الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إرهاصات ثورة اجتماعية وسياسية في السودان

عليان عليان

2013 / 9 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


قرار الحكومة السودانية الأخير ، في الثالث والعشرين من شهر أيلول الجاري برفع أسعار الوقود وغاز الطهي بنسبة (75) في المائة ، كان بمثابة الشرارة التي ألهبت الشارع السوداني ، عبر مظاهرات صاخبة تنبيء بثورة حقيقية ضد نظام البشير ، الذي واجه هذه المظاهرات بقمع دموي ، راح ضحيته حتى اللحظة ، ما يزيد عن 25 شهيداً ومئات الجرحى.
هذه المواجهات التي تتصاعد باستمرار ، وتتراجع أحياناً ، لكن في إطار منحنى بياني صاعد ، هي مقدمات حقيقية للثورة السودانية القادمة ، خاصةً وأن كل العوامل التي تستنفر ثورة اجتماعية وسياسية في السودان متوفرة بشكل كبير جداً وهي :
1-الفقر الذي يعصف بما يزيد عن 60 في المائة من الشعب السوداني ، وفق بيانات إحصائية تعود إلى حقبة تسعينات القرن الماضي ، بينما تشير التقديرات الحالية إلى أن نسبة الفقر في السودان تصل إلى 65 في المائة .
2-الجوع - وما أدراك ما الجوع في السودان - الناجم عن الفقر المدقع الذي تتجاوز نسبته (30 ) في المائة ، ذلك الجوع الذي خلق حالة من الوئام بين القطط والكلاب في السودان..
3-البطالة السافرة التي ارتفعت - وفق الإحصاءات الحكومية الأخيرة التي كشفت عنها وزيرة تنمية الموارد البشرية والعمل إشراقة سيد محمود - من 16,4 في المائة إلى 18,8 في المائة ، وبنسب تتراوح بين 38 في المائة للذكور و(35 ) في المائة للإناث ، في حين تؤكد المصادر المحايدة أنها تتجاوز نسبة أل 20 في المائة .
4-مسلسل رفع أسعار السلع الأساسية ، في الوقت الذي لا يملك أغلبية المواطنين الحد الأقل من أدنى لإبقائهم على قيد الحياة ، وكذلك ارتفاع نسبة التضخم إلى 50 في المائة – وفق إحصاءات مستقلة – في حين تزعم المصادر الحكومية ، أن هذه النسبة انخفضت إلى 23,8 في المائة في يوليو/ تموز الماضي ، مقارنة بإحصاءات حكومية سابقة في شهر مايو/ أيار الماضي نسبتها 37,1 في المائة .
5-الفساد الذي يعشعش في مفاصل النظام السياسي والإداري في السودان.
6-الفوارق الطبقية الهائلة في السودان ، واتجاه غالبية الطبقة الوسطى إلى التلاشي والإندغام في طبقة الفقراء والمهمشين.
7-ديكتاتورية الحزب الإسلاموي الإخواني الواحد ، الذي يتربع على عرش السودان منذ أكثر من عقدين من الزمن ، وتزوير الانتخابات لضمان بقائه في السلطة والقمع المستشري للحريات .
8-غياب خطط التنمية الحقيقية ، وعلى الأقل في الزراعة لجعل السودان بما تمتلكه من مقومات " سلة غذاء لشعبه" وليس للعالم العربي.
9-عدم قدرة نظام البشير ، على ضمان وحدة البلاد والعباد ، ففي ظل هذا الحكم الفاسد انسلخ الجنوب عن الشمال في " دولة خاصة به " ، ودارفور تئن تحت وطأة الحرب التي أكلت الأخضر واليابس ، في حين أن مناطق أخرى في كردفان وغيرها تتهيأ للخروج عن نطاق سيطرة الدولة.
وقد يرمي البعض من الإسلامويين في وجهنا بفزاعة : " أن الحراك الشعبي الحالي ما هو إلا مؤامرة على السودان ، وأن ما يعانيه السودانيون من شظف للعيش هو جراء العقوبات الغربية المفروضة عليه ".
وهنا لا بد من الرد على هذه المبررات بالقول :
= كفى لتفسير أي حركة احتجاجية أو ثورية من زاوية المؤامرة.
= أن المؤامرة الغربية الصهيونية هي على السودان الوطن والشعب والثروات والمياه والأمن القومي ، وليس على النظام ، وأن هذا النظام بديكتاتوريته وفساده وسوء إدارته سهل مهمة المؤامرة والمتآمرين .
= أن شظف العيش والفقر والجوع والفساد والاستبداد موجود في السودان قبل العقوبات الغربية .
وأخيراً فإننا أمام نظام لا يخجل من نفسه ، حين يردد فزاعة " أن المندسين المرتبطين بالخارج ، هم الذين يقفون وراء المظاهرات الصاخبة ، احتجاجاً على رفع أسعار الوقود والمحروقات " ، نظام لا يخجل من نفسه ويستمرىء الكذب ، حين يقول أن الزيادة في رفع الأسعار ، ستذهب على شكل زيادة في رواتب موظفي الحكومة ، وإلى مساعدات للفقراء !
والثورة القادمة – لا محالة - قد تقود السودان إلى ديمقراطية حقيقية بعيداً عن سيطرة الأحزاب التقليدية لآلي المهدي والميرغني ، اللذين وظفوا الإنتماء الصوفي الإسلامي في خدمة مصالحهم الطبقية الرخيصة ، بعد أن أدركت الجماهير السودانية عبر معاناتها فساد الذين حكموا البلاد تحت عباءة الإسلام التصوفي اللاهوتي المزعوم ، أو الذين حكموها تحت عباءة " الإسلام هو الحل " .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كريات شمونة في شمال إسرائيل.. مدينة أشباح وآثار صواريخ حزب ا


.. مصر.. رقص داخل مسجد يتسبب بغضب واسع • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الألغام.. -خطر قاتل- يهدد حياة آلاف الأفغان في الحقول والمدا


.. ماذا رشح عن الجلسة الأخيرة لحكومة غابرييل أتال في قصر الإليز




.. النظام الانتخابي في بريطانيا.. خصائص تجعله فريدا من نوعه | #