الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فاعلية المثقف العراقي في صياغة الدستور

أحمد الناجي

2005 / 5 / 24
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لا بد للفئة المثقفة العراقية أن تجترح الوسائل والأساليب ليكون منجزها الفكري حاضراً ومساهماً في عملية صياغة مسودة الدستور، وهي معنية أكثر من بقية الفئات بهذه العملية لكونها القوة الخلاقة التي تمتلك مؤهلات وخبرات معرفية وفكرية، أثبتت حقائق ومعطيات التجربة التاريخية والإنسانية خطأ تهميشها أو الاستغناء عنها، فأدواتها تتكامل مع أدوات السياسي لإنجاز هذه المهمة المفصلية، والتعاضد بين أدوات المثقف والسياسي في ميدان هذه التجربة ضمانة لقدر كبير من اشتراطات نضجها، بالإضافة الى كونها مقدمات توفر سبل ومقومات نجاح العملية السياسية برمتها الجارية في عراقنا.
والمثقف في حاضر العراق الجديد الذي ما زال في طور الولادة، معني لإثبات ذاته الفاعلة في صياغة مسودة الدستور، والقيام بدور مؤثر فيها لاسيما أنها تشكل أخطر تحدي يهدد عملية التحولات السياسية والاجتماعية، فحينما يتمكن من تحقيق هذا الدور أي إنتاج ثقافة حية يقوم عليها إنتاج المجتمع نفسه، يحق له آنذاك أن يكتسب صفة المثقف بحسب تعبير غرامشي الذي اعتبر المثقف هو من يقوم بنشاط ذهني مهما كان بدائياً شرط أن يكون مؤثراً بوظيفته الاجتماعية المباشرة، كبانٍ ومنظمٍ في الحياة العملية.
وقد عرف الدستور من وجهة النظر الاجتماعية بأنه عقد تآلف بين شركاء الوطن، وهو من وجهة النظر القانونية بمثابة القانون الأساسي للدولة الذي يخضع له الجميع ويحتكم اليه الحاكم والمحكوم، ويحدد صلاحيات السلطات (التشريعية والقضائية والتنفيذية)، وينسق آليات العلاقة بينهما وفق مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث، مثلما يحدد واجبات المواطن وحقوقه الأساسية سواء السياسية أو الإنسانية، وينظم العلاقة بين المواطن والحكومة.
وفي ظرف تعقيدات حاضرنا تأتي أهمية صياغة الدستور ليس لأنها تؤسس الى عقد اجتماعي بين جميع مكونات الشعب فحسب بل إنَّ تحويل هذا الاستحقاق الى منجز سيدفع بالعملية السياسية الى الأمام، ويدعم بناء مرتكزات النهج الديمقراطي لعراق مستقل فيدرالي موحد تعددي ينعم بالحرية والاستقرار.
ومن هنا يبرز الدور الطليعي للثقافة في مسيرة التحولات السياسية والاجتماعية المتصاعدة باتجاه الديمقراطية، فلا بد للمثقف أن يتخلص من حالة التحييد التي فرضتها مكبلات الاستبداد في سني الديكتاتورية المضنية التي عمقت مفهوم حرفية الثقافة، مختزلة فضائها الرحب الى حيز مؤسسة في خدمة سلطة النظام الشمولي، مثلما عليه في ما توفر من فسحة للحرية في راهننا الاستثنائي أن يتحرر مما تنسجه سلطة السياسي من أطواق تبتغي ارتهانه، وهذا لا يعني التحريض على الابتعاد عن المشهد السياسي، بقدر ما هي دعوة لخلق مناخات وتأسيس سياقات مشاركة حامل الفكر، وصاحب المنجز الإبداعي في الحياة السياسية بحيث يكون فاعلاً في مجرياتها بالقدر الذي يمكنه من تأسيس سلطته الثقافية بمحاذاة السلطة السياسية، آنذاك سيكون الحراك الثقافي ضمانتنا في مواجهة تحديات استحقاقاتنا التي صير القدر كل واحد منها معضلة، لتحويلها على شاكلة ما تحقق في الانتخابات الى منجز داعم لسيرورة التغيير بالتزامن مع إعادة أعمار البنى التحتية للدولة، وأحياء المنظومة القيمية الاجتماعية، كخطوة أولى على طريق الإنماء المعرفي والثقافي القادر على تجديد الفكر بالشكل المتماهي مع مسار التغيير الديمقراطي الجاري في البلد، ووفق حاجاتنا في مواكبة إيقاعات العصر الرقمي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من مسافة صفر.. استهداف دبابة إسرائيلية بعبوة -العمل الفدائي-


.. متظاهر يهتف -غزة- خلال توقيفه بنيويورك في أمريكا




.. إسرائيل تؤكد إصرارها على توسيع العملية البرية في رفح


.. شرطة نيويورك تعتدي على مناصرين لغزة خلال مظاهرة




.. مشاهد للدمار إثر قصف إسرائيلي على منزل عائلة خفاجة غرب رفح ب