الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطية و الديموسلامية

حميد المصباحي

2013 / 9 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


تطورت نظم الحكم بالفكر السياسي,الذي كان فلسفيا,تأمليا لكيفيات تنظيم المجتمعات البشرية,و إصلاح معاشها,بتطوير القدرات و المعارف و كل أسباب العيش بما هو متطلبات مادية اقتصادية و روحية,لكن نظم الحكم بتحولها لدول و أجهزة,أبعدت رجالات الفكر,بخلق نخب سياسية,وجدت من المفكرين من يؤطر فعلهم و يمنحه خصوصية عملية غايتها حفظ كيان الدول,و إكساب الحكام الهيبة بالجهاز و فعاليته,فكانت هناك صراعات مريرة مع من رفض تحكمية الدولة و سيطرتها الكلية على المجتمع بالعنف أو التهديد به,هنا اهتدت الحضارات الإنسانية إلى وسيلة سياسية توافقية تحافظ على الأمن المدني,و تحتكم لختيارات الجمهور,من خلال القبول بمبدأ التصويت,الذي فرض وجود أحزاب كجماعات تتنافس فيما بينها للفوز بسلطة القرار السياسي و الإقتصادي مع القبول المسبق بالتدبير المحدود زمنيا للسلطة,لكن الحضارات الإنسانية بحكم اختلافاتها,تاريخا و ثقافة,كيفت سلطتها مع ضروروتها السياسية و تكيفت مع الإستشارات الشعبية بطرقها,فكانت الديمقراطية النموذج السياسي الأرقى حضاريا,فما هي الديمقراطية؟و هل كل الحركات السياسية لديها القابلية لتطويرها و فهمها خارج التقنيات التصويتية؟و هل بإمكان حركات الإسلام السياسي القبول بها أم أنها طورت ديمقراطيتها الخاصة؟
1الديمقراطية
اعتقدت الأحزاب الشيوعية العربية,أن الديمقراطية لعبة رأسمالية غايتها إحكام السيطرة الإقتصادية بالسماح للمواطنين باختيار خدام ممارسي الإستغلال للمتعاونين السياسيين معهم,و بقي هذا الفهم سائدا إلى أن أوجدت الأحزاب الشيوعية مبرراتها للقبول باللعبة الديمقراطية و اعتبارها بديلا عن العنف الجسدي الثوري,فأبدعت ما عرف بالإشتراكية الديمقراطية,و انخرطت في المنافسات السياسية الإنتخابية دفاعا عن الشرائح الإجتماعية التي تمثلها,و قد حققت لهم الكثير من المكاسب,التي اعتبرت ضرورة حضارية لمجتمعاتها,فامتدت الفكرة للعالم العربي,و تبنتها القوى اليسارية و دافعت عنها نبذا للعنف و الصراعات ضد السلطة,بعد أن اقتنعت بأن الإصلاحات الإجتماعية يمكن تحقيقها بالتوافق و الإصلاحات القانونية و تطوير نظم الحكم بما يخدم الإنسان و يساهم في تحرره من أشكال الإستغلال البشع و المبالغ و حتى العنف,و بذلك انتقل التفكير في العالم السياسي من الوطنية لمفهوم المواطنة بما هي حقوق,على الدولة ضمانها للمواطنين,لاكتساب الحق في التعبير و العيش بكرامة بعيدا عن منطق الرعايا و التابعين للحكام,و رغم الشوائب التي اعترضت هذا الخيار بحكم التقاليد السلطوية التي عرفها العالم العربي,فإن التجربة تمضي بوتيرة مختلفة باختلاف البلدان العربية و درجة انفتاحها على العالم الغربي,غير أن ما يعترضها ليس تصور الحكام العرب لمفهوم الدولة,بل تصورات لاعبين جدد,وظفوا الديانة الإسلامية للسطو على السلطة,و خلقوا نمودجا للديمقراطية يناسب رؤيتهم للحكم,فما هو هذا التصور و مرتكزاته؟
2الديموسلامية
هو فهم خاص لحركات الإسلام السياسي,التي تحاول تجنب الوصول للسلطة عن طريق العنف,إما بسبب الإقتناع بلاجدواه,أو العجز على ممارسته,مما يقتضي تأجيله,و مفاد هذا المفهوم,هو اعتبار تملك الدولة و الحكم ضرورة تاريخية و دينية,مادام المجتمع إسلامي حضاريا تاريخيا و دينيا,و هو ما يفرض العمل تدريجيا وفق آليات التمكين,التي تنشط دعويا إلى حين,و العمل في المرحلة اللاحقة على تأزيم التجارب الديمقراطية,و تصويرها كأسلوب غربي يزيد الناس بؤسا و فقرا و اغترابا,بحيث تبدو الديموسلامية هنا هي بناء نظم شمولية,ذات أسس دينية,بعد النيل من الفكر الديمقراطي,و ابتذاله حتى من خلال ممارسته للكشف عن محدوديته و لا مقبوليته الحضارية,فالديموسلامية لا يمكنها القبول بسلطة الشعوب في التشريع إلا وفق المقولات الإسلامية,التي تلتف على كل القوانين,فلا تقيسها بالصالح للأفراد و الجماعات,بل بغايات أخرى يزعمون أنها شرعية من خلال منطق الإفتاء السياسي,و بذلك فلا خصومة في الديموسلامية,بل كل رافض أو معارض لها يعتبر عدوا,و العداوة لها حكمها الشرعي,بحيث لن تشفع لصاحبها صلاته و لا صيامه و لا كل طقوسه الدينية ما دام رافضا لشمولية السلطة الدينية في تصورها لطبيعة السلطة السياسية التي تمتح منها لتقديم صورة الدولة المراد تأسيسها و تفعيل مقتضيات الوصول إليها.
خلاصات
ليست الدولة جهازا أصما,و لا قوة خارقة,إنها نظام علاقات وظيفية,تعمل وفق منطق النفع اجتماعيا و الصلاح,و هي في صيرورتها تتطور بتطور الفاعلين فيها و المتفاعلين معها,موالاة و معارضة,فإن اخترقت بمن لا يعترفون بالسلط المحدودة تصويتا و زمنا,غدت آلية في يد فئة لا تعترف بالتناوب و لا تقدره,بل تسعى به لإلغائه,و هنا خطورة اللاديمقراطيين على الديمقراطية.
حميد المصباحي كاتب روائي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غموض يلف أسباب تحطم مروحية الرئيس الإيراني؟ • فرانس 24


.. التغير المناخي في الشرق الأوسط: إلى أي مدى مرتبط باستثمارات




.. كيف يسمح لمروحية الرئيس الإيراني بالإقلاع ضمن ظروف مناخية صع


.. تحقيق لـCNN يكشف هوية أشخاص هاجموا مخيما داعما للفلسطينيين ف




.. ردود الفعل تتوالى.. تعازى إقليمية ودولية على وفاة الرئيس الإ