الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المشهد الفلسطيني ومحاولات تغييره إسرائيلياً

فيروز شحرور
(Fairouz Shahrour)

2013 / 9 / 26
القضية الفلسطينية


تتميز الحالة الفلسطينية بأنها حالة صراع مستمر؛ فطرفٌ يجابه العالم ليستعيد وطنه المسلوب وآخر يقوم بمهمة الإماتة والطمس الكامل لاستكمال مشروع الصهيونية المبتغى! وقد انعكس المشروع الصهيوني وسبل تهويد فلسطين على كل نواحي الحيّاة والمجالات عدا العسكرية. لذا بات هناك رقابة صارمة حول طرق النضال الفلسطيني الاجتماعي والسياسي والتعليمي والاقتصادي..الخ، بغية ارجاعه للصفر.
سياسيا؛ من أجل ذلك يحاول عدّة باحثين فلسطينيين تأريخ فلسطين كتابيا وشفويا، لحفظ التاريخ الفلسطيني وحفظ الأرض. وبرز باحثين منهم: الياس شوفاني* في كتابه "الموجز في تاريخ فلسطين السياسي (منذ فجر التاريخ حتى سنة 1949)" حيث يقدم حقبة زمنية كاملة من التاريخ الفلسطيني السياسي، بالإضافة إلى الباحث رشيد الخالدي الذي ألف كتبا حول الهوية الفلسطينية وعن الهيمنة الأمريكية والبريطانية على فلسطين وغيرهم ضمن مؤسسة الدراسات الفلسطينية والتي تنشر أبحاثهم ومقالاتهم وآراءهم السياسية حول السياسية الإسرائيلية وحول خصوصية الأرض الفلسطينية، بالإضافة إلى مركز مدار (المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية) وهو يعني بعرض الدراسات الإسرائيلية، على سبيل المثال التقرير الذي نشر حول " هل يضمن تحالف الليكود وإسرائيل بيتنا انتصار اليمين في الانتخابات الإسرائيلية المقبلة" وهو تقرير نشر بتاريخ 01/11/2012، وهو تقرير يضع المواطن الفلسطيني وكل من هو مهتم بالسياسية الإسرائيلية في صنع قراره، بالاقتراب أكثر من المشهد الإسرائيلي وخلق قلق معرفي للقارئ لمتابعة الأحداث حتى حدّ الإلمام، وهناك كتّاب آخرين كباسم برهوم وابراهيم عجوة ومحمد أبو هشام وغيرهم، ممن قاموا بأبحاث ودراسات ومقالات تنشر عبر الصحف المحلية والعالمية لنشر الوعي الوطني. ويقوم في الوقت الراهن باحثين ومهتمين في الشأن الفلسطيني بالاهتمام بالتاريخ الشفوي كمصدر من حقيقة تاريخية، مثل كتاب "دور التاريخ الشفوي في الحفاظ على الهوية الفلسطينية" لــلدكتور سلمان أبو ستة، حيث وضح في كتابه أهداف الصهيونية وسبل تهويدها لفلسطين وتاريخها وطمس تراثها ومعالمها، ولم يكن في الحيلة لسّد فجوة الهيمنة الاستعمارية على بعض أحداث من التاريخ سوى الاستناد لتلك العيون التي حضّرت ورأت ما لم يرى من عيون أخرى، وما اختزلته بذلك في ذاكرتها. كما هناك بعض المواقع التي تركت لأصوات الذاكرة تصدح بشكل علني، تحكي وتروي ما لم يستطع ورق التاريخ تدوينه كما في "فلسطين في الذاكرة"
في الحالة الثقافية، تجلّت محالاوت الاستعمار واضحة في طمس الهوية الفلسطينية بدءا من الكوفية حتى صحن الحمص! فلكل شعب له ما له من مميزات وهوية، فالفلكلور الفلسطيني والثوب والأساطير والعمران وغيرها. وفي الغالب تنتج عراقيل بين المستعمِر والمستعمَر، فتحاول اسرائيل بذلك تهويد الثقافة الفلسطينية من تسريب لأنماط الثقافة والحياة الإسرائيلية كما يحدث في مدينة القدس- عاصمة فلسطين، والتي يتم عزلها وتغيير ثقافتها الفلسطينية وجعلها جزءا من نمط الحياة الاسرائيلية مثل العرض الذي أقامه الاحتلال الاسرائيلي "بيوت من الداخل- أورشاليم" حيث تمت فيه زيارة ما يقارب 100 بيت قديم في القدس وتجاهل المواقع الأثرية الإسلامية وذلك لسلخ الطابع الاسلامي عن القدس ، ويقول د. عبد الخالق العف: " لقد أصبح المشهد الثقافي أسير الواقع المتأزم وإن فارقه أحيانا وبمبادرات فردية خلاقة.. ورغم انتشار كثير من المراكز الثقافية التي تزيد عن مائتي مؤسسة إلا أن معظمها غير فاعل بدعاوى الحصار وانعدام التمويل والإغلاق إضافة إلى الارتهان للموقف السياسي والفصائلي ، وإن كان ثمة مراكز فاعلة فإن بعضها يتحرك باشتراطات الممولين والمانحين التي تهدف إلى إحداث تغيير عميق في الوعي الثقافي للقبول بالأخر إضافة إلى ذلك هناك الكثير من الأدباء والشعراء والمفكرين الذين رسخوا ثقافة وهوية فلسطين رغم لعنة الخوف والتهديد التي كانت تلاحقهم من قبل الاستعمار مثل غسان الكنفاني وماجد أبو شرار والفنان ناجي العلي ود. فيصل دراج في هاجس الهوية الفلسطينية وغيرهم.
أما من الناحية الإسرائيلية عملت اسرائيل على تشويه صورة العربي في أدبياتها السياسية والاجتماعية والتربوية والأدبية، حيث يظهر العربي بصورة الارهابي والمغتصب والحقود..الخ، مما يعزز الكراهية ضد الفلسطينيين من أجل تعزيز الوجود الإسرائيلي فإسرائيل في معظم انتخاباتها الحكومية لا تروج عبر الشعارات والمال بقدر ما تروج بكميّة الدم الفلسطيني المهدور، الكميّة التي تشفي غليلهم الموهوم! وقد انعكس ذلك أيضا –خاصة- بعد اتفاقية أوسلو في المناهج الفلسطينية، حيث في منهجي التربية الوطنية والمدنية في المرحلة الأساسية يتم الترويج للحل الدبلوماسي أكثر من طريق المقاومة الذي كان رائجا في سنوات منصرمة، ويظهر الاحتلال "بالناعم" لا أكثر!

وفي ندوة أقيمت بعنوان "صورة العربي في الأدب الإسرائيلي" تحدث د. جلال ادريس وهو أستاذ الأدب العبري في جامعة الأزهر عن صورة العربي التي تشبه الشيطان في ذهن اليهودي، واقتبس عن العربي كما هو في الأدبيات الاسرائيلية: "البدوى كالثعبان الذى يظهر بملامح وجه ماكرة حتى يتمكن من التدمير، لقد انعكس جفاف الصحراء ووهج شمسها على وجوههم السوداء، فبرزت أنوفهم الحادة وكأنها مناقير طيور جارحة، وتوهجت عيونهم كأنها تخرج منها النيران" وهناك استطلاع رأى للإسرائيليين عن رؤيتهم للعرب كانت نتائجه كالآتى: 54% منهم أن العرب كسالى، 74% أقل ذكاء، 68% حقود، 75% أكثر قسوة، 80% أقل شجاعة.
وفي القدس، يقوم الاحتلال بعرقلة المسيرة الأكاديمية فيه وذلك لجعل الجامعة العبرية ملاذا لهم مما يساعدهم على إعادة إنتاج نمط فلسطيني آخر "متصهين" واقناعهم بالخيار الاسرائيلي كدولة وكأداة للتطور
جغرافيا وعمرانيا؛ فإن محاولات الاسرائيليين تشويه المكان "بعبرنته" مثل: تل أبيب- تل الربيع، وغيرها من الأماكن الفلسطينية بغية خلق رابط يهودي في الأرض وخلق تاريخ لهم، وامتد هذا التشويه لتغيير أسماء القرى والمدن وأسماء الشوارع والحواجز وحتى المحلات التجارية كما هو في القدس. ويعبر عن ذلك د. عبد الرحيم الشيخ في دراسة له: "هناك (تلازم) بين التطهير العرقي الذي اقترفته (إسرائيل) منذ عام 1947، وتمارسه حتى اليوم والتطهير الإسمي الذي صاحبه، فالعصابات الصهيونية، ودولتها فيما بعد، جردت الأمكنة من سكانها الفلسطينيين الأصليين، وغيرت أسماء الأماكن بإطلاق الأسماء العبرية عليها." وكامتداد استشراقي لفكرة الصهيونية- ذلك أن الصراع حول فلسطين هو صراع فكرة كما عبر إدوارد سعيد- فإن التصور لأسطورة إسرائيل الكبرى حسب منير العكش هو ترجمة لفكرة أمريكا والتي تقوم على ثلاث نواحي:
- احتلال أرض الغير.
- استبدال سكانها بسكان غرباء.
- استبدال تاريخها وثقافتها بالغرباء.

وهذه النواحي أو العناصر تبنى على: الاختيار الالهي والتفوق العرقي والثقافي والدور الخلاصي للعالم والتوسع دون حد ومشروعية التضحية في الآخر! لذا قامت إسرائيل بتغيير الأسماء بما يتوافق مع هويتها الصهيونية وخلق رابط ديني تاريخي مثل هيكل سليمان وأية أسماء أخرى وردت توراتيا تكرس فكرة أحقية اليهود في المنطقة الفلسطينية كأسماء حروب وأشجار..الخ، والحزب الذي مثل هذا النمط هو حزب الليكود وحزب العمل من ناحية انسانية طبيعية بيئية، من خلال لجنة تختص بذلك.
وتعير إسرائيل اهتماما كبيرا في موضوع الاستيطان والذي التهم ما يمكن من أراضي الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلة مخترقة بذلك كل المواثيق الدولية وسبل تحقيق السلام الذي لا تكترث إليه أصلا دولة صهيونية! وكل ذلك من أجل فرض واقع إسرائيلي على المشهد الفلسطيني يترك به المواطن الفلسطيني في حالة عجز معيشي واجتماعي واقتصادي مما يدفعهم إلى الهجرة.
في الآونة الأخيرة، يعاني المشهد الفلسطيني من حالة "الفوضى الخلاقة" ومن التنصل المحزن تجاه المهام الواجبة على كل فلسطيني، كما بات المشهد الفلسطيني يتمتع ويستمتع في الخمول الدولي حول قضاياه وأصبح مشروع الدولة "الحُلم" و"عاصمة القدس" أفقان تائهان في العدم، فلا مقاومة ولا مفاوضات ولا حق العودة ولا أرض ولا جو ولا مشروع وطني ولا شيئ.. سوى منظر الأشجار الملتفة حول المستوطنات وإشارات الحواجز، وأبحاث فلسطينية جديرة في الأخذ في عين الاعتبار، ولكن..!

مراجع/
• كتب:
- ميعاري، محمود. الثقافة السياسية في فلسطين: دراسة ميدانية. بيرزيت: جامعة بيرزيت، معهد إبراهيم أبو لغد للدراسات الدولية ، .2003
- عراف، شكري وإلياس شوفاني. المواقع الجغرافية في فلسطين: الأسماء العربية و التسميات العبرية. بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية ، .2004
- القاسم، أحمد محمود محمد. الموسوعة العلمية: أسئلة و أجوبة عن فلسطين : تاريخ و جغرافية. فلسطين: مركز منيف البرغوثي الثقافي، .2002
• مقالات:
- عاصلة، فادي. "جدار الفصل العنصري: خنق في الهوة وخلق للهوية". حوليات القدس، ع.12 (شتاء2011).
- إلحنان، نوريت بيلد. " شرعنة المجازر في كتب التاريخ المدرسية المتداولة في إسرائيل". قضايا إسرائيلية، ع. 39-40 (2010): 32-54.
- عزمي ، محمود. "أصول إنشاء دولة إسرائيل : التاريخ الذي نسيه البعض". صامد الاقتصادي، ع. 125 (2010): 170-179.
• انترنيت:
- "قراءة في مقالة الدكتور عبد الرحيم الشيخ - متلازمة كولومبوس وتنقيب فلسطين: جينالوجيا التسمية الإسرائيلية للمشهد الفلسطيني-". عليان، محمود.
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=289211 (أسترجعت بتاريخ 13/11/2012).
- بالصور..الاحتلال يواصل طمس معالم القدس". فلسطين الآن. http://paltimes.net/details/news أسترجعت بتاريخ 13/11/2012).
- "ورشة عمل عن الثقافة الفلسطينية". العف، أ.د. عبد الخالق. site.iugaza.edu.ps/aelaff/files/2012/09/ورقة-عمل-عن-الثقافة1.doc (أسترجعت بتاريخ 13/11/2012).


• Books:
- Shindler، Colin. A history of modern Israel. Cambridge: Cambridge University Press، 2008.
- Laqueur، Wand Rubin Barry. The Israel - Arab reader : a documentary history of the middle east conflict. New York : Penguin Books ، 2001.
- Levine، Mark. Overthrowing geography : Jaffa , Tel Aviv , and the struggle for Palestine , 1880-1948. Berkeley : University of California Press ، 2005

• Article:
- Beinin, Joel. “Israel at forty : the political economy / political culture of constant conflict”. Arab studies quarterly, No. 4 (1988): 433-456.
- Richeter-Devroe، Sophie. “Gender , culture , and conflict resolution in Palestine”. Journal of Middle East Women`s Studies, No. 2 (no date): 30-59 .
- Sa ar، Amalia. “Masculine talk : on the subconscious use of masculine linguistic forms among Hebrew - and Arabic - speaking women in Israel”. SIGNS, no. 2 (2007): 405-429.

• Website:
- “What Is The History Of Palestine?”. History Of Palestine.
http://www.webgaza.net/background/History_of_Palestine.htm (accessed in 17/11/2012).
- “Encyclopedia Of The Palestine Problem”. Nakhleh, Issa. http://www.palestine-encyclopedia.com/EPP/Chapter01.htm (accessed in 17/11/2012).
- “The Comparative Of Palestine And The Sinaitic Peninsula”. Gage, William. http://books.google.ps/books?hl=ar&lr=&id=oEoVg-9-m2QC&oi=fnd&pg=PA1&dq=Geography+of+Palestine&ots=DkyZONkAVE&sig=Ws_9IAWiIH6lQGcJJrZcREl4b28&re-dir-_esc=y (accessed in 17/11/2012).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عاشت نظرية المؤامرة
زرقاء العراق ( 2013 / 9 / 27 - 21:14 )
لو كف مثقفينا عن تعليق كل مشاكلنا واخفاقاتنا وتخلفنا على شماعة فلسطين, ولو كفوا عن تحوير حقائق تاريخية يستطيع كل متصحف للأنترنيت معرفتها, ولو جنحوا للسلم مع اسرائيل وتعاونوا معها لصارت فلسطين ودول الشرق الأوسط من اغنى واجمل دول العالم كما هي اسرائيل المتقدمة في كل المجالات الثقافية والعلمية والتكنولوجية

اخر الافلام

.. مفاوضات الهدنة: -حماس تريد التزاما مكتوبا من إسرائيل بوقف لإ


.. أردوغان: كان ممكنا تحسين العلاقة مع إسرائيل لكن نتنياهو اختا




.. سرايا الأشتر.. ذراع إيراني جديد يظهر على الساحة


.. -لتفادي القيود الإماراتية-... أميركا تنقل طائراتها الحربية إ




.. قراءة عسكرية.. القسام تقصف تجمعات للاحتلال الإسرائيلي بالقرب