الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسرحية السياسية في العراق ... المشهد الاول ...

احمد نعمة

2013 / 9 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


أن ما يحدث في العراق حاليا هو عبارة عن مسرحية سياسية كوميدية للبعض و تراجيدية لأغلب المواطنين البسطاء لكن هناك فرقين اثنين فقط عن باقي المسرحيات و هما : أن مسرحيتنا في العراق ليس لها أي هدف أو فكرة فهي مجرد مشاهد تتكرر و وقت يمشي بسرعة حتى قطعنا سيفه لالف قطعة و مازال يستبيح لحمنا و نحن نسير الى الخلف , أما الفرق الثاني فهو أن مسرحيتنا لا يضحك الجمهور فيها بل انه يتفاعل مع الاحداث لدرجة الموت أو الاغتيال فكل الاحداث المهمة في مسرحيتنا تعبر عنها التفجيرات و المفخخات و الموت في الشعب العراقي , المتفرج الاكثر وفاءا للمسرح حيث مازال التصفيق مستمرا حتى بعد 10 سنوات و حتى بعد أن اصبحت كل الاحداث و الروايات و السيناريو قديم و معاد لاكثر من مرة.
السبب في تشبيهي لما يحدث في العراق بالمسرحية و ذلك لأن كل سياسي يحفظ دوره باتقان و يمثل بأداء بارع . صحيح أن البطولة هي لممثلين اثنين أو ثلاثة لكن المسرحية لا تكتمل بوجود الابطال فقط بل تحتاج الى كادر كامل من الممثلين و الكومبارس و عمال المسرح و لا ننسى طبعا من يدير و يرسم الاحداث في الخفاء و هم المؤلف و المخرج و هناك الفنان الموسيقي الذي يضفي الى كامل المسرحية الموسيقى المتحكمة بالاجواء التاثيرية للجمهور المتفرج.
و كالعادة فأن كل مسرحية تحتاج الى طاقمها باكمله كسر لنجاحها فلكل مشترك مهما كان دوره اهمية كبيرة في المسرحية و هذا بالضبط ما يحدث في العراق فلا يمكن لسياسي أن يخرج من اللعبة ابدا . بعض السياسيين يكون دورهم في المسرحية شرير و البعض الاخر ابطال ينقذون الوضع باقامة الاجتماعات و الندوات و عزومات الغداء و اخرين نائمون في كافتريا البرلمان او ضمن اجازاتهم في مختلف دول العالم لكن جميعهم يتقنون التمثيل جيدا و يؤدون أدوارهم ببراعة تامة و في النهاية فهم جميعهم ينفذون تعليمات مخرج المسرحية و يستلمون أجورهم المرتفعة جدا من المنتج و التي هي ميزانية الدولة المسكينة.

الاحداث السياسية الاخيرة :
لو نظرنا الى تسلسل الاحداث التي حصلت في الشارع العراقي في الفترة الاخيرة لوجدناها مرتبطة مع بعضها بشكل ما , و سأذكر هنا اهم الاحداث و رأيي الشخصي لحدوثها
- تظاهرات 13 – 8 المعترضه على تقاعد اعضاء مجلس النواب و اعضاء مجالس المحافظات و الرئاسات الثلاث و التي كانت بدايتها كحملة شبابية تحولت فيما بعد الى سخط جماهيري على الحكومة و السياسيين خاصة بعد رد الحكومة الحازم جدا على التظاهرات و تصريحات بعض نواب البرلمان الغبية و المثيرة للشغب.
- حملة تفجيرات واسعة النطاق شملت تقريبا كل المدن العراقية المسالمة و التي راح ضحيتها الالاف من الشهداء و الجرحى و اليتامى و الارامل و ما زالت مستمرة حتى هذه الساعة و جعلت المواطنين ينسون حقوقهم المسلوبة و يعودوا ليفكروا بحياتهم التي يتمنون أن تستمر فقط حتى الغد فعوائلهم بحاجة اليهم اليوم.
انا لا اتهم اي شخص معين بهذه التفجيرات سوى اصحاب العقول المريضة و المجرمين الجبناء لكن اتحدث عن حظ السياسيين "الكاعد" الذي جعل الشباب ينسون تظاهراتهم ليهتموا باهلهم المنكوبين.
- حملة البحث و استقصاء الاخبار عن رئيسنا المفدى جلال طالباني بعد أن نشرت احدى الصحف الالمانية خبرا مفاده أن الحكومة الالمانية طلبت من السفارة العراقية في برلين استلام "جثة" رئيس الجمهورية بعد مرور اسبوعين كاملين على وفاته و هذا بالطبع خبر هاااام حيث أن وفاة رئيس الجمهورية تعني أن الحكومة العراقية الحالية غير دستورية و منتهية الصلاحية و تجعل نائب رئيس الجمهورية يقوم بمهام رئيس الجمهورية الشكلية لغاية انتخاب البرلمان لرئيس جمهورية جديد و الذي بدوره يكلف رئيس وزراء جديد بتشكيل حكومة جديدة.
طبعا هنا انا تجاوزت مواد الدستور و التي تنص على أن غياب أو عدم قيام الرئيس بمهامه لمدة 30 يوم تسقط الحكومة و يقوم نائب الرئيس بمهام الرئيس ..... الى أخره وفاءا مني لفخامة الرئيس في محنته الصعبه و مرضه الشديد الذي جعله يختفي لأكثر من 9 اشهر.
لكن سيادة المالكي يعلم جيدا أن حل الحكومة و تركه لعرش الرئاسة سوف يعرضه لخطورة شديدة ربما تصل الى عدم عودته لرئاسة الوزراء مجددا و بالتأكيد هو لا يريد أن يكرر خطأ زميله القديم و رفيق درب النضال السابق . و ربما هذا ما جعل الحكومة تتخذ الخطوات التالية و التي هي ايضا من ضمن تسلسل الاحداث
- ارجاع قرار الزوجي و الفردي و الذي سبق أن اثبت عدم فعاليته و الى الان لم نعرف السبب الحقيقي لتطبيق القرار ... هل هو لتخفيف الازدحامات في بغداد؟ أم لتقليل التلوث البيئي؟؟ أم لتحسين الوضع الامني؟؟؟ لأننا لم نلاحظ أي تحسن على الاطلاق في أي مما سبق
لكن نتفق جميعنا أن هذا القرار قد شغل تفكير المواطنين البسطاء و دمر حياة العديد من اصحاب الاجور اليومية و سائقي سيارات الاجرة و خطوط الطلبة أو الموظفين.
- ظهور اعلامي قوي عن تحسن صحة الرئيس الطالباني و اشاعات عن انتقاله الى مستشفى أخرى من أجل الاستجمام و العلاج الفيزيائي و عدة لقاءات اعلامية مع الطبيب الخاص للرئيس الموجود اصلا في بغداد لكنه و حسب قوله يطمئن على صحة الرئيس يوميا عن طريق الهاتف و ايضا اشاعات عن حضور زوجة الرئيس الطالباني نيابة عنه لتوقيع ميثاق الشرف.
الملفت للنظر أن كل هذه الضجة الاعلامية حدثت بين توقيتين مهمين جدا و هما بعد انتشار اشاعة وفاة الرئيس و الاخبار التي تناولتها الصحف الالمانية حول هذا الموضوع و قبل انتخابات اقليم كردستان بعدة ايام حيث أن التقديرات تقول أن اصوات قائمة الرئيس الطالباني بدأت بالتناقص خاصة في مدينة السليمانية و أن اغلب المواطنين يميلون الى قائمة التغيير بسبب سياستها الواقعية و هذا ما جعلني اقف عند تصريح الطبيب الخاص للرئيس على قناة الحرة عراق عندما قال : أن صحة الرئيس الطالباني بدأت بالتحسن و ربما ينتقل الى مستشفى أخر للعلاج الطبيعي و قد بلغني شخصيا بأنه سيشعر بالسرور عندما يعلم أن المواطنين قد انتخبوا قائمته في أنتخابات الاقليم!!!
- توقيع معاهدة الشرف و المهزلة الكوميدية التي حصلت فيها فالسياسيين يقولون أن هذا الاجتماع هو مطلب حقيقي لتصفيه النفوس و تحسين العملية السياسية في العراق و انا اقول أنه كان مهزلة و ضحك على المواطنين لأعادة ترتيب الادوار في المسرحية و تقسيم تركة الرئيس الراحل أو على الاقل وضع سيناريو جديد لأستغفال الشعب المسكين حتى موعد انتخابات البرلمان القادمة.
أكثرنا لا يهتم بشرف السياسيين بقدر أهتمامه بشرف المرأة العراقية التي تستجدي في الشارع ظهرا لتوفير أي مبلغ يسد جوع اطفالها أو شرف اليتيم الذي يقف تحت الشمس اللاهبه ليبيع الماء بعد فقدان والده في احدى التفجيرات.
و كلما اسمع عن وثيقة الشرف اتذكر قصيدة احمد مطر التي يقول فيها:
بعد طقوس النحر
رأيت عبد النسر
يخرج في مظاهرة
تدعو الى تجميل باب القبر
رأيته يرفع اصبعيه نحو الأخرة
يرسم رمز النصر
رأيت ساقي عاهرة
قامت تصلي الفجر ...

الحلول غير الكاملة للخروج من المأزق
نحن لا نستطيع أن نسجل الاحداث و المشاكل دون أن نفكر على الاقل بحلول منطقية للخروج من هذا المأزق لكن المشكلة هي أن جميع هذه الحلول ليست كاملة و لن تحدث تغيير بالسرعة المطلوبة حيث أن نظام الحكم لدينا هو برلماني و الديمقراطية الظاهرية ما زالت مستمرة أو على الاقل مستمرة في برامج التلفاز و نشرات الاخبار و بذلك فأن التغيير يجب أن يبدأ من صناديق الاقتراع في الانتخابات البرلمانية القادمة. حاولت هنا أن اذكر بعض الحلول المطروحة و الاكثر شعبية مع ذكر تأثيرها الحقيقي :
- عدم المشاركة في الانتخابات : و هذا هو الرأي الاكثر شيوعا في الشارع العراقي و الذي من المفترض أن يعبر عن رفض المواطنين للعملية السياسية الحالية و مناهج القوائم المرشحة لكن السياسيين يملكون احزاب و سلطة مالية و لديهم تابعين مخلصين مستعدين لأعادة انتخابهم فهم ليسو بحاجة الى سماع الاراء المغرضة حتى و أن كانت تمثل اغلبية الشعب و طبعا ستكون التهم جاهزة لمن يرفض المشاركة بالانتخابات فهو بعثي و عميل و غير عراقي و يريد تخريب الدولة و ربما تصل لكونه ارهابي و يريد ارجاع العملية السياسية الى الوراء و طبعا تبقى ورقة التعصب الديني و العشائري و الطائفية هي التي تضمن صعود اغلب السياسيين أو بقائهم في البرلمان.
- انتخاب القائمة الافضل حسب الرأي الشخصي للمواطنين : سواء فازت قوائم الحكومة الحالية أو المعارضة فأن السياسة في العراق هي مسرحية بسيناريو ممل و مكرر و سنلاحظ الاتفاقات المريبة بعد الانتخابات لتكوين ائتلافات جديدة و أعادة تشكيل نفس الحكومة. فحب السلطة هي ميزة موجودة داخل كل فرد و خاصة السياسيين لأنهم قد جربوا السلطة و غير مستعدين لفقدانها حتى و أن اضطروا الى التضحية بالدستور أو مفوضية الانتخابات أو حتى التضحية بالعملية السياسية لأن الشي الوحيد الذي يخرب العملية السياسية هي مظاهرات الشباب و التعبير الحقيقي للرأي.
- انتخاب قوائم التقنوقراط الصغيرة : قانون الانتخابات الجديد المعدل اعطى فرصة اكبر لفوز هذه القوائم الصغيرة و صعودهم للبرلمان لكن الحقيقة هي أن فوز مثل هذه القوائم سيجعلهم امام 3 اختيارات لا يوجد غيرها و هي :
1 – ان يمثلو ورقة ضغط على القوائم الكبيرة لتحقيق وعودها للشعب و تحقيق امنيات المواطنين و هذا ما نتمناه لكن بعض الاماني صعبة التحقيق
2 – ان يجلسوا و يصمتوا مثلما فعل الذين من قبلهم حيث كانت حجتهم أن رأي أو اثنين في تصويتات البرلمان لن يغير شيء امام قوائم الحيتان الكبيرة فقاموا بتسجيل حضورهم اليومي في كافتريا البرلمان و في النهاية فهم سيحصلون على كل المميزات اولا و اخيرا.
3 – أو أن اغلب الفائزين الجدد سوف يصابون بصدمة الفوز و تضعف أرادتهم اما كل المغريات و الامتيازات فيجدون ملاذهم تحت جناح احدى جناح احدى القوائم و الائتلافات الكبيرة بحجة تشكيل الاغلبية النيابية و لا ننسى طبعا أن في الاتحاد قوة أو على الاقل مميزات اكبر و راحة اكثر للنواب.

الحقيقة انا لم اتقصد أن اكون بهذه السوداوية و حاولت قدر الامكان تحليل كل شيء بصورة واقعية و منطقية و لكن بحقكم أي سوداوية ممكن أن تحدث اكثر من واقعنا هذا؟؟
و هل يوجد بصيص امل يمكننا على الاقل من النوم لنحلم بغد افضل؟؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجندي الأمريكي موريس مورفنت: انتماؤه الى -كاجان-، مكنه من أ


.. مرشحو الانتخابات الإيرانية: من يصل إلى قوائم الإقتراع؟




.. جنوب أفريقيا: ملف ملكية الأراضي الزراعية يلغم نتائج الانتخاب


.. خامنئي: من قام بعملية {طوفان الأقصى} أفشل المخطط الكبير للشر




.. حماس تنظر بإيجابية إلى مقترح بايدن لوقف إطلاق النار في غزة