الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فائق بطي رائد الصحافة والفكر الجزء الثاني

محمد الذهبي

2013 / 9 / 26
الصحافة والاعلام


فائق بطي رائد الصحافة والفكر الجزء الثاني
وفائق بطي بعد هذا مجدد كبير على الرغم من انه دخل عالم الصحافة مرغما بحسب مايقول، حيث كان يدون لابيه روفائيل بطي مايكتبه، واخيرا صار صحفيا نتيجة للقراءات، اي ان سنين الدراسة لم تكن سوى بداية وضعت قدم فائق بطي على طريق التعب والجهد والمتابعة، حيث نشأ صحفيا في داره وتتلمذ على يد ابيه، ولذا حين اخبر محمود امين العالم رئيس تحرير (روز اليوسف)، بانه كتب عمودا صحفيا تحدث فيه عن الثورة الكردية وحقوق الكرد، قال له العالم: لاتستعجل فانت لم تزل طالبا، لكن بطي طلب من العالم ان يقرأ العمود ومن ثم يقرر، وكانت النتيجة ان العمود نشر في (روزاليوسف) ، لقد عاش فائق بطي مع المطبعة وتتلمذ على يد رائد من رواد الصحافة في العراق، فكان من السهل واليسير عليه ان يحدد ان الصحافة العراقية هي صحافة رأي ولم ترق الى ان تكون صحافة خبر، وهذا القول يأتي نتيجة للخبرة التراكمية التي يتمتع بها فائق بطي على مدى اكثر من ستة او سبعة عقود من الزمن، وتأتي مقولة بطي هذه على اساس علمي كبير، فالثقافة العربية ثقافة رأي واسمار واحاديث، وهي بعد ثقافة روايات متوارثة من جيل الى الجيل الذي يليه، فكان الرأي مهما جدا لدى العراقيين حيث رسخته مدارس الرأي الاولى التي نشأت في الكوفة، وحين دخلت المطابع ابان حملة نابليون على مصر ابتدأت معها الصحافة وعكست ثقافة العرب على الفن الجديد، حيث انتقلت الصحافة الى العراق وكانت البداية في جريدة الزوراء في عام 1869على يد احمد مدحت افندي، وصحافة الرأي بدأت مع نشوء الاحزاب وامتلاك كل حزب لصحيفة مستقلة، ويقسم بطي مراحل الصحافة في العراق ويعتبر الصحافة بعد ثورة تموز 58 هي انبل واحسن فترة صحفية مر فيها العراق، ليستثني عهد الستينيات ويعتبره اول مؤشر على نشوء العنصرية ومصادرة الرأي، في حين يعتز بالصحف اليسارية التي صدرت في زمن الحكم الملكي على الرغم من انه يشير الى بعض الارهاصات والمضايقات آنذاك، ويعرج على صحافة المنفى فيعتبرها اسهمت كثيرا في فضح الممارسات الديكتاتورية للنظام البعثي في العراق حيث استمرت حتى سقوط النظام في 2003.
وتأتي مهنية فائق بطي الصحفية قريبا من التنظير باتجاه رسم معالم صحفية عراقية تعتمد الموروث الصحفي الكبير الذي امتد الى مايقرب من 150 سنة، تتالت فيه فترات زمنية نهضوية وحداثوية عاصرها بطي واسس للجزء الاكبر منها، ليتربع في النتيجة على عرش الموسوعية الصحفية في العراق، وهذا من شأنه ان يفرض على القائمين على الصحافة استغلال الخزين الثر الذي يمتلكه بطي لافادة الاجيال الصحفية، وليرتقي المجتمع على اساس صحافة مبدئية ونظيفة لاتهبط الى مستويات التشويه والاحقاد الشخصية، حيث برهن بطي عمليا ونظريا انه الرائد الاوحد في هذا المضمار؛ مما جعله مبدئيا في تعامله مع الخبر وعمود الرأي، ودخل بطي عالم السياسة ، مخالفا بذلك رغبة ابيه في انه يبتعد عن السياسة وينهل من الثقافة، لكن بطي رأى ان السياسة التي اخذت منه الكثير كانت قرينا للعمل الصحفي، خصوصا و ان الاحزاب امتلكت الصحف في العهد الملكي مرورا بالعهود التي تلته، والصحفي السياسي يستطيع ان يضيف الى عالم الصحافة الكثير في الرؤية والتحليل، حيث يقرأ الاحداث قراءة ممنهجة، لكنه يبقى اسيرا للرأي الواحد يدور في فلكه، وهذا ايضا لايمنع من ان الصحافة الملتزمة ربما تكون اداة كبيرة في بناء البلدان وتقويم اعوجاج المجتمعات، وصحافة الحزب تختلف كثيرا عن صحافة الممول لانها تمتلك نظرة مصحوبة بمنهج سياسي واقتصادي،خصوصا في اننا لم نصل حتى الان الى الصحافة الحرة، حيث ان الصحافة بعد 2003 ابتعدت كثيرا عن الحرية،وبقيت تدار بعقليات العهد البعثي الذي يدس في السم العسل، وهذا اسهم كثيرا في انها تمتلك ايديولوجيا سياسية اسست الى قيام صحافة مناوئة تخضع لايديولوجيا دينية، وهكذا اختلطت الاوراق.
هناك الكثير الكثير حيث ان حياة فائق بطي زاخرة بكل الوان النضال والفكر المتنوعة، وكانت كردستان وفلسطين قضيتين شغلتا فكر فائق اليساري على امتداد مراحله المتعددة، فمرة يكتب عن كردستان واخرى يطالب بوضع اسم فلسطين في المؤتمرات الدولية، ومن الواضح ان القضيتين تتشابهان في محتوى النضال للشعب الكردي والعربي في فلسطين، ومحتوى التجبر من قبل الصهاينة والديكتاتوريات التي اشبعت الكرد ظلما واضطهادا، وصل الى استخدام السلاح الكيمياوي والطائرات في ضرب شعب اعزل الا من الايمان بعدالة قضيته، ليقف المناضل الكردي على جبل في كردستان ويعلن انتهاء زمن الاضطهاد، ولتنطلق الاقلام في كردستان تنظر للدولة الجديدة وتستذكر بذات الوقت عذابات البعث واضطهاده للكرد على مدى سنين طويلة، هذا هو فائق بطي الانسان والصحفي والمفكر والسياسي الذي شرب على مدى سنوات طويلة وتشرب بالصحافة ، فصار قامة كبيرة وعمودا شاهقا من اعمدتها في العراق والوطن العربي، دائما اشكر السنين التي جمعتني بقامة كبيرة نهلت من مواردها العذبة، واستطعت ان احتفظ بذكريات ولو بسيطة عن رجل اعطى كل شيء وقدم كل شيء.
مهما قلت ومهما تناولت لا استطيع ان احيط بشخصية كبيرة احترفت النضال والعمل الصحفي، وانا بنظري ان النضال من اجل قضايا المجتمع المشروعة يعطي الدفع باتجاه صحافة مبدئية غير مأجورة لايستطيع ان يتحكم بخطوطها الممولون والاحزاب الحاكمة، صحافة حرة تستطيع ان ترتقي بالمواطن وتدافع عن حقوقه المشروعة؛ تحية ايها الكبير الكبير ونحن بانتظار الكثير، فائق بطي يارائد الفكر والصحافة الف تحية لك ايها الكبير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دروس الدور الأول للانتخابات التشريعية : ماكرون خسر الرهان


.. مراسل الجزيرة يرصد آخر تطورات اقتحام قوات الاحتلال في مخيم ن




.. اضطراب التأخر عن المواعيد.. مرض يعاني منه من يتأخرون دوما


.. أخبار الصباح | هل -التعايش- بين الرئيس والحكومة سابقة في فرن




.. إعلام إسرائيلي: إعلان نهاية الحرب بصورتها الحالية خلال 10 أي