الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يَشْهَد العالَم ولادة -قيادة جماعية-؟

جواد البشيتي

2013 / 9 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


"الجديد"، وقَبْل أنْ يَظْهَر إلى الوجود، وتتبلور ماهيته وخصائصه، يَتَبَرْعَم في "القديم"؛ ورؤية هذا "البرعم" رُبَّما لا تكون في متناوَل الأبصار؛ لكن ما هو في حُكْم المؤكَّد أنَّ هذا "الجديد" سيَخْرُج من أحشاء "القديم"، ورغماً عنه.
وإنِّي لأرى "جديداً" يُبَرْعِم الآن في أحشاء "النِّظام الدولي"؛ وليس من الحكمة، أو الواقعية في التفكير السياسي، النَّظر إلى ما وَقَع في ريف دمشق في الحادي والعشرين من آب الماضي (أو إلى "زلَّة لسان" كيري) على أنَّه "السبب".
لافروف (وزير خارجية روسيا) فَهِم، وأراد لنا جميعاً أنْ نَفْهَم، قرار مجلس الأمن الدولي الخاص بـ "الترسانة الكيميائية السورية" على أنَّه ثمرة "القيادة الجماعية" لـ "النظام الدولي"؛ فانفراد الولايات المتحدة بقيادة هذا النظام، أو جنوحها للانفراد بقيادته، لا يُنْتِج حلولاً للأزمات (كالأزمة السورية على وجه الخصوص) التي تنطوي على تهديدٍ جدِّي للأمن والاستقرار الدوليين؛ وقد يتسبَّب بتعقيدها وتفاقمها، وبَذْر بذور أزمات جديدة.
لقد انتقل العالم (أو النظام الدولي) من "القيادة الثنائية (قيادة الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي السابق)" إلى "القيادة الأحادية" إذْ انفردت الولايات المتحدة بقيادة العالم حتى كادت أن تتحوَّل إلى "حكومة عالمية"؛ وها هو الآن قَيْد الانتقال إلى "القيادة الجماعية"، التي "يَعْتَدِل" فيها، وبها، "التطرُّف" في "القيادة الثنائية"؛ فهي "قيادة جماعية، تَكْمُن الثنائية في أساسها".
وتوصُّلاً إلى "إقناع" الولايات المتحدة (في عهد إدارة الرئيس أوباما) بأهمية وضرورة أنْ يأتي حل الأزمات والنزاعات الإقليمية والدولية من طريق "القيادة (الدولية) الجماعية"، لعبت روسيا، بالتعاون الوثيق مع الصين، وأجادت لعب، ورقة "التعطيل" في مجلس الأمن الدولي، فاستخدمت، مع حليفها الصيني، حق النقض (الفيتو) غير مرَّة، مانعةً، من ثمَّ، صدور قرار عن مجلس الأمن، يمكن أنْ تُفسِّره الولايات المتحدة على أنَّه يجيز لها توجيه ضربة عسكرية محدودة إلى الحليف السوري لروسيا، ويُكْسِب هذه الضربة "شرعية دولية".
وبعد هذا "التعطيل الروسي (والصيني)"، تَرَكَت روسيا للولايات المتحدة "حرية الاختيار"؛ فإمَّا أنْ تمتنع عن توجيه الضربة لافتقادها "الشرعية الدولية"، مجَّسَدةً بقرار من مجلس الأمن، وإمَّا أنْ توجِّهها "منفردةً"، أو بالتعاون مع بعضٍ من حلفائها الأوروبيين، متحمِّلةً العواقب والتداعيات، التي بَدَت إدارة الرئيس أوباما متخوِّفةً منها.
وأحسبُ أنَّ روسيا كانت عازمةً على أنْ تلعب أيضاً "ورقة العواقب والتداعيات"؛ فموسكو لن تخسر شيئاً إذا ما تَرَكَت "الأزمة السورية"، بعد "الضربة"، تتفاعل، سوريَّاً، وإقليمياً، ودولياً، وفي داخل الولايات المتحدة، بما يضطَّر إدارة الرئيس أوباما (على ما تتوقَّع روسيا) إلى طَلَب جهودها ومساعيها وتعاونها؛ وعندئذٍ، لا مناص لواشنطن من أنْ تَدْفَع ثَمَناً أغلى.
حتى في داخل الولايات المتحدة، وبسبب عواقب حروبها في العراق وأفغانستان على وجه الخصوص، رَاَيْنا "الانفراد"، بمعناه الداخلي، يَلْقى معارضة واسعة، في الشارع، وفي الكونغرس؛ فرئيس الولايات المتحدة (والذي هو أوباما الآن) بدا حريصاً كل الحرص على ألاَّ يذهب ولو إلى "حرب صغيرة محدودة" في الخارج إلاَّ بتأييد من الشعب والكونغرس.
من قَبْل، كان "الرئيس" يجادِل في "شرعية" عودته إلى الكونغرس، بعد شَنِّه حَرْباً، ويَنْظُر إلى أمْر هذه العودة على أنَّه انتقاص من سلطاته وصلاحياته؛ أمَّا الآن فشرعنا نرى بداية جدل في "شرعية" أنْ يوجِّه ولو ضربة عسكرية محدودة قبل حصوله على تأييد من الكونغرس.
الولايات المتحدة لم تَفْقِد دورها القيادي، عالمياً؛ لكن يبدو أنَّها غدت أكثر مَيْلاً الآن إلى ممارسته ضِمْن "قيادة (دولية) جماعية"، وبما يجعل سعيها إلى حماية مصالحها الدولية أكثر توافقاً مع مبدأ "تَوازُن المصالح" بين القوى الدولية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف استفاد نتنياهو من هجوم 7 أكتوبر؟


.. بايدن يتمسك بالترشح وسط عاصفة جمهورية لإزاحته




.. تصاعد الدخان مع تبادل إطلاق النار بين الاحتلال وحزب الله على


.. مظاهرات أوروبية متجددة للمطالبة بوقف الحرب على غزة




.. انفجار بمصنع للألياف الكيميائية في الصين يولد حريقاً هائلاً