصر الآن، يكفي أنْ تجهر بعدائكَ لمرسي حتى تتمتَّع بـ "الحق"، و"الشرعية"، في أنْ تَصِم حركة "حماس (حليفة مرسي)" بـ "الإرهاب"، وفي أنْ تُصَوِّر مقتل جنديين إسرائيليين في الضفة الغربية على أيدي فلسطينيين على أنَّه "جريمة"، ارتكبها "إرهابيون" من "حماس"!
وإنَّه لَمِن سوء الفهم أنْ نفهم كل هذا الذي نراه الآن في مصر على أنَّه من قبيل السذاجة السياسية لدى خصوم مرسي؛ ذلكَ لأنَّ كثيراً من القوى المعادية لمصر نفسها تتدثَّر الآن بـ "العداء لمرسي"، وكأنَّ كل مَنْ يعادي مرسي يجب أنْ يكون صديقاً لمصر وشعبها، ولو كان إسرائيل نفسها!
نكايةً بمرسي (أو على ما أرادوا للأمر أنْ يبدو) وقفوا مع كل مَنْ ناصب ثورة الخامس والعشرين من يناير العداء، أكان من الداخل أم من الخارج؛ ووقفوا مع بشار الأسد ضدَّ الشعب السوري؛ ووقفوا مع إسرائيل ضدَّ "حماس (الإرهابية)"؛ وقد يُورِّطوا، عمَّا قريب، الجيش المصري في حملة عسكرية ضدَّ قطاع غزة؛ ووقفوا مع "العهد الناصري" إذْ فهموه وعرَّفوه على أنَّه العداء لجماعة "الإخوان المسلمين"؛ ووقفوا (إذْ مَزَجوا جدهم بشيء من الهزل) ضد إدارة الرئيس أوباما، التي أرادت بمصر شَرَّاً إذْ وَقَفَت مع مرسي، على ما يزعمون؛ ووقفوا، في خطابهم الإعلامي على وجه الخصوص، مع كل ما يأباه منطق أرسطو، أو منطق هيجل؛ فتعصبهم أثمر خطاباً إعلامياً لا نظير له لجهة افتقاره إلى المنطق. ولولا خوفهم من العقاب، وطمعهم في الثواب، في الآخرة، لتخلُّوا عن الإسلام نكايةً بمرسي!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - !!الدفاع عن الاخوان
قارئ ( 2013 / 9 / 24 - 17:44 )
استاذي تحية
لا أتفق مع العزل السياسي القانوني ، لكنني مع العزل الجماهيري .هذا اولا ، لكن كقاريء لمقالاتك ارى أنك وبشكل متواصل تحاول ان تقول للقاري وتقنعه بأن حركة الاخوان المسلمين هي راعية الحرية ، والديموقراطية والتعددية في العالم العربي .
ويبدو لي بأنك لو تمكنت لشتمت كل اليسار المصري الذي ثار على الاخوان
وكذلك لو تمكنت لشتمت كل مختلف مع ابنة الاخوان في فلسطين اي حركة حماس .
اذن لماذا لاتبق الحصوة وتعلن انتماءك للاخوان
ولك تقديري


2 - الفاشية الدينية تتباكى على الديمقراطية
د/سالم محمد ( 2013 / 9 / 24 - 18:45 )
يا رجل . . . فى اى عالم تعيش! !
و عن اى ديمقراطية تتكلم و تهرتل و تتفاصح ! !
ايهاالاخوانى المتحذلق ،
ان جماعتكم الارهابية هى لا تعدوا ان تكون تنظيما دوليا عالميا مرتبطا وثيقا بلاستعمار الانجليزى سابقا و الامريكى حاليا .
نحن لا نكيل لكم التهم جزافا و لكنها الوثائق و الوقائع
الاخوان و ازلامهم من الفاشيين اشاعوا الرعب و القتل فى بلادنا
ايها الاخوانى . . لقد قتلتم الشيعة و مثلتم بهم
ايها الاخوانى . . لقد قتلتم المسحيين و حرقتم كنائسهم
ايها الاخوانى . . لقد قتلتم كل قيم التسامح و المحبة التى سادت فى مصر و زرعتم الحقد و العنصرية الصلعمية بيننا
انتم اعداء الديمقراطية و الحرية التى تتباكونها دموع التماسيح


3 - نكايه في مرسي او العكس
احمد مجدي ( 2013 / 9 / 24 - 20:34 )
ولولاخوفهم من العقاب في الاخره لتخلوا عن الاسلام نكايه في مرسيوهناك من اصحاب التعليقات من يكيلون الاتهامات الكاذبه والساذجه لمرسي ولجماعته ولكل صاحب راي موضوعي بصدد الصراع القائم بمصر الان نكايه في الاسلام علي ما يتصورون انه علاقه بين جماعه سياسيه كالاخوان وبين الاسلام لقد حولهم عداءهم للاسلام الي ما يشبه مخبري جهاز الامن السياسي الفاشلين الذين يكيلون من الاتهامات لهذا التنظيم ما يحمل الشئ ونقيضه والدليل وعكسه ولايهم ابدا كون كلامهم يحمل في طياته منطقا يقنع باحث عن الحقيقه فانت بصدد حاله من الاضطراب النفسي هي اقرب للهذيان الفصامي


4 - يا أمة ضحكت من جهاها الامم
د/سالم محمد ( 2013 / 9 / 24 - 22:20 )
الاخ المعلق احمد مجدى
الهاذون الفصاميون هم اؤلئك الذين يصدقون ان صلعما ’ قد امتطى (بغلا’) يسوسه جبريل حيث طاف به السماوات حتى وصل الى (سدرة المنتهى) حيث يستوى رب صلعم لى عرش تحمله ملائكة . و كأن هذا الرب يخضع مثلنا للجاذبية التى يفترض عدم وجودها فى تلك السماوات العلى
يا أمة ضحكت من جهاها الامم


5 - شركات العلاقات
محمد القيسي ( 2013 / 9 / 26 - 23:25 )
تولى عصام الحداد عقد صفقات تجارية اعلامية مع شركات غربية مختصة بهذا الشأن لتبيض وجه الاخوان والاسلام السياسي القبيح في الغرب فظهر ذلك في اعلامهم ،فلا تستغربوا احبتي ان ظهر بعض الكتاب العرب ينافح عن الاخوان فهناك عشرات عصام حداد صغار يربطون علاقات مع كتاب عرب،تصحيح وتنويه:حماس لم تقتل الجنديين الاسرائليين في الضفة ولم تتبن ذلك،جندي الخليل تبنته العاصفة الجناح العسكري لفتح_الانتفاضة-فتح ابوموسى- وجندي قليلية قتله شاب بنية اخفاء جثته لمبادلتها بأخيه القيادي في فتح ابو مازن وتم اعتقاله


6 - تفسيرا للأمر
محمود عبد الوهاب ( 2013 / 10 / 4 - 11:39 )
الأخ د. سالم محمد
لقد ظلمت الكاتب باتهامك إياه أنه إخوانى .. !! فهذا أمر مضحك بالتأكيد لأن الكاتب جهر فى غير موضع بإلحاده .
أيضا من المستبعد أن يكون الكاتب عميلا خائنا لأنه والحق يقال شخص بسيط متواضع يعيش بالأردن لا حول له ولا قوة يمارس الكتابة كهواية لسد الفراغ وله محاولات متعددة للكتابة فى هذا الموقع ، فتراه يجتهد رأيه فى دأب وإخلاص فيصيب تارة ويخطىء تارة شأن كل الهواة
التفسير الوحيد لهذا الذى تعتبره (شطط) فى مقاله هذا وفى مقالاته عن مصر هو - بالضبط كما قال هو فى هذا المقال - سذاجة سياسية .. ليس أكثر . فهو - مع إلحاده - شخص يحلم للعرب بحياه ديمقراطية كالتى يسمع عنها عند الغرب وسيطر عليه الوهم بأن الإخوان هم حملة مشاعل الديمقراطية لبلاد العربان فتشبس بهذا الوهم وطفق يدافع عنه ويفديه فى كتاباته بالغالى والنفيس .. لذلك يتوجب علينا أن نبين له مواضع الخطأ فيما يقول دون تجريح أو اتهامات باطلة

وشكرا


7 - حول تعليقات سالم ومحمود عبد الوهاب
احمد مجدي ( 2013 / 10 / 4 - 20:17 )
اولا الاخ عبد الوهاب اقول لك انك قارئ هاوي وجواد كاتب محترف وقدير واي انسان له علاقه بالثقافه يعرف قيمه كاتب كجواد البشيتي الا المبتدئين مثل سيادتك واتهام الرجل بانه كاتب من الهواه هو السذاجه بعينها - ا ما المسكين سالم فاقول له هل لديك معلومات بان من خرجوا ضد مرسي في 30 يونيوهم من الملحدين او من الناقمين علي الاسلام وماذا يعنيك اصلا بشان امه اغلبها من المسلمين الذين تضحك من جهلهم الامم لايمانهم بالخزعبلات -لاعليك يا اخ سالم ودعك من الاهتمام بامر من تحتقرهم في اعماقك ورفقا بنفسك وباعصابك فلن ينفعك احد ان اصابك مكروه جراء ماتختزنه نفسك من شحنات الكراهيه تجاه اتباع نبي الاسلام سواء كانوا من اتباع مرسي او من خصومه

اخر الافلام

.. كيف استفاد نتنياهو من هجوم 7 أكتوبر؟


.. بايدن يتمسك بالترشح وسط عاصفة جمهورية لإزاحته




.. تصاعد الدخان مع تبادل إطلاق النار بين الاحتلال وحزب الله على


.. مظاهرات أوروبية متجددة للمطالبة بوقف الحرب على غزة




.. انفجار بمصنع للألياف الكيميائية في الصين يولد حريقاً هائلاً