الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دور الوسيط ل -الاتحاد العام التونسي للشغل- معاكس لتطلعات الطبقة العاملة في تونس!

سامان كريم

2013 / 9 / 25
مواضيع وابحاث سياسية



الاتحاد العام التونسي للشغل بمثابة حزب الطبقة العاملة, خصوصا في ظل غياب التحزب الطبقي للعمال في تونس, بمثابة حزب الطبقة العاملة الذي يمثل كافة تياراتها الفاعلة, انه حزب دون تنظيم حزبي بمعنى "المنظم الحزبي". الاتحاد يعمل كوسيط بين التيارات البرجوازية المختلفة من الاسلام السياسي "النهضة الاسلامية" والاحزاب القومية اليمينية واليسارية منها.

دور الوسيط بين تلك القوى لتوفير الاجواء المناسبة لاعادة دوران الانتاج والاستثمار الرأسمالي, دور وسيط ليس بين حزب الطبقة العاملة وبين الطبقة البرجوازية (ولو حتى هذ الدور لا يليق باتحاد عمالي) بل دور الوسيط في سبيل انضاج الوحدة البرجوازية كطبقة لتسلم امور الدولة والحكومة. هذا المنطق من الوساطة يمثل اقصى يمين الحركة العمالية في تونس. انه يناضل في سبيل توحيد الصف البرجوازي, عوضا عن النضال في سبيل تمزيق صفها لصالح الطبقة العاملة.

المفروض هو ان حزب الطبقة "وهنا الحزب هو الحركة العمالية بشخص ممثلها الاتحاد العام التونسي للشغل" يمثل الطبقة العاملة ويمثل تطلعاتها وامنياتها ومطالبها الفورية والملحة, اي روح الثورة التونسية, من الحرية والمساواة وتوفير اجواء معيشية لائقة منها ضمان البطالة وزيادة الحد الادنى من الاجور وأقرار حرية الاضراب والتنظيم وفصل الدين عن الدولة, والمساواة الكاملة بين الرجل والمراة.. هذه هي روح الثورة التونسية في حدها الاقل. الاتحاد مشغول ومنخرط في مسائل اخرى بعيدة عن بعدها الطبقي العمالي. اصبح الاتحاد في مبادرته جزءاً لا يتجزأ من العائلة البرجوازية الحاكمة في تونس. عبر محاولاته المتكررة لتقريب وجهات النظر بين مختلف التيارات والقوى البرجوازية. انه يحاول وبقوة ان يوحد عدوه الطبقي ولكي يتم سحق تطلعات والنضال الطبقة العاملة. اصبحت النضالات والاحتجاجات التي يدعوا لها "اتحاد الشغل" نضالا في خدمة البرجوازية نضالا في سبيل توحيد الصف البرجوازي ولإرغامها على قبول مبادرته.... وليس النضال في سبيل تحقيق المطالب الانية والمستقبلية للعمال. هذا اقل ما يمكن ان يقال عنه الانتهازية داخل الصف الطبقي.

الاتحاد العام عليه ان يدرك الامر الطبقي وهو محاولة جادة لفرض سلطانه السياسية كطبقة بوجه الطبقة الحاكمة, وفرض اجندتها الطبقية على الاقل "المطالب العمالية الفورية" على الطبقة الحاكمة. ان الاتحاد منخرط ومتدخل بقوة في الشؤن السياسية. ان دور الوسيط لحل الازمة السياسية والحكومية للبرجوازية هو دور سياسي بإمتياز, والسياسة هنا لصالح الطبقة البرجوازية الحاكمة, ومحاولة منه لتوحيد الصف البرجوازي المتأزم والمتصارع أصلاً فيما بينه. دور الطبقة العاملة سواء كان عبر حزبها الطبقي او عبر منظماتها الجماهيرية المختلفة وقادتها مثل "اتحاد الشغل" يجب ان يكون دوراً سياسيا لصالح طبقته الطبقة العاملة, وهذا يعني النضال في سبيل تعميق الازمة السياسية والحكومية للبرجوازية وفرض سلطانها السياسية لصالح تطلعات ومطالب الطبقة العاملة. خصوصا ان الاتحاد لديه امكانيات مناسبة وجيدة لتعبئة قوى الطبقة العاملة والحركة النسوية الصاعدة وحركة العاطلين عن العمل... كل الشروط متوفرة لنجاح فرض سلطانها السياسي وجملة من المطالب العمالية والجماهيرية على الطبقة الحاكمة.

الاتحاد يتحرك بعكس تيار وتطلعات الحركة العمالية, المشكلة تكمن في السياسة والتوجهات السائدة على الاتحاد وقادته. السياسة والتوجهات التي تقود الاتحاد سياسة عتيقة والتي تسمى بــ"الوطنية". الوطنية التي تنخر بمحتوى النضال الطبقي وتأكل جوهر نضاله. لان "الوطنية" اساسا هي سياسة برجوازية لتحميق الطبقة العاملة وابعادها عن دورها السياسي والتاريخي, بحجة "وطن واحد" وتميع النضال الطبقي في بوتقة "الوطنية". ان الحركة السياسية التي يمارسها الاتحاد كدور وسيط بين مختلف اجنحة البرجوازية من جانب ووثيقته لسنة 2013 "العقد الاجتماعي" تمثل بما لا يقبل الشك, ان اتحاد الشغل يمثل يمين الحركة العمالية.

ان الاتحاد يعمل ويمارس دوره كأنه يسبح في المحيط الهادئ دون اي تموجات وتلاطمات بحرية, يمارس دوره كوسيط "نزيه", لكن "وطنيته" أضعفته بشكل كبير, خصوصا حين دار وجهه الى محيطه رآى ان حركة النهضة الاسلامية تتحرك بسرعة فائقة ضد حركته وللنيل من الحركة العمالية, وذلك بتقوية التيار المنشق داخل الاتحاد التيار الذي اعلن عن تشكيل "تصحيح المسار النقابي داخل اتحاد الشغل" وبعده تشكل منظمة جديدة في نهاية شهر آب الماضي باسم "المنظمة التونسية للشغل" التي تعمل بصياغات اسلامية وفق تصرحيات قيادييها في مؤتمرها التأسيسي. ان السياسة "الوطنية" السائدة على اتحاد الشغل توفر الارضية المناسبة لتفكيك الاتحاد الى كيانات مختلفة وهو نائم في دوره الوسيط.

ان القوى البرجوازية الحاكمة, منخرطة ومشغولة بأجندتها السياسية وتتصارع بين بعضهما البعض, على الاستحواذ على السلطة والنفوذ. واتحاد الشغل نائم في كبوته ينتظر دوره الوسيط, لكن الفائز من القوى البرجوازية يسحق كل طموحات هذا الوسيط بعد ان يتبؤ السلطة, بعد ان يحلحل ازمته. هذا هو مصير اتحاد الشغل وفق توجهاته السياسية. اما الحل هو لدى قادة الطبقة العاملة خارج اطار الاتحاد, القادة الذين يعتقدون بان ليس هناك توافق بين الطبقتين في ميدان السياسة, القادة الذين يعتقدون ان دور الوسيط ليس دور الطبقة العاملة, القادة الذين ينتقدون السياسة والتوجهات" الوطنية" والاسلامية, الذين يؤمنون بان المظالم والاستغلال الطبقي والجنسي والقومي, الفقر والمجاعة والبطالة ناتج عن النظام الطبقي, وتنتهى بإزالته. 25ايلول.2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرة حاشدة نصرة لفلسطين في ساحة الجمهورية وسط العاصمة الفر


.. أصوات من غزة| أثمان باهظة يدفعها النازحون هربا من قصف الاحتل




.. واشنطن بوست: الهجوم الإسرائيلي على رفح غير جغرافية المدينة ب


.. إندونيسيا.. مظاهرة أمام السفارة الأمريكية بجاكرتا تنديدا بال




.. -مزحة- كلفته منصبه.. بريطانيا تقيل سفيرها لدى المكسيك