الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فكرة المقاومة بين التسطيح والطوباوية وامل التحرر

سليم عبد الله الحاج
سوريا

(Rimas Pride)

2013 / 9 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


تعتبر لفظة المقاومة من اكثر المصطلحات التي تعرضت للتسطيح و التنميط في تكونية العقل العربي لانها ارتبطت مباشرة بالبعد الايديولوجي السياسي و استراتجيات العلاقات الدولية اكثر من اي شيء اخر .. واذا كانت السياسة اشبه بحركة فوضوية متعددة المسارات فكل المفاهيم المتعلقة بها ستفقد رصيدها الفكري و الثقافي و ربما حتى الاجتماعي لان ما يحكم تماسكها لاداء وظيفتها قد تغيرت درجات صلابته و يمكن ان نشبهها في اغلب الاوقات بكتلة لغوية يمكن توظيفها بشكل صحيح في الخطابات و الشعارات الا انها خاوية من ناحية المعنى و فكرة الخواء هذه لا تنطلق مما قد يعتقد انه ازمة تغير الدلالات بتغير السياقات وانما يعود الى مشكلة داخلية في "كمون" المصطلح بذاته بعد ان تعرض لسلسلة من الاستغلالات الخاطئة تسببت في تشويهه و ارتهانه لحالة الاستعمال اكثر من اي يفرض بنفسه طبيعه توظيفه .. ان هذه المعضلة شاعت بين عدة افكار و مفاهيم اخرى في الخلفية الثقافية للشعوب العربية ولا نجدها الا عندهم فمثلا كلمة مقاومة التي تحدثنا عنها لو وضعانها في اطار ثقافات شرقية و غربية اخرى سنجدها عبارة عن لبنة اساسية ضمن منظومة متكاملة التطور وهو على عكس حالتنا فالفكر العربي عانى منذ القدم من طغيان ازمنة الظلام و التجهيل الممنهج على ازمنة النور المحدودة ولم يلبث ان يحقق تقدما حتى يعود سنوات الى الوراء ليبدو منطقيا ان يتعرض حمله للتهاوي وخسارة الوزن في هذه المسيرة الشاقة غير المنتهية
عندما نتكلم اليوم عن المقاومة فاننا سننادي مخزونات هشة معينة في الذهن تشكلت عبر سنوات من التطورات السياسية التي عايشها الشرق الاوسط و شمال افريقيا ، فالاغلبية الساحقة من وعاء الواعين او غير الواعين في هذه المجتمعات ستعني لهم المقاومة مجموعة المواقف و الافعال المناهضة للمستعمر الاجنبي و الساعية لطرده و تحرير الارض من وجوده السياسي والعسكري والسلوكي بما يؤثر على انطباع العلاقة التي كانت بين الشعب المستعمر ومستعمره دون الغوص في اعماق الظواهر البشرية و الثقافية التي نشأت خلال فترة التأثر والتأثير بين الطرفين .. أي بتصور بسيط المقاومة في منظورهم اشبه بوسيلة للاستيقاظ من كابوس لا يكونون قادرين على ايجاد تفسير عقلاني لما يحدث خلاله ، اي باسقاط بسيط نجد فكرة المقاومة عبارة عن قطيعة مفاجئة و غير معرفة بين مرحلتين تاريختين متصلتين و هو مظهر الخلل في التعامل مع المصطلح .. و الحق ان مسألة الفهم السطحي لا تقتصر على العامة من المهتمين بشؤونهم بعاملي التبسيط و التهوين و انما شملت فئات نخبوية رأت ان التحرر من الحركة الاستعمارية عبر المقاومة هو حدث استثنائي في منحى التاريخ ولكنها لم تتوانى فيما بعد الى توظيف المقدمات الخاطئة المتعارضة مع منطقهم في تبرير نتائج مستقبلية تمثلت في بناء اوطان عرجاء وهذا هو صميم ما نسميه موت المفاهيم على مذبح الحماس و الايديولوجيات
يعد هذا القالب البدائي لنمذجة فكرة المقاومة اقرب للفطرية منه الى اي شيء اخر فهو على علاته يعتبر ارقى بكثير من الغرق في وحل اللاعقلانيات الذي شهده الوعي العربي في مرحلة ما بعد تحرره من الاستعمار الاجنبي و دخوله ساحة تكوين دول و مصارعة تحديات دولية اشد وطأة على رأسها ضياع فلسطين وبروز مشاريع تفتيت المنطقة على اسس عرقية و دينية .. لقد اصبح ذكر المقاومة اشبه بالسلعة المقدسة التي يتداولها الباعة و الزبائن في مزاد علني ليقدموها قربانا يحل جميع اشكاليتهم المستعصية ، بمعنى ان الكثير من الاعمدة المثبتة لبناء الفكر الوجودي العربي تحولت الى اوثان تكفل زمن الانكسارات و الهزائم ببث الروح فيها ليصنع الوهم منها .. يقول المفكر الجزائري مالك بن نبي في احد كتبه المستنيرة ان الانسان ما قبل الدخول للحضارة قابل للتغيير اكثر من الانسان الذي فقد فرصته و خرج من الحضارة اي ان تعامل الانسان العربي المستعبد تحت ظل الاستعمار مع كل الاطروحات كان قابلا للتحديث و التجديد على الرغم من سطحيته ومن ذلك المقاومة اما الانسان العربي في العصر الحالي فقد تطورت افكاره بشكل خاطئ يمزج بين العدمية و الطوباوية الاختزالية في ظل بيئة ملوثة بامراض الاستبداد و التغريب و التطرف على انواعه وهذا يؤدي ان لا امل في تصحيح المسار قبل انفجار شامل يهدم كل الخلفيات السلبية
ان التبني الخاطئ للافكار و استيعابها بعقل سياسي معتل جعل فكرة المقاومة جاهزة لتنطبق على معاني اخرى مثل المشاريع السياسية الضيقة .. الارهاب .. التخوين و شرعنة بقاء الدكتاتوريات .. لانها لا تملك لنفسها لا حولا ولا قوة تمكنها من التموضع في مكانها الصحيح كظاهرة من التصدي لحركة المجتمع الرتيبة في واقع اولي لتدفع به نحوالعبورلواقع جديد او بصيغة اخرى التدخل العاقل المدروس لمحاولة تغيير مجرى التاريخ فتتجاوز فكرة انتظار التحول المفاجئ المسببة للشلل و الجري وراء السراب .
ويجب التذكير ان من اسباب ايماننا بربيع الشعوب هو اعتقادنا الراسخ انه لابد من صدمة ايجابية تهز منظومة التفكير لكل عربي تزيحه عن بواعث السطحية والتوهم التي عاشها في زمن القمع و الكبت وتضعه امام الحقيقة لتختبر كفاءته الحضارية .. ان وصول ثورات الشعوب الى دول اقيم نظامها السياسي على "وثن المقاومة " مثل سوريا هو دون مبالغة من اهم الانجازات في التاريخ العربي المعاصر على الاطلاق وستكون بادرة هامة جدا لتحرير كل الافكار الاسيرة و اعادة وضعها في مختبر التنمية و التطوير على طريق التحديث ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تقارير تتوقع استمرار العلاقة بين القاعدة والحوثيين على النهج


.. الكشف عن نقطة خلاف أساسية بين خطاب بايدن والمقترح الإسرائيلي




.. إيران.. الرئيس الأسبق أحمدي نجاد يُقدّم ملف ترشحه للانتخابات


.. إدانة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب توحد صف الجمهوريين




.. الصور الأولى لاندلاع النيران في هضبة #الجولان نتيجة انفجار ص