الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


امرأة الجاحظ وعبيد البيادة

حسين عبد المعبود

2013 / 9 / 28
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


امرأة الجاحظ وعشاق البيادة
سئل الجاحظ عن سر زواجه من امرأته الجميلة رغم دمامته فأجاب : ( إنه قرب المكان ، وطول الزمان ) أي أنه لقرب سكنها من سكنه وبطول المدة اعتادت على شكله وهيئته فلم ترى أنه دميم ، وهذا للأسف مثل ما حدث ونتج عن نظام حكم مبارك ، فبطول مدة حكمه تأثر الفلول وكثير من البسطاء والعامة ومدعي النخبوية بالفاشية ، وأصبح البطش والإرهاب لا يمثل لهم شيئا ، ليس لأنهم شجعان أو أقوياء ، أو ممن يضحون من أجل الوطن ، ولكن لأنهم ألفوا مثل هذه الحياة بل يرون أن الحاكم لا بد له من هيبة وشكيمة ولو بالعنف والبطش والتنكيل بالخصوم لتحقيق تلك الهيبة ، وتكونت لديهم رغبة متوحشة في التشفي في مخالفيهم ولا يرون عيبا من سبهم أو اعتقالهم والتنكيل بهم وتعذيبهم أو حتى قتلهم ، ولا عيب في أن يحكمهم الطغاة المستبدين أو حتى مصاصي دماء .
البداية من ممارسات رجال الحزن الوطني التي استباحت كل شيء وسهلت كل شيء لعصاباته والموالين لنظام حكمه ، والموالين لتلك العصابات لسلب ونهب كل شيء : أموال .. ثروات .. عقارات .. أراض .. حتى العقول سرقوها ، ولأن الناس على دين ملوكهم فتغيرت القيم والمفاهيم وتبدلت بقيم ومفاهيم تبرر وتمجد السلب والنهب واغتصاب الأرض والعرض ، وأصبح يطلق على السارق الناهب الحرامي : ( شيخ عرب ) إذا كان من سكان القرى أو العزب ، و( الباشا ) إذا كان من سكان القاهرة أو المدن ، ويطلق على المرتشي : ( كسيب ) ، ويطلق على النصاب : ( فهلوي ) ، فسادت الانتهازية التي تبيح كل شيء وتضحي بكل شيء ، فلا شيء يهم : لا حرية ولا ديمقراطية ، ولماذا الاعتراض على الظلم والاستبداد ؟ ، ولماذا العدل الاجتماعي ؟ فكل ذلك شعارات لو طبقت لخسروا الكثير والكثير ، وما الحرية والديمقراطية والعدل الاجتماعي إلا قيود على الظلم والاستبداد ، وفي ذلك خطر على عمليات السلب والنهب المنظم والممنهج ، ولا كرامة إنسانية لهم إلا بالسطو على أموال الشعب وثرواته ، فلا بد لهم من رجل قوي يحميهم ، ولا تتوفر القوة من وجهة نظرهم إلا في رجل من المؤسسة العسكرية التي تمتلك المدفع والدبابة فصاروا عشاقا لمن يرتدي الزي العسكري والبيادة الميري .
ولا غرابة من هؤلاء إذا ما نسبوا إليك ما ليس فيك ، واتهموك بالأخونة أو الخيانة أو أنك من التابور الخامس ، فكل مطالباتك ضد انتهازيتهم وسطوتهم وأخذا من امتيازاتهم ولا تحمي مصالحهم ولا تمنع من محاكماتهم ، وعذرا للعامة والبسطاء فقد خدعهم الإعلام الكاذب الفاجر الذي يديره المخابرات والجنرالات تمهيدا لعودة دولة مبارك ، ولا غرابة إذا ما نادى هؤلاء : بتولي الفريق السيسي رئاسة الجمهورية بحملة ( كمل جميلك ) فهؤلاء منتج دولة مبارك التي كممت الأفواه ، وكبلت الأحرار وانتهجت سياسات استبدادية بطول المدة أصبحت مقبولة لمن تعود على ألا يفكر ولا يتكلم ودائما في انتظار الوحي القادم من السلطة ، وتحول هؤلاء إلى ( عشاق البيادة ) فهم لا يمانعون من استبدال مبارك بمثله ممن يرتدي البدلة العسكرية والبيادة الميري .
ولا غرابة ولا عجب إذا ما سمعت عن صيحات تنادي بتولية الفريق السيسي لرئاسة الجمهورية لمدة أربع سنوات قادمة بلا انتخابات بحجة أن للجماهير صوتها ، وهذا هو الذي لبى مطالب الجماهير حينما خرجت ، وها هي الجماهير تنادي بتوليته ليكون أول رئيس للجمهورية بلا انتخابات ديمقراطية بل بديمقراطية الجماهير ، فهؤلاء عبيد القوة الغاشمة التي لا تؤمن بالحرية ولا الديمقراطية لأن فيهما خطر عليهم ، ولا تعرف معني للعدل الاجتماعي إلا في السلب والنهب ، ولا كرامة إنسانية إلا في السطو على أموال الشعب وثرواته ، ولنعرف جميعا أن ذلك كله ناتج عن تراكمات القهر والاستبداد التي طالت فألفها الكثير كما ألفت امرأة الجاحظ دمامته فلا فرق بين امرأة الجاحظ وبين عبيد البيادة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نبيل بنعبد الله: انتخابات 2026 ستكون كارثية إذا لم يتم إصلاح


.. بالركل والسحل.. الشرطة تلاحق متظاهرين مع فلسطين في ألمانيا




.. بنعبد الله يدعو لمواجهة الازدواجية والانفصام في المجتمع المغ


.. أنصار ترمب يشبهونه بنيسلون مانديلا أشهر سجين سياسي بالعالم




.. التوافق بين الإسلام السياسي واليسار.. لماذا وكيف؟ | #غرفة_ال