الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل ثمة خطر اندلاع حرب اهلية في مصر بعد الثورة؟3

حسقيل قوجمان

2013 / 9 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


في الحلقة السابقة بحثت كون ان ثورة الثلاثين من يونيو انقذت الشعب المصري من المصير المظلم الذي كان الاخوان يقودونه اليه. والسؤال هو هل انقذت الثورة الشعب المصري من مخاطر اخرى؟
بخلاف ثورة يناير حيث لم يكن للثوار برنامج سياسي لما بعد الثورة بحيث تسلم المجلس العسكري كامل السلطة السياسية بعد انسحاب حسني مبارك بتكليف غير شرعي منه يكلف فيه المجلس العسكري بادارة شؤون البلاد بعد انسحابه. اما في ثورة الثلاثين من يونيو فقد وضع قادة الثورة المتمثلين بحركة تمرد برنامجا سياسيا كاملا لما بعد الثورة تم تحقيقه تحقيقا تاما بعد ازاحة محمد مرسي والاخوان.
وفقا لهذا البرنامج جرى تعيين رئيس المحكمة الدستورية رئيسا مؤقتا للجمهورية وتشكلت حكومة جديدة وعينت لجنة من عشرة اشخاص لاعداد الدستور ثم لجنة خمسين لاتمام الدستور انتخب عمرو موسى رئيسا لها وفقا لمواعيد مقررة سلفا يجري التمسك بها قدر الامكان لكي تجري الانتخابات النيابية والانتخابات الرئاسية في موعد مقرر سلفا لكي يتحقق نظام منتخب ثابت يدير البلاد. الى هذا الحد يمكن اعتبار ان ثورة الثلاثين من يونيو انتصرت انتصارا سياسيا تاما لم يتحقق مثله في ثورة يناير.
الا ان الانتصار السياسي وحده لا يكفي لاعتبار ان انتصار الثورة كان تاما وكاملا. اضافة الى النتائج السياسية للثورة كانت الثورة تهدف الى تحقيق اهداف اقتصادية واجتماعية وثقافية وصحية يجب ان تتحقق لكي يتحقق انتصار الثورة انتصارا تاما. وحتى الان في هذه المرحلة الانتقالية لم يتحقق اي من هذه الاهداف. يجري الحديث عن تحديد الحد الادنى للاجور على ان يطبق في بداية السنة القادمة ولا شيء غير ذلك تقريبا.
الحد الادنى للاجور مطلب من المطالب الاقتصادية للثورة وعليه يمكن اعتبار تحقيقه تحقيقا لاحد الاهداف الاقتصادية للثورة. فالحد الادنى للاجور بالف ومائتين جنيه في الشهر من شانه ان يقرب حياة العائلة العاملة نحو مستوى الفقر ولكنه لا يرفع حياة العائلة العمالية الى اكثر من ذلك. ومع ذلك يمكن اعتباره في حالة تحقيقه تحقيقا كاملا تحقيقا لاحد اهداف الثورة. فاذا طبق الحد الادنى للاجور تحقيقا يسري على جميع العمال بصورة متساوية بحيث يصبح الحد الادنى للاجور ساريا على اجور الاطفال والنساء فان ذلك يؤدي الى التقليل من استخدام الاطفال ويؤدي الى مساواة المراة والرجل في اجور العمل المماثل وهو مطلب ما زالت الطبقة العاملة حتى في البلدان الصناعية الكبرى تناضل من اجل تحقيقه. الا ان الطبقات الراسمالية بمن فيها الطبقة الراسمالية المصرية تبذل كل الجهود لتحاشي تحقيق هذا القانون تحقيقا حقيقيا يسري بمساواة على المراة والاطفال بهذا القانون.
اخذت مشاعر القلق تبدو في الاوساط الجماهيرية الثورية من مصير الثورة. فانتصار الثورة انتصارا حقيقيا يعني لدى الاوساط الجماهيرية تحقيق اهدافها الاقتصادية والثقافية والصحية وغيرها لانقاذ الشعب المصري من المصاعب التى يعاني منها مثل البطالة والفقر والجهل والامية وعدم وجود الضمانة الصحية لافراد الشعب. اخذت تظهر افكار بان سقوط نظام مبارك في ثورة يناير منح الاخوان فرصة السيطرة السياسية وان سقوط نظام الاخوان في ثورة الثلاثين من يونيو سيمنح الفرصة لنظام مبارك لاستغلال الثورة والعودة الى حكم مبارك.
ما تحقق في الواقع في ثورة يناير كان ازاحة حسني مبارك ولم يكن ذلك يعني سقوط نظام مبارك. ان حسني مبارك رغم كل السلطات التي حازها لم يكن سوى موظف يخدم مصالح الطبقة الراسمالية الحاكمة. لذا لم يكن انسحاب مبارك سقوطا لنظام مبارك اذ ان نظام مبارك هو النظام الراسمالي المصري الذي نشأ منذ الانقلاب العسكري على النظام الملكي فاصبحت الطبقة الراسمالية هي الطبقة الحاكمة وكانت الحكومات المتتالية حكومات تمثل النظام الراسمالي بدءا بحكومة جمال عبد الناصر الى السادات الى حسني مبارك. وبقي النظام الراسمالي في مصر بعد انسحاب حسني مبارك لم يمسه اي ضرر.
ففترة حكم المجلس العسكري كانت في الواقع استمرارا لحكم مبارك لان المجلس العسكري هو مجلس مبارك العسكري الذي استمر في الحكم بغياب مبارك. ولم يعمل المجلس العسكري غير ما كان سيعمله مبارك لو بقي في الحكم. لم يحقق المجلس العسكري اي مطلب من مطالب جماهير الثورة. فقد نفذ المجلس كل السياسات بصورة مقلوبة اذ جعل الانتخابات والانتخابات الرئاسية قبل الدستور وقبل قانون الانتخابات لكي يضمن وصول الاخوان المسلمين الى الحكم. ولم يكن حكم الاخوان نظاما يختلف عن نظام مبارك اذ كان نظام الاخوان هو النظام الراسمالي المصري وكان الاخوان المسلمون يمثلون اقصى يمين الطبقة الراسمالية المصرية. لذلك كتبت في اول مقال كتبته عن ثورة يناير ان الثورة لن تحقق اهدافها مما اغضب الاستاذ الكبير حمدي قنديل بتوقيع قلم رصاص في حينه. لكن التاريخ اثبت ان نظام مبارك ونظام المجلس العسكري ونظام الاخوان كان نفس النظام الراسمالي المصري فقط بتغير الفئة التي تدير الحكم لمصلحته.
خلال السنة الاولى من حكم الاخوان شعرت الجماهير وخصوصا الشبيبة بالخطر الذي يهدد مصر جراء استمرار حكم الاخوان فنشات حركة شبابية، حركة تمرد، انجزت حركة عظمى لم يكن لها مثيل في التاريخ اذ جمعت في اقل من شهرين اكثر من اثنين وعشرين مليون توقيع للمطالبة بنزع الثقة من الرئيس مرسي وحددت موعدا لعرض التواقيع ونزول جماهير الشعب المصري في يوم الذكرى السنوية لاستلام محمد مرسي رئاسة الجمهورية. وتحقق ما قررته حركة تمرد في نزول اكثر من ثلاثين مليون مصري في الشارع لاول مرة في تاريخ البشرية. كان شعار التواقيع والمظاهرات هو نزع الثقة بمحمد مرسي والمطالبة بازاحته. لكن حركة تمرد لم تكن حركة لتحقيق ازاحة محمد مرسي بالقوة بل كانت حركة مظاهرات سلمية تخطط لتصعيد الحركة بانذار محمد مرسي للخضوع والا تعلن العصيان المدني التام. واعلن الجيش المصري تعاطفه مع حركة تمرد وتاييد مطالبها وكذلك اعلنت الشرطة المصرية تعاطفها مع الشعب وامهل الجيش بانذاره لمحمد مرسي مرتين لكي ينسحب تلقائيا او يوافق على انتخابات مبكرة. وعند عدم خضوعه اعلن الجيش تنحيته وتنحية الاخوان المسلمين عن الحكم وتحقيق برنامج تمرد لما بعد الثورة وفقا لخارطة الطريق التي حددها وفقا لمطالب حركة تمرد.
لهذا السبب اعلنت في مقال سابق ان اي دستور يصاغ من قبل لجنة الخمسين بصرف النظر عن شخصيات اللجنة ومدى اخلاصهم للثورة ورغبتهم في تحقيق اهذافها كاملة لن يكون سوى دستور راسمالي. لان الدستور الذي يوضع في مجتمع راسمالي لا يمكن ان يكون الا دستورا يمثل مصالح الطبقة الحاكمة. وقد اوردت على سبيل المثال المادة التي لا يخلو منها دستور راسمالي حول صيانة، بل قدسية، الملكية الخاصة. وان هذه المادة التي تبدو مادة ديمقراطية تسري بالمساواة على جميع افراد الشعب تعني في الواقع عند التطبيق صيانة غنى الاغنياء وصيانة فقر الفقراء.
ترفع حول الثورة شعارات مثل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والحرية والكرامة وهي شعارات ليس لها معنى دقيق في مجتمع طبقي اذ ان معناها يختلف بالنسبة لكل طبقة. فالعدالة الاجتماعية مثلا تعني بالنسبة للطبقة الراسمالية استمرار حق الراسماليين في استغلال الطبقة العاملة اما بالنسبة للطبقة العاملة فتعني منع استغلال الطبقة العاملة والفلاحين. وكذا بالنسبة لتفسير الشعارات الاخرى التي لا تعريف دقيق لها. اما الشعارات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والصحية التي ترفعها الطبقات الكادحة كمكافحة البطالة وازالة الفقر وضمان الرعاية الصحية لجميع افراد الشعب والتعليم المجاني والتعليم الاجباري للاطفال من الجنسين الى درجة ثقافية معينة فهي بالنسبة للشعب شعارات تناضل الجماهير من اجل تحقيقها ولن تحققها الطبقة الراسمالية الحاكمة عن طيب خاطر لان تحقيقها يقلص ارباح الطبقة الراسمالية.
ان الحكومة التي تنشأ في الانتخابات القادمة لن تكون سوى حكومة تمثل اداة الطبقة الراسمالية في تحقيق مصالحها كما كانت حكومة جمال عبد الناصر وحكومة السادات وحكومة مبارك وحكومة مرسي. تختلف الحكومات عن بعضها اختلافا كبيرا ولكنها في جميع الحالات تبقى حكومات تخدم مصالح الطبقة الراسمالية. وهذه الحكومات لن تحقق ولا تستطيع ان تحقق اهداف الثورة الاقتصادية والاجتماعية والصحية والثقافية من تلقاء ذاتها. ان ما يستطيع الشعب المصري تحقيقه في هذه المجالات هو ما يحققه عن طريق النضال المثابر المستمر في سبيل تحقيق بعض المطاليب الجزئية التي يفلح في الحصول عليها كما هو الامر في جميع الانظمة الراسمالية. قد تكون الحكومة التي ستتالف عن طريق الانتخابات اقل ظلما وفسادا ولو لمدة قصيرة ولكنها لن تكون اكثر من ذلك.
ان الثورة التي تهدف الى تحقيق جميع المطالب الشعبية يجب الا تقتصر على اسقاط اداة الطبقة البرجوازية لادارة شؤون الدولة، الحكومة لبراسمالية، بل ينبغي ان تكون ثورة تهدف الى اسقاط الطبقة الراسمالية ذاتها وهي لن تكون ثورة سلمية وان تحقيقها يتطلب قيادة تختلف في طبيعتها عن حركة تمرد وتختلف في تنظيمها واساليب نضالها عنها. وليس في هذا المقال مجال بحث هذا الموضوع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعقيب
عبدالغني زيدان ( 2013 / 9 / 28 - 13:05 )
بما انك احد اهم الكتاب اليساريين في نظري وتتقن النظرة الكلاسيكية اليسارية وتمسك بمبادىء الفكر المادي بطريقة سلسة ومن دون اجتهاد كبير فان ارائك تعكس جوهر النظرة المادية او الاشتراكية لاحداث مصر
من اكبر الخدع التي تلعبها الاشتراكية هو خدعة ان الثورة نظام فضلا انها فوضى وحركة فوضوية وهذا هو سر قوتها تخدعون الناس بتمجيد تحركاتهم وتصفونها بانها نظام ومعلوم ايضا انها لو كانت منهجا يساريا فقط تستخدم من اجل هدم النظم وعند بناء الاشتراكية اول من سيعدمون هم الثوريون خوفا من انقلابهم عليكم لهذه هي لا تدرس وفق المادية الديالكتيكية ولكنها تبحث في مجال الديالكتيك التاريخي
ثانيا ولكونك منظر كبير فانت تعلم ان الكذب لا يجدي نفعا فكيف تقول ان ثلاثين يونيو ثورة وليست انقلاب ما تعريف الانقلاب اذا لديكم
انا وانت وانتم وهو وهم الجميع يعلم ان التيار الاسلامي سيصعد ولكن لعلمكم ان الانقلاب سيفشل فان محاولاتكم لسحب البساط اليكم لن يجدي نفعا لتكونوا البديل عن ما سبق انت تعترف وتؤيد من خلال طرحك كل الدمار والقتل الذي حدث كنت اقرأ قبل قليل عن زعيم حركة تمرد يقال كان بائع كلاب ...0

اخر الافلام

.. إسرائيل تدرس نقل السلطة في غزة إلى هيئة غير مرتبطة بحماس|#غر


.. القوات الإسرائيلية تدخل جباليا وتحضيرات لمعركة رفح|#غرفة_الأ




.. اتهامات جديدة لإسرائيل في جلسة محكمة العدل الدولية بلاهاي


.. شاهد| قصف إسرائيلي متواصل يستهدف مناطق عدة في مخيم جباليا




.. اعتراضات جوية في الجليل الأعلى وهضبة الجولان شمالي الأراضي ا