الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمريكا وإيران: مَن يروّض مَن؟

شاكر الناصري

2013 / 9 / 28
السياسة والعلاقات الدولية


يبدو ان التقارب الامريكي الإيراني يسير بخطى سريعة جدا، ولعل حديث الرئيس الامريكي باراك اوباما عن الاتصال الهاتفي مع نظيره الإيراني، حسن روحاني، يقطع الشك باليقين وينقل الامر من اقبية التسريبات والتكهنات الصحفية والمصادر الموثوقة والدبلوماسية السرية الى ارض الواقع.

قطعا، هناك الكثير ممن يدورون في فلك الأسئلة المحيرة حول ما جرى خلال الأيام الماضية بين امركا وإيران، بعد عقود من القطيعة والتهديدات والتصريحات العدائية ونذر الحرب. ما الذي تغير حتى يتم الامر بهذه السرعة؟ من المؤكد ان السياسة والعلاقات الدولية لا تتحمل القطيعة الدائمة ولا تتحمل التهديدات المتواصلة بين الدول مهما كان حجمها ومكانتها وقدراتها وانها لابد أن تجلس في يوم ما على مائدة المفاوضات لبحث قضاياها الخلافية.

من المؤكد ان تغيرا كبيرا قد حدث في التوجهات السياسية الخارجية بالنسبة لإيران - الإمر ليس مقرونا بوصول حسن روحاني الى سدة كرسي الرئاسة الإيرانية، فصاحب هذا المنصب لا يعدو ان يكون اداة في يد المرشد الأعلى، خامنئي، ومنفذا لكل توجهاته وتصوراته السياسية، بل مقرونا بتوجهات المرشد ومن يحيط به. وان ساسة هذه الدولة يجيدون اللعب بكل الاوراق التي تقع بين أيديهم وفي مختلف الاتجاهات، انهم يدركون حقيقة مكانة دولتهم وقدراتها الاقتصادية والبشرية ويجيدون النفاذ الى مناطق الازمات التي تتعثر فيها السياسة الامريكية ويجيّرونها لصالحهم بما يشكل حرجا وضغطا كبيرا على أمريكا وحلفائها. ويجيدون قراءة الأوضاع السياسية في العالم بدقة ويحددون مكانتهم ومصالحهم وفقا لها، ولذلك نجدهم وطوال السنوات السابقة يصّعدون من حدة خطابهم المهدِد اتجاه امريكا تارة او يخفضونه بدرجة كبيرة تارة اخرى حين يتطلب الموقف ذلك.

ومن هذا المنطلق فإن الادارة الامريكية قد ادركت عجزها عن إيجاد حلول للنفوذ الإيراني ومساعي هذه الدولة في حيازة القدرات النووية او تحقيق مكانة ما في العلاقات الدولية وهذا ما تحقق فعلا خلال السنوات الماضية حيث تحولت ايران الى لاعب كبير وخصم عنيد لأمريكا والغرب عموما وتمكنت من عرقلة الكثير من مخططاتهم وسياساتهم. وادركت كذلك انها غير قادرة على احداث تغيير سياسي كبير داخل ايران، ان كان عبر الانقلاب العسكري او من خلال دعم المعارضة وتصعيد حركة الاحتجاجات في المدن الإيرانية التي لم تتساهل معها السلطات الإيرانية وعاملتها بقسوة وقمع واسع النطاق رغم كل ما أثير حينها حول قضية الاستبداد وحقوق الإنسان في إيران. في حين يبقى خيار الحرب والعمل العسكري، واسع النطاق، من الخيارات المشكوك فيها بالنسبة للإدارة الأمريكية تجاه ايران - خصوصا حين تراجع سلسلة تدخلاتها العسكرية وحروبها في العديد من الدول المحيطة بإيران وفشلها في تحقيق التغيير الذي تطمح اليه وتركتها وسط فوضى عارمة واوضاع امنية منفلتة وخطيرة وتهديدات بالتقسيم والتشرذم.
وفي الوقت نفسه ورغم كل العقوبات المفروضة على ايران والتهديدات الكثيرة التي تجابه بها فإنها تمكنت من تحقيق تحالفات قوية مع دول كبرى ومؤثرة على الساحة الدولية كروسيا والصين ولعل ما يحدث في سوريا وافشال مشروع الحرب والعمل العسكري الأمريكي ضدها هو ثمرة هذه التحالفات التي قد تتمكن من احداث تغييرات جذرية في الوضع السوري والمنطقة عموما.

هل ستتمكن امريكا من ترويض إيران في الفترات اللاحقة؟ هل ستتمكن من دفعها الى الكشف عن برنامجها النووي والسماح لهيئات التفتيش بالدخول الى المواقع والمنشآت النووية؟ وهل ستتمكن من لجم جماح تطلعاتها للبروز كقوة كبرى ومؤثرة وسط منطقة منهكة وانظمة حكم تغرق في المشاكل والاضطرابات السياسية والاحتجاجات المتواصلة؟ هل ستتمكن من دفعها لسحب نفوذها ودعمها المتواصل لحزب الله وحركات المقاومة الأخرى التي تعمل ضد الوجود الإسرائيلي؟ هل ستتمكن امريكا من إقناع إيران بالتوقيع على وثائق واتفاقيات معينة خصوصا وان هذه الدولة سعت وطوال عقود للتهرب من التوقيع على إتفاقيات ومواثيق ملزمة؟ ام ان إيران سترغم امريكا على الإستجابة لمطالبها ومخاوفها وتدفعها لإعادة النظر في مواقفها وسياساتها العدائية أتجاهها واخراجها من محور الشر والدول المارقة؟

ان كل شيء متوقف على ما تريده ايران و امريكا من تقاربهما وعلى مخططاتهما القادمة. مرتبط بالضمانات التي تريدها ايران وبما يمنع عنها التهديدات المستقبلية ولعل اولها انهاء العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية او التهديدات بالحرب وإسقاط نظام الحكم وان يتم التعامل معها كدولة لها مصالح وتطلعات ورغبة بالتنمية الإقتصادية والبشرية. إن تحقق ذلك فإن الكثير من القضايا الاخرى سوف تتحول الى اوراق ثانوية كحزب الله والعلاقات مع اسرائيل والتدخل في الشأن العراقي او رفع راية الدفاع عن المذهب الشيعي في العالم ولعلنا سنجد ان التعاون والتقارب الأمريكي الإيراني يساهم في حلحلة الاوضاع المتأزمة في المنطقة عموما لأن ما يحدث الآن هو انعكاس للعلاقات المتوترة بين الطرفين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الخارجية الروسية: أي جنود فرنسيين يتم إرسالهم لأوكرانيا سنعت


.. تأجيل محاكمة ترامب في قضية الوثائق السرية | #أميركا_اليوم




.. دبابة إسرائيلية تفجّر محطة غاز في منطقة الشوكة شرق رفح


.. بايدن: لن تحصل إسرائيل على دعمنا إذا دخلت المناطق السكانية ف




.. وصول عدد من جثامين القصف الإسرائيلي على حي التفاح إلى المستش