الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لعبة القدر

مصطفى لغتيري

2013 / 9 / 24
الادب والفن


أهدي هذه القصة التي كتبت اليوم فقط إلى صديقة عزيزة تحب الأدب و الحياة ، وتكتب نقدا جميلا ، لكن الحياة خذلتها وسرقت منها قدرتها على الوقوف ، وألزمتها كرسيا متحركا لا تبارحه ، غير أن إرادتها لم تهن، و هي مازالت متشبثة بالأمل في أن تستعيد قدماها عافيتهما، وتنتصب واقفة نكاية في غدر الحياة.
لعبة القدر
مصطفى لغتيري
متهادية في مشيتها مضت حسناء نحو مقصف الجامعة. أفكار عدة تتصارع في ذهنها .. المستقبل الواعد يغازل شغاف قلبها، فترتسم على شفتيها القرمزيتين ابتسامة خجلى،سرعان ما تلجمها وتواصل طريقها رشيقة حالمة، تعانق ظلال السعادة التي تحيط بها في الخفاء..
في رحاب المقصف اختارت جسناء مكانا حييا متواريا عن الأنظار. بحذر أخرجت كراستها وطفقت تخط كلمات مغتبطة بابتهاجها المتبرعم.كلمات تسرق من الشعر توهجه و أناقته.. بعد لحظات حضرت صويحباتها . مرتكبة طوت حسناء كراستها ، فيما لعلع لون الخجل على وجنتيها . جاهدة حاولت طمس معالمه البارزة. نسبيا نجحت في ذلك ثم ما لبثت أن اندمجت رفقة صويحباتها في حديث بلا ضفاف.
بعد حين غادرت الجامعة في اتجاه البيت ، هناك حيث تنتظرها فرحة من نوع مختلف في أحضان العائلة .. سعيدة بوصولها دخلت حسناء المنزل، طبعت قبلة على جبين أبيها، ثم انزوت في غرفتها محاولة ترتيب دواخلها بما يسعفها على احتضان فرحة عالم ، بسخاء يقدم لها أجمل الهدايا وأبهاها .. تتمدد على سريرها، وظلت تحملق للحظات في السقف . تتماهى مع أحاسيسها الوليدة، التي مافتئت تنغرس قوية في دواخلها. فجأة يصلها صوت أمها المحتج:
-حسناء تعالي الى هنا.
بسرعة تلملم حسناء ذاتها، وكأن صوت أمها اقتلعها من حضن فردوس لا مرئي يضمها في كنفه الوثير . أسرعت نحو خارج الغرفة:
-ماذا أمي؟
نظرت الأم إليها مستغربة ثم قالت:
-من سيغسل هذه الأواني؟
على ملامح حسناء ظهر بعض الحزن الصامت . خفضت رأسها ودلفت نحو المطبخ، لكن صوت أبيها الهادر أوقفها:
-تعالي هنا.
ارتبكت حسناء.حائرة نقلت بصرها بين أبيها وأمها، ثم خطت خطوات حيرى نحوه. دنت منه وتسمرت واقفة في مكانها.نظر الأب إليها بتحبب، ثم قال:
- مدي يدك!
مستسلمة مدت له يدها.أمسكهما بلطف ، ثم قال مخاطبا أمها:
-هل هاته اليدان الجميلتان تغسلان الأواني؟ أبدا لن أسمح بذلك.
ابتسمت في قرارة نفسها دون أن تجرؤ على إظهار ابتسامتها خوفا من غضب أمها.
بقرار من أبيها عادت إلى غرفتها وكراساتها. في أعماقها تردد "ياه كم يحبني أبي " تذكرت والابتسامة على شفتيها كيف اعترض على زواجها وكيف طرد العريس المفترض مدعيا أن ابنته ماتزال طفلة، وأنها ستستمر في دراستها حتى تحصل على أعلى شهادة ممكنة.
في المدة الأخير وهن مفاجئ اكتسح قدميها، ما فتئ يتجذر في نسغ عظامها رويدا رويدا، لكنها أبدا لم تستسلم له. في نفسها كانت تقول" إنه وهن عابر".. كانت تصر على قطع مسافة طويلة مشيا على قدميها، وكأنها تثبت لنفسها أن لا شيء يسحق الانشغال، إلى أن جاء ذلك اليوم الذي وجدت نفسها ذات صباح غير قادرة على الحركة، والألم يعتصر القلب والذهن، وكأنه ينتقم منها لسبب مجهول . في هذه المرة كان لزاما عليها أن تتصرف ..أخبرت أباها بما يحدث، فأخذها طرا ودون تباطؤ نحو الطبيب. درجة الرعب تضاعفت في دواخلها . أبدا لم تتوقع ما يحدث لها، بيد أنها تشبثت بالأمل . بعد زيارة الطبيب دخلت في دوامة من الإجراءات و التحاليل والصور بالأشعة . تناولت أدوية بلا حصر، عشقها للحياة لم يخب أبدا .. بإصرار استمرت في دراستها . لم تتهاون أبدا، فاستحقت بذلك عبارات التشجيع والمساندة من الجميع.
بنوع من التفاني واظبت حسناء على الدوء و التحصيل،وبعد زمن محدد كان في انتظارها شيئان لازمان: شهادة عليا و كرسي متحرك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أخرهم نيللي وهشام.. موجة انفصال أشهر ثنائيات تلاحق الوسط الف


.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس




.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في


.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب




.. أم ماجدة زغروطتها رنت في الاستوديو?? أهالي أبطال فيلم #رفعت_