الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدول ذات الإقتصاد الإنتقالي والعراق

عبد علي عوض

2013 / 9 / 26
الادارة و الاقتصاد


بعدَ إنهيار الإتحاد السوفيتي وبلدان المعسكر الإشراكي عام 1991، عمَّتْ الفوضى فيها وبضمنها جمهوريات الإتحاد السوفيتي السابقة، وإتسمَتْ في مراحلها الأولى بغياب البناء المؤسساتي لمفهوم الدولة العصرية. وهذا ما أرادَت تحقيقه الولايات المتحدة الأمريكية وبالتعاون مع الحركة الصهيونية العالمية تحت نفس الشعار (الفوضى الخلاّقة)، ألذي طبَّقته لاحقاً في العراق. لقد تبادَرَ إلى أذهان دول أوربا الشرقية، سواءٌ على صعيد شعوبها أو إداراتها السياسية، أنّ أوربا الغربية ستفتح أبوابها لهم وتغدق عليهم بالمساعدات المالية المليارية. لكن بمرور الزمن إتضحَ أنه لايوجد شيء إسمه هبات مالية مجانية في العالم الغربي، بَلْ أنّ الغرض من وراء قبول بعض دول أوربا الشرقية في الإتحاد الأوربي هو فتح أبواب أسواقها للمنتجات الغربية ألتي تعاني من كساد داخلي في تصريف منتجاتها إضافةً إلى الهدف الآخر المتمثل بالهيمنة السياسية وجعلها تدور في الفلك الغربي – الأمريكي. والذي زادَ الأمور تعقيداً هي الأزمة المالية العالمية عام 2008.
إنَّ حالة التملمُل ألتي تبلوَرَتْ لدى شعوب تلك البلدان وبسبب التدهور الإقتصادي المتمثل بزادة نسبة البطالة وإرتفاع معدلات التضخم وزيادة المديونية الخارجية وبروز حفنة قليلة من ألذين تتمركز بأيديهم الثروات المادية، يُقابلها ملايين الفقراء، أجبرَت أنظمتها الحاكمة على التحرك بإتجاهيَن مِنْ أجل إحياء وتنشيط إقتصادياتهم المُحتضِرة: الإتجاه الأول يكون بالعودة إلى مباديء وقواعد التنبؤ والتخطيط الإقتصادي ألتي كانت سائدة في العهد الإشتراكي وتوليفها مع ما هو مُتّبَع وسائد في البلدان الرأسمالية المتقدمة. هكذا نهج، يَدُلُّ على شيئَين، أولهما هو الموقف الراديكالي المُسبَق الرافض لكل ما كان قائم سابقاً في مجال قواعد النشاط الإقتصادي، والشيء الثاني هو التصوّر الخاطيء وعدم الدراية في أنَّ مبدأ التخطيط الذي يستند بدوره على الأساليب الإستقرائية والدلالية والإرشادية لعلم التنبؤ الإقتصادي، هو المحرّك الرئيس لبوصلة الإقتصاد الديناميكي، إذ يعتقد الكثيرون، جهلاً، أنّ سِمَة التخطيط هي ملازمة فقط للإقتصاد الإشتراكي، وهذا ما كانت تؤمن به الحكومة العراقية ما بعد سقوط نظام البعث في 2003 من أجل تنشئة اركان إقتصاد الظل المافيوي الخادم لمصالحها. فعلى سبيل المثال، يوجد في اليابان 6،5 مليون مصنع غير كبير، وهذا العدد يُمثل 99% من مجمل المصانع في اليابان. يقوم كل واحد من تلك المصانع بوضع خططه المستقبلية إستناداً إلى الحالة العامة للأسواق، والدولة من جانبها تقوم بدورها بوضع الخطة العامة بحيث تتناسب وتتناغم مع الخطط الفرعية لجميع الأنشطة الإقتصادية – الصناعية، الزراعية، التجارية، السياحية والبحثية العلمية.
الإتجاه الثاني يتلخص بالتوجه إلى البلدان النامية ذات الموارد الطبيعية الغنية وألتي من ضمنها العراق. فمِن الدول ألتي تمُرْ بمرحلة الإنتقال في قوانينها ونشاطها الإقتصادي هي أوكرانيا ألتي تعاني أيضاً من إستشراء الفساد بكل جوانبه، وهنا يستلزم الأمر التوقف عند جزئية محدّدة وتسليط الضوء عليها، ألا وهي مسألة صفقة الأسلحة ألتي اُبرِمَتْ بين العراق وأوكرانيا. أوكرانيا دولة غير متخصصة في صناعة ألأسلحة الثقيلة، وما تمتلكة من مدرعات ودبابات حالياً هو يمثل حصتها من الإتحاد السوفيتي السابق، وهي لاتستطيع تصنيع ذلك السلاح حالياً، لأنّ روسيا الإتحادية سحبَتْ الرخصة (LICENCE) منها. لذا فإنّ ما تمّ تصديره من مدرعات وغيرها إلى العراق ما هو إلاّ سلاح قديم يتعدى عمره الثلاثين عام!!! وهذا ما تبيَّن لاحقاً، بعد أنْ وجدَ الخبراء العراقيون الأكفاء المتخصصون في تكنولوجيا السلاح التشققات في معدن تلك المدرعات!!.
يبقى على الجانب العراقي أن يعتمد بإستيراد التكنولوجيا المدنية والعسكرية على مبدأ التعامل مع تلك الدول المُبتكِره لإنجازاتها التقنية وليس مع الدول المُرَخص لها بالتصنيع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تسمح الأعباء الاقتصادية لإسرائيل بفرصة فرض حكم عسكري على


.. إبراهيم رئيسي.. هل تحتدم المنافسة على خلافة خامنئي؟




.. الذكاء الاصطناعي ساحة منافسة ضروس بين شركات التكنولوجيا العم


.. أغلى من الذهب.. ريشة طائر نيوزيلندى تسجل رقم قياسي فى مزاد




.. مصممة سويسرية تكشف سبب احتكار صناعة وتصميم السعفة الذهبية بم