الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المشروع الايراني لا يواجه بالخطاب العرقي او الديني

سليم عبد الله الحاج
سوريا

(Rimas Pride)

2013 / 9 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


اذا نجحت ايران في المضي قدما نحو اقناع الولايات المتحدة بالجلوس على طاولة التفاوض الجدي حول القضايا الرئيسية المتمثلة في البرنامج النووي و حسابات النفوذ الاقليمي نستطيع القول ان العلاقة بين ايران و الغرب تكون قد دخلت جيلها الثالث منذ انتصار الثورة الخمينية والاطاحة بنظام الشاه في الثمانينات من القرن الماضي . وقد بدأ الجيل الاول بعيد انتشار خطر تصدير الثورة الى المحيط العربي و حينها استطاع الغرب ان يجر الدولة الفتية الى حرب مدمرة مع دولة صاعدة اخرى هي العراق نتج عنها اجمالا ما يمكن ان نقول عنه اصابة عصفورين بحجر واحد اي تحجيم الطموحات التوسعية الايرانية و التحكم فيها بالاستفادة بالوضع الداخلي الاقتصادي و الاجتماعي الصعب بعد الحرب و ايضا القضاء على الحلم العراقي العربي ببناء دولة متقدمة علميا و تكنولوجيا قادرة على لعب دور اقليمي دائم و نيل ثقة القوى الكبرى للحفاظ على السلم و الاستقرار .. ولكن تبقى اهم نتيجة للجيل الاول هو تشكل نواة الخلايا النائمة لما يعرف بالهلال الشيعي المدعوم ايرانيا و الذي اصبح فيما بعد وسيلتها للتغلغل في الشرق الاوسط بعد فشل سياسة المواجهة المباشرة فخلال الحرب العراقية الايرانية حدثت هناك تطورات هامةابرزها ظهور ايران كمتبني جديد للقضية الفلسطينية على حساب التخاذل العربي و ايضا تشكل ابرز ذراع سياسية و عسكرية لايران في المنطقة وهي حزب الله
ولابد ان نشير ان اصطفاف الحالة العربية خلف العراق لم يكن من منطلق واضح المعالم او برنامج واضح لمواجهة خطر توسعي و انما اعتمد على خطاب عاطفي يمزج احيانا بين ثنائية العرب و الفرس و الثنائية الطائفية احيانا في استدعاء خاطئ للحساسيات التاريخية و تغليبها على المنطق السياسي المصلحي الذي يسير العلاقات الدولية .. واذ بغض النظر عن حيثيات ماجرى لا يمكننا ان نعتبر الحرب الايرانية العراقية في احسن الاحوال الا بالخطأ القاتل الذي لم يكن بالامكان تجنبه و لكن كان بالامكان تسييره بطريقة لا تعتمد على الشعارات مثل قادسية صدام وغيرها و انما على مفردات المصلحة الجيوسياسية للامة العربية بطريقة تمتص الاندفاع العاطفي الايراني و تصوره امام العالم كخطر حقيقي يهدد باعادة المنطقة الى القرون الوسطى و ان هناك مشروع عربي حداثي معاصر قادر على ان يكون البديل الذي يصده . اتكلم عن هذا الشيء ليس من منطلق البكاء على الاطلال وانما سردا لتفاصيل حاسمة في صناعة المصير الذي آلت الاوضاع اليوم
ومن السهل فهم ما اقصده عندما نرى التحولات التي بدأت في ترتيبات اللعبة الدولية مع اجتياح صدام الجنوني للكويت واندلاع حرب الخليج الثانية اذ حينها اصبح الغرب و ايران لاول مرة منذ عشر سنوات في خندق واحد ضد خطر صدام الذي تمت شيطنته بطريقة غير مسبوقة ليتحول الى فارس الشر المطلق الذي يجب على الجميع التوحد لاسقاطه و انقاذ الشعب العراقي من رحمة سيوفه ، وهذه علامة واضحة على هشاشة و ضعف الموقف العربي الداعم للعراق في حرب ايران و عدم استناده الى مقومات صلبة قادرة على الصمود امام التعرية و الانفضاح .. فما اعتبر نصرا يوم الثامن من اغسطس سنة 1988 بتجريع الخميني السم لم يكن صحيحا تماما بالنسبة للوضع العربي بدليل ان ايران استطاعت عبر جيلها الثاني من العلاقة مع الغرب ان تعيد بناء نفسها في وقت انشغل خصومها بصراعاتهم الداخلية بين الجبهة المؤيدة لصدام و الجبهة المعارضة لصدام .. و عندها وجدت ظروف موضوعية لتنسيق تاريخي بين ايران و اميركا في الموضوع العراقي لتبادل المصالح و التخلص من عدو مشترك وعلى انظمة المنطقة ان تسدد الفاتورة من جيبها و من تماسك علاقتها مع شعوبها المتدهورة اساسا وكانت هذه نقطة التبدل في وجهة الشرق الاوسط حينما احتل العراق و تعاظم الدور الايراني من مجرد دولة بادوات محدودة الى عرابة محور متكامل من طهران الى دمشق الى بيروت الى غزة وهو ما يعرف بالهلال الشيعي المرتكز على عامل تشجيع الخطاب الطائفي المذهبي و تعليبه للاستهلاك من طرف المجتمعات العربية لتغرق في اوحاله فلا تتمكن من بلورة رؤية صحيحة مقاومة للهيمنة الايرانية .. بمعنى ان الحنكة الايرانية احتفظت لنفسها بالسياسة البراغماتية الواقعية ذات الطابع الدولي و اغرت خصومها بطعم الطائفية و شجعت مخاوفهم الساذجة من برنامجها النووي فلم يتحركوا قيد انملة لصناعة البديل حتى الان و توجهوا الى الاحتماء بالمظلة الاميركية و محاولة استدراج تركيا القوة الاقليمية الصاعدة الاخرى لامتصاص العنفوان الايراني . من حق كل دولة ان تحمي نفسها بكل الوسائل انما غياب المشروع الناضج الواضح المعالم هو المشكلة .. فكان بامكانهم توحيد جميع طاقاتهم والتفاهم على وثيقة الامن القومي العربي كمرجعية يتم اللجوء اليها في خوض اللعبة السياسية الدولية و لكن هذا لم يحدث و لا بوادر له في الافق
في السنتين الاخيرتين دعمت ايران نظام الرئيس السوري بشار الاسد في قمعه للثورة القائمة ضد حكمه و قد حاولت الدول العربية مرة اخرى استغلال هذه الفرصة لتحجيم النفوذ الايراني بيد ان الخلافات القائمة بينهم اعاقتهم مرة اخرى و كبحت مساعيهم ثم ارتكازهم على نفس الخطاب الديني العقيم في اطروحتهم الداعمة للثوار السوريين جعل ايران تستفيد من فترة السماح الدولية في الافلات من خطر كبير كان سيفكك هلالها الشيعي على صخرة ربيع الشعوب العربية الباحثة عن الحرية و الديموقراطية
وربما سيصبح الملف السوري فرصة ذهبية للدخول في جيل ثالث من العلاقة تحت ظل سياسة اميركية تبحث عن تجنب المواجهة و منح القوى الاقليمية الجديرة بالثقة و الانظمة المعبرة عن ارادة الصناديق مهمة حماية الاستقرار و السلام
وعلى هذا الاساس اذا كان التطرف الاسلامي عبر منظمات القاعدة و اخواتها المحسوبة على الدول العربية هو الخطر الوحيد الذي يشغل بال مصالح النظام الدولي وليس الدكتاتوريات القمعية المشجعة له فان الاميركان مستعدين للتحالف مع ايران وغيرها لتحقيق غاية اشاعة الاستقرار و مكافحة الفوضى وان على حساب القيم الحقوقية و الديموقراطية .
ان مهمة الصوت الحداثي العربي اليوم اصبحت مصيرية لانقاذ مستقبل هذه الشعوب و مكانتها و من الاولويات الرئيسية السعي الى تغيير وسائل الضغط والمواجهة السابقة لانها اصبحت مستهلكة و عديمة الفائدة فالغباء ان نستعمل نفس المنهجية عدة مرات و ننتظر فجاة نتيجة مخالفة .. انا مؤمن ان الربيع العربي الذي انطلق قبل سنتين قادر على خلق هذا البديل الناجح وان كانت مقدماته مخيبة للامال و ادت الى تفاقم الجروح في بعض المناطق و لكنه في كل الاحوال لقد نبه الى ان هناك ثورة ضد نمطية التفكير القديم و ضد كل شيء يمت بصلة للماضي و هذا كفيل بالنظر بتفاؤل الى المستقبل .. يمكننا ان نستعمل سلاح الحداثة و الديموقراطية الذي تخلى عنه الغرب لننتقل الى مرحلة الهجموم و بالتاكيد ان المشروع الايراني الخارجي المتعالي لا يعطي صورة كاملة عن ايران من الداخل التي تعاني من اختناق فظيع و تتوفر فيها كل مقومات الانفجار التي ستشعلها القيم التي ثارت من اجلها الشعوب العربية فتصبح ورقة بايدينا نفاوض بها على مصلحتنا ونلغي الطائفية كسلاح استراتيجي مسلط علينا في التفاعل بين الاطار العربي و ايران








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جيل الشباب في ألمانيا -محبط وينزلق سياسيا نحو اليمين-| الأخب


.. الجيش الإسرائيلي يدعو سكان رفح إلى إخلائها وسط تهديد بهجوم ب




.. هل يمكن نشرُ قوات عربية أو دولية في الضفة الغربية وقطاع غزة


.. -ماكرون السبب-.. روسيا تعلق على التدريبات النووية قرب أوكران




.. خلافات الصين وأوروبا.. ابتسامات ماكرون و جين بينغ لن تحجبها