الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوراق أيلولية .. الورقة السادسة والسابعة والثامنة .

ميساء البشيتي

2013 / 9 / 27
الادب والفن


الورقة السادسة

انتكاسة سريعة .. ككل الانتكاسات التي تصفعنا على حين غيرة حينما نحاول أن نقبّلَ عنوة وجه هذه الحياة .. أُغلق الكتاب في وجهي .. ربما عن سهوٍ منه أو مني .. وربما عن قصد منه .. لكنه أُغلق في وجهي .. ولن أقول أُغلق إغلاقاً محكماً حتى لا أكون واحدة من الذين شاركوا في ذبحه على مرِّ العصور ومختلف الأزمنة .. لكني أقول ربما كانت ردة فعل عابرة .. عنيفة بعض الشيء على سؤال بريء .. ليس بريئاً خالصاً من الخبث .. الخبث الذي يقفز فجأة في منقار عصفورة أيلولية تحاول طرق باب من الأبواب لأنها تظن أن الحلم الوردي مختبئ عنها داخله .. لم يكن سؤالاً شريراً بمعنى الشرِّ المستطير .. ولم يكن يحمل أي علامة أو دلالة من دلالات الشرِّ .. لكنه استنبط ذلك بفراسته النادرة التي لم أعهدها يوماً بين بني البشر ..
وطبعاً كان عليَّ أن أعيد المحاولة مرة أخرى فأنا عصفورة جبلت على الكرِّ والفرِّ .. ولا تركن إلى الهدوء والسكينة إلاَّ داخل ذلك الحلم الوردي .. داخل ذلك الباب .. فهل تواصل عصفورة أيلول الدق بمنقار من الخبث .. أم أنها ستجد لها حيلة أخرى تفتح من خلالها صفحة أخرى جديدة للقراءة .. دون أن تتسلل منها قُبّلة في غير وقتها .. فتمطر السماء حِمماً بركانية .. وتأكل نيران الغضب جميع لحظات الانتظار والصبر ؟

الورقة السابعة

لم يطل انتظاري له .. فُتحت صفحة جديدة .. ينبعث منها بعض النور .. النور الذي يمكنني من قراءة السطور بشكل واضح .. قال لي بالحرف الواحد إقرأيني أيتها الفارسة فأنا منذ عصور أنتظر فارسة تأتيني على جناحيِّ الخريف لتقلبَ بين أناملها سنينَ من عمري كانت قد بدأت تسري على وجهها ملامح الصدأ ..
كان هادئاً .. بارداً .. وديعاً .. كحَمل وليد ينتظر والدته على باب السوق لتبتاع له " غزل البنات " .. أو قطعاً ملونة من حبات السكر ..
إقرأيني أيتها الفارسة .. قالها بصوت واضح ومسموع .. ولم أدخرُّ جهداً أنا .. فأخذت الورقة والقلم .. وبدأت برسم تقاطيع وجهه .. كنتُ أتأملها جيداً أثناء الرسم .. لم تكن تقاطيعَ تحمل البراءة كما راهنتُ عليها في داخلي عند البدء .. لكنها بالتأكيد لم تكن تحمل كلَّ تلك القسوة .. إذا فمن أين جاء بكل هذه الصلابة إن كانت تقاطيع وجهه بريئة تماماً من تلك اللعنة ..
لكنه يشبه أيلول أحياناً يزمجر دونما سبب .. أو ربما لسبب لا أدريه .. ثم يقلب الصفحة .. لماذا أيها " المذبوح ".. دعني أبقى قليلاً .. دع قلبي يستريح هنيهة فلقد أتعبني طول المشوار .. والنهاية .. لا أعلم أين هيَّ .. امنحني بعض الهدوء في ساحات عينيك المتسعة .. دعني أقيم بعض الوقت .. أقلب صفحات قلبك .. هل مرت أنثى قبلي من هنا أم أنني " السندريلا" الأولى التي تفكر جدياً بخلع حذاءها كتذكار .. وكبصمة جلية أنني يا نساء العالم أنا الوحيدة التي مررت بقلبه وكنت هنا .. ومن السابق لأوانه أن أقول أني عصفت به .. فلا يزال المشوار طويلاً .. طويلاً .. لكن ابتسامة منه دنت .. فأحالت السماء إلى أنجماً وشهباً ..

الورقة الثامنة

حتى في الكتب لا بد من صفعات توجهها أكفُّ الحياة لوجهي .. لماذا لا أدري .. ربما لأنها رأتني أقفز ككنغر بريِّ في حقول الزعتر .. ربما خشيت من دمار في حقول الزعتر .. دمار تقوده قدم كنغر بريِّ يتعلم القفز في حقول الزعتر ..
جلستُ وحدي .. عدت للجلوس وحدي .. الكتاب مغلق حتى إشعار آخر .. لكن ليس لذنب اقترفته .. بل هي الحياة تغار من كل امرأة تُثبت أنها قد تكون حياة أخرى .. لو في ظل كتاب ..
فكرت كثيراً كيف أعيد فتح الكتاب .. أيلول بعيد عني .. وحتى أيلول لا يمكن الاستعانة به في مثل هذه الأوقات .. في الأزمات أتصدر أنا وحدي لها .. فهو كتابي .. وهي قصتي .. وهي حياتي .. وأنا اعتدت على تلقي الصفعات كلما غارت مني هذه الحياة ورأت فيِّ أنثى تهدد فيها أسطح الوجود .. وتهدد فيها ومنها أزمنة البقاء ..
غارت مني الحياة .. باختصار شديد هذا ما حصل بالضبط .. وجدت الحياة فيه فارساً يرتدي خوذة العصور الغابرة .. وجدت فيه فارساً وهبها إياه التاريخ فكيف يفرُّ من بين يديها .. وإن كانت تنكلُّ به .. وتُذيقه العذاب أصنافاً وألواناً .. ألا إنه عزَّ عليها أن تفقده .. ولمن .. لأنثى ظهرت فجأة وأخذت تسحب من تحت أقدامها البساط ؟
هي الحياة .. وغيَرة الحياة .. وحِقد الحياة .. ولكن هل تنتصر عليَّ الحياة ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبكة خاصة من آدم العربى لإبنة الفنانة أمل رزق


.. الفنان أحمد الرافعى: أولاد رزق 3 قدمني بشكل مختلف .. وتوقعت




.. فيلم تسجيلي بعنوان -الفرص الاستثمارية الواعدة في مصر-


.. قصيدة الشاعر عمر غصاب راشد بعنوان - يا قومي غزة لن تركع - بص




.. هل الأدب الشعبي اليمني مهدد بسبب الحرب؟