الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الغول الأمريكي نحو مزيد من الغوص في الرمال المتحركة العراقية

ثائر دوري

2005 / 5 / 24
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


يمكن أن نستشف بعض ملامح أزمة الولايات المتحدة الأمريكية في العراق من الفقرات التي تم السماح بنشرها من تقرير اللجنة التي شكلتها القوات الأمريكية للتحقيق في مقتل رجل المخابرات الإيطالية كاليغاري على يد أفراد الجيش الأمريكي أثناء تواجده مع الرهينة لإيطالية السابقة جوليانا سغرينا . يقدم كاتب التقرير نفسه على الشكل التالي :
(( تم تعييني من قبل العميد جون ر.فينس John R. Vines في الثامن مارس 2005....... كما تم تعيين العميد ريتشارد ثيلان إلى جانبي بصفته مستشارا قانونيا لهذه القضية00))
يوصف كاتب التقرير الوضع في العراق على أنه حالة حرب و يقدم إحصائية أمريكية بعدد العمليات التي تمت ضد القوات الأمريكية و القوات المتحالفة معها . يقول :
(( من جويلية ( تموز ) 2004 إلى نهاية مارس 2005، حدثت حوالي 15257 هجمة ضد قوات التحالف في كل العراق. تعتبر الولايات الأمريكية العراق كمنطقة حرب))
و بحسبة بسيطة نجد أن القوات الأمريكية تعرضت خلال تسعة أشهر إلى 15257 هجمة أي بمعدل يومي 56.5 عملية و هذا يخص فقط العمليات التي تتعرض لها القوات الأمريكية و الأجنبية المتحالفة معها ، أما ما تتعرض له الشركات الأمنية التي تضم المحاربين المرتزقة ( و هي تشكل ثاني اكبر قوة محتلة في العراق بعد القوات الأمريكية ) فهذه لا يتطرق لها التقرير لأنها ليست من مهام الجيش الأمريكي . كما ينقل بعض الجنود الأمريكان أن قادتهم طلبوا منهم عدم الإبلاغ عن العمليات التي يتعرضون لها وتمر بدون إصابات .
ثم ينتقل التقرير ليوصف الوضع العسكري في مدينة بغداد . يقول :
(( بغداد مدينة مكونة من 6 ملايين ساكن و تضم عدداً كبيراً من المسلحين و الإرهابيين ( حسب تعابير كاتب التقرير ) . من 1 نوفمبر 2004 إلى 12 مارس 2005، كان ثمة مجموع 3306 هجمة في منطقة بغداد. منها 2400 كانت موجهة ضد قوات التحالف ))
و أيضا بحساب بسيط نجد أن المعدل اليومي للعمليات في مدينة بغداد هو حوالي 25 عملية يومياً
أما طريق المطار الذي يسميه كاتب التقرير " الطريق الإيرلندي " و الذي يبلغ طوله 12 كم . فهو هدف دائم للعمليات العسكرية . يقول كاتب التقرير :
(( طوال أسبوع الحادث ، وقعت 166 عملية تفجير و أصيب 82 جندي في تلك الحوادث))
أما الفرقة الثالثة التي تتمركز وحداتها على طريق المطار فقد تعرضت في الشهر الأول الذي تبع نقل السلطة، إلى 422 هجمة من المتمردين متسببة في 13 قتيلا و 60 جريحا .
هذه هي بعض أجواء العراق من الناحية العسكرية بعد عامين تقريباً من إعلان جورج بوش انتهاء العمليات العسكرية و التي يلخصها كاتب التقرير استنادا إلى المراجع العسكرية الأمريكية (( العراق في حالة حرب )) و علينا أن نكمل التوصيف ، العراق في حالة حرب بين طرفين : الجيش الأمريكي و المقاومة العراقية .
لكن هذه الصورة شديدة الوضوح ، التي يوصفها التقرير بحالة الحرب . ليست كذلك في نشرات الأخبار و التقارير اليومية التي تبث على شاشات الفضائيات و التي توجه للرأي العام العربي و العالمي . فالمشهد هناك مختلف ، حيث يتم تصوير المشهد العراقي بشكل عبثي و على أن ما يجري فيه غامض و غير معروف الأهداف و لا يعرف منطق يحكمه ، و لا طبيعة الأطراف المنخرطة . فمرة ترسم لها صورة طائفية و مرة يرسمون لها صورة من يمارس عنف أعمى منفلت لا ضابط له ........الخ مما يساهم في تشوش ذهن المشاهد . أما التقرير الأمريكي فيوصف الأمر بتوصيف العسكري الدقيق (( حالة حرب )) . و حالة الحرب هذه لم تتوقف بل هي مستمرة منذ يدأت الولايات المتحدة عدوانها في آذار من عام 2003 ، و ها هي تدخل عامها الثالث و لا يوجد في الأفق ما يشير إلى أن نهايتها قريبة ، و لا يوجد ما يشير إلى أن الولايات المتحدة ستكسب الحرب . بل إن الأمر الوحيد الذي نستطيع تأكيده هو أن المقاومة العراقية عصية على الاقتلاع .......
لقد أرادتها الولايات المتحدة حرباً قصيرة تصدم بها شعوب العالم و تروع الدول فيخر الجميع سجداً تحت أقدامها . لكن المقاومة العراقية جعلتها تتطاول ، فثبتت القوات الأمريكية في العراق مانعة إياها من ممارسة العدوان في مواقع أخرى من العالم . و بدل أن يتحول العراق إلى وليمة نفطية تساعد على ترميم العجز في ميزان المدفوعات الأمريكي تحول إلى نزيف من دم الاقتصاد الأمريكي و هذا أمر فاقم مشاكل الولايات المتحدة المتفاقمة أصلاً .
إن الولايات المتحدة تنزف يوميا، دماً و اقتصاداً و هيبة ، فأسلحتها المتطورة تهان يومياً ، و معنويات جنودها تنهار، و بدل أن تعيد الولايات المتحدة تشكيل المنطقة انطلاقا من العراق يحدث أمر معاكس . لقد بدأنا نلحظ أن العراق هو من يعيد تشكيل الولايات المتحدة ، من إعادة ترتيب الوضع العسكري ( إغلاق القواعد العسكرية الأمريكية لتوفير الميزانيات لأجل القوات الموجودة في العراق ، و إعادة تعريف العقيدة العسكرية ...الخ ) إلى إعادة بناء الحركة الاجتماعية داخل الولايات المتحدة عبر تصاعد الحركات المعارضة للحرب و إعادة طرح الأسئلة الأخلاقية داخل قطاعات النخبة الأمريكية أمام ما يرونه من انهيار متسارع أخلاقيا و حضاريا في المستنقع العراقي ......و صولاً إلى تخفيض مرتبة الولايات المتحدة في النظام الدولي .........
لقد قدمت المقاومة لعراقية خدمة هائلة للبشرية كافة ، فقد جعلت هذا الوحش الهائل ينزف و سيبقى ينزف حتى الموت النهائي . إن الرمال المتحركة العراقية تبتلع الوحش الأمريكي ببطء لكن بثبات و كل يوم يمر يعني مزيدا من التورط و مزيدا من الغوص ، حتى نصل إلى اللحظة التي تبتلع الرمال رأس الوحش معلنة موته ............










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يرفض ضغوط عضو مجلس الحرب بيني غانتس لتقديم خطة واضحة


.. ولي العهد السعودي يستقبل مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سو




.. جامعة أمريكية تفرض رسائل اعتذار على الطلاب الحراك المؤيد لفل


.. سعيد زياد: الخلافات الداخلية في إسرائيل تعمقها ضربات المقاوم




.. مخيم تضامني مع غزة في حرم جامعة بون الألمانية